Mohammad Abouzied بتاريخ: 10 ديسمبر 2003 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 10 ديسمبر 2003 الديمقراطية جيدة … العلمانية قبيحة د.محمد الحضيف "الديمقراطية جيدة … الأصولية قبيحة". أذكر هذا العنوان الذي خرجت به صحيفة (الغاريديان) البريطانية صبيحة ظهور نتائج الانتخابات البلدية التي فازت بها جبهة الإنقاذ الإسلامية في الجزائر أوائل التسعينات الميلادية. لم تكن (الغارديان) بدعا من الصحف الغربية التي دقت نواقيس الخطر من نهوض المارد الإسلامي (المتوحش) الذي سوف يسحق منجزات الحضارة الغربية ، وفي مقدمتها العلمانية ، وثمرتها (المقدسة) الديمقراطية. (الديلي تلغراف) المحافظة (…) خرجت بعنوان مثير كذلك: "March to South" (الزحف جنوبا)، تحدثت فيه عن (الخطر الإسلامي) الذي سوف يكتسح القارة السوداء، حيث تنشط الكنيسة في جهود دائبة وكثيفة لإنجاز هيمنة الرجل الأوربي الأبيض على شعوب القارة الأفريقية من خلال حملات التنصير. الصحافة الأمريكية مثل: نيويورك تايمز ، الواشنطن بوست، لوس أنجلوس تايمز، ركبت الموجة. بل حتى كريستيان ساينس مونيتور -الأكثر اعتدالا- تحدثت عن (الظاهرة الإسلامية المقلقة). مقال الغارديان السابق اشتمل على دعوة صريحة لإجهاض الديمقراطية الناشئة في ذلك البلد بحل عسكري، وهو ما كان فيما بعد، فما الذي حدث..؟ وقع الانقلاب العسكري الذي باركته الليبرالية و (الديمقراطية) الغربية ، ليمنع (الأصوليون) من السيطرة على مقاليد الأمور في الجزائر، والعودة بها إلى العصور الظلامية …. على حد زعم صيحات التحذير التي انطلقت من باريس ولندن ونيويورك. وليمنع ـ كما زعموا ـ حمام الدم الذي يوشك أن ينفجر لو استلمت جبهة الإنقاذ السلطة. ما الذي حدث …؟ استولى على السلطة حفنة من الضباط الفرانكفونيين الاستئصاليين. فأقاموا الميليشيات السرية وفرق الإعدام، وكانت النتيجة حربا أهلية حصدت أكثر من مائة ألف إنسان. سالت فيها الدماء، وجرى بها القتل، بشكل لم تعرفه أكثر الحروب همجية. هل سلمت (الديمقراطية) التي خافت الليبرالية الغربية عليها من الأصولية الإسلامية، واستسهلت ذبح مائة ألف إنسان من أجلها ،كما تزعم، وأدت إلى دمار دولة نفطية مثل الجزائر؟ في واقع الأمر لم يكن يهم أن تذبح الديمقراطية، أو تذبح القيم كلها، أو يذبح هذا العدد الهائل من الناس (من غير البيض)، ما دامت هذه (الديمقراطية) ستكون وسيلة يصل فيها الإسلام إلى موقع السلطة. الديمقراطية التي يعتبرها الغرب أعظم إنجازاته، تصبح جيدة فقط حينما لا يستفيد منها الإسلاميون، ويصبح تعطيلها أمرا غير مقبول عندما يؤدي ذلك إلى الإضرار بمصالح (أقلية) تعمل لخدمة الغرب. في كل الأحوال لم تكن الديمقراطية بمفهومها الصحيح وكما تمارس في الغرب معنية بالذي يحصل. كانت العلمانية المتطرفة بوجهها القبيح حاضرة. الديمقراطية لا يمكن أن تضيق بمنديل تضعه طفلة على رأسها وهي ذاهبة إلى المدرسة. العلمانية تضيق بالإسلام دون غيره من الملل والنحل، وتصاب بالجنون وتتخلى عن ثمرتها (المقدسة) إذا كان الإسلام هو السابق في مضمار (الديمقراطية). وهو الذي سيقطف الثمرة … فلماذا؟ كنت ـ وما أزال ـ أعتقد أن التطرف شيء غير محبب، بل وكريه أحيانا، لكني أجد أن التطرف العلماني قبيح وبغيض دائما. إذا كان التطرف الديني ينطلق من أساس دائما. وهو لذلك قادر أن يبرر نفسه، بحكم منطلقاته (الأيديولوجية) ، فإن التطرف العلماني بدون أساس، ويناقض الفكرة التي تقوم عليها العلمانية وتدعمها، وهي التسامح. العلمانية حينما تتطرف تتخذ موقفا، وتصنع لنفسها معتقدا وأيديولوجية. وهي في جوهرها قائمة على العداء والكراهية ونفي الآخر المختلف. العلمانية في صورتها الأصلية في الغرب تمارس هذا التناقض كثيرا ضد القضايا الإسلامية. الصورة تبدو أكثر قتامة حينما صدرت هذا التناقض إلى البلدان الإسلامية. فبدت النسخ المشوهة أكثر قبحا. خذ مثلا تلك الدولة العربية التي تجري فيها (انتخابات) برلمانية، ويتم فيه في الوقت نفسه أحكام بالسجن واعتقالات ضد أعضاء إحدى الحركات الإسلامية التي تحاول أن تشارك في تلك (الانتخابات) بما بقي من أفرادها خارج السجن. وفي الأخير، (يفوز) الحزب الحاكم بـ 70% من المقاعد. ويقال أن الذي يجري (ديمقراطية). هذا نموذج. نموذج آخر من الديمقراطية النسخ، حينما تقوم الدنيا ولا تقعد، لأن امرأة (محجبة) دخلت مبنى البرلمان. تعطل الحريات في كثير من بلدان المسلمين، ويصادر حق الناس في التعبير، فلا يرمش للعلمانية الغربية، ونظمها الديمقراطية ، جفن ، ولا يرتفع عويلها في الدفاع عن حقوق الإنسان في تلك المجتمعات. لكن ، حينما يتصدى زنديق للمقدسات والثوابت طعنا وتجريحا، تهب كل المؤسسات الغربية للدفاع عن حقه في (التعبير). العلمانية المتطرفة حاضرة هنا أيضا. أصبح التجديف والتعدي على المقدسات سلما للشهرة يتسلقه كل دعي وزنديق. مرة باسم البحث العلمي، وتارة باسم الأعمال الروائية التي تفوح فحشا وبذاءة، وأصبح أدعياء الديمقراطية من المجدفين والزنادقة يلوذون بالأنظمة القمعية لحمايتهم من الغضب الشعبي. وهم يمارسون انتهاكهم للحرمات والمقدسات باسم حرية التعبير. لقد أصبحت (العلمانية والديمقراطية) العربية مثالا مخيفا لكيفية مسخ الأفكار الجميلة. أخذت من الغرب حقده الدفين على الدين، المتواري في العقل الباطن للعلمانية، كإفراز لاضطهاد الكنيسة القديم للعقل والحريات، ونبذت أجواء الحوار الجميلة والمثمرة التي تتشكل في إطار للديمقراطية الحقيقية. يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد
يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق
انشئ حساب جديد
سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .
سجل حساب جديدتسجيل دخول
هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.
سجل دخولك الان