التجارة العالمية من التجاريين إلى منظمة التجارة ال

[Mohammad Abouzied]

التجارة العالمية من التجاريين إلى منظمة التجارة العالمية

مدرسة التجاريون ، التي استمرت بين القرنين السادس عشر والثامن عشر، تعتبر أول مدرسة اقتصادية حديثة،نظمت الأفكار فى مجال التجارة الخارجية بهدف خلق ميزان تجارى متعادل. الهدف الرئيسى من هذه الأفكار الاقتصادية التجارية هو محاولة المحافظة، بقدر الامكان، على حجم صادرات أكبر من الواردات وبالتالى تحصيل أكبر مايمكن من الذهب. فى هذه النظام يدفع معدن الذهب على الواردات، بينما تحصل الدولة على الذهب فى حالة التصدير. نظام الحد من الواردات الذى يراه أصحاب هذه المدرسة يقوم بحرمان الدولة من السلع التى لايمكن أن تنتجها محليا، وفى حالة تجميع كمية كبيرة من الذهب فان ذلك يؤدى الى زيادة العرض النقدى فى الاقتصاد وبالتالى تزيد معدلات التضخم. مراحل التطور الطبيعة لمدرسة التجاريين كان فى نظام المستعمرات، التى قامت من قبل المستعمر لأهداف متعددة، من بينها احتفاظ هذه المستعمرات بعلاقات تجارية وطيدة بالدولة الأم، حيث كانت المستعمرات مورد أساسى للمواد الخام للصناعات بالدولة المستعمره، ومشتر أساسى للسلع الصناعية المنتجة باستغلال هذه المواد الخام. المهم فى الأمر هنا أن المستعمر حرص على وضع تعريفة جمركية عالية على السلع التى تدخل الى مستعمراته أسوة بما كان تدعو له مدرسة التجاريون، وذلك للحد من الواردات الى هذه المستعمرات

فى القرن الثامن عشر كان هنالك ايمان قوى من قبل الاقتصاديون بأن الاستحواز على الذهب فقط كان طريقة خطأ فى تكوين ثروات الأمم. لذلك ولأول مره فى التاريخ الاقتصادي يقوم (الفيزيوكرات) فى فرنسا باراء تناقض ماهو متفق عليه فى ذلك الوقت. حيث يرون أن ثروات الأمم يجب أن تتكون من الأرض وأن التجارة لابد أن تكون حره. كما طبق ادم سميث (أبو الاقتثصاد الحديث وفيلسوف نظام السوق ومؤلف كتاب ثروة الأمم فى العام 1776) أفكار ( الفيزيوكرات) ودعا فى كتاباته الى ضرورة التجارة الحره، وأضاف العمالة وأصحاب العمال والمزارع الي ثروات الأمم التى كانت تقاس بكمية الذهب فقط. بالرغم من ظهور هذه الأفكار الجديدة، الا أن الحكومات فى ذلك الوقت لازالت فى موقفها من الحماية التجارية. ولكن فى القرون التى تلت ذلك اتجهت الدول الى ازالة الحواجز التجارية الى حد كبير

التطورات الرئيسية التى أثرت على مسار التجارة العالمية فى السنوات الأخيرة كانت فى انهيار النظام الاقتصادى الاشتراكى (نسبة لفقدان عنصر الحوافز وصعوبة الاستجابة الى التطورات الاقتصادية العالمية المتسارعة)، والعولمة الاقتصادية. هذه التطورات أثرت كثيرا فى التفكير الاقتصادى خاصة التفكير الاقتصادى تجاه التجارة العالمية. كما ساعدت كثيرا فى العمل على تأسيس انشاء منظمة التجارة العالمية كالية تجارية تنظيمية فى حوالى منتصف التسعينات

منذ التصديق على الاتفاقية العامة للتجارة والتعريفة الجمركية (الجات) فى العام 1947، قامت كثير من دول العالم بمجهود كبير فى تخفيض تعريفتها الجمركية. علاوة على ذلك فان ما لا يقل عن 200 اتفاقية تكاملية تجارية لازالة الحواجز التجارية وتشجيع انسياب الموارد بين الدول وقعت فى الدول الصناعية والنامية. كانت مفاوضات الجات بمثابة جهار موقت لمساعدة الدول فى تحرير تجارتها. الهدف الرئيسى من الجات هو توثيق الخفض فى التعريفة الجمركية واعطاء مصداقية لمثل هذه التطورات فى خفض التعريفة الجمركية. كما أنها قامت بتعريف اليات التجارة مثل تقييم التجارة لأجل التعريفة الجمركية. الجات لم تقدم حكما لانهاء الصراعات التجارية ولكن لديها طريقة لانهاء مثل هذه الصراعات. كما أنها اهتمت أكثر بمحاورة انهاء الصراع وليس بالقوانين اللازمة لمثل هذا العمل. منظمة التجارة العالمية التى انشأت فى العام 1995م لها صفة قانونية ولكنها اهتمت بايجاد الحلول التى ترضى جميع الأطراف. خلافا للجات فان منظمة التجارة العالمية تعتبر بعيدة الأثر، حيث أنها تنظم جولات مفاوضات دورية للنقاش حول التعريفة الجمركية وتحرير التجارة العالمية، كما أنها تحدد شروطا لهذه المفاوضات، وتحكم فى النـزاعات التى تنشأ بين الدول فى تفسير أو خرق الاتفاقيات التجارية الموقعه. أخيرا، لابد من الاشارة الى أن كل ماتم فى المنظمة بعد انشائها فى العام 1995 وحتى الان يمثل تطورات طبيعية لمنظمة وليدة أكثر من أنه ثوره فى عالم التجارة العالمية