اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

صناعة الفراعنة


elbana

Recommended Posts

بالأمس شاهدت على القناة الفضائية المصرية حفلاً على الهواء مباشرة بمناسبة ذكرى الثورة ، وتابعت بحزن شديد ما يجري في تلك الاحتفالات ، حيث يجلس رئيس الجمهورية ومن حوله الوزراء وكبار رجال الدولة ومعهم زوجاتهم ويبدأ الرقاصون في الرقص والمغنون في الغناء والطبالون في التطبيل بينما جلس فخامته في حالة انتشاء وقد مد شفتيه إلى الأمام وأخذ يهز رأسه مدعياً أنه يفهم ما يعزفه العازفون ، وهو مشهد لا ينقصه سوى أن يلبس فخامته تلك العمامة الملونة البراقة التي تتوسطها لؤلؤة كبيرة وأن يقف عن يمينه وعن يساره عبدان أسودان بيد كل منهما مروحة طويلة من ريش الطاووس أو النعام بينما ينتحي السياف الأسود الأقرع جانباً وقد التمعت عيناه ببريق الظمأ للدم في انتظار الكلمة الشهيرة (يا سياف) ليقطع رقبة كل من يعكر صفو مولانا رئيس الجمهورية ورجاله .

أما رجاله فهم في معظمهم من كبار رجال الجيش الذين ازدانت أكتافهم بمختلف ألوان النجوم والنسور والحمام واليمام والبط والوز ، وإلى جانب هؤلاء الرجال جلست _ أو لنقل تكعورت _ نساؤهم وهن في الغالب مكلبظات ومن صاحبات البشرة البيضاء وكلهن يرتدين نفس البونيه على الرأس وتعلو وجوههن نفس التكشيرة التي ترجع في الأغلب إلى أن كل واحدة منهن تسأل نفسها في غيظ وحنق كيف تحتفظ هؤلاء الراقصات المزغودات المضروبات في قلوبهن بهذه الرشاقة وتلك الحيوية ، بينما يزيد وزن حرم حضرة الجنرال على 100 كيلو . كل هذا ومولانا مايزال جالساً يهز رأسه في إعجاب مصطنع ونشوة متكلفة لأنه باختصار لا يفهم في الموسيقى ولا يمكن أن يفهم فيها .

وقد كانت أغاني الحفل مملوءة ومتخمة إما بالإشارة أو بالتصريح لشخص مولانا وقيادته الحكيمة التي لولاها لأكلتنا الذئاب والتهمتنا السباع ولعانينا الجوع والعطش ولتفرقت بنا السبل وتقطعت بنا الأسباب ، ومن بين الأغاني أغنية أنشدها أطفال لا يتعدى عمرهم العشر سنوات تقول (حبينا مبارك ، رئيسنا مبارك) وفي الوقت ذاته أخذت شاشة عملاقة إلى جانب المسرح تعرض صوراً لمبارك رافعاً يده ، وصوراً لبعض الكباري والمنشآت ، بينما جلس مبارك في المسرح يؤمن على كلامهم (أي والله) بهز رأسه إيجاباً وبدون حتى أن يبتسم ، وكيف لا وقد دأبنا على أن نخطب ودَّه ونطلب رضاه ونتجنب سخطه في كل مناسبة ، حتى امتلأت مكتبتنا الغنائية بأغان تتحدث عنه وعن الطلعة الجوية التي تقزمت إلى جوارها كل أمجاد حرب أكتوبر ، وكأن أحداً منا لا يعلم أن السلاح الجوي المصري كان هو نقطة الضعف الرئيسة في تلك الآونة ، ويخيل إلى أن مبارك لو كانت مهمته وقت الحرب عمل الشاي للقادة في غرفة العمليات لخرجت علينا الأغاني تمتدح عبقرية هذا الرجل في صنع الشاي الذي عدل دماغ القادة وكان السبب الرئيس وراء النصر ، وأشفقت على الأطفال المساكين الذين يتم تربيتهم على هذا النفاق الصراح شأنهم في ذلك شأن أطفال ألمانيا في عهد هتلر حين كان الواحد منهم يبلغ عن أبيه ليدخله المعتقل إذا ما لمس عدم ولائه للنازية .

هذا في الوقت الذي امتلأت الأماكن العامة والمصالح الحكومية وملاعب الكرة والكليات العسكرية بصور ضخمة لمولانا دون أدنى اعتراض منه ، ودون أن يعي الدرس من سابقيه وعلى رأسهم صدام الذي يتابع الكل سقوط أصنامه حتى اليوم ، ومع ذلك فما من مناسبة تخلو من شكر السيد الرئيس ونسبة الفضل إليه في كل شيء ، حتى الفوز في مباريات كرة القدم والحصول على كأس بطولة منيا القمح أصبح الفضل الأول والأخير فيه لمولانا سعادة الرئيس .

هذا فضلاً عن إطلاق اسم سعادة الرئيس على معظم المنشآت التي أنشأت في السنوات العشر الأخيرة من مشاريع ري إلى مدن أو أحياء سكنية .. إلخ إلخ . كل شيء أصبح باسم مبارك . صار أمراً عاجياً أن نسمع لفظ (مصر مبارك) بعد أن كنا قد توهمنا أن هذا الأسلوب مات مع السادات وعبد الناصر ولكننا واهمون .

ولست أدري لم نحن مغرمون إلى هذا الحد بصنع الأبطال الوهميين أو أنصاف الآلهة ، ولماذا نحن مهرة إلى هذا الحد في تلك الصناعة الخسيسة؟ ولماذا لم نبرع في صناعة سواها؟ لماذا نهوى التمرغ في تراب أقدام من يحكموننا ونظن أنهم سوف يقتلوننا إن لم ننظم فيهم القصائد ونتغنى بأمجادهم وإنجازاتهم .

إن إنشاء المشاريع أو الكباري أو المدن السكنية أو العمل على إصلاح حال البلاد والعباد ليس فضلاً يمنُّ به فخامة الرئيس علينا ، بل هو واجب يحاسب إن قصَّر في أدائه .

لقد قضى حسني مبارك أكثر من عشرين عاماً في سدة الرئاسة ولم يتمكن من رفع مستوى الدخل أو المعيشة في مصر بل هبط بهما إلى أسفل سافلين ، إن أداء الاقتصاد المصري يشهد على فشل مبارك وحكوماته المتعاقبة ، ويشهد على وجود فساد عظيم يعرفه الناس جميعاً من أوله إلى آخره ، وتجدهم جميعاً يتحدثون عنه ليل نهار بالتفاصيل المملة ، فلو أنك جلست إلى أحد موظفي وزارة الاقتصاد أو المالية أو أحد كبار الضباط في الداخلية أو الجيش لهالك ما يمكن أن تطلع عليه من حجم الفساد المنتشر في البلاد والذي يعلم عنه حسني كل شيء ويرعى معظمه لوجود مصلحة له في استمراره أو مصلحة لابن من أبنائه وما أكثر مصالحهما . هذا فضلاً عن التقارير التي تنشر من منظمات مستقلة على مستوى العالم عن الفساد والقمع وانتهاك الحريات في مصر ، ناهيك عن الفساد الذي يشهده الناس واستفحال أمر الجهاز الأمني وتطاوله على الحرمات والاعتقالات الكثيرة وإغلاق الصحف وسجن الصحافيين ، ورغم ذلك كله ، ورغم أن الشعب يعلم أكثر من هذا ، إلا أنك تجدهم ما أن يعلموا بزيارة السيد الرئيس لمصلحة حكومية ، أو بمروره من أحد الشوارع لتحية الناس لوجدتهم يهرعون إلى الاصطفاف على جانبي الطريق وإطلاق الهتاف والزغاريد ، لتصيبك حالة من العته وعدم الفهم .

وأقول لك لا تحاول أن تفهم ، ولا تجهد ذهنك كثيراً ووفره لحل فوازير رمضان فربما تفوز بشقة أو غرفة نوم ، فنحن منذ قديم الأزل احترفنا مهنة العبودية والتذلل لغير الله ، ونحن الذين نربي حكامنا على أن يضربونا بالسياط ونصرخ مع كل ضربة (إضرب كمان ربنا يطول عمرك) ، نحن الذين صنعنا الفراعنة ونقشنا لهم النقوش وبنينا لهم التماثيل والمعابد في شتى أنحاء مصر ، وكنا نملك أن نثور ونقلب الوادي على رؤوسهم ولكننا لم نملك الشجاعة الكافية لفعل ذلك ، ونحن الذين شهدنا حسني في بداية رئاسته وهو يخطب في مجلس الشعب ويؤكد على أنه لن يتولى الرئاسة سوى لفترة واحدة ، ويستهزئ بأعضاء المجلس حين صفقوا له ويقول لهم (سقفوا سقفوا .. ما انتوا سقفتوا للي قبلي) ، ونحن الذين نتابع الآن استمراره في الحكم لما يزيد على العشرين عاماً من الظلم والقهر والطوارئ دون أن نحرك ساكناً ، بل نظمنا الشعر وأطلقنا الزغاريد وصفقنا طويلاً . وليس غريباً أننا أصحاب المثل الشهير (قال يا فروعن مين فرعنك ، قال ما لقيتش حد يصدني) .

ولست أدري ما الذي كان سيحدث لو لم نطلق اسم مبارك على أي من منشآتنا أو مشروعاتنا؟ وما الذي كان سيحدث لو لم نعلق صوره في كل مكان في مصر؟ ولماذا لا توجد أغان مماثلة تمجد في بوش أو شارون ، لماذا لا يغني الصهاينة (يا حبيبنا يا شارون) على وزن (يا حبيبنا يا سادات) التي كانت تغنيها (فايدة كامل) عضوة المجلس الموقرة ، ووالله لو غنى الصهاينة لشارون والأمريكان لبوش والبريطانيون لبلير لعذرهم الناس فيما يفعلون ، أما نحن فلم نغني لهم؟ إننا لم نصل حتى إلى مستوى الناس في أفريقيا وأمريكا اللاتينية الذي يثورون على حكامهم لأتفه الأسباب ويقلبون الدنيا رأساً على عقب لتدهور العملة لديهم .

يا سادة نحن الذين نصنع الفراعنة ونرفعهم إلى مصاف الآلهة ، تلك حرفتنا منذ قديم الأزل ، ولم يبرع أحد في تلك الحرفة كما برعنا فيها نحن ، بل وصدرناها إلى دول الجوار وعلمناهم كيف يمارسونها بإتقان ، وليس صحيحاً أن عرابي وقف للخديوي ليقول له أن أمهاتنا ولدتنا أحراراً وأننا لن نستعبد بعد اليوم ، هذه عبارة لم يقلها عرابي ربما لأنه يعرف أنها خاطئة وأننا لم نولد أحراراً ، وأننا سوف نستعبد لعصور طويلة طويلة ما دام هذا هو اختيارنا وما دمنا نستمرئ الذل ونرضى العبودية .

لا تنتظروا الكثير من الشعب فهو لم ينشأ على المطالبة بحقه ولم يعتد أن تحترم كرامته وتصان حقوقه بل على العكس تماماً فقد تعود شعبنا على كل ما يخالف ذلك ، وتلك هي الكارثة الكبرى ، أقول لا تنتظرول الكثير من هذا الشعب ، بل انتظروا جنوداً بوجوه حمراء وشعور صفراء وعيون رزقاء ، يتهادون سيراً على الأقدام حول دباباتهم في وسط ميدان التحرير ، وعند (قصور الرئاسة) ليسقطوا بأيديهم ما لم نسقطه نحن بأيدينا ، وحينها أيضاً سنصطف على الجانبين لنتفرج على المشهد بمنتهى الحيادية والبلاهة وقد حط الذباب على وجوهنا دون أن نحرك ساكناً ، بينما مولانا جالس على متن طائرة تشق طريقها إلى إحدى البقاع الخضراء في صقيع بعيد .

رابط هذا التعليق
شارك

وأشفقت على الأطفال المساكين الذين يتم تربيتهم على هذا النفاق الصراح

هي دي بالظبط يابنا اللي الواحد خايف منها ... هي دي اللي مقتل البلد بصحيح ...

أحنا خلاص أتعودنا وشفنا من ده كتير لما جتتنا نحست وقلوبنا أتنيلت بنيله من الأسى والهم الل شفناه ...

بس والله حرام يطلعوا أجيال جايه بالشكل القميء ده ....

ياناس أتقوا الله في مستقبل البلد وكفايه صنع آلهه تعبدوها ...

يا أخوه ياصحفيين ويا مسئولين ... لم يعد في عمر أي منكم أكثر مما مضى فأتقوا الله في أفعالكم وأقوالكم

والله الذي لا إله سواه لتسألن جميعا عن كل هذا

السؤال اللي مجنني أن الصغير والضعيف حين ينافق فهو يريد أن يكبر ويقوى ... أما الكبير والقوي فماذا يريد ؟؟؟

القسوة أن ألقاك غريبا ... في وطن ناء عن وطنك

والأقسى غربة أنفاس ... بين الخلان وفي أهلك

رابط هذا التعليق
شارك

يريد أن يستمر ولو على حساب ضميره ، ولو على حساب آخرته ، يريد أن يصير أكبر وأكبر ولو كان الثمن كرامته واحترامه لنفسه .

أحنا خلاص أتعودنا وشفنا من ده كتير لما جتتنا نحست وقلوبنا أتنيلت بنيله من الأسى والهم الل شفناه ...

لأننا تربينا بنفس الأسلوب وتعلمنا الهتاف باسم عبد الناصر والسادات في المدارس الابتدائية ، وكان موجهو الموسيقى يتلقون تعليمات بتعليم الأطفال أناشيد معينة وكذا مدرسو الرسم يلقنوننا موضوعات بعينها ، ومدرسو التربية القومية يدرسون موضوعات محددة ، والكل يصب في خانة واحدة ألا وهي تنشئة جيل لا يعرف إلا الزعيم الملهم ، جيل مشوه لا يملك ذاكرة مؤسسة على الحقائق ولايعرف عن تاريخه إلا ما أريد له أن يعرف وبالكيفية التي أريد له أن يعرف بها ، وأسقط من تاريخ بلادنا فترات وفئات وأقوام وشخصيات لم نسمع بها ولم نعرف عنها إلا بعد أن قرأنا وبحثنا بأنفسنا .

إن أبناءنا يعيشون في (معجنة) كتلك التي يصنع فيها العجين ، حيث يتم تشكيلهم وصياغتهم بالكيفية التي يريدها من في سدة الحكم ، ولا أحد يجرؤ على الكلام ، وما من شخص يملك أن يقدم برنامجاً تلفزيونياً يناقش أخطاء مبارك أو ينتقد شخصه ، الكل يقف عنده والألسنة تنعقد إذا ما ذكر اسمه أو اسم خليفته .

سنحصل على تغيير متى أدركنا أن التغيير يعني أن تتسخ ملابسنا وتتعفر وجوهنا وتتفصد جباهنا عرقاً ، أما أن نتصور أن التغيير سيأتي ونحن جلوس أمام التلفزيون تحت مراوح السقف أمام أطباق البطيخ الساقع الذي اشتريناه بنقود أقرب للرشوة منها للمرتبات وأخذنا نسب ونلعن في حكامنا ، فهذا هو الوهم بعينه ، لم يحدث هذا في أي بقعة من الأرض ولا في أي وقت من الأوقات ، فلكي تقطف الثمرة عليك أن تصعد إلى الشجرة لتقطفها ، أما إن انتظرت سقوطها فربما يحصل عليها غيرك .

رابط هذا التعليق
شارك

أخي البنا .. أحيك على ما موضوعك هذا .. كنت أفكر فيه منذ لحظات ولكن بأسلوب أكثر سخرية وأكثر صراحة .. وللأسف البعض يري أن الحقيقة العارية أمر مخزي يجب إخفاءه وحجبه .. أما الباطل المتجمل المحتشم فأهلا به بيننا.. فمعظمنا يحكم على المظهر الخارجي للامور دون النظر لجوهرها .. ولذلك تردت كثيرا في أن أرسل تحية حارة جدا للرئيس مبارك ... صاحب الضربة الأولي والأخيرة في حرب أكتوبر المجيدة .. تحية تكاد تحترق بنار فرن الغضب المشتعل في صدري منذ أكثر من عشرون عام.. تحية لا تقل في مجملها عن تحيتي السابقة للسيد جون ماكس في معلقة " ليزا اللذيذة " والتي كان لي الشرف بأن تحذف من قبل منسقي المنتدى .

رابط هذا التعليق
شارك

أخي البنا .. أحيك على ما موضوعك هذا .. كنت أفكر فيه منذ لحظات ولكن بأسلوب أكثر سخرية وأكثر صراحة .. وللأسف البعض يري أن الحقيقة العارية أمر مخزي يجب إخفاءه وحجبه

يا صديقى الحذف لم يكن بسبب ما بقصتك من إسقاطات سياسية .. ولكن كان لما بها من جنس صريح الفاظا ومعانى .. وهو ـ كما تعلم ـ أمر يتنافى مع الحياء .. فتعرية الحقيقة وكشف الباطل لا يمر عبر تعرية بطلة قصتك ليزا وكشف أدق تفاصيل جسدها .. كما حاولت أن تصور فى قصتك وكأنك تخاطب إناسا لا يفهمون السياسة إلا إذا خلطتها لهم بالإيحاءات الجنسية صراحة ضمنا ..

وأعتقد إننا نسعى وأنت معنا لكشف الحقائق وفضح الباطل .. قدر مسعانا للحفاظ على قيم الحياء والفضيلة ..

عزيمة فرد واحد يمكن أن تحدث فرقاً .. وتصنع التغيير

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...