زهرة الالم بتاريخ: 2 مايو 2009 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 2 مايو 2009 من ثمرات الاخلاص .. القوة الروحية والإخلاص يمنح المخلص قوة روحية هائلة، مستمدة من سمو الغاية التي أخلص لها نفسه، وحرر لها إرادته، وهو رضا الله ومثوبته. فإن الطامع في مال أو منصب أو لقب أو زعامة: ضعيف كل الضعف، إذا لاح له بادرة أمل في تحقيق ما يطمع فيه من دنيا... ضعيف أمام الذين يملكون إعطاءه ما يطمح إليه... ضعيف إذا خاف فوات مغنم يرجوه، أما الذي باعها لله، فهو موصول بالقوة التي لا تضعف، والقدرة التي لا تعجز، ولهذا كان في تجرده وإخلاصه أقوى من كل قوة مادية يراها الناس. وقد صور حديث - رَواهُ التّرمذيُّ بسند ضعيف - مقدار القوة الروحية الهائلة، التي يملكها من أخلص قلبه لله، يقول الحديث الذي رَواهُ أنس بن مالك: (لما خلق الله الأرض جعلت تميد، فخلق الجبال، فألقاها عليها، فاستقرت، فعجبت الملائكة من خلق الجبال، فقالت: يا رب؛ هل في خلقك شيء أشد من الجبال؟ قال: نعم، الحديد. قالت: يا رب؛ هل في خلقك شيء أشد من الحديد؟ قال: نعم، النار. قالت: يا رب؛ هل في خلقك شيء أشد من النار؟ قال: نعم، الماء. قالت: يا رب؛ هل في خلقك شيء أشد من الماء؟ قال: نعم، الريح. قالت: يا رب؛ هل في خلقك شيء أشد من الريح؟ قال: نعم، ابن آدم يتصدق بيمينه، ويخفيها عن شماله) ! (رَواهُ التّرمذيُّ عن أنس وقال: غريب ورواه أيضًا أحمدُ، وعبد بن حميد، وأبو يعلى، والبيهقيُّ، وأبو الشيخ في العظمة، والضياء في المختارة، كما ذكر الزبيدي في " شرح الإحياء"(265/8). وهكذا يصور لنا هذا الحديث أن القوة الروحية أعظم من كل القوى المادية، وأن قوة الإيمان والإخلاص تفوق قوة الجبال التي تمسك الأرض أن تميد، وقوة الحديد الذي يقطع الجبال، وقوة النار التي تذيب الحديد، وقوة الماء الذي يطفئ النار، وقوة الريح التي تحرك الماء، أقوى من ذلك كله قلب ابن آدم حين يخلص لله، فيتصدق بيمينه لا تعلم بها شماله. وهو تصوير نبوي بليغ معبر عن اجتهاده في إخفاء صدقته بعدًا عن مظنة مراءاة الناس. وذكر الغزالي في " الإحياء " قصة ترمز إلى هذا المعنى، وهو: ما يمنحه الإخلاص من قوة غير عادية لصاحبه، لا توجد عند غيره. إنها قصة العابد الذي سمع أن شجرة يعبدها الناس من دون الله، فحمل فأسه، وذهب مصممًا على أن يقطعها، ويقطع معها دابر فتنة تقديسها وعبادتها، وفي الطريق قابله إبليس فأراد أن يثنيه فأبى، فتصارعا، فصرع العابد إبليس، وبدا كأنه ريشة في يده، وهنا بدأ إبليس في مفاوضة ماكرة مع العابد: أن يعود ويدع الشجرة، فإن قطعها لا يفيد، فقد يعبدون شجرة أخرى، وتعهد أن يعطيه كل يوم دينارًا، يجده تحت وسادته، فينتفع به، وينفق منه على المساكين... وما زال إبليس بالرجل، حتى اقتنع، وسلمه مبلغًا مقدمًا، ثم ظل مدة يتسلم فيها الدينار كل صباح وفق ما اتفقا عليه. ولكن العابد فوجئ يومًا بأنه لم يجد الدينار تحت الوسادة، كما اعتاد، فصبر عدة أيام، لعل صاحبه يفي له بما وعده، بيد أنه لم يفعل.. فما كان من العابد إلا أن حمل فأسه، وذهب ليقطع الشجرة من جديد، فقابله إبليس، فتحداه، وتنازعا واصطرعا، فصرع إبليس الرجل هذه المرة، وكان كأنه عصفور بين رجليه ! وهنا سأله العابد: ما الذي جعله يغلبه هذه المرة، بعد أن انتصر على إبليس بجدارة في المرة الأولى؟ وهنا قال له إبليس: لقد كان غضبك في المرة الأولى لله، فكان لديك من القوة ما لم يكن لي قِبَل بها، ولا طاقة لمواجهتها، فهُزمت أمامك بسرعة. أما هذه المرة فكان غضبك لانقطاع الدينار، فلم يكن عندك من القوة ما كان من قبل، وهزمت أمامي بسرعة البرق. وهنا ظهر الفرق بين الغضب للدرهم والدينار، والغضب للواحد القهار. إن المخلص لله لا يلين للوعد، ولا ينحني للوعيد.. لا يذله طمع، ولا يثنيه خوف.. أسوته في ذلك النبي صلى الله عليه وسلم الذي عرض عليه الملك والشرف والمال وسائر أعراض الدنيا ليكف عن دعوته، فقال في إصرار وصلابة: (والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر ما تركته، حتى يظهره الله أو أهلك دونه) (رَواهُ بنحوه ابن إسحاق في المغازي (170/1)، ومن طريقه ابن جرير (67/2)، بإسناد معضل، وروى هذه القصة الطَّبرانيُّ مختصرًا في الأوسط من حديث عقيل بن أبي طالب بلفظ آخر (انظر: تخريج فقه السيرة للألباني ص 114، 115). أما لو كان للنبي صلى الله عليه وسلم شهوة خفية في مال أو ملك أو سيادة لضعفت مقاومته أمام العروض المغرية، يقدمها له سادة قريش، لكنه عرف غايته فأخلص لها، وعرف ربه فلم يشرك به شيئًا. المشتـاقــــون الى الجنـــــــة اللهمَّ أعنّي حتى أُخرِج من الثلج لهباً.. ومن اليأس أملاً.. ومن الظلمة نوراً .. وهب لي القدرة على تحويل كل معنىً شاردٍ إلى فكرٍ أصيل .. سأصبر حتى حتى يعجز الصبر عن صبرى واصبر حتى ينظر الله فى امرى واصبر حتى يعلم الصبر انى قد صبرت على شىء أمر من الصبر سيدنا على بن ابى طالب رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
زهرة الالم بتاريخ: 2 مايو 2009 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 2 مايو 2009 فضل التوكل فى القرآن: وقد جعل الله تعالى الإيمان شرطا للتوكل في قوله: (وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (المائدة: 23) والمعلق على شرط ينتفي بانتفائه، فإذا انتفى التوكل انتفى الإيمان. وقال تعالى في بيان أثر التوكل: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) (الطلاق: 3)، فجعل نفسه تعالى جزاء للمتوكل وأنه كافيه وحسبه، وكفى بهذا فضلا، فقد قال في السورة نفسها: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا) (الطلاق: 2)، فجعل لها جزاءً معلوما، وجعل نفسه تعالى حسب المتوكل وكافيه. كما أخبر تعالى أنه: (يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) (آل عمران: 159)، وأي درجة أعلى من درجة من يحبه الله عز وجل؟ قال الغزالي: وأعظم بمقام موسوم بمحبة الله تعالى صاحبه، ومضمون كفاية الله تعالى ملابسه، فمن الله تعالى حسبه وكافيه، ومحبه وراعيه، فقد فاز الفوز العظيم (وفي هذا رد على العلامة الهروي صاحب " منازل السائرين " في قوله: إنه من أوهى السبل عند الخاصة، وإن كان من أصعب المنازل على العامة، وقد رد عليه ابن القيم في " المدارج " فأحسن وأفاد، رحمهما الله)، فإن المحبوب لا يعذب ولا يبعد ولا يحجب. وقال تعالى: (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ) (الزمر: 36) فطالب الكفاية من غيره والتارك للتوكل، هو المكذب بهذه الآية، كما يقول الغزالي، فإنه سؤال في معرض استنطاق بالحق. وقال عز وجل: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (الأنفال: 49)، أي " عزيز " لا يذل من استجار به، ولا يضيع من لاذ بجنابه، والتجأ إلى ذمامه وحماه، و " حكيم " لا يقصر عن تدبير من توكل على تدبيره. وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ) (الأعراف: 194)، فبين أن كل ما سوى الله تعالى عبد مسخر، حاجته مثل حاجتكم، فكيف يتوكل عليه؟!. وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ) (العنكبوت: 17) وقال عز وجل: (وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّماَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ) (المنافقون: 7). قال الإمام الغزالي: وكل ما ذكر في القرآن من " التوحيد " فهو تنبيه على قطع الملاحظة عن الأغيار، والتوكل على الواحد القهار " (انظر: إحياء علوم الدين (243/4 / 244) طبع دار المعرفة، بيروت). فضل التوكل في السنة: وفي الصحيحين في حديث السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب من هذه الأمة، وصفوا بأنهم: (هم الذين لا يسترقون، ولا يتطيرون، ولا يكتوون، وعلى ربهم يتوكلون) (رَواهُ البُخاريُّ في الطب، ومسلم في السلام عن ابن عباس). وفي الصحيح: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: (اللَّهُمَّ لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، اللَّهُمَّ إني أعوذ بعزتك - لا إله إلا أنت - أن تضلني. أنت الحي الذي لا يموت، والجن والإنس يموتون) (رَواهُ مسلم عن ابن عَبَّاسٍ. صحيح الجامع الصغير وزيادته، (1309). وفي التّرمذيُّ عن عمر رضى الله عنه مرفوعا: (لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصًا، وتروح بطانًا) (رَواهُ التّرمذيُّ في " أبواب الزهد " برقم (2345) وقال: حسن صحيح، وابن ماجه برقم (4164)، وأحمدُ في مسند عمر برقم (205)، وقال الشيخ شاكر: إسناده صحيح، وابن حِبَّان في صحيحه " الإحسان " برقم (730) وقال محققه: سنده جيد، وَالحَاكِمُ في المستدرك (218/4). ومعنى " خماصا " أي فارغة البطون. وفي السنن عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قال - يعني إذا خرج من بيته - بِسْمِ الله. توكلت على الله. ولا حول ولا قوة إلا بالله، يقال له: هديت ووقيت وكفيت. فيقول الشيطان لشيطان آخر: كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي) (رَواهُ أبو داود في الأدب (5090)، والتّرمذيُّ في الدعوات (3422) وقال: حسن صحيح غريب، ونسبه المنذري للنسائي أيضًا). وفي سنن أبي داود عن أبي مالك الأشعري مرفوعًا: (إذا ولج الرجل بيته، فليقل: اللَّهُمَّ أسألك خير المولج، وخير المخرج. بِسْمِ الله ولجنا، وباسم الله خرجنا،وعلى الله ربنا توكلنا، ثم ليسلم على أهله) (رَواهُ أبو داود في "الأدب " (5092"). المشتـاقــــون الى الجنـــــــة اللهمَّ أعنّي حتى أُخرِج من الثلج لهباً.. ومن اليأس أملاً.. ومن الظلمة نوراً .. وهب لي القدرة على تحويل كل معنىً شاردٍ إلى فكرٍ أصيل .. سأصبر حتى حتى يعجز الصبر عن صبرى واصبر حتى ينظر الله فى امرى واصبر حتى يعلم الصبر انى قد صبرت على شىء أمر من الصبر سيدنا على بن ابى طالب رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
زهرة الالم بتاريخ: 2 مايو 2009 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 2 مايو 2009 استكمال ما تعجز عنه الأسباب وثمرة التوكل هنا: أن المتوكل على الله حين يقدم من الأسباب - التي أمر بها - ما يقدر عليه، ويدخل في وسعه، تكمل له القدرة الإلهية العليا ما يعجز عنه، ولا يدخل في وسعه. انظر إلى موسى عليه السلام، وقد أوحى الله إليه: (فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ) (الدخان: 23)، فخرج بقومه في جنح الليل، فارين من فرعون وملئه، متجهين ناحية البحر، والظاهر أنه خليج السويس. وشعر فرعون وجنوده بخروجهم، فاتبعوهم مشرقين، يريدون أن يفتكوا بهم، فهم يملكون العدد والعدد، مع الغيظ والغضب: (إِنَّ هَؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ * وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ * وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ) (الشعراء: 54 - 56)، (فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) (الشعراء: 61 - 62). لقد نظر أصحاب موسى إلى الأسباب وحدها، فقالوا: (إنا لمدركون)، سيدركنا فرعون وجنوده، وينكلون بنا، ولا طاقة لنا بهم، ولا نجاة لنا منهم، فالبحر أمامنا، وهم من خلفنا. ولكن كليم الله موسى لم يقف عند ظواهر الأسباب، بل رنا ببصيرته إلى ما هو أعلى منها، إلى خالق الأسباب، وواضع السنن، ومدبر الأمر كله. لقد فعل موسى ما أمر به وما قدر عليه، وبقى ما لا يقدر عليه، ولا حيلة له فيه، ولكنه كان موقنا أن الله معه، ولن يتخلى عنه، وسيهديه إلى حل ينقذه ومن معه، لا يعرف ما هو، إلا أنه مستيقن من وقوعه. وكيف لا، وقد قال الله له منذ أرسله وأخاه هارون إلى فرعون: (لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى) (طه: 46). لا عجب أن قال موسى بكل اطمئنان: (إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) (الشعراء: 62). وقد هداه الله إلى المخرج من المأزق بأمر لم يكن في حسبانه، ولا في حسبان أحد: (فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ * وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآخَرِينَ * وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِينَ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً) (الشعراء: 63 - 67). هذه هي ثمرة التوكل إذا انقطعت الأسباب. وانظر إلى محمد صلى الله عليه وسلم يوم الهجرة، كيف أخذ بكل الأسباب الممكنة للبشر، خطط فأحكم التخطيط، ورتب فأحسن الترتيب، وأعد لكل أمر عدته المناسبة، هيأ من يبيت في فراشه (علي بن أبي طالب)، ومن يرافقه في رحلته (أبا بكر الصديق)، ومن يدله على الطريق (عبد الله بن أريقط)، واختار الغار الذي يختفي فيه أيامًا حتى يهدأ الطلب عنه (غار ثور)، ولم يختره ناحية يثرب تعمية على القوم، وهيأ من يأتي له بالزاد والأخبار (أسماء بنت أبي بكر)، ومن يعفي على آثارها بغنمه بعد رجوعها (عامر بن فهيرة). ومع هذا كله استطاع القوم أن يصلوا إلى الغار، وأن يتوقفوا عنده، وهو ما جعل أبا بكر رَضيَ الله عنه يقول مشفقا على مصير الدعوة إن مس رسول الله صلى الله عليه وسلم سوء: يا رسول الله؛ لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا ! فيرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً: (يا أبا بكر؛ ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟) أو كما قال الله تعالى: (لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) (التوبة: 40). لقد فعل الرسول الكريم ما قدر عليه، وبقي ما لم يقدر عليه، فتركه لربه وراعيه، يدبره بما يشاء من الأسباب الخفية، أو بغير الأسباب أصلا إن شاء: (فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (التوبة: 40). لقد كان الزمن الذي بين الكليم موسى والحبيب محمد - عليهما الصلاة والسلام - زمنا طويلا امتد قرونا، ولكن الموقفين متشابهان، وتكاد العبارات تتفق بينهما؛ عبارة موسى: (إن معي ربي سيهدين)، وعبارة محمد: (إن الله معنا)، ولا غرو، فهما يصدران من مشكاة واحدة. بيد أن الله تعالى أنجى موسى بآية حسية منظورة هي " العصا "، وأيد محمدا بجنود غير مرئية، نظرًا لأن الآيات التي أيد الله بها موسى كانت مادية حسية ملائمة لتلك المرحلة في أطوار البشرية، والآية الكبرى التي أيد بها محمدا صاحب الرسالة الخاتمة كانت آية معنوية أدبية هي: القرآن الكريم. وفي غزوة بدر خرج النبي صلى الله عليه وسلم لملاقاة المشركين، وإن كانوا أكثر عددا، وأكثر عدة، وأعظم غرورًا، ولكن ذلك لم يضعف من عزمه، وفعل ما أمكنه فعله من إحكام وتدبير، بعد الاستشارة والاستنارة، ثم ترك ما بعد ذلك لصاحب الأمر، فأيديهم بألف من الملائكة مردفين، وغشاهم النعاس أمنة منه، ونزل عليهم من السماء ماء ليطهرهم به، وليربط على قلوبهم، ويثبت به الأقدام.. ونصرهم الله ببدر وهم أذلة: (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى) (الأنفال: 17). وفي غزوة الأحزاب، تجمع المشركون لغزو المسلمين في عقر دارهم: (إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالا شَدِيدًا) (الأحزاب: 10 - 11). لقد حفر الرسول الخندق حول المدينة لتعويق المغيرين، وبات هو وأصحابه ليالي عدة في كرب شديد، ونقض يهود بني قريظة العهد، ووقفوا في صف المهاجمين. وهنا لم يكن أمام الرسول والمؤمنين إلا التوكل على ربهم والاستغاثة به: (اللَّهُمَّ منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، اللَّهُمَّ اهزمهم وانصرنا عليهم) (متفق عليه من حديث عبد الله بن أبي أوفي). وهنا تجىء ثمرة التوكل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَم تروها) (الأحزاب: 9)، (وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا) (الأحزاب: 25). المشتـاقــــون الى الجنـــــــة اللهمَّ أعنّي حتى أُخرِج من الثلج لهباً.. ومن اليأس أملاً.. ومن الظلمة نوراً .. وهب لي القدرة على تحويل كل معنىً شاردٍ إلى فكرٍ أصيل .. سأصبر حتى حتى يعجز الصبر عن صبرى واصبر حتى ينظر الله فى امرى واصبر حتى يعلم الصبر انى قد صبرت على شىء أمر من الصبر سيدنا على بن ابى طالب رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد
يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق
انشئ حساب جديد
سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .
سجل حساب جديدتسجيل دخول
هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.
سجل دخولك الان