اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

الاسلام و الحرية .


Proud Muslim

Recommended Posts

بسم الله الرحمن الرحيم ..

الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله .. محمد بن عبد الله و على آله و صحبه و من والاه .. أما بعد ..

فقد أثير موضوع الحرية في الإسلام في أكثر من موضع هنا في المنتدى و على فترات متباعدة .. و أثير لمرتين أو أكثر في برامج متعددة على شاشات التلفاز و منها برنامج الشريعة و الحياة على قناة الجزيرة ..

رأيت أن أكتب بعض الخواطر التي تدور في ذهني عن مسألة الحرية في ديننا الإسلامي الحنيف .. و هذه الخواطر هي تجميع أو تلخيص لآراء كثيرين من المشايخ و الفقهاء و المفكرين الإسلاميين في عالمنا المعاصر .

في نظرتي الشخصية .. يمكن الحديث عن الحرية في الإسلام على مستويين .. أولهما المستوى العام الذي يخص المجتمع ككل .. و ثانيهما هو المستوى الشخصي الذي يخص كل فرد في المجتمع المسلم .. و كذلك العلاقة بينهما .

حين نتكلم عن الحرية العامة في الإسلام أو التي تخص المستوى العام أو المجتمع ككل .. فيتبادر الى ذهنا مقولة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ( متى استعبدتم الناس و قد و لدتهم أمهاتم أحرارا ) .. أحس أحيانا كثيرة أن البعض يحاول قصر المسألة في الرق و تحرير الرقاب و لا يتعدى ذلك الى حرية الناس و ضمان حقوقهم الانسانية .

و أظن أن المقولة أشمل و أعم من أن تحصر في مسألة لم يعد لها وجود في هذا الوقت بالشكل الذي كانت عليه في الماضي .. فهل يعني ذلك .. تجاهل هذه العبارة البليغة من مقولات أمير المؤمنين عمر ؟؟

بالطبع لا .. فهذه العبارة يجب أن تكون بمثابة مبدأ من مباديء الدولة المسلمة أو المجتمع المسلم .. و أذكر أنها لم تقل في حق عبد ..بل قيلت عندما حدثت إساءة الى أحد الأقباط في مصر من ابن عمرو بن العاص رضي الله عنه .. فاشتكى القطبي لأمير المؤمنين فأخذ له حقه و قال عبارته الشمهورة ..

فليس للرق هنا مكان .. بل إن الحادثة كانت أقرب إلى إستغلال سلطة من أحدهم .. ووجهت فورا بردع و برد للحقوق إلى أصحابها .

يتبادر إلينا أيضا ..قوله تعالى ( لكم دينكم و لي دين ) ..فهذه الآية الكريمة هي أحد مباديء الدستور الإسلامي فيما يخص حرية المعتقد .. فكل إنسان يعيش في الدولة المسلمة له الحق في أن يعتنق الدين الذي يراه .. و لا حق لأحد أن يضطهده أو يظلمه بسبب كونه غير مسلم .

لا يمكن أيضا إغفال حرية التعبير و النقد لكل ما يراه الإنسان خاطئا .. و لكن في حدود صلاحياته .. فمبدأ انكار المنكر هو مبدأ لصيانة الحرية في الإسلام و ليس لاعاقتها كما يقول البعض ..

فهو مبدأ يكون مثلا ( في الدولة الحديثة ) في تقديم الشكاوى الى الجهات المختصة حينما يرى الإنسان أي خلل أو تقصير أو خطأ في مجال ما .. و هو يفعل ذلك لحماية حق المجتمع الحر الذي يعيش فيه .. حتى لا تتحول الحرية إلى فوضى .

فيقول ربنا تعالى : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر ) .. لست أعرف دينا يدعو إلى إيجابية الفرد أكثر من ديننا الحنيف !!!

ترى لو قام كل منا بواجبه في إنكار المنكر .. هل يكون هذا حالنا ؟؟

إننا نرى في الغرب من قد يذهب ليشتكي جاره إذا ما رآه يكسر إسارة مرور !!!

أليس ذلك أحد صور إنكار المنكر ؟؟

أليس هذا هو ضمان لحرية المجتمع في النقد و التعبير و في بقاء الحرية ؟؟

و لا يمكن أن ننسى حرية الإنتخاب و الإختيار و محاسبة الحاكم و اختيار أهل الحل و العقد .. و ليس أدل على ذلك من أن أحد الخلفاء الراشدين دار على بيوت المدينة لأخذ البيعة من رجالها و نسائها !!

و ليس أدل على حرية انتقاد او محاسبة الحاكم فيما قاله عمر رضي الله عنه .. من رأى منكم في اعوجاجاً فليقومه فقال رجل : والله لو رأينا فيك اعوجاجاً لقومناك بسيوفنا . فقال رضي الله عنه: الحمد لله الذي جعل في المسلمين من يقوم اعوجاج عمر بسيفه !!

و حين كان الكلام عن أولوية الحرية .. فضل البعض و منهم الشيخ الدكتور القرضاوي و الشيخ سلمان العودة المطالبة بالحرية في الوقت الراهن أولا !!

انتقد الكثيرون هذا الكلام .. و لكن مع التأمل و بعد النظر اللذان يتحلا بهما الشيخان كان رأيهم هو الأصوب .. و لكن كيف !!

أليست الحرية هي مبدأ مكفول في ديننا ؟؟

أليست الحرية هي ركيزة من الركائز الأساسية للحكم الإسلامي ؟؟

ألا تعد المطالبة بها مطالبة بمبدأ اسلامي صميم ؟؟

إن كانت المطالبة بتطبيق الشريعة أو الحكم الإسلامي أو عودة الخلافة بعيدة المنال او تبدو كذلك في هذا الوقت .. فالأولى لنا أن نطالب بما يمكن أن يتحقق و بما منتفق فيه مع جميع الأفكار و التوجهات الأخرى ..ثم بعد ذلك لتكون صناديق الإقتراع هي الفيصل !!

هل يمكن القول بأنه لو أتيحت الفرصة للجميع بأن يكون لهم أحزاب سياسية تمثلهم بأن الشعب سيرفض الشريعة الإسلامية لتكون حكما ؟؟

نأتي إلى الكلام عن الحرية على المستوى الشخصي ..

عندما نتكلم عن الحرية على المستوى الشخصي .. لا يجب أن يتبادر الى أذهاننا الفكرة المعروفة عن حرية الملبس و التصرف .. فهذا يخرج مرتديا مايوه .. و هذه تخرج مرتدية ملابس غريبة ..

إن الحرية على المستوى الشخصي يجب أن تكون أشمل و أبعد فهي كما ذكر الشيخ سلمان العودة حرية الإنسان من نفسه و من شهواته و من غرائزه .. فهذا الإنسان هو القادر على أن ينتج و أن يخطط أو يعمل على إنماء المجتمع .. لست أقصد بذلك حياة الرهبنة و لا دراويش الطرق الصوفية .. و لكن أن تكون نظرة الإنسان مجردة .. محدودة بما هو خطأ و بما هو صحيح .. بما هو حلال و بما هو حرام .. لا أن تكون نفسه أسيرة لشواتها الدنيوية و رغباته الشخصية ..

هذه هي الحرية الحقيقية .. أن يكون الإنسان هو رقيب نفسه .. ألا يحتاج إلى من يقول له لا تفعل هذا خطأ و هذا لا يجوز ..

أن يكون تصرف الإنسان المسلم مسؤولا دائما .. فهو لا يتصرف إعتباطا و بلا وعي .. بل هو إنسان يعرف ما يفعل و يعي ما يقول !!

يقول تعالى : ( بل الإنسان على نفسه بصيرة )

و يقول سيدنا و حبيبنا صلى الله عليه و سلم .. ( حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا )

تلك هي الحرية ..

فدائما ما يقال .. الحرية هي المسؤولية .. و أحسب أن هذا المبدأ هو مبدأ إسلامي أصيل .

لا يمكن الفصل بين الحريتين بأي شكل ..فكلاهما مكملة للأخرى .. فالإنسان الحر المسؤول هو من يعمل على الحفاظ على حريته عن طريق المحاسبة الشخصية لنفسه .. و أن يكون مسؤولا كذلك في تصحيح أخطأء الغير و العمل على محاسبة المخطيء أيا كان ..

و المجتمع الحر هو من يسعى للمحافظة على حريته بتقديم المخطيء للمحاسبة إن فشل في محاسبة نفسه .. سواء كان خفيرا أم وزيرا ..

هكذا أرى المجتمع و الإنسان الحر ..

و بالله التوفيق ..

و الله من وراء القصد .

ذو العقل يشقى في النعيم بعقله.. واخو الجهالة في الشقاوة ينعم

هذه مدونتي:

Fathy

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...