غزة واة ياني

[عادل عبدة]

توالت الإحداث عاصفة في غزة

وما إدراك ما غزة وفلسطين كلها في قلوبنا وضمائرنا

ما يكاد يذكر اسم فلسطين إلا وتتداعي فينا عشرات المشاعر

ما بين شوق ولهفة وغضب وشفقة

حبا لها وبغضا للمتاجرين بها والمتربصين لها

ما بين إحساس بالانتماء لها وعجزا عن الوصول إليها

بين فخر واعتزاز بها وشعور عميق بالذل والهوان

لفلسطين في قلوبنا جميعا معزة خاصة تكاد تقترب من معزة بلادنا الأصلية

وأصبحت فلسطين تمثل لنا ما يشبة العقدة عقدة الحل المستحيل

تشابكت فيها كل الخيوط التاريخ والجغرافيا والأديان وتوازنات القوي

سياسات الحكام ومشاعر المحكومين

تضاربت فيها كل المصالح المحلية والإقليمية والدولية

وتصارعت فيها كل القوي السياسية والدينية والعرقية والأخلاقية و التراثية

نحن في مصر التي ربما يكون شعبها أكثر شعوب الأرض مر بتجربة الحروب ذاق طعم الانتصارات وتجرع مرارة الهزائم ربما يندر إن تجد في مصر أسرة لم تفقد عائلها أو احد أفرادها أو صديق أو قريب أو جار في احد الحروب سواء كان شهيدا أو أسيرا أو مفقودا أو مصابا

لذا عندما تتداعي إمامنا الصور المحزنة من غزة لنري أكوام الجثث في الشوارع ونري ذالك المجند ينطق بالشهادتين في لحظة الاحتضار

ونري ذالك الشاب الذي يتحشرج صدرة بالأنفاس الأخيرة ونري ذالك الذي سيقضي حياتة بعين مفقودة

ونري تلاميذ المدارس الباكين الذين لا سند لهم سوي المعلمة المذعورة بدورها

نري الطفلة الشهيدة يحملها والدها أكاد اسمعها تقول بأي ذنب اقتل

حين نشم رائحة البارود والدخان والدم الطازج المسفوح

أصبح الوضع في غزة حفل إعدام جماعي لشعب

عندما نري ذالك كلة ما الذي يمكن إن يتحرك بداخلنا إلا الغضب

والرغبة في البكاء

لكن أنبكي علي فلسطين أم فلسطين تبكي علينا

كانت المروة والشهامة مصدر عزنا وفخرنا

ونجدة الضعيف المحتاج شيمة من شيمنا

أين ذهب كل ذالك

منذ بداية الإحداث وأنا أتعمد النظر في عيون الناس في كل مكان اذهب إلية علي أري ما بداخلهم هالني ما رأيت . رأيت عيون مكسورة تغلفها دمعة محبوسة

رأيت الحزن في كل العيون رأيت الغضب المكبوت رأيت الأمل المنشود والحلم المفقود المحبوس

كل الكبار عيونهم شاحبة رجال ونساء

لم أري عيون براقة إلا عيون الأطفال

لأجل أطفالنا اكتب

حتي يظل البريق في أعينهم

حتي لا يصبحوا مثلنا مجرد أشباح ورقية لا تخيف احد

ماذا كنا نحتاج

هل كنا نحتاج إلي مذبحة جديدة لنعيد و نزيد ونكرر ردود أفعالنا الخائبة العبيطة

هل كنا نحتاج إلي مذبحة أخري لنضغط علي ضمير العالم ونستجدي أخلاقة وانسانيتة ليضغط علي إسرائيل لتقلل عدد غارتها أو لتتأكد من إن قذائفها الذكية تبصر وتقتل العسكريين لا المدنيين

هل كنا نحتاج لمذبحة ثانية أو عاشرة لنعقد مؤتمر قمة يشجب ويندد ويطالب ويرجو إسرائيل بالتوقف عن الضرب والقصف

ثم نعلن أن مصر ستستقبل ألجرحي والسعودية تتكفل بالمصاريف

هل كنا نحتاج إلي مئات الشهداء ومئات المصابين لنخرج في الشوارع مطالبين بسقوط إسرائيل وحرق علم أمريكا

هل كنا نحتاج إلي مذبحة ودماء وأشلاء وخراب ودمار لنكتشف وحشية إسرائيل

وهل اخفت إسرائيل وحشيتها عنا وعن العالم يوما واحدا منذ 48 مرورا بدير ياسين وبحر البقر وصابرا وشاتيلا وقانا وجنين والقائمة مع الأسف تطول

لقد عاشت غزة إمامنا شهورا طويلة من الحصار والجوع والعطش والظلام

ولم نتحرك جلسنا في بيوتنا نشاهد المباريات ونشترك في المنتديات

وجلس حكامنا يستقبلون الاسرائليين في السر والعلن ويتحدثون عن مبادرة السلام والخيار الاستراتيجي للسلام

وإسرائيل ترد بالطائرات والقاذفات والجرافات

وحجتهم أن عدوانهم علي غزة بسبب صواريخ حماس

كل هذا العقاب من اجل صاروخ قسام مصنع في ورشة حدادة غالبا لم يفعل أسوا من تحطيم زهرية ورد علي مائدة طعام في احدي المستعمرات

علي الرغم من أنهم سبق لهم اجتياح الضفة حيث لا حماس ولا صواريخ

أم أصبح حصارهم لعرفات وفتح من قبل نسيا منسيا

ما حدث كارثة إنسانية مروعة يموت فيها مئات المدنيين في سبيل إن تكسب إسرائيل خطوة في طريق التسوية التي تريد إن تفرضها وبالشكل النهائي الذي يرونة مجرد دولة كارتونية مزمع إنشائها للفلسطينيين تضم معهم أيضا عرب 48

ما يحدث ألان جرائم حرب وابادة جماعية ولا يمكن إن يصنف إلا علي أنة جريمة ضد الإنسانية

إما المواقف الرسمية العربية (ولا استثني أحدا ) فحدث وبكل الحرج ولا أقول ولا حرج

أصبحنا نخجل من كوننا عرب بسبب مواقفهم المهينة لهم ولشعوبهم

لغوا من أبجدياتهم كلمة حرب إذا وجدوها في جملة بها اسم إسرائيل

لسنا دعاة حرب اكتوينا بنارها ومازلنا نسدد في فواتيرها التي لا تنتهي

ليست لنا إطماع في أراضي جديدة ولا نرغب في استعباد البشر

لكن يجب إن نحافظ علي كرامتنا (اقصد ما تبقي منها )

استعجب عندما أجد إن الأنظمة الحاكمة تستنكر ولا ترغب حتي في سماع جملة حرب علي إسرائيل في الوقت الذي لا تجد فية غضاضة أو مشكلة في التعامل مع جمل أخري مثل الحرب علي فلسطين لبنان أفغانستان السودان سوريا إيران العراق والبقية تأتي

يقولون إنها الحكمة في التعامل مع ألازمات

وحتي لو فرضنا جدلا أنها حكمة وليست خنوعا ولا ضعفا

أليس هناك ألف وسيلة دبلوماسية واقتصادية اعنف من الصمت والشجب والاستنكار واعقل من الحرب والدمار

إلا يستطيع أصحاب الجلالة والسمو والفخامة القادة الزعماء الحكماء

اتخاذ موقف ايجابي واحد

هذة الإحداث علي قدر مرارتها لكن كانت لها ميزة

أنها أسقطت ورقة التوت التي كانت تسترهم وظهروا علي حقيقتهم مجرد أقزام ودمي تخاف علي كراسيها وكنوزها أكثر مما تحمي شعوبها

ناسين أو متناسين إن احتلال فلسطين يمثل احتلالا لكل العواصم العربية

وان إسرائيل تمثل تهديدا مستمرا لأمن امتنا القومي

لا أجد ما أكتبة فحين يصير الدم مدادا فلتسقط كل الأقوال

الأمل في أن نكون معا لغد أفضل أصبح حلما أو سرابا بعيد المنال

بانت سؤاتنا إمام أنفسنا أصبحنا عراة فلا أمل في إن نكون معا ولا يظهر في الأفق غد ولا رجاء أنة سيكون أفضل

أخيرا نقدم أحر التعازي لأسر الضحايا والمصابين ونحن اذ نعزيكم انما نعزي انفسنا ونشارككم في مصابكم الاليم نحن جميعا معكم بكل ما

نستطيعة