أسامة الكباريتي بتاريخ: 19 نوفمبر 2003 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 19 نوفمبر 2003 الانتفاضة هزت المجتمع الإسرائيلي فهمي هويدي صحيفة الشرق الأوسط 19/11/2003 ينبغي ألا نستهين بالجدل الدائر في "إسرائيل" الآن حول موت السياسة ودلائل نهاية المشروع الصهيوني، فالكلام جاد هذه المرة، ويتجاوز بكثير حدود التراشق بين الفرقاء السياسيين، خصوصا أن القائلين به ينتمون إلى أهم شرائح الدولة العبرية. في تعليقات الصحف إشارات متكررة حول انكسار حزب العمل وإفلاس الليكود، والشق الأول من المقولة أصبح من حقائق الحياة السياسية في "إسرائيل"، بعد الفشل الذي مني به حزب العمل في السنوات الأخيرة، التي أعقبت مقتل زعيمه إسحاق رابين في عام 1995، حتى أصبح في نهاية المطاف جسماً هشاً بلا رأس، الأمر الذي أفقده بريقه الذي جذب كثيرين في الأيام التي خلت، خصوصاً بعد صعود نجم أرييل شارون، الذي قدم نفسه بحسبانه المخلّص، - بكسر اللام وتشديدها - الذي سيقضي على الانتفاضة ويريح الناس مما تسببه لهم من ألم وخوف. ولسنوات ثلاث ظلت شعبية شارون مرتفعة وتأييده ثابتاً تقريباً، لكن «المخلّص» فشل في أن يحقق ما وعد به، بعدما ركب أعلى خيله وذهب إلى آخر المدى في التنكيل بالفلسطينيين وإراقة دمائهم، وهو ما عبرت عنه الصحف الإسرائيلية، فصرنا نقرأ مقالات عديدة تتحدث عن أن «شارون سيدخل التاريخ كأول زعيم سياسي حطم الوحدة الوطنية وقسم الإسرائيليين» «يديعوت أحرونوت -12/9» و«عهد شارون آخذ في الأفول والمؤشرات على ذلك تتزايد يوماً بعد يوم» «هاآرتس- 21/10»، وأزمة الليكود: غياب الإيديولوجيا ورؤية جديدة تهدد بزواله «يديعوت أحرونوت – 200319/10/2003» - وفي المقال الأخير كلام صريح عن «ذبول» الليكود و«احتضاره»، وعبارة تقول بأنه: من الواضح اليوم لجميع أعضاء الليكود وناخبيه، باستثناء قلة من الأفراد يرفضون الأمر الواقع، إن فكرة أرض "إسرائيل" الكاملة قد ماتت، والمسمار الأخير في نعشها دقه القائد الحالي لليكود أرييل شارون، وعندما ينطفئ الليكود، ما الذي سيكون البديل الأفق المسدود الذي انتهت إليه «الشارونية» اقترن باليأس وتدهور الوضع الاقتصادي، مصطحباً معه تجليات الجريمة المنظمة والبطالة والفقر. «حسب البيانات التي نشرتها مؤسسة التأمين الوطني فإن 18.1% من السكان أصبحوا يعيشون تحت خط الفقر، وأن كل طفل ثالث في "إسرائيل" - في عام 2003 - يعاني من الفقر»، وإذا قال قائل إن المعونات الأميركية التي تتدفق بغير حساب قادرة على حل الإشكال الاقتصادي «رغم أنها لا تبدد الخوف ولا تزيل شبح اليأس»، فإن ثمة مؤشرات إضافية تكشف عن عمق الأزمة التي تعيشها "إسرائيل"، وتتجاوز حدود الاقتصاد وتداعياته، أقلها تدهور سمعة الدولة العبرية في أوروبا، وهو ما كشفت عنه نتائج الاستطلاع الذي أجرته مؤخراً المفوضية الأوروبية في 15 دولة، حيث تبين أن 59% من الأوروبيين يعتبرون "إسرائيل" الخطر الأول الذي يهدد السلام العالمي. الذي لا يقل أهمية عن ذلك، بل الأخطر، هو تلك الأصوات التي بدأت تسمع في داخل "إسرائيل" متحدثة عن «كارثة» تهدد مصير الدولة العبرية، إذا ما استمرت سياسة القمع والتمييز العنصري ضد الفلسطينيين، و«أصوات الغضب» هذه لم تصدر عن سياسيين عاديين، وإنما صدرت عن شخصيات نافذة احتلت مواقع مهمة في الدولة، وعلى دراية واسعة بالأوضاع الفلسطينية، فضلاً عن الإسرائيليين بطبيعة الحال. لقد عقدت كبرى الصحف العبرية، «يديعوت أحرونوت» ندوة شارك فيها أربعة من الرؤساء السابقين لجهاز الأمن العام في "إسرائيل" «الشاباك»، تولوا مناصبهم على التوالي في الفترة من ما بين أعوام 1980 - 2000، والأربعة هم: ابراهام شالوم، ويعقوب بيري، وكرمي غيلون، وعامي ايلون، وهي تقدم خلاصة ما جرى في الندوة «يوم14/11» وذكرت الصحيفة أن رؤساء «الشاباك» السابقين أعلنوا أنهم استجابوا لدعوتها للمشاركة في الندوة الخاصة للتعبير عن قلقهم على مصير الدولة العبرية، ورغبتهم في نقل رسالة إلى الإسرائيليين تحمل قراءتهم للأوضاع الراهنة المترتبة على سياسة الحكومة وتعاطيها في الملف الفلسطيني. حسب التقرير الذي نشرته صحيفة «الحياة» في 15/11 فإن أحدهم، يعقوب بيري حذر من أن عدم إحداث تغيير في سياسة الحكومة سيبقي "إسرائيل" تتمرغ في الوحل، وأضاف «أننا نسير في اتجاه الانزلاق والتدهور إلى حد الكارثة أما إذا واصلنا العيش على حد السيف فإننا سنواصل عملياً هدم أنفسنا» واتهم جميع الحكومات المتعاقبة بعد حكومة اسحق رابين بأنها لا تقول لعموم الإسرائيليين بل حتى لقوات الأمن ما هي الأهداف التي تريد تحقيقها. ابراهام شالوم رأى أن "إسرائيل" تقف اليوم على شفا الهاوية، وأن ما تقوم به حكومتها يتناقض وطموح السلام، وإذا لم تحد عن هذه الطريق طريق التمسك بأرض "إسرائيل الكبرى" ولم تبدأ بفهم الطرف الثاني «الفلسطيني» «فإننا لن نحقق شيئاً» وتابع إنه ينبغي على الإسرائيليين الإقرار مرة واحدة ونهائية بوجود طرف ثان له مشاعره وآلامه. إننا نتعامل معه بشكل مشين، نعم مشين. ثم أضاف: وعلى الملأ وأمام سمع العالم وبصره ما يعانونه لا يمكن لأحد تحمله ولا نحن ومع هذا نبدو عاجزين عن اتخاذ حتى خطوة صغيرة لتصحيح الوضع. وزاد أن هذا السلوك مرده الاحتلال وقد أصبحنا شعباً من المقاتلين الصغار وبوسائل غير صحيحة وإذا ما واصلنا هذا النهج فلن يبقى هنا شيء، مضيفاً أنه يريد بأقواله هذه أن يضيء «شارة حمراء» في وجه المجتمع الإسرائيلي وأن يحذر وينذر من استمرار هذه السياسة. عامي ايلون قال إن "إسرائيل" تخطو «بثقة» وبوتيرة مضبوطة نحو مكان لن تكون "إسرائيل" فيه دولة ديمقراطية وبيتاً للشعب اليهودي معرباً عن بالغ قلقه من مستقبل الدولة العبرية ومن حقيقة أنها تسير نحو التحطم ودعا الحكومة إلى اتخاذ «قرارات صعبة» وهي التي ينبغي أن تدرك أن لا خيار آخر سوى إنهاء الاحتلال. وحذر كرمي غيلون من أن مواصلة الحكومة سياستها الحالية في عدم السعي إلى حل سياسي للنزاع الفلسطيني - الإسرائيلي ستبقي "سرائيل" في حال يائسة وتقودها من سيئ إلى أسوأ. في النهاية اتفق المشاركون في الندوة على أن الأوضاع لن تتحسن بدون إنجاز تسوية سياسية تشمل سحب جيش الاحتلال من المناطق المحتلة وإزالة بعض المستوطنات، «حتى إذا كان الثمن هو حدوث مواجهات مع بعض المستوطنين». تزامن ذلك مع تصريحات أدلى بها إلى صحيفة «هآرتس» ابراهام بورج، أحد أركان حزب العمل ورئيس الكنيست السابق، وجه فيها مزيداً من الانتقادات الحادة للوضع الراهن في "إسرائيل"، وواصل فيها الحملة التي أشهرها في شهر أغسطس (آب) الماضي بمقاله الشهير الذي تناقلته عدة صحف عالمية، وتحدث فيه عن إرهاصات نهاية الحلم الصهيوني وتحول "إسرائيل" إلى «دولة مستوطنات تديرها عصبة من الفاسدين». في حديثه الأخير وصف بورج "إسرائيل" بأنها دولة تمييز متطرفة، تتسم بالانغلاق وتبلد الحس تجاه شعب آخر «تدوس عليه بحذاء الغازي المحتل»، وقال إنها تسير نحو «التعفن الأخلاقي» ضارباً مثالاً على ذلك بقصف فلسطينيين أبرياء بطائرة «إف 16»، فيما قادة الجيش يعقبون على ذلك بالقول إنهم ينامون جيداً في الليل، دون وازع من ضمير. أضاف بورج إن التعصب الصهيوني قاد "إسرائيل" إلى مأزق خطير يصعب الخروج منه، وهذا التدهور في الأوضاع حدا بالإسرائيليين إلى تشجيع أبنائهم على مغادرة "إسرائيل" بحثاً عن مستقبل أفضل، وهكذا بات المجتمع الذي يعيش هنا فاقداً أي ثقة بمستقبله ما نلاحظه ليس عصياناً أو تمرداً في الشوارع إنما عصيان المغادرة والانصراف ولن يبقى في هذه الدولة سوى من لا يملك خياراً آخر والشرائح الضعيفة اقتصادياً والمتطرفين. عبر السياسي الإسرائيلي البارز عن قلقه «على مستقبل "إسرائيل" واحتمالات هلاكها»، وقال إن هذا المستقبل المظلم ينبغي أن يدفع الإسرائيليين إلى تقديم تنازلات، والكف عن ممارسة قتل الفلسطينيين بأطنان القنابل بدعوى «مكافحة الإرهاب». ليست هذه الانتقادات صحوة ضمير أو اعترافاً بالجرائم التي ارتكبت بحق الفلسطينيين، لأن بعض الناقدين «رؤساء الشاباك خصوصاً» كانوا ضالعين في تلك الجرائم، وإنما هي في حقيقة الأمر تعبير عن القلق على مستقبل الدولة العبرية، بعدما وصلت سياسة قادتها إلى طريق مسدود، لا تلوح في نهايته سوى إشارات كارثية بامتياز. ما الذي دفع "إسرائيل" إلى هذا المأزق؟ - ليس لدي سوى رد واحد هو «الانتفاضة»، التي لا يريد قصار النظر من أبناء جلدتنا - إذا افترضنا فيهم حسن النية - أن يروا أصداءها القوية التي مررنا بها، تلك التي ضربت عمق المجتمع الإسرائيلي وزلزلت أركان المشروع الصهيوني، الأمر الذي يدعونا إلى القول بأن النضال الفلسطيني لم يكن مجانياً، وأن الدم الفلسطيني الذي أريق تحول إلى مر وعلقم في حلوق الإسرائيليين، أما أرواح الشهداء الذين ضحوا بحياتهم من أجل قضيتهم، ولا يزال البعض يضن عليهم بلقب الشهادة ويعبترهم انتحاريين، هذه الأرواح أحسبها تحلق الآن فوق الجميع، راضية مرضية، ولسان حالها يقول: «إن الله مع الصابرين.. إذا صبروا». يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا حسبنا الله ونعم الوكيل رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد
يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق
انشئ حساب جديد
سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .
سجل حساب جديدتسجيل دخول
هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.
سجل دخولك الان