تسرب خطاب أوباما للعالم الإسلامى

[honest reader]

أكيد غير ممكن تسرب نص خطاب أوباما للعالم الإسلامى قبل إلقاءه ، و أكيد أيضا لا يمكن - و ربما ممكن - التنبؤ بمحتوى هذا الخطاب الذى ما زال فى علم الغيب.

اليوم فى مقالة إصطباحة ل بلال فضل فى جريدة "المصرى اليوم" الرجل كتب مقالته بطريقة تستحق القراءة.

http://www.almasry-alyoum.com/article2.asp...mp;IssueID=1404

فجأة تسرب مشروع الخطاب الذى يفترض أن يلقيه الرئيس الأمريكى باراك أوباما خلال زيارته القادمة لمصر بعد أسابيع. نقول فجأة مع أن الذين يعرفون الأمريكان جيداً لا يؤمنون بوجود شىء يحدث لديهم فجأة، ويرون أن التسريب كان مقصوداً للرد على حملة التهليل التى قام بها الإعلام الرسمى المصرى عقب إعلان البيت الأبيض أن أوباما سيوجه خطابه إلى العالم الإسلامى من مصر، وتصوير ذلك على أنه انتصار شخصى للرئيس مبارك، لذلك تم التسريب لوضع الأمور فى نصابها، وهو ما تؤكده عدة فقرات من خطاب أوباما المنتظر الذى أنفرد بنشر فقرات منه لأول مرة معتذراً عن مستوى الترجمة.

«السيدات والسادة، نعم كان من الطبيعى أن أتوجه بخطابى إلى العالم الإسلامى من مصر، لأن أى شخص حتى لو كان على دراية بسيطة بتاريخ العالم الإسلامى وواقعه ومستقبله يعلم أن مصر هى بوابة التغيير فى الشرق، وعندما تتقدم مصر وتقوى سيصبح العالم الإسلامى فى أحسن حال، وسيكون قوة فاعلة نحتاجها لتغيير الكون الذى صار مهدداً بالفناء.

أعلم أن كلامى قد يكون خارجاً على قواعد اللياقة السياسية، لكننى لابد أن أعبر بعد دراستى لأحوال مصر عن حزنى الشديد لأن يكون البلد الذى علّم الدنيا كلها قابعاً الآن فى ظلمات الجهل والتشدد، أنا حزين لأن مصر التى تعلّم العالم منها الطب والتمريض تعيش معاناة صحية غير مسبوقة، أنا حزين لأن مصر بلد النيل يعانى بعض سكانها من العطش وأغلب سكانها من المياه الملوثة،

أنا حزين لأن مصر التى كانت أسبق دول المنطقة إلى النهضة مازالت محرومة من حقها فى ديمقراطية حقيقية سليمة غير صورية يحكم فيها رئيس منتخب لمدة أقصاها فترتان رئاسيتان، أشعر بالخجل لأننى أزور بلداً به هذا القدر المبهر من الكفاءات التى تستفيد منها دول العالم، وعلى رأسها الولايات المتحدة، ومع ذلك يحكمه رجل واحد منذ أكثر من ٢٨ عاماً، وهو أمر لم يعد مقبولاً فى العالم كله أياً كانت فضائل هذا الرجل، لقد أحزننى أن يتم تسويق هذا الوضع المؤسف بالرغبة فى الاستقرار والخوف من المجهول، وهو ما كان يسوّقه أعداء التغيير لدينا الذين صوروا للمواطن الأمريكى أن تغييره لقيادته يمكن أن يوصل الإرهابيين إلى السيطرة على أمريكا،

وللأسف صدقهم المواطن البسيط ودفعت بلادى ثمن ذلك غالياً، ثم قرر المواطن أن يلبى نداء التغيير ويستجيب لشعارى الانتخابى (Yes we can) الذى نبهتنى مستشارتى للشؤون الإسلامية أنه يطابق نص آية قرآنية مقدسة تقول (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)، وهى آية يبدو أن مواطنى العالم الإسلامى قرروا نسيانها إلى الأبد.

السيدات والسادة، لقد جئت اليوم لأخاطب مواطنى العالم الإسلامى من هذا البلد العظيم إلى ضرورة أن يدركوا أن التغيير لن يهبط عليهم من السماء، وأنهم هم الذين سيصنعون قدرهم بأيديهم، لقد سُئلت مرة من قبل صحفى كينى عما إذا كنت سأساعد البلد الذى تنتمى إليه جذورى، وقلت له بصدق نعم نريد أن نساعد كينيا، ولكن على كينيا أن تساعد نفسها بأن تتخلص من الرشوة والفساد، واليوم أقولها لكم فى هذا البلد وفى كل بلد إسلامى، نريد أن نساعدكم ولكن عليكم أن تساعدوا أنفسكم أولاً، عليكم أن تكونوا مستعدين لدفع ثمن التغيير وتدركوا أنه أسهل بكثير من ثمن الركود والجمود والفساد...».

فجأة انقطع بث الخطاب الوهمى فى مخيلتى، وصحوت على قلم ثقيل يهوى فوق خدى، لحسن الحظ لم يكن قلماً بوليسياً لإفاقتى أثناء التحقيق، بل منحتنى إياه ابنتى الصغرى بعد أن لاحظت طول شرودى وأنا أفتح فمى بضحكة بلهاء فقررت أن تستجوبنى بطريقتها «بابا يضحك كده ليه؟»، طمأنتها أننى لم أُجن بعد، وعدت لأسرح فيما كان سيحدث لو قرر أوباما أن يكون خطابه فعلاً كما تخيلت؟،

كيف كان نظام الرئيس مبارك سيستقبل زيارته وخطابه؟، وهل كنا سنفضل أن نصبح من دول محور الشر على أن نتفاعل مع خطاب كهذا؟، ولماذا نحن أساساً محتاجون إلى أن يأتينا خطاب التغيير من الخارج، وإلى متى سيظل مكتوباً علينا الغلب الذى نعيشه لأننا لا نريد أن نتغير، ولأننا نفضل أن نعتنق شعار «No we can,t». صحوت من خواطرى هذه المرة على كف ابنتى الرقيق وهى تطبطب بحنان على مكان الصفعة، وتسألنى مخضوضة «بابا يعيط كده ليه؟».