alsaher بتاريخ: 5 فبراير 2009 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 5 فبراير 2009 كل العالم قد سمع عن غزة ، وشهداء غزة وربما الكثير حزن لأرقام الشهداء والجرحى ومدى الدمار لكنه في غزة لكل رقم حكاية ، تحكيها أحياء غزة ، ترفق هذه الحكاية تنهيدة تختصر الألم والصبر معا وتسجل حكاية صمود ، أبطالها ليسو فصيلا ولا وجيوشا ولا حكومات أبطالها شعبٌ سلم للقدر وأبى الإنكسار ، وروى بدمه الأرض ليكون الأسطورة ، ليكون شموخه ثابت ثبوت الأرض ، وطالما تعاقب ليل ونهار عائلة الداية قصة من هذه القصص ، عائلة قضت نحبها وزادت الأرض طهرا بدمها نقلت لكم هذه القصة من بين آلاف القصص مازالت تنفض عن نفسها الغبار لم يجف بعد حبر الكتّاب من كتابة تفاصيل مجازر ارتكبتها قوات الاحتلال الصهيونية بحق عائلات بأكملها في غزة، كعائلة الطفلة (هدى غالية) على شاطئ بحر غزة قبل ما يقارب ثلاثة أعوام, وعائلة العثامنة في بيت حانون (شمال قطاع غزة) قبل عدة أعوام تصر دولة الإرهاب الصهيونية بملء صفحات تاريخها بالسواد على حساب دماء الأطفال والنساء الأبرياء في قطاع غزة. في حرب مجنونة شنتها دولة الإرهاب على أهالي قطاع غزة بشكل غير مسبوق, تسابقت الطائرات الحربية بقتل المدنيين لا بل بإبادة عائلات بأكملها عن وجه الأرض, فكانت عائلة "الداية" بحي الزيتون شرق مدينة غزة نموذجاً واضحاً على جريمة حرب ارتكبتها قوات الاحتلال بحق هذه العائلة الآمنة. الناجون يرون تفاصيل الجريمة : لم يبق من عائلة الداية التي تقطن في منزل مكون أربعة طوابق بحي الزيتون شرق مدينة غزة سوى الإخوة عامر (28 عاماً) ورضا (22 عاماً) ومحمد (30 عاماً)، هم الذين عاشوا من أجل أن يبقوا شاهدين على هذه الجريمة التي لن ينساها التاريخ أبداً، ولم يكن وجودهم ضمن قائمة شهداء أسرتهم إلا محض الصدفة، إلا أن عامر ورضا كانا هما الناجيين من هذه المجزرة حيث لم يكونا متواجدين بالمنزل لحظتها، أما محمد فكان في المسجد، وكان نافذ الأخ الكبير لهم قد ترك المنزل وأسرته قبل أيام من هذه المجزرة. عامر بدأ حديثه بروح ألهبتها الفاجعة: "لأن بيت جيراننا من عائلة "أ" الملاصق لبيتنا كان مهدداً بالقصف، فقد آثرنا أن نخرج جميعاً، أنا وأبي وأمي وأخوتي المتزوجون وزوجاتهم وأطفالهم، وبالفعل ذهبنا إلى بيت أختي في يوم الأحد، ولكن في اليوم التالي رأينا بأنه لا داعي لأن نبقى خارج البيت، لأن "المكتوب ما منه مهروب"، لنعود مرةً أخرى إلى بيتنا في "الزيتون" صباح يوم الاثنين، رافضين إلحاح أختي علينا بتناول الفطور معها، وكأن أقدامنا كانت تسوقنا إلى قدرنا"، مشيراً إلى أن أخيه الكبير نافذ كان قد ترك البيت قبل أيام لأنه يسكن في الطابق الرابع وبيته مواجه تماماً للبيت المهدد بالقصف، وذلك حسب قوله. في أنقاض ذلك البيت وجدوا كفُ امرأة فيها "خاتم الزواج"، وأصابع قدمين حاولت أن تهرب بصاحبها ولكنها انفصلت عن الجسد بسبب الصواريخ الفتاّكة، ومن بين مشاهدٍ أخرى صعبة الذكر خرجت حشرجةُ دمعةٍ قاسية من عيون أخيهم "رضا" الذي كان في وقت القصف موجوداً خارج البيت:"حسبما أخبرنا عامر أنه من شدة القصف الذي تعرض له حي الزيتون لم يعد أهل البيت قادرون على التمييز، ففي تمام السادسة إلا ربع من صباح "الثلاثاء" تم ضرب الصاروخ الأول على البيت، ولكن اعتقدوا أن المستهدف بيت جيراننا، فهرع أخي رامز وزوجته وأطفاله إلى الطابق الأرضي حيث ينام أبي وأمي وبقية أفراد العائلة، وكل ذلك ونحن لا نعرف بأننا نحن المستهدفون، وما هي إلا لحظات حتى توالت الصواريخ علينا، وكان أخي إياد وزوجته وأطفاله يهمونّ بالنزول ولكن الوقت لم يسعفهم". عامر استعاد قوته من جديد ليكمل كونه "الشاهد العيان الرئيسي": "عندما سمعنا الصاروخ الأول، فإذا بأخي رضوان رحمه الله يسألني: "ما بكَ خائف؟، رضوان هو ذاته الذي قلتُ له قبل ساعات وهو يقرفص في سريره:"شكلك موّات .."، ولكن الله أراد لي دوناً عنهم أن يكتب لي عمراً جديداً، حيث كنتُ نائماً على جنبي، وسقطَ العمود علي، ثم أصبتُ بإغماءة ولكن شعوراً قوياً كان يراودني بأني سأبقى حياً". ابقي بجانبي ولا تتركني !! هذه المرة أخوهم محمد الذي كان الحزن يعتصره لأن زوجته الحامل وأطفاله الأربعة استشهدوا دفعةُ واحدة، بينما هو حينذاك ذهب لأداء صلاة الفجر في المسجد كما اعتاد دائماً، حيث وضع الملح على الجرح عندما قال: "قبل أن أخرج للصلاة كانت زوجتي قد طلبت مني عدم تركها، وتوسلت لي بأن أبقى بجانبها في هذه الساعات العصيبة، وأذكر أنها وقتها كانت تنام "بالجلباب"، وعندما سألتها عن السبب، قالت: "أريد أن أموت مستورة، وأخبرتني برغبتها في عمل "خبز صاج" حتى نفطر به، أما أبي فأعطاني عشرين شيقلاً لا تزال معي، وطلب مني أن اشتري له خبزاً عادياً". ليست زوجته وحدها هي التي تدقُ خزّان ذاكرته بقوة بل أيضاً أخته صابرين، وفي ذلك يضيف: "قبل خروجي لمحت صابرين وهي تتوضأ استعداداً للصلاة، وبفضل الله أنه على ما يبدو لحظة القصف كانت تلتحف بالغطاء وتقرأ القرآن، لأننا وجدناها في بيت جيراننا على بعد خمسين متراً وهي مغطّاة "باللحاف" وفي يدها مصحف". أطرق محمد رأسه وصمت هنيهة ثم أضاف: "وأنا عائد من المسجد سمعت الانفجار مدّوياً، ووجدت العمارة المكونة من أربعة طوابق أثراً بعد عين، ومن شدة هدير الطائرات لم يتجرأ الناس على التقدم نحو الأنقاض حتى نبحث عن الأحياء منهم، ولكن بعد أن ثارت عصبيتي عليهم أخذوا يتجرؤون لمشاركتي في انتشال الجثث، ووجدتُ على الفور أن أخي عامر لا يزال يتنفس، وفوجئت بأن الطابق الأرضي نزل في عمقٍ نحو عشرة أمتار، وبقينا مع فرق الإنقاذ نستخرج الجثث حتى مساء اليوم التالي، ولم نتمكن من التعرف على جميعهم، لأن ملامح بعضهم كانت قد مسحت، بعد أن أصبحوا أشلاء، ومن ثم نقلناهم في شاحنة إلى مثواهم الأخير". ليلة الجريمة في لحظة ألم جثمت على صدورهم قطعَ "رضا" صمت الجميع، وكانت دمعته تغطي عينيه بضباب حزنٍ كثيف: "أخي التوأم رضوان كان له مكانة خاصة عندي تختلف عن سائر إخوتي، ولأنني أعرف أين ينامُ رضوان بالضبط ذهبتُ إلى حيث توقعت ووجدته حياً، ولكنه بقي في العناية المشددة أربعة أيام ثم استشهد، لقد كنا ملتصقين ببعضنا إلى أبعد حد، بقينا معاً في ذات الصف حتى مرحلة الثانوية، ثم أنا التحقت بالقسم العلمي، وهو اختار "الأدبي"، ولقد كنا كبقية أخوتي نلتزم بالتربية الإسلامية، وأقصى أملنا بأن يرضى الله عنا". هذا بالنسبة لعلاقات الإخوة مع بعضهم، ولكن ماذا عن علاقتهم بأبيهم وأمهم، عن ذلك يتحدث عامر بحزنٍ يشطر القلب إلى قطعتين: "لقد كان والدي رحمه الله موظفاً في وزارة التربية والتعليم، ولكنه آثر بأن يستقيل وهو عمره (57 عاماً)، لأنه أراد أن يقضي ما تبقى من عمره في طاعة الله، لقد استشهد دون أن يحقق حلمه بالحج مع أمي، حيث بقي على مدار السنوات الثلاث الماضية وكله أمل بأن يتمكن من أداء مناسك الحج، ولكن في المرة الأخيرة عندما لم يتمكن كغيره من الحجاج من الذهاب إلى الديار الحجازية، بكى ورفض أن يخرج معنا لمعايدة الأقارب في عيد الأضحى، وبالكاد نجحنا في التخفيف عنه، وبإذن الله سنحجُ عنه عندما يمنّ الله علينا بذلك". أما رضا فتذّكر آخر موقفٍ له مع أمهم الحنون بقوله: "كان المساء الأخير لا ينسى، عندما كان يجتمع أحفادها الصغار حولها، وهي تقوم بصناعة الخبز على "البابور"، وتحشو لهم الساندويتشات، بينما أنا كنتُ على عجلةٍ من أمري، ولكن أمي أصرت على أن تعطيني شطيرة خبز، وقالت لي: "الله يسهل عليك". الأقسى في ضرب المدنيين وفي سؤالهم عن الرسالة التي يوجهونها للاحتلال قالوا بصوت حازم:"ليست لدينا أي رسائل لهم، لقد مررنا باجتياحات كثيرة في حي الزيتون، ولكن هذه أقسى مرة يتم فيها ضرب المدنيين بشكلٍ عشوائي، ما ذنب هؤلاء الأطفال والنساء حتى تستهدفهم طائراتهم، ولكن نحن نعلم بأننا لسنا أول مجزرة بشعة ترتكب، ولن تكون الأخيرة، وما سنكون واثقين به دائماً هو قول الله تعالى: "إن تنصروا الله ينصركم ويثبتّ أقدامكم". أختهم شريفة وأمل المتزوجتان هم من بقوا من نساء العائلة، حيث تتنهد شريفة (20 عاماً) بحرقةٍ قائلة: "كم كنت سعيدة عندما أتوا جميعاً إلى بيتي احتماء من أي قصف سيطال منطقتهم، لم أكن أعرف أنها كانت ليلة الوداع، وعندما سمعتُ بالخبر حاولوا أن يخبئوا عني عدد الشهداء، ولكني كنت متقبلّة لأي صدمة مهما كان حجمها". وتضيفُ: "لا زالت وصايا أمي ترنُ في أذني وهي تنصحني بالطريقة المناسبة للتعامل مع أطفالي، كيف لا وهي الأم الخبيرة التي أنجبت أبناء كثر، أما صورة أختي رغدة الحنونة فهي لا تفارقني، لأنها كانت تعامل أطفالي كأنهم أبناؤها، وتعاملني أنا كابنتها، ولا زال صوت أختي صابرين يصدح وأنا اذكرها عندما كانت تتحدث عن طموحاتها بأن تصبح داعيةً، وأتذكر حزنها على رحيل أستاذها الشيخ نزار ريان، وهي تروي كيف أنه كان عادلاً بين زوجاته، ولكن الحمد لله جميعنا صابرون ومحتسبون". بينما أخوها عامر الذي كان حانياً على كل أطفال إخوته فيتهيأ للبكاء وهو يقول: "كنتُ دائماً أشتري للصغير يوسف ما يريده من الدكان، كنتُ أتعجب من تعليقاته البريئة على كل ما كان يحدث في الحرب، وعندما قال قبل أيام من المجزرة ببلاغة الكبار:"نريد أن نموت في بيتنا". شهداء العائلة فايز الداية وهو رب العائلة (62 عاماً)، وزوجته كوكب (58 عاماً)، وابنتهما رغدة (33 عاماً)، وصابرين (24 عاماً)، وابنهما الأول إياد (37 عاماً)، وزوجته روضة (30 عاماً)، وأطفالهما علي (10 أعوام)، وشرف الدين (4 أعوام)، وختام (9 أعوام)، وضحى (2 ونصف عام)، وآلاء(8 أعوام)، ومحمد (شهرين)، وأيضاً هناك ابنهما الثاني رامز (25 عاماً) وزوجته صفاء (20 عاماً)، وأطفالهما براء (عامين)، وسلسبيل (أربع شهور)، والشهيدة نزال (28 عاماً) وهي "حامل في الشهر الخامس"، وأطفالها أماني (6 أعوام)، وقمر(5 أعوام)، وأريج (4 أعوام)، ويوسف (عامين ونصف)، والابن الثالث رضوان (22 عاماً). رباه إن لم اكن أهلا لبلوغ رحمتك *** فإن رحمتك أهلا لتبلغني لأنها وسعت كلّ شيء رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد
يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق
انشئ حساب جديد
سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .
سجل حساب جديدتسجيل دخول
هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.
سجل دخولك الان