فليكن تذوق الفن للجميع (محاولة لتبسيط الفن التشكيلى)

[disappointed]

فى أواخر القرن الخامس عشر وبدايات القرن السادس عشر كان هناك الأسبانى "الجريكو"

نموذج لأحد أعمال "الجريكو"

تم تعديل 7 أغسطس 2004 بواسطة disappointed

[disappointed]

ثم....جاء "ويليام بليك" الانجليزى فى القرن الثامن عشر ليعطى لهذا الاتّجاه الفنّى قوّة أكبر و أعمق فى الخيال (ولهذا يعتبره الكثيرون أبا للسيريالية الحديثة)

بعض نماذج لأعمال "ويليام بليك"

دائرة الخلود

رؤية للمسيح

إرهاصات الكوميديا الإلهيّة لــ"دانتى"

الأيّام العتيقة

تم تعديل 7 أغسطس 2004 بواسطة disappointed

[disappointed]

و مثل "بيتر برويجل" بموضوعاته عن المكسّحين وعن البعث الذى يخرج فيه الناس من تحت القبور

نماذج لأعمال "برويجل"

تصوّر لبيت لحم كما وردت فى سفر العدد

المسيح و المرأة الزانية

مشهد من غابه

لهو الأطفال

العاصفة

الغذاء وقت الحصاد

تم تعديل 7 أغسطس 2004 بواسطة disappointed

[disappointed]

ولكن...كيف بدأت الداد؟؟؟

و ماهى أهم سماتها؟؟؟!!!

الحقيقة ان الحرب العالمية الأولى كان ليها أثر كبير حدوث فوضى روحيّة فى المجتمع الغربى....كما أنها أدّت الى بعثرة الفنّانين الأوروبيين الّذين تشتت عدد كبير منهم فى أرجاء أوروبا لأسباب سياسيّة قبل أن يتّفق العديد من الفنّانين الأوروبيين على الاستقرار فى زيوريخ باعتبارها مدينة محايدة...فقدم الى زيوريخ "تزارا" و "جانكو" من رومانيا و "هويلسنبك" من ألمانيا و "آرب" من فرنسا... واجتمع هؤلاء الفنّانين باحدى المدن التى لن تخطر لكم على بال فى لقاء عابر قبل ذهابهم الى زيوريخ ...يا ترى التقوا فيييين؟؟؟ تخيّلوا؟؟ فى القاهرة

وعندما اجتمعوا فى القاهرة نبعت لديهم فكرة تنظيم كباريه عالمى للترفيه , وقام أحد أصدقائهم المشتركين وهو "هوجو بول " الفرنسى على عاتقه مهمّة تنظيم هذه الفكرة وادارتها , فقام باستئجار حجرة بألمانيا لهذا الغرض من بحّار هولندى يهودى يدعى "جان افرايم" كان يمتلك هذه الحجرة المجاورة للحانة التى يمتلكها فى "شبيجيل جاس" الألمانية....وتم افتتاح المكان الذى تخصص فى تقديم الأغانى الفرنسية والألمانية والهولندية (مع استقدام أوركسترا "بلاليكا" لتقديم موسيقاها الروسيّة الشهيرة آنذاك) , مع بعض الموسيقى الزنجيّة والقصائد والمعارض الفنّية والتشكيلية

المهم أنه قبل افتتاح هذا المكان بحث هؤلاء الفنّانين فى القاموس الألمانى والفرنسى عن اسم مناسب لنوعية النشاط الذى ستزاوله المجموعة به , وبطريق الصدفة البحتة قدّمت له احدى صديقاتهم كلمة "دادا" التى تحمّسوا لها على أساس أنها ترمز الى ما يعنى "كل شيئ"

والظريف أنه كان هناك ترحيبا من كثير من الفنّانين من خارج هذه المجموعة بهذه الحركة الجديدة بدليل أن كتيّب هذا الكباريه الفنّى أسهم فى تصميمه واخراجه بيكاسو و موديليانى و مارينتى و أبولينير و كاندينسكى وعدد آخر من التشكيليين والشعراء

وتم افتتاح جاليرى "الدادا" فى 1917 فى شارع "بونهوف" الشهير فى برلين "بونهوف شتراسّه" و بعد ذلك ببضعة أشهر تم اصدار أول أعداد مجلّة "الدادا" التى رأس تحريرها الفنّان الرومانى "تزارا"

وأخذت الحركة فى النمو...واذا بها تتحوّل بسرعة الى حركة فكريّة و سياسيّة و أيديولوجية قبل أن تكون حركة فنّية يقظة استحدثت الطاقات التجريديّة و أصبحت بمثابة الطلقة الأخيرة لحركة فنّية دوليّة فريدة من نوعها

[disappointed]

واذا بها تتحوّل بسرعة الى حركة فكريّة و سياسيّة و أيديولوجية قبل أن تكون حركة فنّية

فقد كان الفن التجريدى يرتبط بمرادف الشرف الكبير لهؤلاء الفنّانين المؤسسين لحركة "الدادا" بينما كانت الطبيعة بالنسبة اليهم هى المظهر الذى يوضّح دوافع البرجوازيّة التى رأوا فيها عدوّهم الأخلاقى , كما رأوا أن أى محاولة تتم فى نطاق الطبيعة انما تربطهم تبعيّا بأخلاقيّات و أفكار و مبادئ الطبقة البرجوازيّة...ولهذا كانوا يعتبرون أن الفن لا يصح و لايجب أن يكون واقعيّا أو مثاليّا بل يجب أن يكون صادقا مع الوضع فى الاعتبار أن عملية تقليد و محاكاة الطبيعة ليست الاّ كذبا , ولهذا كان عليهم أن يعطوا الصدق فى أعمالهم دفعة جديدة

ولهذا....

كانت حركة "الدادا" منذ بدايتها بمثابة نزعة عالميّة واعية حاولت أن تهز كل الممارسات التقليدية للفن و أن تتحدّى كل القيم الاجتماعية السائدة أكثر ممّا حاولت خلق طراز جديد للفن فى حد ذاته

كان هناك جو من عدم الاستقرار الاجتماعى (وهو شيئ طبيعى بعد الحرب العالمية الأولى التى كانت الطريقة التى انتهت بها تشير الى أن القادم ليس الاّ هدنة ستندلع بعدها حرب أكثر ضراوة)...ثم حدثت الثورة الروسيّة...و ظهرت اتّجاهات للفردانيّة أكثر من الجماعيّة....وتغيّرات أخرى كثيرة عصفت بالمجتمع الغربى... وهنا.....احتضن الداديّون مقولة "باكونين" التى نادت بأن الهدم قد يكون هو أيضا ابداع...ولهذا قرّر الداديّون هدم القديم والسائد , وقرّروا زلزلة كيان البرجوازيّة التى كانوا يؤمنون بأنها كانت سبب الحرب , فأخذوا يصوّرون بخيالهم صورا للقاذورات والفضلات والمستهلكات ويشكّلون بها أعمالهم الفنّية...فاذا بــ"دو شامب" على سبيل المثال يرسم الموناليزا بشوارب , بينما صوّر "بيكابيا" الآلات بطريقة تهكّمية...الخ الخ الخ

(قد تبدو هذه الاتجاهات حاليا على أنها من التوافه ولكنها ربّما لاتكون كذلك فى تلك الفترة اذا أخذنا فى الاعتبار تلك المرحلة الانتقالية الغير مستقرة والعاصفة من تاريخ المجتمع الغربى...فقد كان ذلك بدافع تحطيم القيود التقليدية التى قد تحد من انطلاقة الفن والخيال الابداعى..فكانت "الدادا" فى تلك الفترة بمثابة ملاذ للفنّاين للحرّية... ثم لاننسى أن الدادا ولدت كرد فعل لموجات سخط فى المجتمع الغربى بعد الحرب العالمية الأولى والتى اشتد فيها الصراع بين القيم الانسانيّة المختلفة...فقرّر الداديّون أن يصيبوا مجتمعهم بنوع من أنواع الصدمة حتّى يستفيق)

أمّا كيف أرادت "الدادا" أن تلطم مجتمعها وتصدمه وتهزّه حتّى يستفيق فسيكون موضوع الحوار التالى مع ذكر بعض الأمثلة من الفن التشكيلى لحركة الدادا كلّما سمحت الظروف بذلك

[disappointed]

وهنا.....احتضن الداديّون مقولة "باكونين" التى نادت بأن الهدم قد يكون هو أيضا ابداع

طبعا الشيئ المؤكّد أن أى نزعة تحرّرية ما بتكونش مفهومة فى بداياتها , وما فيش شك برضه أن أى نزعة تحرّرية بتقابلها الأوساط الرجعية فى المجتمع بعدم التقبّل والرفض وسوء التفسير ويمكن كمان بالسخط والازدراء ان لم يكن بالتصادم المباشر معها

ولكن....

الفن (وهذه هى طبيعته الابداعيّة) بيحطّم جمود هذه الرجعيّات من أجل اكتشاف طرق جديدة أو أساليب مغايرة لما هو سائد , وهى الطرق والأساليب التى تجعل البشر يتنفّسون هواءا أكثر نقاءا و صفاءا من الجو المليئ بالغبار الفاسد الذى يحجب الرؤية عن العيون حتّى لاترى بصيص النور فتبتعد عن الحقائق

ان أى عمليّة هدم لمفهوم متجمّد و رجعى قد لاتؤدّى فى وقتها الى نتائج سريعة وواضحة , ولكنّها تفتح الطريق أمام امكانيّات بلا حدود عندما يجتازها العقل البشرى فانه يكون باستطاعته حينئذ اكتشاف معالم جديدة و حقائق غير مألوفة بعد ان يتحرّر من قيود الجمود والرجعيّة..وهكذا فانه حينئذ فقط يكون بمقدور الانسان أن ينطلق بفطرته الى حيث الحياة بمعناها الابداعى المتجدّد وليس بمعناها التقليدى المحافظ والرجعى المتزمّت

[disappointed]

كان هناك جو من عدم الاستقرار الاجتماعى (وهو شيئ طبيعى بعد الحرب العالمية الأولى التى كانت الطريقة التى انتهت بها تشير الى أن القادم ليس الاّ هدنة ستندلع بعدها حرب أكثر ضراوة)...ثم حدثت الثورة الروسيّة...و ظهرت اتّجاهات للفردانيّة أكثر من الجماعيّة....وتغيّرات أخرى كثيرة عصفت بالمجتمع الغربى

فكما قلت أن الدادا ولدت كرد فعل ساخط على تداعيات الحرب العالمية الأولى التى نشأت كأى حرب عندما تشتد الصراعات بين القيم الانسانية بعضها وبعض , فهذه فئة تؤمن بشعار أو مذهب معيّن وتلك فئة تؤمن بما هو نقيض لذلك , ومن هنا ينشأ الصراع

وفى أثناء الحروب (خاصة الكبيرة كالحروب العالمية) يحدث تحطيم للقيم المتعارف عليها والأخلاقيّات السائدة , ويحدث عن طريق الجنود افساد لكل شيئ بدءا بالمبانى والمنشآت وانتهاءا بالأعراف والقيم

وهكذا اجتمع هؤلاء "الداديّون" على الشعور بالسخط والتعبير عنه فى فنّهم التشكيلى حتّى ولو أحدث ذلك صدمة للمتلقّى...فـــ"دوشامب " مثلا عندما رسم الموناليزا ووضع لها شاربا فقد كان يسخر ضمنيّا من القانون المتزمّت المنطوى الذى يصر على القواعد الجامدة والمعايير المضبوطة للفن بمعناه الكلاسيكى المتزمّت والذى كانت ذروته ممثّلة فى لوحة الموناليزا...فكان الشارب بمثابة نوع من ابدال أنوثة الموناليزا بالذكورة...وهنا تحدث الصدمة للمتلقّى الذى يجزع لوضع الفنّان للموناليزا فى هذه الصورة الشائنة....بينما الفنّان كان يرمى من وراء ذلك الى لفت الانتباه الى ضرورة التغيير فى المقاييس للبحث عن معايير تطلق الانسان من السجن الذى وضع تفكيره وتخيّله فيه..

أمّا "تزارا" مثلا فقد رسم صورة قرد و كتب عليها اسم "سيزان"...وقد كان فى هذا يحطّم الوثنيّة وتأليه الفرد بطريقة ضمنيّة باعتبار أن صيت "سيزان" الذائع قد أغلق منافذ التفكير والابداع على جيل بأكمله فحاول بالسخرية منه أن يقلل من تأليه الفنّانين لسيزان داعيا بصورة ضمنية الى موجة من الانطلاق بعيدا عن قضبان سجن المأثور

[disappointed]

فـــ"دوشامب " مثلا عندما رسم الموناليزا ووضع لها شاربا فقد كان يسخر ضمنيّا من القانون المتزمّت المنطوى الذى يصر على القواعد الجامدة والمعايير المضبوطة للفن بمعناه الكلاسيكى المتزمّت والذى كانت ذروته ممثّلة فى لوحة الموناليزا...فكان الشارب بمثابة نوع من ابدال أنوثة الموناليزا بالذكورة...وهنا تحدث الصدمة للمتلقّى الذى يجزع لوضع الفنّان للموناليزا فى هذه الصورة الشائنة....بينما الفنّان كان يرمى من وراء ذلك الى لفت الانتباه الى ضرورة التغيير فى المقاييس للبحث عن معايير تطلق الانسان من السجن الذى وضع تفكيره وتخيّله فيه..

لوحة دوشامب الشهيرة للموناليزا بالشارب

تم تعديل 7 أغسطس 2004 بواسطة disappointed

[disappointed]

نموذجين آخرين لأعمال دوشامب

امرأة تنزل السلالم المنحدرة

خيال الشيكولاته

تم تعديل 7 أغسطس 2004 بواسطة disappointed

[disappointed]

وهكذا فانه حينئذ فقط يكون بمقدور الانسان أن ينطلق بفطرته الى حيث الحياة بمعناها الابداعى المتجدّد وليس بمعناها التقليدى المحافظ والرجعى المتزمّت

ولهذا فقد اعتبر الداديّون أن الحقيقة الفنّية تكمن فى العمليّة الفنّية التى يقوم بها الفنّان فى حد ذاتها أكثر من أن تكمن فى الأثر الذى يتركه هذا العمل....وعليه فقد كان أحد الداديّين يقوم مثلا برسم شيئ ما على الورق بالقلم الرصاص ثم يأتى أحد زملائه ليزيله مباشرة بالأستيكة قبل أن يتم

و بهذا المفهوم المقتبس أعلاه فان نزعة الدادا لم تقتصر على الرسم فقط بل انتقلت الى مجالات أخرى كالمسرح والموسيقى...فقد كان أحد الممثّلين الداديين يقوم مثلا بالوقوف على خشبة المسرح فى وسط العرض مناديا وسط الجمهور : "ألايوجد طبيب أسنان بينكم هنا؟؟" اذا ماشعر بألم فى أسنانه أثناء أداء دوره (وهو موقف لاشك موغل فى الانطلاق والتحرّر من أى قيود وداع الى التصرّف بتلقائية و فطريّة زائدة عن الحد )

أمّا فى الموسيقى فقد كان أحد المغنّيين الداديين مثلا يبدأ الغناء الى الجمهور بين أصوات الموسيقى التى تعلو تدريجيّا حتّى يضيع صوته وسط الطبول و صخب الآلات (فى رمزية الى تحطيم كلاسيكيّة الصلة بين المغنّى والجمهور وفى اشارة الى تبرّمه و اعتقاده فى لامبالاة الناس الى ما قد يقوله فى ثنايا كلمات أغنيته..أى أنه يحاول اشعار الجمهور بأن عليه أن ينصت أكثر الى ما يقوله عن طريق الاحتجاج باخفاء صوته وسط الضجيج)

وبالطبع...فان هكذا نزعة تميّزت بقدر زائد عن الحد من اللامنطق الكاسح والحماسة الهوجائيّة كحركة الدادا كان من الصعب عليها الاستمرار...وبالفعل لم تعش أكثر من سنوات قليلة...ولكنّها لعبت الدور المراد منها فى تشجيع الفنّانين على تحرير رؤيتهم وعدم التخوّف من المغامرات الابداعيّة الخارجة عن المألوف.....فكانت حركة الدادا بذلك بمثابة "مفتاح الكونتاكت" الذى أشعل شرارة وقود محرّك قاطرة المدرسة الفنّية التى تلتها واعتمدت على روح و مفهوم حركة الدادا وان نقّحته ليكون أكثر ثباتا و تنوّعا وقدرة على الاستمرارية....فكانت هذه القاطرة الفنّية هى : السيرياليّة

[disappointed]

فكانت حركة الدادا بذلك بمثابة "مفتاح الكونتاكت" الذى أشعل شرارة وقود محرّك قاطرة المدرسة الفنّية التى تلتها واعتمدت على روح و مفهوم حركة الدادا وان نقّحته ليكون أكثر ثباتا و تنوّعا وقدرة على الاستمرارية....فكانت هذه القاطرة الفنّية هى : السيرياليّة

فالسيريالية تعتمد على اطلاق الفنّان لأفكاره المكبوتة لتظهر من خلال تعبيراته الفنّية

اذن...فاللاشعور يكون بذلك هو المصدر الأساسى لغالبية أفكار الأعمال السيريالية والانفعالات التى يعتمد عليها الفنّان فى اخراج عمله

ولعل اسم السيريالية يدل على مضمونها

فهى : Sur-realism أى ما خلف الحقيقة (الحقيقة البصريّة الظاهرة)..و ده معناه بالتأكيد ان المظهر الخارجى اللى شغل بال الفنّانين فى حقبات كثيرة لا يمثّل كل الحقيقة...والأكثر من كده ان السيرياليين بيزعموا أن المظهر الخارجى البصرى للعمل لا يمثّل أكثر من واحد على أربعة أو واحد على خمسه من حقيقة ما أراد الفنّان اظهاره وأن الأربع أخماس الباقية أو الثلاثة أرباع الباقية تكمن فى لاشعور الفنّان , وفى أحلامه , وأحلام يقظته (والتى تحتوى على أفكاره التى تكون غير محكومة بأى رقابة داخلية أو خارجية تتّبع فى رقابتها على ضوابط و قوانين صارمة لا تجعل الفنّان يفصح عمّا يعتمل بداخله بالكامل) وبهذا فان اللاشعور هو الذى يمثّل الفنّان على حقيقته وعلى فطرته , وهو واجب الفنّان أن يخرج لا شعوره فى أعماله ليكتشف حقيقته الكامنة فى أعماقه و يكشفها لجمهوره

[disappointed]

وبهذا فان اللاشعور هو الذى يمثّل الفنّان على حقيقته وعلى فطرته

لو كانت مادّة التعبير الفنّى هى "المختبئ فى اللاشعور" لكان معنى ذلك (وهى وجهة نظر السيرياليين) أن التعبير الفنّى مادّته هى الافصاح عن حقائق يجب للانسان أن يكتشفها فى نفسه ويكشفها للآخرين ويدعوهم هم أيضا لاكتشاف ما بداخلهم حقّا فى سبيل التنفيس عن الكبت والوصول الى صحة نفسية أفضل

واذا كنت قلت فى معرض الكلام عن الدادا اللى السيرياليّة تعتبر امتداد ليها ان جذور هذه الحركة كانت قديمة من أيّام "الجريكو" و "أرشيمبولدو" فى القرنين الــ15 والــ16....فالحقيقه ان السيريالية موجودة أيضا فى الأدب الشعبى (زى مثلا ألف ليلة و ليلية و كليلة و دمنه)وفى خيال الأطفال (كنتاج للقصص التى تحكى لهم مثل قصص عقلة الصباع و بساط الريح و جيلفر فى بلاد الأقزام و آليس فى بلاد العجائب والشاطر حسن...الخ الخ الخ ) فكل هذه أشياء غير متقيّدة بالواقع العقلانى ومليئة بخيال لا محدود

طيّب...وحنروح بعيد ليه؟؟؟ أكبر دليل على ان السيريالية موجودة فى خيال الأطفال ان الطفل بيحب يكلّم الحيوانات و بيحب يكلّم اللعب بتاعته زى ما تكون أشخاص....وتلاقى الطفل بيكلّم الترابيزة و طبق الجيللى بتاعه وبيعاقب التليفون بضربه لمّا السمّاعه تفلت من ايده...الخ الخ الخ

وبهذا...تصبح الدنيا الجامدة متحرّكة و حيّة بل و ناطقة..... ويصبح الماضى من الحاضر و الحاضر من الماضى... ويصبح كل ما هو غير ممكن ممكنا فى الخيال....وهذه هى السيرياليّة بالضبط

ويظل أهم ما يميّز السيرياليّة هو نزعتها الى ابراز ما فى لاشعور الفنّان

[disappointed]

ويظل أهم ما يميّز السيرياليّة هو نزعتها الى ابراز ما فى لاشعور الفنّان

ولهذا فقد جنح الفنّانين المتطرّفين فى سيرياليّتهم الى الاعتقاد بفساد عملهم الفنّى اذا ما تم انتاجه بطريقة عقليّة واعية صرفة... ولهذا كانوا يلجأون الى ترك أنفسهم على سجيّتهم الشخصيّة لاخراج كوامنهم دون أى عوائق...و من هنا ظهرت نزعة "الآليّة" أو الـــAutomatism فى الحركة السيريالية حيث كان الفنّان السيريالى المعتنق لهذه الآليّة فى أعماله يسترسل فى تجسيد احساساته و هو يكاد يكون نصف نائم ويسمح ليده و فرشاته وهو فى هذه الحالة أن تصور احساساته العضليّة و خواطره المتتابعة دون أى عائق أو حساب فكرى فى محاولة منه لكى تكون الصورة أكثر صدقا

للتبسيط:

تصورّ نفسك وانت بتتكلّم فى التليفون و ماسك فى ايدك ورقة و قلم رصاص وانت بتكلّم الشخص على الطرف الآخر...و أثناء ما الحديث واخدك قعدت تعمل تخطيطات أو رموز او رسومات على الورقة...سيكون ما تخطّه بيدك هنا هو وليد انصراف ذهنك الواعى الى الحديث فى التليفون بينما ما سيظهر على الورقة هو ترجمة ما هو كامن فى لا شعورك...وربّما كان ما تخطّه يعطيك بعد انتهاء المكالمة مثلا انطباع لا شعورك عن الشخص الذى كنت تحدّثه كأن تجد نفسك و قد رسمت ثعبانا أو وردة أو خطوط مبهمة...الخ الخ الخ

ولهذا اهتمّت السيرياليّة بالتلقائية و الصدفة و الخواطر العابرة

[disappointed]

ولهذا اهتمّت السيرياليّة بالتلقائية و الصدفة و الخواطر العابرة

بس مش معنى كده ان الفنّان السيريالى ممكن يبدع عمل فنّى دون الاستناد الى التقنيّات الفنّية الملائمة التى تجسّد أفكاره اللاشعورية وتخضعها لعوامل بناء العمل الفنّى

فالسيرياليين ابتدعوا رموزهم...وكل رمز استخرجه السيرياليّون من عالم الانسان أو الحيوان أو الحشرات أو الكائنات البحريّة...الخ الخ الخ يكتسب معنى فى المحيط الذى يتم ابرازه فيه بالتناغم دراميّا مع باقى الرموز التى تجمعه معها نفس اللوحة , ويكون بمقدور أى رمز هنا اكساب معانى جديدة للرموز الأخرى التى تتداخل معه فى نفس اللوحة..... وقد تكون الرموز ذات دلالات شخصيّة للفنّان فى بادئ الأمر ولكنّها حين ترتبط باحساسه الفنّى العميق و بصياغته المميّزة تنتقل من مستوى المنبع الشخصى الى مستوى اللغة العامّة التى لها صفة التداول و الفهم بين الناس

ولهذا....

فان الأعمال الفنّية السيرياليّة تتميّز بأنّها تكشف النقاب عن العالم الغامض فى حياتنا...وتلبس هذا العالم الغامض صورا مرئيّة تعبّر عن أشياء كثيرة مدفونة داخلنا مثل المخاوف الدفينة أو التساؤلات التى لا تجد اجابات شافية أو أسرار حياتناأو الموت أو الصلة بين المنبع(الميلاد) و المصب ( الموت) الخ الخ الخ

كل هذا وان بدا على شكل هلاوس أو اهتزازات عضليّة أوتوماتيّة فى تعبيرات الفنّانين السيرياليين فان له دلائل هامّة عند متذوّقى هذا اللون الفنّى الّذين يحاولون فك طلاسم هذه الرموز لتذوّق ما فيها من ابداع نابع ممّا هو وراء الظاهر بصريّا

[disappointed]

ولهذا اهتمّت السيرياليّة بالتلقائية و الصدفة

مثال على الصدفة فى العمل الفنّى السيريالى :

لوحة "لوتريمونت" (التى لم أجدها على النت للأسف حتى أقوم بعرضها) والتى تصوّر ماكينة خياطة و مظلّة فوق منضدة عمليّات (والمعنى هو أن الصدفة قد تجمع بين أشياء لا يتصوّر العقل الواعى أن هناك علاقة قد تجمع بينها)

[disappointed]

السيريالية بنكهة "مارك شاجال"

هذا الفنّان السيريالى اليهودى الروسى الأصل يعتبر من أعظم و أبرز الشخصيّات المميّزة فى الفن التشكيلى....ويمكننا القول أنه جمع بين الفن التشكيلى والأدب اذ تتميّز لوحاته بالناحية الشعرية بألوانها الحيّة التى يغشاها الخيال

شاجال جمع بين طفولة ناضجة لا يحدّها قيد أو تعوقها قواعد محفوظة , وبين خيال الأساطير و حكايات الجدّات التى ترويها للأحفاد حين يأتى الغيث للبطل أو البطلة من حيث لا يتوقّع أحد....كهذه اللوحة مثلا :

فشخوص شاجال فى لوحاته قد تطير فى السماء على أجنحة تم تركيبها بطريقة ابداعيّة متميّزة فى جسم كائن ليس من المفترض عقلانيّا أن يكون له أجنحة...كهذه الأمثلة:

وللحديث عن "شاجال" بقيّة

تم تعديل 5 أغسطس 2004 بواسطة disappointed

[disappointed]

أخيرا...تم اظهار صور جميع اللوحات باستعمال الموقع اللى اضطريت أغش عنوانه من الصور اللى منزّلها وايت هارت

وسأقوم باستكمال الحديث عن السيريالية مكملا أعمال "شاجال" فى أقرب وقت عندما تسمح ظروفى بذلك

مع الشكر الجزيل لجميع الزملاء الأعزّاء الّذين قاموا بمراسلتى بخصوص هذا الموضوع على الميسينجر

[disappointed]

شاجال جمع بين طفولة ناضجة لا يحدّها قيد أو تعوقها قواعد محفوظة , وبين خيال الأساطير و حكايات الجدّات التى ترويها للأحفاد

وهذه الطفولة بالذات أثرت على كثير من أعماله , فالرموز التى كان شاجال يستخدمها كان لها دلالات خاصة فى تكوينه منذ الصغر وتعود الى طفولته فى قريته الروسيّه "ويتبسك" والتى دائما ما كان يذكرها فى أعماله بحيواناتها و طيورها و أكواخها و معبدها اليهودى ولقائاته مع حبيبته التى تزوّجها عندما كبر فى أحضان هذه القرية

مثل هذه اللوحة التى سمّاها :

أنا و قريتى

أو هذه اللوحة التى سمّاها:

حبّى فى ربوع قريتى

وهو ما يقودنا الى الحديث عن مدى شاعريّته و حسّه المرهف وحبّه الكبير لزوجته والتى عبّر عنها فى عدّة لوحات رومانتيكيّه استخدم فيها الرمز بالمفهوم السيريالى....كهذه اللوحات

العشّاق تحت ضوء القمر

حبيبين فى النافذة

العشّاق والزهور

العشق تحت ضوء الشموع

حبيبتى فى قريتى

وواضح بالطبع من هذه اللوحات مدى عمق التأثير الذى تركته طبيعة الحياة الريفيّة القرويّة البسيطة التى عاش طفولته و صدر شبابه فى ربوع طبيعتها فى قريته "ويتبسك"

ولازال للحديث عن سيريالية مارك شاجال بقيّة

تم تعديل 7 أغسطس 2004 بواسطة disappointed

[White heart]

disappointed كتب:

أخيرا...تم اظهار صور جميع اللوحات باستعمال الموقع اللى اضطريت أغش عنوانه من الصور اللى منزّلها وايت هارت

الله ينور يا عزيزى ... و لو ان كان نفسى أشارك معاك (على قدى)موضوعك الممتع و الرائع دة ....

"مارك شاجال" كان بيعتبر نفسه عكس "بيكاسو" ... حيث كان يقول مثلا:

"بيكاسو" يرسم من بطنه .... اما انا فأرسم من قلبى ..."

و يعتبر "مارك شاجال" واحد من الفنانين العظماء لمدرسه باريس التى وصفهم "ماتيس" بمعناه للأدب...

"براك" بمعناه للأمر .... "غريس" بمعناه للتصميم.... "ليجر" بعامل المنطق .... "موديجلياني" بحسيته.... "ميرو" بعقله الباطن ....

و "جياكوميتي" بمشاعره....

[disappointed]

ولازال للحديث عن سيريالية مارك شاجال بقيّة

كان شاجال يضع صورا كثيرة فى صورة واحدة فى معظم لوحاته...وكان يحمّل شخوصه البشريّه خصائص لا تحملها الاّ الطيور والفراشات....بل والنمل والصراصير والحشرات أحيانا.....فشخوصه لا تمشى على الأرض....ولكنّها تنقلب لتصبح رؤوسها الى الأسفل و أرجلها فى الأعلى...

نعم....كان له لوحات عديدة بمنطقها المعدول....ولكن لوحاته ذات المنطق المقلوب كانت أكثر....فالانسان عند شاجال كان يسبح فى الفضاء وله أجنحة كالطيور , وقد يكون بوجهين فى وجه واحد كهذه اللوحة التى أسماها :

وجهين و روحين

ولم لا؟؟!!!

فالفكرة عند شاجال تتغلّب على الرؤية البصريّة , والانفعال يشكّل منطقا له...منطقا خاصّا به...دون عوائق فى التعبير....فاذا تبادر الى ذهنه الرغبة فى امتطاء دجاجة أو ديك..فما المانع أن يعبّر عن ذلك بريشته....كلوحته بعنوان :

المطيّه

لقد كان شاجال يعبّر عمّا يدور داخله و هو غير مكترث بما قد يكون رد الفعل عند المتلقّى...والاّ...فمن أين أتت السمكة والأكواخ و عازف الكمان و الديك والعروسين و الحمار و القمر مع بعضها البعض فى لوحة واحدة كهذه :

و لهذا التفرّد الذى كان عليه شاجال فقد قال بيكاسو عنه يوما ما :

"حين يموت "ماتيس"قد يكون شاجال هو المصدر الوحيد الباقى الذى يفهم ما يعنيه اللون حقّا...وصحيح أننى لست شغوفا بالديوك والحمير و عازفى الكمان الطائرين والفلكلور الروسى و المأثور اليهودى ولكننى أرى أن لوحاته فيها حس التصوير الحقيقى , ويبدو لى أنّه لم يأت شخص عنده احساس بالضوء منذ "رنوار" مثل ذلك الاحساس الذى يمتلكه شاجال"

اللذيذ قوى فى الموضوع ان "شاجال" كان ردّه على هذا الكلام هو :

"ياله من عبقرى هذا البيكاسو....انّه من المؤسف حقّا أنّه لا يمارس التصوير - أى الرسم-"

!!!!!!!!!!!!!

!!!!!!!!!!!!!

!!!!!!!!!!!!!

تم تعديل 5 أغسطس 2004 بواسطة disappointed