ليلة السابع و العشرين من رمضان في المسجد الأقصى

[أسامة الكباريتي]

آلاف المسلمين يحيون ليلة السابع و العشرين من رمضان في المسجد الأقصى رغم إجراءات الصهاينة المشدّدة

القدس المحتلة – خاص :

وسط إجراءات أمنية صهيونية مشدّدة غير مسبوقة أحيى الآلاف الفلسطينيين من مدينة القدس المحتلة و داخل الخط الأخضر ليلة السابع و العشرين من رمضان في المسجد الأقصى المبارك في وقتٍ منعت الحكومة الصهيونية عشرات الآلاف من أبناء الضفة الغربية و قطاع غزة من الوصول إلى الحرم القدسي الشرف لإحياء هذه الليلة .

و تحوّلت المدينة المقدسة إلى ثكنة عسكرية منذ الصباح الباكر و انتشر فيها المئات من أفراد الشرطة و حرس الحدود و خاصة على أبواب البلدة القديمة و الحرم القدسي الشريف و على أسطح المنازل و الأزقة المطلة على الحرم ، و أغلقت الشرطة الصهيونية جميع الطرق المؤدية إلى منطقة الحرم و البلدة القديمة و منعت السيارات و الحافلات الخاصة و العامة مما دفع الآلاف من المصلين إلى الترجّل بأفواج كبيرة حيث شهدت شوارع المدينة ازدحامات شديدة و اختناقات مرورية بسبب الإجراءات الصهيونية التي ضيّقت سبل الحركة في الشطر الشرقي من المدينة .

و أحكمت السلطات الصهيونية من إجراءاتها على الحواجز العسكرية المنصوبة على مداخل المدينة و منعت المواطنين من أبناء الضفة الغربية من اجتياز هذه الحواجز . و شهدت ساحات المسجد الأقصى المبارك حلقات العلم و الدعاء و قراءة القرآن الكريم و سرد تفاصيل هذه الليلة التي أنزل فيها القرآن الكريم على سيد الأمة الرسول صلي الله علية و سلم .

و كانت دائرة الأوقاف الإسلامية قد اتخذت كافة الإجراءات و الترتيبات اللازمة لاستقبال آلاف المصلين في هذه الليلة العظيمة و عزّزت من حراستها على المسجد فيما ساهمت الفرق الكشفية المختلفة في عملية الحفاظ على النظام و الترتيب و فصل صفوف النساء عن صفوف الرجال في الساحات و نظّمت عملية الدخول و الخروج .

و شهد المسجد الأقصى المبارك حركة نشطة و وجوداً مكثفاً بعد صلاة العصر حيث أدّى آلاف المصلين صلاة المغرب جماعة ثم تناولوا طعام الإفطار و تلا ذلك صلاة العشاء و التراويح و الوتر جماعة .. و قد تناوب على الصلاة أئمة المسجد الأقصى المبارك .

و في أعقاب ذلك قاموا لصلاة التهجد و قيام الليل و الدعاء و الاستغفار إلى الله ، و انتشرت في أروقة المسجد الأقصى المبارك و قبة الصخرة المشرفة و المسجد الأقصى القديم و المصلى المرواني حلقات العلم و الذكر و الدراسة تناول فيها كبار العلماء فضائل هذه الليلة و وضع المسلمين اليوم .

و في كلمة له انتقد خطيب و مدير المسجد الأقصى المبارك الشيخ محمد حسين الإجراءات الصهيونية الظالمة التي حالت دون وصول آلاف المصلين من الضفة الغربية و قطاع غزة إلى أولى القبلتين و ثالث الحرمين الشريفين ، مؤكّداً أن الجموع المؤمنة التي وصلت لأداء الصلاة تؤكّد إسلامية المسجد الأقصى المبارك .

و قال الشيخ حسين إن الأوقاف الإسلامية اتخذت الإجراءات اللازمة لاستقبال المصلين في هذه الليلة المباركة . و أكّد أن حق المسلمين في المدينة المقدّسة لا يقبل المساومة و هو حق ثابت و مسجدنا وحدة واحدة لا تتجزأ ، مشيراً إلى أن المسجد المبارك للمسلمين وحدهم و ليس لغيرهم من حقّ فيه و لا يجوز لأحد حرمان المصلين من الوصول إليه .

و أضاف أن الشدائد تربّي المؤمنين على الصبر و إن الظلم يدفع أصحاب الحقّ للتمسك بحقّهم ، فحقّنا في هذه الديار ثابت شرعياً . و دعا المؤمنين إلى زيارة أسر الشهداء و الجرحى و المصابين و تقديم العون لهم و التكافل في هذه الأيام و التعاضد للتخفيف عن كاهل بعضنا البعض ، و إدخال البسمة على الجميع رغم ما نمرّ به من أوضاع صعبة .

و تناول الشيخ حسين فضائل ليلة القدر و أهمية إحيائها عند المسلمين ، و ناشد جموع المصلين للحفاظ على حرمة المسجد و الحفاظ على النظام و الهدوء و التعاون مع فرق الكشافة ..

و يذكر أن العديد من الجهات الإسلامية قامت بإعداد موائد الإفطار للصائمين المعتكفين في المسجد الأقصى المبارك . و قال المهندس عدنان الحسيني مدير أوقاف القدس المحتلة : "إن الليلة سارت بهدوء و نظام و بالرغم من كلّ الإجراءات الصهيونية و الحواجز إلا أن المسلمين في المدينة المقدسة و الأراضي الفلسطينية متمسّكون بمسجدهم و مقدّساتهم" ، مشيراً إلى أهمية هذه الوجود و التردّد الدائم على المسجد الأقصى المبارك يبعث برسالة واضحة للطرف الصهيوني أن الأمور و الوضع ليس سهلاً بل كبير و حساس وأن المسجد الأقصى المبارك مسجد إسلامي و لا مجال للعبث أو المس به . و أوضح أن دائرة الأوقاف اتخذت عدة ترتيبات لاستقبال آلاف المصلين حيث نشرت أكثر من 500 عنصر من الكشافة للحفاظ على الأمن و النظام إلى جانب مجموعة كبيرة من حراس المسجد الأقصى المبارك .

و قال إن : "ترتيبات خاصة اتخذت لتقديم وجبات الإفطار لجميع الذين توافدوا على المسجد و بالفعل تم إطعام الجميع دون أي عقبات و كانت الخدمات التي قدّمتها الأوقاف و الدوائر الأخرى كافية في جميع جوانب المسجد و لم نشعر بأي نقص فيها" .

و أضاف : "إنه نظراً للظروف و الحصار و الإجراءات الصهيونية لم نكن نتوقّع المزيد من المصلّين بسبب الأوضاع التي تعيشها الضفة الغربية و مدينة القدس" .

و أشار الحسيني إلى أن المدينة جرى تطويقها منذ ساعات قبل صلاة الظهر حيث أغلقت الشرطة الصهيونية جميع شوارع المدينة القريبة من البلدة القديمة (من مفرق الطور و الصوانة و كذلك رأس العامود و الشيخ جراح ، كما تم إغلاق الشارع رقم واحد و جميع الطرق المتفرعة عنه) .

و وصل المسجد الأقصى المبارك الليلة لإحياء ليلة القدر حوالي 180 حافلة من داخل الخط الأخضر وحده معظمهم من النقب و الجليل و المثلث و أم الفحم و الناصرة .

و شهدت أسواق البلدة القديمة و شوارعها الرئيسية حركة نشطة و ازدحاماً شديداً و انتشرت البسطات و الأسواق الشعبية على الأرصفة فيما تزينت شوارع و أزقة البلدة القديمة بالأنوار الملوّنة و أحبال الزينة و فوانيس شهر رمضان استعداداً لعيد الفطر السعيد .