اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

رسالة إلى البحر


doha

Recommended Posts

تمتم داخلة بكلمات لم يسمعها .. تأمل الأفق طويلا وصورة الأمواج تترقرق في انعكاس دافئ على عينيه ..

كانت الشمس توشك على المغيب حين ألقى بنظرة على قرصها المتوهج وقد بدا يختفي رويدا رويدا في مشهد مهيب ..

شعر بشيء ما يجتاح صدره حين عبرت أسراب الطيور في ابتعاد قاصدة مكان ما .. وفي أسى.. أطلق زفرة مكتومة في صدره وهو يرخى ستائر نافذته...

على الطاولة المواجهة للنافذة في ذلك الفندق الساحلي اتخذ مجلسه ..

كان هنالك بعض الورق .. تناول قلمه وشرع في كتابة شيء ما ..

ربما فكر أن يكتب رسالة لصديق قديم ..صديق من تلك الأيام التي كانت شئ آخر وكان هو وقتها شخص آخر .. حين كان القلب طفلا يصحب عقله الذي ما كان قد حبا بعد خطواته الأولى ..

رفع عينيه إلى النافذة ليجد الشمس و قد غابت كليةً .. وبدت السماء وقد أخذت لونها الأزرق الداكن .. بدت له في تلك اللحظة وكأنها لوحة أخرى في مكان آخر . . مال بعينيه إلى البحر وتأمله طويلا .. كم تبدل في دقائق تلك التي تفصل بين الليل والنهار .. طاف بخاطره مشهد البحر بأمواجه الحمراء وهي تتقلب باضطراب تحت قرص الشمس حين أوشك أن يغيب .. والآن.. لا شيء سوى السواد .. ما أسرع ما تتبدل أيها البحر ...

شعر بأن شيئا داخله يدفعه إلى الهروب . . من ماذا وإلى ماذا لا يعلم .. شيء يجعله يتمنى لو تتوقف عجله الزمن بعده فلا تمضي أن كانت لا تستطيع أن تعود ..

خطر له أن يستعين بقلمه وشئ من أوراقه في محاولة لاكتشاف ذلك الشيء داخله ..

كان صوت البحر بأمواجه المتلاطمة ورائحته المميزة يضفي حوله جوا مميزا ويملأه بشعور خاص يعيده إلى أيام الصبا .. قد يكون قدرا لا يد له فيه أن يولد في مدينة ساحلية .. لكنه حتما كان اختيارا منه حين عمد إلى وجوده هنا الآن .. لطالما كان يحب البحر .. ولطالما كان يخافه .. وبين حبه له وخوفه منه كانت أيامه تمضي بقربه ..

لم ينتبه إلى نسيانه لأمر صديقه وأمر الرسالة التي يبدوا أنه لن يكتبها له .. نسى كل ذلك وفكر أن يكتب رسالة أخرى من نوع مختلف .. رسالة لنديمه القديم ومعشوقه الأقدم.. رسالة للبحر . .

عزيزي البحر .. لماذا أحبك ؟

منذ شهور خلت كان من الممكن أن يكتب الكثير ويعول على هذا الكثير أسباب حبه .. كان هنالك أكثر من ألف سبب وسبب لهذا الحب الذي كان وقتها أكبر من أن يوصف بالكبير واعنف من وصفه بالعنف ..

أما اليوم فإن كلمة واحدة قد تعجز عن الخروج من بين شفتيه ليس لأن كلمة لاتصف ما داخله بل لأن داخله لم يعد يحوي شيئا ليبحث له عن وصف

كيف مات الحب ليس يعلم .. يعلم فقط انه مات أو أن ما كان موجوداً لديه لذلك الآخر أصبح ماضيا لاوجود له اليوم و لا فائدة من محاولة تذكره .. حدثته نفسه بأن ما كان ما هو إلا غصة في الحلق إن استطعت ابتلاعها فغالب الظن انك لا ترغب بعودتها ثانيه ..

كان هذا ما يجول في خاطره حين أمسك قلمه .. تركزت عينيه على الورقة أمامه فيما بدت نظراته أكثر حدة وبريقاً ..

تذكر الكثير الذي جاهد ليتذكره .. ما أعجب الأيام .. بالأمس كان يجاهد أن ينسى واليوم يجاهد عله يتذكر فلا يتذكر.. وتعجب من ذاته عجباً يفوق عجبه للأيام .. كيف كان يهوى بالأمس أمرا وبات اليوم لا يذكر كيف كان ذاك الهوى وإلى أين صار . .

اعتاد في نفسه التقلب اعتياده في البحر لكنه أبدا ما لام نفسه كما يلوم البحر .. كثيرا ما شكا غدره وقسوته وهاهو اليوم يبدوا أكثر قسوة وغدرا ..

تخيل نفسه وحيداً في زورق صغير يبحر به بعيدا .. تمنى لو كانت حياته ورقة كبيرة يطويها ويضعها في جيبه ليبدأ بعدها من جديد ..

انتزع نفسه من خواطرها وشرع يكمل سطره الثاني في رسالته ... وبدلا من ذلك وجد نفسه وقد عاد ليخاطبها ..

لكم كنت احبك فقد كنت كبيرا .. كنت احبك فقد كنت كل شئ يمكن لي أن أحبه .. كنت أحبك فقد كنت أنت الحب كما خلقه الله ليكون .. كنت أحبك وكنت لأني لم أعد الآن ..

كان يعلم أن كلماته تلك ستضع حدا لما بات يؤرقه .. ستصل به والآخر إلى النهاية التي ربما لم يكن يرجوها لكنه يراها الآن ملحة .. قرر أن يوصلها إليه مهما كانت النتائج .. مهما كان حبه ومهما كان غدره ومهما كانت ثورته ...

طوى رسالته بعناية ووضعها في مظروفها الأزرق ثم سحب حقيبته الصغيرة التي لا تفارقه ليخرج منها كومة من الرسائل وصورة يبدو من أطرافها المتهالكة إلى أي مدى لم تكن تفارق يديه .. ألقى عليها نظرته المعتادة .. ربما أطال النظر ..

مازالت الأفكار تتصارع في رأسه ومازالت الفكرة تطرقه بإلحاح وهو يرى نفسه وقد مضى بقاربه إلى عرض البحر حيث نقطه إلا عوده ..

رأى نفسه وقد أوشك على ملامسه قرص الشمس الموشك على المغيب ..

غاب في العمق أكثر وقد اختفى كل شئ حوله حتى صورته المنكسرة على صفحة الماء ..

وضع ما بيده على الطاولة وأخرج علبة الثقاب ..

انعكس في عينيه لهيب النار المتراقص وهو يخبو .. تحولت كتلة اللهب إلى رماد ..

ومن بين الرماد لم يكن ظاهرا إلا بقايا ورقة محترقة ..

ورقة زرقاء ..

..إذا دعتك قدرتك على ظلم الناس فتذكر قدرة الله عليك ..

رابط هذا التعليق
شارك

البحر ليست هناك رسالة أبلغ من هدير أمواجه بالليل مع برودة الهواء القادم منه تنبعث حرارة داخلية تملأ الأحشاء

ماذا بالجالس يريد أن يفارق زمنا مضي؟

إن مثل هذه اللوحات تبعث في النفس حالة خاصة شعورا غامضا لذيذا ومقلقا معا مريح ويدعو للبكا أيضا

انا شخصيا لا ادخن السيجارة لكنني أستشعر من اللوحة حجم المشاركة والتوحد بينها وبين الجالس

هذه وظيفة الأدب الحقيقة ان يصل بنا غلي هذه الأحاسيس الغامضة التي تزيد من قدرتنا علي التماس مع عذابات الأخرين

قال الشاعر الراحل فقيد الشباب أحمد إبراهيم إن وظيفة الأدب أن يشعر الناس بالنماء واتساع وجدانهم للإلمام بدقائق الكون كله

وكما قال قديما الخوارزمي عن الموسيقي إن من لاتحرك قلبه الموسيقي إنسان بلا قلب كذلك الأدب يمكنه أن يخلق عالما رحبا من الخيوط الجامعة من قلب بشري واحد غلي كل القلوب و من يعجز عن رؤية هذا العالم يصعب أن يكون إنسانا حقا

نحن نريد السلام لكن السلام بعيد ونحن لا نريد الحرب لكن الحرب من حولنا وسنخوض المخاطر مهما كانت دفاعا عن الحق والعدل

سادس الراشدين جمال عبد الناصر حسين

رابط هذا التعليق
شارك

  • بعد 9 شهور...

علي فكره يبدوا انك متأثره كثيرا باسلوب نبيل فاروق في قصصه القصيره وروياته الطويله

وكمان يوجد به بعضا من اسلوب يوسف ادريس

لكن في المجمل قصه جميله وتشد القارئ لقراءتها الي النهايه لمعرفه حل العقده

تم تعديل بواسطة ozoozo

رابط هذا التعليق
شارك

أول مرة أقرأ حاجة لآخرها

ممتاز

اي هي الورقة الزرقاء .. معلش؟

مكاوى

رابط هذا التعليق
شارك

أول مرة أقرأ حاجة لآخرها

ممتاز

اي هي الورقة الزرقاء .. معلش؟

مكاوى

طوى رسالته بعناية ووضعها في مظروفها الأزرق

ولو اني مبحبش اشرح واسيب كل واحد يفهم من القصة الي يعبر عنه هو شخصيا بس بما انك سألت فالفكرة باختصار انه كان محضر جواب اعتذار عن الاستمرار وحاطه في مغلف ازرق واخرج صورة عشان يحرقها خلاص يعني كل شيء انتهى .. بس الي حصل انه احرق فعلا بس مش الصورة زي ماكان ناوي وانما المظروف الازرق ..

وبس ..

..إذا دعتك قدرتك على ظلم الناس فتذكر قدرة الله عليك ..

رابط هذا التعليق
شارك

علي فكره يبدوا انك متأثره كثيرا باسلوب نبيل فاروق في قصصه القصيره وروياته الطويله

وكمان يوجد به بعضا من اسلوب يوسف ادريس

لكن في المجمل قصه جميله وتشد القارئ لقراءتها الي النهايه لمعرفه حل العقده

الله يكرمك يااستاذ اوزوزو انا فين ويوسف ادريس فين .. على كل حال يسعدني كثيرا تشبيهك لاسلوبي باسلوبه فهو كاتبي المفضل بكل تأكيد ..

نبيل فاروق اعتقد اني قريت كل قصصه زمان ايام الثانوي قبل مابطل بعد ماكتشفت انها كلها منقوله من افلام اجنبية هو فقط يعيد صياغتها باسلوبه . .

اشكر لك مرورك ..

..إذا دعتك قدرتك على ظلم الناس فتذكر قدرة الله عليك ..

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...