اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

الزنا ...رؤية شرعية


Guest Mohd Gramoun

Recommended Posts

  • الزوار

حكمة تحريم الزنا:

يقول الله سبحانه وتعالى: ( وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا) (سورة الإسراء:32). إن الزِّنا هو مباشرة الرجل لامرأة بغَير عَقْد زواج صحيح، وقد سمَّاه الله فاحشة والفواحش هي كبائر الذنوب، كما ذمَّه سبيلًا إلى المتعة الجِنْسية، فالله سبحانه جَعَل في الرَّجل والمرأة هذه الشهوة من أجل تكاثُر الجنس البشري، كما يحصل التكاثر والإنتاج بعاملين لا بِعَامل واحد في الحيوان والنبات وغيرهما، قال تعالى: (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (سورة الذاريات:49) وتكاثُر الجنس البشري لا بد أن يكون منظَّمًا ليَنشأ الجيل في بيئة مستقرة تؤهِّله لتحمُّل المسئولية بعد والدَيه، ولا تكون البيئة مستقرَّة إلا بالزَّواج الشرعي الذي تحدَّد فيه الحقوق والواجبات للزوجين وللذرية الناتجة منهما.

والاتصال الجِنْسي مع المَوانع من الحمل لا يكون به تناسل إذا جاز لكل إنسان أن يلجأ إليه، وفيه تعطيل لحكمة الله في خلق آدم وحواء لتحقيق الخلافة في الأرض، كما أن الاتِّصال الجنسيَّ بدون حدود لا يؤهِّل لهذه الخلافة. ومِن هنا تظهر الحكمة في تحريم الزِّنا المتمثِّلة فيما يأتي:

1- ضمان التناسل الجدير بتسلسل النوع البشري وبقائه لتحقيق خلافة الإنسان في الأرض.

2- حماية الغيرة الطبيعية الموجودة في الإنسان، وهو أجدر بها من بعض الحيوانات والطيور التي تَغَار فيها الذُّكور على إناثها؛ لأنها كلَّها مسخَّرة له بأمر الله فلا يكون أقل منها في الغَيْرة.

3- وِقَاية الإنسان من أمراض خطيرة سبَّبها الاتِّصال الجنسي غير المنظَّم، ويؤكد هذا ما ظهر أخيرًا من انتشار مرض فقْد المناعة المعروف بالإيدز، ويَلتقي مع الحديث الشريف المقبول في مثل هذه المواطن: "يا معشر المهاجرين، خصالٌ خمْس إن ابتُلِيتم بهنَّ ونَزَلْنَ بكم أعوذ بالله أن تُدْرِكوهن: لم تظْهر الفاحشة في قوْم قطُّ حتَّى يُعلنوا بها إلا فَشَا فيهمُ الأوجاع التي لم تكن في أسلافهم، ولم يَنقصُوا المكيال والميزان إلا أُخَذوا بالسِّنين – أعوام القحْط – وشدة المؤنة وجَوْر السلطان، ولم يَمنعوا زكاة أموالهم إلا مُنعوا القطْرَ من السماء ولولا البهائم لم يُمطَروا، ولا نَقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سَلَّط عليهم عدوًّا من غيرهم فيأخذ بعضَ ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمَّتُهم بكتاب الله إلا جعل بأسهم بينهم" رواه البيهقي.

4- حماية الأنفس من القتل بسبب الغَيرة التي تأبي أن يتصل شخص بزوجة آخر أو بنته أو قريبته بغير عقد شرعي.

5- ضمان التوارث الصحيح بين أعضاء الأسرة المعروفة بالنسب الصحيح، ومنع الدخيل من التوارث.

6- عدم ضمان التناسل مع وجود الموانع من الحمل، فإرادة الله غالبة، وهنا يَضيع النسل أو ينسب زورًا لغير أصله، والإسلام حرَّم إِلْصاقَ الشخص نَسَبه لغير أصله، كما حرَّم التبنِّي.

7- المحافظة على كرامة المرأة، حتَّى لا تكون سِلْعةً مُباحة يَتَدَاولها كلُّ مَن يريد قضاء شهوته، كأي متاع آخر يُعرَض لمن يريد.

من هذا وغيره نعرف حكمة تحريم الزِّنا وأنَّها ليست قاصرة على حِفْظ الأنساب فقط، ولخُطورة آثاره وصفَه الله في الآية بأنَّه فاحشة وساء سبيلًا، وحرَّمتْه كلُّ الأديان من أجل ذلك، وحتَّى القوانين الوضعيَّة لم تُبِحْه على إطلاقه، فالطبيعة البشرية السويَّة تأباه ولذلك جعل الإسلام عُقوبته قاسية، فهي للبكر مائة جلدة وللثيب الرجم حتى الموت.

وقسوة هذه العقوبة تتضاءل أمام الأخطار الناشئة عن الزنا، وأمام الفوائد الناجمة عن تحريمه، والله سبحانه حكيم خبير في تشريعه للناس قال تعالى: (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ واللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) (سورة البقرة:216).

الشيخ عطية صقر

الزنا الموجب للحد:

كل اتصال جنسي قائم على أساس غير شرعي يعتبر زنا تترتب عليه العقوبة المقررة من حيث إنه جريمة من الجرائم التي حددت عقوباتها.

ويتحقق الزنا الموجب بتغييب الحشفة "رأس الفرج "أو قدرها من مقطوعها –في فرج محرم، مشتهي بالطبع، من غير شبهة نكاح، ولو لم يكن معه إنزال. فإذا كان الاستمتاع بالمرأة الأجنبية فيما دون الفرج، فإن ذلك لا يوجب الحد المقرر لعقوبة الزنى، وإن اقتضى التعزير.

فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني عالجت امرأة من أقصى المدينة فأصبت منها، دون أن أمسها، فأنا هذا، فأقم علي ما شئت، فقال عمر: سترك الله لو سترت نفسك، فلم يرد النبي صلى الله عليه وسلم شيئًا، فانطلق الرجل، فأتبعه النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً، فدعاه، فتلا عليه: (وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفًا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين). فقال له رجل من القوم: يا رسول الله أله خاصة، أم للناس عامة فقال للناس عامة. رواه مسلم وأبو داود والترمذي.

الشيخ سيد سابق رحمه الله

الزنا الذي يوجب الحد يتحقق بإيلاج الحشفة في فرج أنثى مشتهاة لا تحل لواطئها، سواء أنزل أم لم ينزل، وسواء كان بحائل أم بغير حائل والواجب على من اقترف هذا الذنب أن يبادر بالتوبة إلى الله تعالى من هذه الكبيرة، وهذا ما أفتى به سماحة المستشار فيصل مولوي –نائب رئيس المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء- وإليك نص فتواه:

الأصل في وجوب حد الزنى هو مجرد الإدخال دون النظر إلى أي اعتبارات أخرى من كونه بحائل أو بغير حائل، أنزل، أم لم يُنزل، وما إلى ذلك لأن الزنى في اللغة اسم الإيلاج في الفرج مطلقاً، كما أن اللواط في اللغة اسم للإيلاج في الدبر مطلقاً، والآيات في هذا كثيرة منها قوله تعالى:(الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين) سورة النور آية 2، ومنها قوله تعالى: (والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما) سورة الفرقان آية 68، ومنها قوله تعالى: (ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلاً) سورة الإسراء آية 32.

واتفق الفقهاء على أن الزنى هو الإيلاج في الفرج مطلقاً إلا إذا كان ذلك بين الزوجين فحينها لا يسمى زنى وإنما نكاح لأنه في الحلال وهو تخصيص الشرع لبعض المعاني اللغوية. إلا أنني سوف أبين وجه دليل الشرع في هذا فأقول:

1- إن الآيات والأحاديث الواردة _ كما سبق وبينت _ في الموضوع لا تفرق بين ما إذا كان بحائل أو بغير حائل أو كان معه إنزال أو لم يكن وهل طالت المدة أو قصرت لأن أدنى هذا الفعل يصدق عليه اسم الزنى.

2- أنه عليه الصلاة والسلام لما جاءه ماعز وقد زنى قال: يا رسول الله إني زنيت فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له ويحك ارجع فاستغفر الله وتب إليه فتنحى لشق وجهه الذي أعرض قبله فقال (إني زنيت) فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم فتنحى لشق وجهه الذي أعرض قبله فقال(طهرني يا رسول الله فقد زنيت) فقال له أبو بكر الصديق: لو أقررت الرابعة لرجمك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنه أبى فقال يا رسول الله (زنيت فطهرني) فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت) قال: لا فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم باللفظ الصريح الذي معناه (الجماع) فقال نعم قال: حتى غاب ذلك منك في ذلك منها؟ قال: نعم، قال كما يغيب الميل في المكحلة والرشاء في البئر؟ قال: نعم فسأله النبي صلى الله عليه وسلم هل تدري ما الزنى؟ قال: نعم أتيت منها حراماً ما يأتي الرجل من أهله حلالاً، قال: فما تريد بهذا القول قال إني أريد أن تطهرني فأمر صلى الله عليه وسلم به فرجم) رواه البخاري، انظر روائع البيان جزء2ص47.

من هذا الحديث يتبين أن العلة الموجبة لإقامة الحد إنما هي الإيلاج مطلقاً وقد حددها عليه الصلاة والسلام بسؤاله لماعز بقوله: هل غاب ذلك منك في ذلك منها فقال ماعز نعم ثم أراد عليه الصلاة والسلام تحديد ذلك أكثر للتأكد من أنه زنى فعلاً فسأله فقال: كما يغيب الميل في المكحلة والرثاء في البئر؟ فقال نعم، ومع هذا الوضوح والتجلي في معاني الزنى فإنه عليه الصلاة والسلام احتاط في إثبات الحكم عليه وأنه ربما كانت هناك بعض الإشكالات والشبهات فسأله فقال وهل تدري ما الزنى؟ فقال: نعم أتيت منها حراماً ما يأتي الرجل من أهله حلالاً ثم أقام عليه الحد.

3- ما روى مسلم في صحيحه أن امرأة تسمى (الغامدّية) جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله (إني زنيت فطهرني) فردها صلى الله عليه وسلم فلما كان من الغد قالت: يا رسول الله لم تردني؟ لعلك تردني كما رددت ماعزاً؟ فوالله إني حبلى، فقال أما الآن فاذهبي حتى تلدي، فلما ولدت أتته بالصبي في خرقة، قالت: هذا قد ولدته، قال: فاذهبي فأرضعيه حتى تفطميه فلما فطمته أتته بالصبي في يده كسرة خبز، فقالت: هذا يا رسول الله قد فطمته وقد أكل الطعام فدفع الصبي إلى رجل من المسلمين ثم أمر بها فحفر لها إلى صدرها وأمر الناس فرجموها...) وفي هذا إثبات الزنى وإقامة الحد فيه دون السؤال عن الحائل أو عدمه أو حتى عن الإنزال وعدمه أو عن قليله أو كثيره.

4- أن الإسلام كما احتاط في الحدود احتاط في أعراض الناس وكرامتهم، لأن جريمة الزنى أخطر وأعظم من أن تستدر العطف أو تدفع إلى العفو عن مرتكب هذه الجريمة النكراء، فإن من عرف آثارها وأضرارها أدرك حكمة الله تعالى في تشريع هذا الحكم الزاجر. وانطلاقاً من هذا الموقع فإن فعل الجريمة هذا لا تتغير عوامل الهدم فيه سواء كان بحائل أو بغير حائل بإنزال أو بغير إنزال قصرت المدة أو طالت، ولذلك لم يلتفت النبي عليه الصلاة والسلام إلى كل ذلك في الوقوف على جريمة الزنى، لا مع ماعز، ولا مع الغامدية ولا مع سواهما.

ولهذا نظير في أحكام أخرى فقد ورد في الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم في وجوب الغسل من الجنابة قال: (إذا جاوز الختان الختان وجب الغسل) أخرجه مسلم. وفي حديث آخر فيه رواية بوجوب الغسل قال: (وإن لم ينزل) أخرجه البخاري ومسلم. أنظر جامع الأصول جزء7ص 270 –271

وأما الأحاديث الصحيحة في عدم وجوب الغسل من ذلك بل الاكتفاء بالوضوء فقد أجاب عنها الصحابي الجليل أبي بن كعب رضي الله عنه قال: إنما كان الماء من الماء رخصة في أول الإسلام ثم نهي عنه ) أخرجه الترمذي، أنظر المرجع نفسه ص273،

وهكذا نجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم أقام الإيلاج مقام الإنزال على وجه الاحتياط. ومن هنا منع الشارع أي نوع من أنواع الإيلاج بالحرام على وجه العموم دون الدخول في التفاصيل ليقطع كل طريق قد يؤدي إلى انتهاك الأعراض واختلاط الأنساب وضياع الأولاد وتشريدهم.

وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:

لا خلاف بين الفقهاء في أنه يشترط في حد الزنى إدخال الحشفة أو قدرها من مقطوعها في الفرج . فلو لم يدخلها أصلا أو أدخل بعضها فليس عليه الحد لأنه ليس وطئا . ولا يشترط الإنزال ولا الانتشار عند الإدخال . فيجب عليه الحد سواء أنزل أم لا . انتشر ذكره أم لا .

الشيخ فيصل مولوي

إثبات الزنا بالقرينة

‏يثبت الزنا بأحد أمور ثلاثة ‏:‏ بالشهادة ‏,‏ والإقرار ‏,‏ والقرائن ‏.‏ و القرينة لغة ‏:‏ مأخوذة من قرن الشيء بالشيء ‏,‏ أي : شده إليه ووصله ‏. وفي الاصطلاح ‏:‏ ما يدل على المراد من غير كونه صريحا ‏.

‏ والقرينة التى يقصدها الفقهاء هي ظهور الحمل على امرأة لا زوج لها ،هذا هو المقصود من القرينة ‏، وقد اختلف العلماء في مثل هذه الحالة جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية :

ذهب جمهور الفقهاء ‏-‏ الحنفية والشافعية والحنابلة ‏-‏ إلى عدم ثبوت حد الزنى بظهور الحمل في امرأة لا زوج لها وأنكرت الزنى ‏;‏ لجواز أن يكون من وطء شبهة أو إكراه ‏,‏ والحد يدرأ بالشبهة ‏,‏ وقد روي عن سعيد أن امرأة رفعت إلى عمر ليس لها زوج وقد حملت ‏,‏ وسألها عمر فقالت ‏:‏ إني امرأة ثقيلة الرأس وقع علي رجل وأنا نائمة ‏,‏ فما استيقظت حتى نزع فدرأ عنها الحد ‏,‏ وروي عن علي وابن عباس أنهما قالا ‏:‏ إذا كان في الحد ‏"‏ لعل ‏"‏ ‏"‏ وعسى ‏"‏ فهو معطل ‏,‏ وقد صرح الحنابلة بأنها تسأل ‏,‏ ولا يجب سؤالها ‏.‏

وذهب المالكية إلى ثبوت حد الزنى بظهور حمل امرأة لا زوج لها ‏,‏ فتحد ولا يقبل دعواها الغصب على ذلك بلا قرينة تشهد لها بذلك ‏,‏ أما مع قرينة تصدقها فتقبل دعواها ولا تحد ‏,‏ كأن تأتي مستغيثة منه ‏,‏ أو تأتي البكر تدعي عقب الوطء ‏,‏ وكذا لا تقبل دعواها أن هذا الحمل من مني شربه فرجها في الحمام ‏,‏ ولا من وطء جني إلا لقرينة مثل كونها عذراء وهي من أهل العفة ‏.‏ والمراد بالزوج زوج يلحق به الحمل فيخرج المجبوب والصغير ‏,‏ أو أتت به كاملا لدون ستة أشهر من العقد فتحد ‏.‏ ومثل المرأة التي لا زوج لها الأمة التي أنكر سيدها وطأها فتحد ‏.‏ ‏انتهى

و في العصر الحديث يمكن أن يسترشد بالبصمة الجينية في هذا الأمر، والبصمة الجينية تصلح أن تكون قرينة لكن لا تصلح أن تكون دليلا على الزنا و أن يقام الحد بسببها يقول الأستاذ الدكتور محمد رأفت عثمان :

إن القاعدة الشرعية هي درء الحدود بالشبهات، فيدرأ القصاص أيضا بالشبهات، وهنا البصمة الوراثية يمكن أن تدخل في مجال الشبهات؛ لأنها يمكن أن يحدث الخطأ فيها –مهما قال العلماء عنها-؛ وما دام الخطأ متصورا فتكون داخلة في مجال الشبهات، والحدود والقصاص يدرآن بالشبهات، وعلى هذا فلا يؤخذ بالبصمة الجينية في مجال إثبات الحدود والجنايات، وإنما يمكن أن تكون قرينة قوية تقوّي الأدلة الأخرى .انتهى

وعلى هذا فالقرينة المذكورة لدى الفقهاء يقصد بها حمل المرأة و لا زوج لها ،وقد اختلف الفقهاء في مثل هذه القرينة القوية و جمهور الفقهاء على عدم الأخذ بها ، لأن الأصل في الحدود أن تدرأ بالشبهات و هذه شبهة لا يقوم بها دليل ، فما عداه من القرائن لا تعتبر أن تكون دليلا قائما بذاته بل هو أمر يستأنس به ،لأنه لا خلاف بين الفقهاء في سقوط حد الزنى بالشبهة ‏,‏ إذ الحدود تدرأ بالشبهات لقول النبي صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏{‏ ادرءوا الحدود بالشبهات ‏}‏ بل لو ثبت الحد بشهادة الشهود أن فلان زنا بفلانة البكر فتبين عدم ذهاب البكارة فتبين وجودها فيسقط الحد بذلك جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية :

بقاء البكارة مسقط لحد الزنى عند جمهور الفقهاء ‏,‏ فإذا شهدوا على امرأة بالزنى فتبين أنها عذراء لم تحد بشبهة بقاء البكارة ‏,‏ والحد يدرأ بالشبهات ‏,‏ حيث إن الظاهر من حالها أنها لم توطأ ‏,‏ ومذهب الحنفية والحنابلة أنه تكفي شهادة امرأة واحدة بعذرتها ‏,‏ وعند الشافعية أربع نسوة أو رجلان أو رجل وامرأتان . والله أعلم

لجنة تحرير الفتوي – اسلام أون لاين

عقوبة الزنا

كان الحبس والإمساك في البيوت أول عقوبات الزنا في الإسلام لقوله تعالى ‏:‏ ‏{‏ واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا ‏}‏

ثم نسخت هذه الآية بآية سورة النور: {‏ الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين ‏}

وللحديث الذي رواه ذو النورين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث رجل زنى بعد حصانه فعليه الرجم أو قتل عمدا فعليه القود أو ارتد بعد إسلامه فعليه القتل)

وبما روى عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏:‏ ‏{‏ خذوا عني ،خذوا عني ،قد جعل الله لهن سبيلا ‏.‏ البكر بالبكر جلد مائة ،ونفي سنة ،والثيب بالثيب جلد مائة والرجم ‏}‏ ‏.

فالمحصن عقوبته الرجم ، الرجم هو : الرمي بالحجارة حتى الموت . ويتحقق الإحصان ‏أن يوجد وطء في نكاح صحيح ‏,‏ وأن يكون الوطء في القبل .

أما غير المحصن فعقوبته الجلد مائة جلدة ، والتغريب لمدة عام على رأي الجمهور .

جاء في الموسوعة الفقهية الصادرة عن وزارة الأوقاف الكويتية :

اتفق الفقهاء على أن حد الزاني المحصن الرجم حتى الموت رجلا كان أو امرأة ، وقد حكى غير واحد الإجماع على ذلك ‏.‏

‏قال ابن قدامة ‏:‏ وأجمع عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏.‏

‏قال البهوتي ‏:‏ وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم بقوله وفعله في أخبار تشبه التواتر ‏.‏

وقد أنزله الله تعالى في كتابه ،ثم نسخ رسمه ، وبقي حكمه ؛ لما ورد عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أنه قال ‏:‏ ‏"‏ إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق وأنزل عليه الكتاب ‏.‏ فكان مما أنزل الله آية الرجم فقرأناها وعقلناها ووعيناها ، رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده ، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل ‏:‏ والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله ،فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله ،والرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف ‏.‏

وزاد في رواية ‏:‏ ‏{‏ والذي نفسي بيده لولا أن يقول الناس ‏:‏ زاد عمر بن الخطاب في كتاب الله لكتبتها ‏:‏ الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم ‏}‏ ‏.‏

وعن أحمد رواية أخرى أنه يجلد ويرجم ‏.‏ لما ورد عن علي رضي الله عنه ‏"‏ أنه جلد شراحة يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة ،وقال ‏:‏ أجلدها بكتاب الله ،وأرجمها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏.‏ ورواية الرجم فقط هي المذهب ‏.‏ ‏

كما اتفق الفقهاء على أن حد الزاني غير المحصن ـ رجلاً كان أو امرأةً ـ مائة جلدة إن كان حرا ‏.‏ وأما العبد أو الأمة فحدهما خمسون جلدة سواء كانا بكرين أو ثيبين لقوله تعالى ‏:‏ ‏{‏ فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ‏}‏ ‏.‏ ‏‏ وزاد جمهور الفقهاء ‏(‏ المالكية والشافعية والحنابلة ‏)‏ التغريب عاماً للبكر الحر الذكر ‏.‏ ‏

لجنة تحرير الفتوي – اسلام أون لاين

كيفية الخلاص من آثار جريمة الزنا

الزنا من أعظم الحرام ومن أكبر الكبائر ، وقد توعد الله المشركين والقتلة بغير حق والزناة بمضاعفة العذاب يوم القيامة والخلود فيه صاغرين مهانين لعظم جريمتهم وقبح فعلهم ، كما قال الله سبحانه : "وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا "

فعلى من وقع في شيء من ذلك التوبة إلى الله سبحانه وتعالى التوبة النصوح ، واتباع ذلك بالإيمان الصادق والعمل الصالح ، وتكون التوبة نصوحًا إذا ما أقلع التائب من الذنب ، وندم على ما مضى من ذلك ، وعزم عزما صادقا على أن لا يعود في ذلك ، خوفا من الله سبحانه ، وتعظيما له ، ورجاء ثوابه ، وحذر عقابه ، قال الله تعالى "وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى"

فالواجب على كل مسلم ومسلمة أن يحذر هذه الفاحشة العظيمة ووسائلها غاية الحذر ، وأن يبادر بالتوبة الصادقة مما سلف من ذلك ، والله يتوب على التائبين الصادقين ويغفر لهم .

الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله.

التوبة من الزناالتوبة النصوح تجبّ ما قبلها، وأن من تاب تاب الله عليه، وأنه لا يلزم لزوما أكيدا أن يقتص الله تعالى ممن يفعل هذه المعصية..

حيث لم يثبت بهذا نص صريح أو حديث صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما ثبت لدينا بالكتاب والسنة أن من تاب توبة نصوحا، فإن الله تعالى قد يبدل سيئاته حسنات؛ شريطة أن تكون التوبة قد وقعت على الوجه الذي أراده الله ورسوله صلى الله عليه وسلم - من كونها خالصة لله تعالى أولا.. مستغرقة لجميع الذنوب والمعاصي، وأن يعقد العبد العزم على أن لا يعود لهذه المعصية أبدا، وأن يندم على فعلها، وأن يكثر من أعمال الخير، والصالحات كالاستغفار والتوبة والذكر والدعاء، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وسائر أعمال البر..

فعلينا بحسن الظن بالله عز وجل والرجوع الصادق إلى الله، والتزام التوبة، وسلوك سبيل المؤمنين، وأن نسبشر بالخير فإن الله تبارك وتعالى قد قال:

{إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم}

الشيخ موافي محمد عزب الموافي

رابط هذا التعليق
شارك

كما ذمَّه سبيلًا إلى المتعة الجِنْسية،

هل المقصود هنا الزنا فقط؟

و هل جاء هذا الذم فى القرآن ؟

تم تعديل بواسطة maksoof

م

"و من يتق الله يجعل له مخرجا" صدق الله العظيم

اللهم إنى أستغفرك من كل ذنب تبت اليك منه ثم عدت فيه

اللهم إنى أستغفرك من كل عقد عقدته لك ثم لم أوف لك به

اللهم إنى أستغفرك من كل نعمة أنعمت بها على فقويت بها على معصيتك

اللهم إنى أستغفرك من كل عمل عملته لوجهك خالطه ما ليس لك

رابط هذا التعليق
شارك

  • الزوار

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخ مكسوف : نعم المقصود به هنا هو الزنا و ذم في القرآن في الآية:

( وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا) (سورة الإسراء:32)

والمقصود بساء سبيلا ...هو أن الزنا مسلك باطل مذموم للحصول علي الشهوة و المتعة

يَقُول تَعَالَى نَاهِيًا عِبَاده عَنْ الزِّنَا وَعَنْ مُقَارَبَته وَمُخَالَطَة أَسْبَابه وَدَوَاعِيه " وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَة " أَيْ ذَنْبًا عَظِيمًا " وَسَاءَ سَبِيلًا " أَيْ وَبِئْسَ طَرِيقًا وَمَسْلَكًا . وَقَدْ قَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا يَزِيد بْن هَارُون حَدَّثَنَا جَرِير حَدَّثَنَا سُلَيْم بْن عَامِر عَنْ أَبِي أُمَامَة أَنَّ فَتًى شَابًّا أَتَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه اِئْذَنْ لِي بِالزِّنَا فَأَقْبَلَ الْقَوْم عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ وَقَالُوا : مَهْ مَهْ فَقَالَ " ادْنُهْ " فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبًا فَقَالَ " اِجْلِسْ " فَجَلَسَ فَقَالَ " أَتُحِبُّهُ لِأُمِّك " ؟ قَالَ لَا وَاَللَّه , جَعَلَنِي اللَّه فِدَاك قَالَ وَلَا النَّاس يُحِبُّونَهُ لِأُمَّهَاتِهِمْ قَالَ " أَفَتُحِبُّهُ لِابْنَتِك " ؟ قَالَ لَا وَاَللَّه يَا رَسُول اللَّه جَعَلَنِي اللَّه فِدَاك قَالَ وَلَا النَّاس يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ قَالَ " أَفَتُحِبُّهُ لِأُخْتِك " ؟ قَالَ لَا وَاَللَّه , جَعَلَنِي اللَّه فِدَاك قَالَ وَلَا النَّاس يُحِبُّونَهُ لِأَخَوَاتِهِمْ قَالَ " أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِك " ؟ قَالَ لَا وَاَللَّه , جَعَلَنِي اللَّه فِدَاك قَالَ وَلَا النَّاس يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ قَالَ " أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِك " ؟ قَالَ لَا وَاَللَّه , جَعَلَنِي اللَّه فِدَاك قَالَ وَلَا النَّاس يُحِبُّونَهُ لِخَالَاتِهِمْ قَالَ فَوَضَعَ يَده عَلَيْهِ وَقَالَ " اللَّهُمَّ اِغْفِرْ ذَنْبه وَطَهِّرْ قَلْبه وَأَحْصِنْ فَرْجه " قَالَ فَلَمْ يَكُنْ بَعْد ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِت إِلَى شَيْء وَقَالَ اِبْن أَبِي الدُّنْيَا حَدَّثَنَا عَمَّار بْن نَصْر حَدَّثَنَا بَقِيَّة عَنْ أَبِي بَكْر بْن أَبِي مَرْيَم عَنْ الْهَيْثَم بْن مَالِك الطَّائِيّ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَا مِنْ ذَنْب بَعْد الشِّرْك أَعْظَم عِنْد اللَّه مِنْ نُطْفَة وَضَعَهَا رَجُل فِي رَحِم لَا يَحِلّ لَهُ " .

تفسير بن كثير

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى { وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَة وَسَاءَ سَبِيلًا } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَقَضَى أَيْضًا أَنْ { لَا تَقْرَبُوا } أَيّهَا النَّاس { الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَة } يَقُول : إِنَّ الزِّنَا كَانَ فَاحِشَة { وَسَاءَ سَبِيلًا } يَقُول : وَسَاءَ طَرِيق الزِّنَا طَرِيقًا , لِأَنَّ طَرِيق أَهْل مَعْصِيَة اللَّه , وَالْمُخَالِفِينَ أَمْره , فَأَسْوِئْ بِهِ طَرِيقًا يُورِد صَاحِبه نَار جَهَنَّم .

تفسير الطبري

رابط هذا التعليق
شارك

شكرا يا أخ مجرامون للتوضيح

م

"و من يتق الله يجعل له مخرجا" صدق الله العظيم

اللهم إنى أستغفرك من كل ذنب تبت اليك منه ثم عدت فيه

اللهم إنى أستغفرك من كل عقد عقدته لك ثم لم أوف لك به

اللهم إنى أستغفرك من كل نعمة أنعمت بها على فقويت بها على معصيتك

اللهم إنى أستغفرك من كل عمل عملته لوجهك خالطه ما ليس لك

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...