صبح بتاريخ: 23 ديسمبر 2003 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 23 ديسمبر 2003 بقلم: فهمي هويدي الأسبوع الماضي غاب مقال الأستاذ والكاتب الكبير فهمي هويدي عن صحيفة الأهرام بينما نشرته العديد من الصحف العربية الأخري. 'الأسبوع' تنشر المقال الذي تم حجبه عن جمهور القراء في مصر. خلال شهر رمضان الذي ودعناه تجمعت لديٌî مجموعة من الأخبار والتقارير التي أصابتني بغم مضاعف، أولا لأنها وقعت، وثانيا استقبلت بصمت مدهش في الإعلام المصري، الأمر الذي يثير العديد من علامات الاستفهام والتعجب. رغم أنني لا أتصور أن يكون الصيام سببا لذلك السكوت، إلا أن انتهاء الشهر لم يبق لأحد علي عذر: لذا وجب الكلام وكسر جدار الصمت. 1 خذ مثلا حكاية الخبر الذي احتل الصفحات الأولي من الصحف المعارضة والمستقلة، في حين لم تشر إليه الصحف القومية المصرية بكلمة، وهو الذي تحدث عن قرار لمجلس الشيوخ الأمريكي قضي باقتطاع مبلغ مليوني دولار من المعونة التي تقدم إلي مصر، وتخصيصه لمركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية في مصر، ومن بين تفاصيله أن تعديلا استثنائيا ادخل علي مشروع ميزانية المساعدات الخارجية، للعام الجديد، نص علي اقتطاع المبلغ من حصة مصر. وأن التعديل جري تمريره دون قراءة، باعتبار أن خطة من ذلك القبيل تدخل في إطار 'إشاعة الديمقراطية' التي تحدث عنها وزير الخارجية كولن باول في مبادرته أثناء غزو العراق. صحيح أن الكونجرس يتصرف الآن وكأنه سلطة تشريع ليس للولايات المتحدة فحسب، وإنما للعالم بأسره، إذ بوسعه أن يصدر قرارا بمحاسبة سوريا، أو بإلزام السودان بالتوصل إلي اتفاق يرضي الانفصاليين في الجنوب، أو يمنع دخول أي استثمارات إلي إيران إلا في حدود معينة يمنع تجاوزها، وهو حين يفعل ذلك فإنما يسير علي خطي الحكومة الأمريكية التي تتصرف بدورها وكأنها حكومة العالم ومسئولة عن التأديب والتهذيب والإصلاح فيه، إلي الحد الذي يخول لها تحديد الأخيار والأشرار في الكرة الأرضية، وترفيع من تشاء وإذلال من تشاء! ذلك كله عرفناه وفهمناه، إلا أننا لم نعرف حالة قرر فيها الكونجرس توجيه مبلغ معين لحساب مؤسسة بذاتها في بلد آخر، بل واختيار تلك المؤسسة لأسباب وحسابات غير معلومة من دون غيرها من المؤسسات المماثلة العاملة في ذات الحقل، الأمر الذي يثير أكثر من سؤال حول مشروعية التصرف من أساسه، ثم عن حقيقة الدور الذي يقوم به مركز ابن خلدون، ولحساب من يؤدي ذلك الدور. كما أنه يستدعي ملف التمويل الخارجي للجمعيات الأهلية، الذي أصبح يتم بطريقة فجة وماسة بالسيادة الوطنية لا تسأل عن الكرامة قفزا فوق الأنظمة والحكومات، ويمارس من خلال العلاقات الخاصة!! بين بعض الناشطين الذين احترفوا مهنة صيد مصادر التمويل، وظلوا دائما علي استعداد لتلبية رغبات الممولين والتجاوب مع 'أجندة' كل ممول. رب قائل يقول إن مدير المركز الدكتور سعد الدين إبراهيم يتمتع بالجنسية الأمريكية، وطبقا للمبادئ المعمول بها في توزيع المعونات، فإن المواطنين الأمريكيين العاملين أو المقيمين في الدول التي تقدم إليها المعونة يعطون الأولوية في الحصول علي حصص منها، لتحقيق الأهداف المرصودة في البلد المعنيٌ، غير أن هذا الاعتبار يعيد فتح ملف ازدواج الجنسية الذي جري تقنينه في السبعينيات بهدف الابقاء علي علاقة المهاجرين إلي الخارج مع وطنهم الأصلي، بمنطق أن اقامة مثل هذه العلاقة قد يستفيد منها الوطن الذي هو بحاجة إلي أبنائه بقدر حاجة الأبناء إليه، غير أن تلك الحكمة انتفت بمضي الوقت، وأصبحت تحقق عكس المراد منها، حين عاد نفر من حملة الجنسية الأجنبية إلي الوطن، وأصبحوا يتمتعون بالحماية الأجنبية، وبمميزات حققت لهم أفضلية علي المواطنين العاديين. وبالتالي فإن حامل الجنسيتين أصبح يستفيد في وطنه من كونه مواطنا وكونه أجنبيا في ذات الوقت، فاستأثر هو بكل الفائدة، بينما لم يفد ذلك الوطن في شيء! إن ما يحير المرء ويدهشه أن يثير الحدث ذلك الحشد من التساؤلات والقضايا، ويصبح محلا للغط لا حدود له في دوائر المثقفين بالعاصمة، ثم يسدل عليه ستار الصمت في الإعلام الرسمي والقومي، باستثناء ما كتبه زميلنا الأستاذ مكرم محمد أحمد في 'المصور' ناقدا ومتحفظا. 2 الأمر الثاني المزعج هو ذلك الصمت المدهش الذي قوبل به بيان المنظمة المصرية لحقوق الإنسان في 6/11 حول التعذيب في مصر، وفيه طالبت المنظمة بالتحقيق في وفاة أحد المواطنين داخل مقر مباحث أمن الدولة. وذكرت أن المواطن اسمه مسعد سيد محمد قطب، وهو يعمل محاسبا بنقابة المهندسين في محافظة الجيزة. وقد ألقي القبض عليه بتهمة انتمائه إلي جماعة الاخوان المسلمين، وأودع مبني مباحث الجيزة للتحقيق معه. كان ذلك يوم 1/11 ولكنه توفي في أحد المستشفيات (مستشفي أم المصريين) فجر يوم 4/11، وأخطرت أسرته بخبر وفاته وطلب منها تسلم جثته في 5/.11 وحسب بيان المنظمة، فإن النيابة عاينت جثة المحاسب مسعد قطب، وأثبتت في محضرها أنها مصابة في ثمانية مواضع من أعلي الوجه إلي أسفل العمود الفقري، كما تبين أن الاصابات ذاتها أثبتها ايضا مستشفي أم المصريين في التقرير الطبي، وقيدت الواقعة في محضر يحمل رقم 9214 لسنة 2003 إداري قسم الدقي. تحدث البيان عن حالة وفاة أخري كان ضحيتها مواطنا آخر اسمه محمد عبدالستار الروبي، توفي داخل مقر مباحث أمن الدولة بالفيوم في 20/9 الماضي، وهو مهندس ألقي القبض عليه هو وشقيقه الأصغر بتهمة بث دعايات مناهضة لإسرائيل وأمريكا، وكانت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان قد أصدرت في 12/10 الماضي بيانا عن وفاة مواطن ثالث اسمه محمود جبر محمد، مقيم بحي السيدة زينب بالقاهرة تم احتجازه داخل قسم شرطة الحي في الفترة ما بين 4 و7/10 وأثبت مفتش الصحة أن الوفاة جنائية، وأشار في تقريره إلي عدد من الاصابات في جسم المتوفي، بدأت بالوجه وانتهت أسفل الحوض، ووفق سجلات المنظمة المصرية لحقوق الإنسان فإن واحدا وثلاثين مواطنا قد توفوا نتيجة التعذيب منذ سنة 2000 إلي سنة 2003 داخل مقرات تتبع وزارة الداخلية (أقسام الشرطة/ مقار مباحث أمن الدولة/ السجون) وبإضافة مسعد سيد قطب ومحمود جبر ومحمد عبدالستار الروبي يكون العدد قد بلغ أربعة وثلاثين مواطنا في ثلاث سنوات إلا قليلا. وهو ما يزيد علي العدد الذي سجلته المنظمة نفسها في عقد كامل (1989 إلي1999) للوفيات نتيجة التعذيب داخل مراكز الشرطة والمقرات التابعة لها، فقد بلغ ذلك العدد ثلاثا وثلاثين حالة فقط خلال عشر سنوات. مثل هذه الممارسات تدهش المرء أكثر من مرة. أولا وثانيا وثالثا لأنها مازالت تقع في زماننا الذي نعرف انه اختلف عن سابقيه، ولكن يبدو أن ثمة أمورا لم تختلف فيه. والوقائع التي سبق ذكرها شاهد علي ذلك، وهي تدهشنا ايضا لأن تقارير وبيانات المنظمة المصرية لحقوق الإنسان يتم تجاهلها في وسائل الإعلام وكأنها منشورات سرية، ولولا ما كتبه الدكتور محمد سليم العوٌîا تعليقا علي الموضوع لما انتبه أحد إلي ما ذكره البيان الأخير عن التعذيب. الأكثر مدعاة للدهشة في هذا السياق أن الصحف التي 'طنطنت' بحكاية 'الليبرالية' ودخلت إلي الساحة رافعة الشعار ومهللة به، اشتركت بدورها في التواطؤ علي الصمت، إزاء ما جري، بل من المفارقات أنه في نفس الأسبوع الذي صدر فيه البيان الخاص بالتعذيب كان حديث المنبر الليبرالي المحترم مهموما بمسألة 'ختان الإناث'!! أما المقلق حقا فهو أن وزراء الداخلية العرب الذين يعتبرون من أكثر العرب انتظاما في الاجتماع همة في متابعة الأحداث خصوصا مكافحة الإرهاب لم ينجحوا حتي الآن في وقف التعذيب بالسجون العربية، رغم أنه يعد شكلا من أشكال الإرهاب بل أزعم أنه يشكل أحد مصادر الإرهاب الذي شهده العالم العربي. إن المجرم في هذه الحالة ليس من فعل وحده، لكنه ايضا كل من سكت، وكل من علم ولم يبلغ غيره! 3 خذ أيضا ما نشر حول 'مطالب واشنطن من مصر' وهو الموضوع الذي عالجه علي صفحة كاملة زميلنا الأستاذ مصطفي بكري في عدد 17/11 من جريدة 'الأسبوع' وفيه تحدث عن تقرير قدمته للإدارة الأمريكية لجنة خاصة ضمن ممثلين من وزارتي الخارجية والدفاع ومجلس الأمن القومي والمخابرات المركزية. وكان موضوعه الأساسي هو الاستراتيجية الأمريكية لعام .2004 في التقرير المشار إليه كلام هام وخطير عن مصر. خصوصا عن التعليم فيها فهو يدعو مثلا إلي ضرورة التوصل إلي اتفاق مبادئ بين مصر والولايات المتحدة حول المفاهيم الديمقرطية واجبة التطبيق، وكذلك الاجراءات الفعلية للممارسة الديمقراطية (شكرا لكن ما شأن واشنطن بذلك؟). إلا أن واضعي التقرير رأوا أنه قبل الاتفاق علي نوعيات هذه المفاهيم لابد من الاتفاق المبدئي حول ديمقراطية التعليم في مصر والذي يعتبره التقرير مسئولا بدرجة كبيرة وأساسية عن انتشار التطرف، وكذلك القيم المغلوطة التي تؤدي إلي تكريس انتشار الديكتاتورية. وديمقراطية التعليم في مصر في رأي أصحاب التقرير تبدأ بالتخلص من التعليم الديني المسيطر علي قطاع عريض من الجماهير المصرية، وقد اقترح لتحقيق الديمقراطية المنشودة تخصيص مبلغ مائة مليون دولار تقدم سنويا إلي الحكومة المصرية لتمويل 'خطي' انجاح هذه العملية. في الكلام المنشور أن الدمقرطة التعليمية تتطلب إلغاء كل أنواع التعليم الديني ليحل محله التعليم العلماني، وقد حذر واضعو التقرير من التدخل الأمريكي في تحديد نوعية المناهج أو النصوص التعليمية ذاتها، لأن مثل هذه المسائل تثير حساسيات كثيرة لدي حكام وشعوب هذه المنطقة. في هذا الصدد اقترح التقرير أن يتم الاتفاق علي الإطار العام للمقصود بالتعليم الديمقراطي الحر وفقا لعدة أسس منها ادخال تحسينات اعداد اساليب جديدة من أجل نشر الأفكار التحررية التي تحث علي الاعتماد المتبادل والتفاهم والتعايش مع الآخرين، ومن هذه الأفكار الشروع في التعاون معهم في اصدار كتاب تعليمي أساسي يطلق عليه 'المنتخب' وفكرة كتاب 'المنتخب' هي بمثابة دستور تعليمي يجمع في رأي الخبراء الذين أعدوا التقرير بين المبادئ الدينية الثابتة والمستقرة مع المبادئ العلمانية في الحرية والديمقراطية، إلا أن الأساس في 'المنتخب' هو أن الفكرة الدينية حول المبادئ والتعايش لن تتعلق فقط بالدين الإسلامي ولكن ايضا باليهودية والمسيحية، فالمنتخب سيشير إلي فكرة الإخاء بين البشر فيورد ما جاء بشأنها في القرآن ثم التوراة ثم الانجيل، وأن كل الأفكار والمبادئ الدينية التي تمثل اختلافا بين الأديان الثلاثة سيتم تجاهلها وعدم الاشارة إليها. تطرق التقرير إلي جامعة الأزهر مشيرا إلي أنها أصبحت تضم العديد من الكليات النظرية والعملية، وذكر أن المناهج الدينية التي تقوم بتدريسها تحث علي التشدد وانكار الآخرين، كما أن حفظ الكتاب المقدس للمسلمين (القرآن) يمثل جزءا ثابتا في نهج الجامعة ولمعالجة الوضع فإن الحكومة المصرية تصبح أمام أحد خيارين: إما تطوير جامعة الأزهر، وهو ما يمكن أن تسهم فيه الحكومة الأمريكية من خلال تخصيص مبالغ مالية تزيد علي 50 مليون دولار لتحويل جامعة الأزهر إلي جامعة حديثة وعصرية، تصبح أحد المنافذ المهمة للحوار والتعاون بين شعوب المنطقة، (وهل تدخل اسرائيل إلي الأزهر من هذا الباب؟!) وبمقتضي ذلك فسيتم إلغاء كل المقررات الدينية، ومنها حفظ 'القرآن الكريم' وإلغاء عدم الاختلاط بين الذكور والإناث، وتطوير المناهج بحيث تحمل بقيم الحداثة الغربية. أما إذا رفضت الحكومة المصرية تطوير هذه الجامعة علي النحو السابق فإن الإدارة الأمريكية لابد أن تضغط في اتجاه إلغائها نهائيا والاكتفاء بما هو قائم حاليا من جامعات مصرية، علي أن يتم امداد مصر بمبالغ مالية كبيرة للمساهمة في اصلاح الأحوال التعليمية أو انشاء جامعات جديدة في مناطق أخري. وقد رأي التقرير أن فكرة المدارس الدينية فكرة غير جيدة وتشجع علي الإرهاب والتطرف والتشدد. إلا إذا كانت هذه المدارس تحت السيطرة الحكومية الكاملة التي تتيح لها مقاومة تيارات التشدد في حال بروزها أو العمل علي وأدها في بدايات ظهورها. واقترح انشاء أنواع جديدة من الكليات الدينية المتخصصة للحوار بين الحضارات والأديان، هل يعقل أن ينشر هذا الكلام ولا يكون له أي رد فعل، فلا يتم نفيه أو رفضه أو التعليق عليه بأي صورة؟ 4 هذه قصة أخري لا تقل غرابة عما سبق. في شهر أكتوبر الماضي تلقيت رسالة من بعض أولياء الأمور بمدرسة البنات الإعدادية في مدينة 'قليوب' تقول ما نصه: 'فوجئنا نحن أولياء أمور الطالبات بأن مسجد المدرسة قد هدم في صمت وهدوء أثناء الاجازة الصيفية، وعندما سألنا مسئولي المدرسة عن السبب في ذلك وعن البديل الذي أعد لبناتنا اللائي يخضعن لنظام اليوم الكامل أثناء الدراسة قالوا لنا: إن ما تم كان تنفيذا لقرار هيئة الأبنية التعليمية، وقد طبق في جميع المدارس التي بها مصليات. وعندما طالبنا بإعادة بناء المصلي أو تخصيص أي مكان آخر لصلوات بناتنا اللائي تعلمن أداءها والمواظبة عليها وهن في سن السابعة، قيل لنا إن هذا مكان عمل وليس مكان عبادة، قلنا: ونحن مستعدون لبناء المصلي علي نفقتنا الخاصة، قالوا: إذا كنتم تريدون بناء مسجد فينبغي أن نبني إلي جواره كنيسة، ونحن غير مستعدين لذلك، ثم إننا ننفذ التعليمات ولا نريد مشاكل. أضافت رسالة أولياء الأمور أن وزارة التعليم عارضت ارتداء بناتنا للحجاب، والآن تمنعهن بهذه الطريقة من أداء الصلاة فماذا نفعل؟ وكيف نساعد بناتنا علي الالتزام بالشعائر وهن في سن المراهقة؟ وماذا نقول لربنا يوم القيامة حين يسألنا عن رضانا بما هو حاصل وسكوتنا علي حرمان بناتنا من أداء الصلاة؟ قال أولياء الأمور في رسالتهم ايضا إنهم ابلغوا بأن ثمة قرارا من وزارة التربية بمنع دخول المنتقبات إلي مقر مركز مستجد للعلوم الاستكشافية بالمدينة الأمر الذي يفرض علي الموظفين والموظفات أن يقفوا امام الأبواب لتنفيذ التعليمات والحيلولة دون دخول المنتقبات للاستفادة من المركز الذي يفترض أنه مكان عام مفتوح للجميع، نحيت الخطاب جانبا حين تسلمته لأنني لم أكن واثقا من دقة المعلومات الواردة فيه، لكن ترددي تراجع حين وجدت أن جريدة 'الأسبوع' نشرت علي صفحتها الأولي تساؤلا يثير نفس الموضوع تحت عنوان 'هل صحيح؟' وفي النص جاء ما يلي: تردد في الأوساط المعنية معلومات تقول إن هيئة الأبنية التعليمية اصدرت قرارا بمنع بناء أي مساجد ملحقة بالمدارس التعليمية الجديدة التي يجري انشاؤها، تحت زعم أن وجود مصلي بالمدارس يخل بالعملية التعليمية ويساعد علي انتشار الإرهاب، وهناك معلومات أخري تقول إن وزارة التربية والتعليم اصدرت تعليمات بمنع الافطار الجماعي بالمدارس لأن ذلك من شأنه أن يحض علي الفتنة، ويجعل من المدارس ساحة للصراعات. اضيف إلي السؤال: هل صحيح؟ سؤال آخر هو: هل هذا معقول؟ 5 خذ أخيرا تلك المعلومات الموجعة التي تحدثت عن مفارقات وألغاز أوضاعنا الاقتصادية فقد قرأت تحليلا للعدد الأخير من النشرة الاحصائية للبنك المركزي سبتمبر 2003 نشره الدكتور حازم الببلاوي الخبير الاقتصادي البارز في جريدة الأهرام عدد 19/10 تضمن بعضا من المؤشرات المقلقة، منها مثلا أن مصر لم تعد مكتفية ذاتيا في شيء لا في الصناعة ولا الزراعة ولا الطاقة، حيث تستورد بأكثر مما تنتج في كل قطاع، منها ايضا أن ما طرأ من تخفيض علي الواردات انصب بالدرجة الأولي علي السلع الوسيطة والاستثمارية، بينما هناك زيادة مستمرة في الاستهلاك الترفي، المتمثل في السلع المعمرة (مثل الثلاجات والمكيفات والتليفزيونات والسيارات التي تنتج كلها محليا) وفي السلع الاستهلاكية الأخري مثل الأطعمة والألبسة وغير ذلك، وكان موجعا بغير شك أن يكتشف المرء أن قطاع البترول الذي بدأ منتصف السبعينيات كأحد أعمدة التجارة الخارجية وأحد أهم مصادر العملات الصعبة قد أصبح قطاعا مستوردا يشهد عجزا متزايدا سنة بعد أخري (خلال السنوات الثلاث الأخيرة استوردت مصر نفطا بدأ بمائة مليون دولار إلي أن وصل في العام الثالث إلي 500 مليون دولار). أما الأكثر إيلاما ووجعا فهو ما صرح به رئيس الوزراء الدكتور عاطف عبيد في لقائه مع اعضاء الهيئة البرلمانية للحزب الوطني، حيث قال إن مصر تستورد نصف احتياجاتها من الدقيق والفول والعدس واللحوم، وكل ما تحتاجه من الشاي والبن، وأضاف أنه من المستحيل سد الفجوة في الاحتياجات الزراعية لمصر لأن ذلك يتطلب زراعة 21 مليون فدان في حين أن ما يزرع الآن حوالي 8 ملايين فدان، وغاية ما تستطيع مصر أن تبلغه في التوسع الزراعي هو أن تضيف ثلاثة ملايين فدان أخري. بحيث يصبح اجمالي المساحة المنزرعة 11 مليون فدان. وهو دون حد الكفاية المطلوب بعشرة ملايين فدان. الرسالة التي تضمنها كلام رئيس الوزراء جاءت مخيبة للآمال، الأمر الذي دعا أحد كتاب جريدة الوفد الزميل الأستاذ سليمان جودة لأن يعلق عليها قائلا: إن الدكتور عبيد بعث إلي المصريين برقية (بمناسبة العيد) من أربع كلمات هي: استمتعوا بالسيئ، فالأسوأ قادم! كل عام وأنتم طيبون! وعينُ الرِّضا عن كلَّ عيبٍ كليلة ٌ وَلَكِنَّ عَينَ السُّخْطِ تُبْدي المَسَاوِيَا وَلَسْتُ بَهَيَّــــــابٍ لمنْ لا يَهابُنِي ولستُ أرى للمرءِ ما لا يرى ليــا فإن تدنُ مني، تدنُ منكَ مودتــي وأن تنأ عني، تلقني عنكَ نائيــــا كِلاَنــا غَنِيٌّ عَنْ أخِيه حَيَـــــاتَــه وَنَحْنُ إذَا مِتْنَـــا أشَدُّ تَغَانِيَــــــــا رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
mizo1957 بتاريخ: 30 ديسمبر 2003 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 30 ديسمبر 2003 الاخ صح كل نقطه ذكرت في مقال الاستاذ فهمي هويدي هي كارثه في حد ذاتها بما في ذلك قرار منع النشر وتستحق ان تفرد لها مداخله مستقله و لكن يظهر ان الاغلبيه يأس من الاصلاح و اصبح يكتفي بالقراءه و التحسر علي ما وصل اليه الحال بما فيهم انا او المشاركه في المواضيع الخفيفه التي لا ترفع الضغط مثل فستان دينا و السجاده اللي بمليون دولار رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
عادل أبوزيد بتاريخ: 10 ديسمبر 2015 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 10 ديسمبر 2015 1 خذ مثلا حكاية الخبر الذي احتل الصفحات الأولي من الصحف المعارضة والمستقلة، في حين لم تشر إليه الصحف القومية المصرية بكلمة، وهو الذي تحدث عن قرار لمجلس الشيوخ الأمريكي قضي باقتطاع مبلغ مليوني دولار من المعونة التي تقدم إلي مصر، وتخصيصه لمركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية في مصر، ومن بين تفاصيله أن تعديلا استثنائيا ادخل علي مشروع ميزانية المساعدات الخارجية، للعام الجديد، نص علي اقتطاع المبلغ من حصة مصر. وأن التعديل جري تمريره دون قراءة، باعتبار أن خطة من ذلك القبيل تدخل في إطار 'إشاعة الديمقراطية' التي تحدث عنها وزير الخارجية كولن باول في مبادرته أثناء غزو العراق. صحيح أن الكونجرس يتصرف الآن وكأنه سلطة تشريع ليس للولايات المتحدة فحسب، وإنما للعالم بأسره، إذ بوسعه أن يصدر قرارا بمحاسبة سوريا، أو بإلزام السودان بالتوصل إلي اتفاق يرضي الانفصاليين في الجنوب، أو يمنع دخول أي استثمارات إلي إيران إلا في حدود معينة يمنع تجاوزها، وهو حين يفعل ذلك فإنما يسير علي خطي الحكومة الأمريكية التي تتصرف بدورها وكأنها حكومة العالم ومسئولة عن التأديب والتهذيب والإصلاح فيه، إلي الحد الذي يخول لها تحديد الأخيار والأشرار في الكرة الأرضية، وترفيع من تشاء وإذلال من تشاء! ذلك كله عرفناه وفهمناه، إلا أننا لم نعرف حالة قرر فيها الكونجرس توجيه مبلغ معين لحساب مؤسسة بذاتها في بلد آخر، بل واختيار تلك المؤسسة لأسباب وحسابات غير معلومة من دون غيرها من المؤسسات المماثلة العاملة في ذات الحقل، الأمر الذي يثير أكثر من سؤال حول مشروعية التصرف من أساسه، ثم عن حقيقة الدور الذي يقوم به مركز ابن خلدون، ولحساب من يؤدي ذلك الدور. كما أنه يستدعي ملف التمويل الخارجي للجمعيات الأهلية، الذي أصبح يتم بطريقة فجة وماسة بالسيادة الوطنية لا تسأل عن الكرامة قفزا فوق الأنظمة والحكومات، ويمارس من خلال العلاقات الخاصة!! بين بعض الناشطين الذين احترفوا مهنة صيد مصادر التمويل، وظلوا دائما علي استعداد لتلبية رغبات الممولين والتجاوب مع 'أجندة' كل ممول. رب قائل يقول إن مدير المركز الدكتور سعد الدين إبراهيم يتمتع بالجنسية الأمريكية، وطبقا للمبادئ المعمول بها في توزيع المعونات، فإن المواطنين الأمريكيين العاملين أو المقيمين في الدول التي تقدم إليها المعونة يعطون الأولوية في الحصول علي حصص منها، لتحقيق الأهداف المرصودة في البلد المعنيٌ، غير أن هذا الاعتبار يعيد فتح ملف ازدواج الجنسية الذي جري تقنينه في السبعينيات بهدف الابقاء علي علاقة المهاجرين إلي الخارج مع وطنهم الأصلي، بمنطق أن اقامة مثل هذه العلاقة قد يستفيد منها الوطن الذي هو بحاجة إلي أبنائه بقدر حاجة الأبناء إليه، غير أن تلك الحكمة انتفت بمضي الوقت، وأصبحت تحقق عكس المراد منها، حين عاد نفر من حملة الجنسية الأجنبية إلي الوطن، وأصبحوا يتمتعون بالحماية الأجنبية، وبمميزات حققت لهم أفضلية علي المواطنين العاديين. وبالتالي فإن حامل الجنسيتين أصبح يستفيد في وطنه من كونه مواطنا وكونه أجنبيا في ذات الوقت، فاستأثر هو بكل الفائدة، بينما لم يفد ذلك الوطن في شيء! إن ما يحير المرء ويدهشه أن يثير الحدث ذلك الحشد من التساؤلات والقضايا، ويصبح محلا للغط لا حدود له في دوائر المثقفين بالعاصمة، ثم يسدل عليه ستار الصمت في الإعلام الرسمي والقومي، باستثناء ما كتبه زميلنا الأستاذ مكرم محمد أحمد في 'المصور' ناقدا ومتحفظا. ضا كل من سكت، وكل من علم ولم يبلغ غيره! هذا المقال يؤرخ لحدث هام يجب الا ننساه و هو قرار مجلس الشيوخ الأمريكي من عندياته خصم مليوني دولار من المعونة الأمريكية لمصر و توجيهها مباشرة لمركز ابن خلدون الذي يرأسخ الدكتور سعد إبراهيم الذي يحمل الجنسية الأمريكية مواطنين لا متفرجين رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
أبو محمد بتاريخ: 10 ديسمبر 2015 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 10 ديسمبر 2015 هذا المقال يؤرخ لحدث هام يجب الا ننساه و هو قرار مجلس الشيوخ الأمريكي من عندياته خصم مليوني دولار من المعونة الأمريكية لمصر و توجيهها مباشرة لمركز ابن خلدون الذي يرأسخ الدكتور سعد إبراهيم الذي يحمل الجنسية الأمريكية أذكر أن المساعدات الأمريكية كانت حوالى اتنين مليار وربما أكثر قليلا وتم تخفيضها التخفيض (حوالى 700 مليون دولار) لم يعد إلى الخزانة الأمريكية بل دخل جيوب منظمات المجتمع المدنى والنوشتاء فى مصر ومن ضمنها جمعية حقوق الإنسان المذكورة فى البند (2) من المقال ومن أشهر من استفاد من هذه التمويلات السيدان نجاد البرعى وجمال عيد اللذان يتكلم نقلا عنهما فهمى هويدى (وهو كأى اخوانى .. كل حاجة والعكس) ويدافع عنهما وعن تلك المنظمات التى يعتبرها - فى اواخر العام الماضى - المنبر الحر الوحيد وذلك فى المقال الذى سأضعه فى نهاية المداخلة فى المقال المحجوب يستنكر هويدى ويتساءل ويتهم فى عام 2003 ويعتبر تلك المنظمات الممولة هى "صوت سيده" و "منفذ أجنداته" فيقول اختيار تلك المؤسسة لأسباب وحسابات غير معلومة من دون غيرها من المؤسسات المماثلة العاملة في ذات الحقل، الأمر الذي يثير أكثر من سؤال حول مشروعية التصرف من أساسه، ثم عن حقيقة الدور الذي يقوم به مركز ابن خلدون، ولحساب من يؤدي ذلك الدور. كما أنه يستدعي ملف التمويل الخارجي للجمعيات الأهلية، الذي أصبح يتم بطريقة فجة وماسة بالسيادة الوطنية لا تسأل عن الكرامة قفزا فوق الأنظمة والحكومات، ويمارس من خلال العلاقات الخاصة!! بين بعض الناشطين الذين احترفوا مهنة صيد مصادر التمويل، وظلوا دائما علي استعداد لتلبية رغبات الممولين والتجاوب مع 'أجندة' كل ممول ولكنه يعود وفى نهاية 2014 وبعد أن وقع الفاس فى الراس مدافعا عن تلك المنابر الحرة التى تقف أمام استبداد وتعنت الدولة وبعد أن كان تمويلها مهينا للكرامة فى 2003 أصبحت "تشكل المساحة الوحيدة فى مجالات العمل العام التى بقيت مكرسة للدفاع عن كرامة الإنسان المصرى" نُذُر الغارة على المجتمع المدنى فى مصر نشر فى : الثلاثاء 25 نوفمبر 2014 - 8:20 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 25 نوفمبر 2014 - 8:20 ص المعركة الدائرة الآن حول المنظمات الحقوقية المصرية تدق الأجراس منبهة إلى أن المجتمع المدنى فى خطر. (1) يوم الأحد 23 نوفمبر الحالى، خصصت جريدة الأهرام صفحة كاملة لملف المنظمات الحقوقية، ركزت على أمرين أساسيين، الأول: إن حقوق الإنسان محفوظة فى الداخلية (كان ذلك هو العنوان الرئيسى للصفحة الذى أبرز على ثمانية أعمدة). الثانى: أن بعض المنظمات الحقوقية تعمدت الإساءة إلى مصر وتشويه صورتها أمام الأمم المتحدة (فى اجتماع مفوضية حقوق الإنسان الذى عقد بجنيف). وكانت خلاصة الرسالة التى وجهتها صفحة الجريدة إلى القراء واضحة فى أن وزارة الداخلية حارسة لحقوق الإنسان، فى حين أن المنظمات الحقوقية محرضة ومتآمرة على الدولة. الرسالة لم تكن جديدة. فالهجوم على تلك المنظمات المستقلة مستمر منذ دأبت على إصدار البيانات التى انتقدت فيها العديد من الإجراءات والممارسات التى اعتبرتها انتهاكا لحقوق الإنسان فى مصر. وكان ذلك مبررا كافيا لإطلاق حملة إعلامية استهدفت تجريحها وتوجيه مختلف الاتهامات للعاملين فيها، تراوحت بين تشويه صورة البلد والعمالة للخارج، مرورا بالتنسيق مع مخططات التنظيم الدولى للإخوان. وبسبب ذلك وبحجة مواجهة الإرهاب، دعا البعض إلى الكف عن الحديث عن حقوق الإنسان والديمقراطية وسيادة القانون فى مصر. اشتد أُوار المعركة حين اقترب موعد جلسة مفوضية حقوق الإنسان فى جنيف المخصصة لمراجعة ومناقشة ملف مصر الحقوقى التى كان محددا لها الخامس من شهر نوفمبر الحالى، إذ كان استعراض الملف الذى يتم كل أربع سنوات مناسبة لنقل الصورة إلى المجتمع الدولى. وهو ما دفع مصر إلى بذل جهد كبير لتحسين تلك الصورة. (2) تحسبا لتلك المواجهة، نشرت جريدة الأهرام فى 18 يوليو الماضى إعلانا لوزارة التضامن الاجتماعى، طالبت فيه منظمات المجتمع المدنى المصرية والأجنبية بضرورة تقنين أوضاعها، تماشيا مع قانون الجمعيات الأهلية الصادر فى سنة 2002 «تجنبا لتعرضها للمساءلة وفقا للتشريعات والقوانين ذات الصلة». وإذ فوجئت المنظمات الحقوقية المستقلة بالاعلان، فإنها سارعت إلى الرد ببيان اعتبرت فيه الإجراء المعلن مخالفا لنص دستور عام 2014، وبمثابة إعلان حرب على حرية إنشاء الجمعيات الأهلية وعمل المجتمع المدنى، وذكرت ان منظمات المجتمع المدنى «هى خط الدفاع الأخير عن ضحايا الانتهاكات وسياسة القمع المتبعة». رد فعل المنظمات المذكورة لم يأت من فراغ، ذلك انها كانت قد تلقت رسائل الضيق بسياساتها من ممارسات عدة كان فى مقدمتها اقتحام الشرطة لبعض مقارها (المركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية فى القاهرة والاسكندرية مثلا) كما كان منها مصادرة الأجهزة فى المقار ومصادرة نشرة «بوصلة» التى تصدرها الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، واعتقال بعض الناشطين العاملين فى المنظمات الحقوقية. وهى أجواء وصفها مدير البرامج فى مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ــ الاستاذ محمد زارع ــ بأنها بمثابة سيف مسلط على رقاب كل العاملين فى مجال حقوق الإنسان. خلال المهلة التى اعطتها وزارة التضامن الاجتماعى للمنظمات والجمعيات الأهلية، وانتهت فى 10 نوفمبر، التقى رئيس مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، الأستاذ بهى الدين حسن رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب وشرح له وجهة نظر المنظمات الحقوقية التى تتمثل فى التمسك بنص الدستور الجديد فيما خص منظمات المجتمع المدنى، الذى اشترط لقيامها مجرد اخطار السلطة بذلك، فى حين ان تسجيل الجمعيات والمنظمات فى ظل القانون الصادر فى عام 2002 يفقدها استقلالها ويخضع انشطتها لرقابة ووصاية السلطة التنفيذية وأجهزتها الامنية التى ستجعل من التسجيل وسيلة للضغط عليها. لم يتغير موقف وزارة التضامن الاجتماعى، لكنها لم تتخذ إجراءات عقابية ضد المنظمات القائمة. وفى الوقت ذاته فإن المنظمات لم تلجأ إلى تصعيد الموقف إزاء السلطة، فاعتذرت سبع منها فى بيان علنى أصدرته عن عدم المشاركة فى مؤتمر جنيف، من ناحية لكى لا تنقل الأزمة إلى الساحة الدولية، ومن ناحية ثانية لانها تتجنب المواجهة فى الداخل، بعدما تلقت تهديدات من جانب المؤسسة الأمنية أشارت إليها فى بيانها. الموقف يبدو هادئا فى ظاهره فى الوقت الراهن، لكن موقف الضيق بالمنظمات الحقوقية لم يتغير. تؤيد ذلك قرائن عدة بينها التسريبات التى تحدثت عن مشروع قانون لتنظيم عمل الجمعيات يقضى بإشراك الأجهزة الأمنية فى إدارتها، وبينها التعديل الذى أدخل مؤخرا على قانون العقوبات متعلقا بتمويل الجمعيات، وبمقتضاه أصبحت مزاولة أى نشاط أهلى أو نقابى مغامرة تعرض من يشارك فيها لعقوبات تصل إلى السجن المؤبد أو الإعدام (القانون 128 لسنة 2014). فى مقابل الضغوط والإجراءات التى تلوح بها السلطة، فإن النشطاء الحقوقيين اعتبروا ان تراجعهم عن استقلال مؤسساتهم يفقدهم شرعيتهم ويلغى مبرر وجودهم. فمنهم من صمد ولا يزال يحارب على جبهته. ومنهم من آثر السلامة وفضل الهجرة والاستقرار خارج البلاد، ومنهم من ركب الموجة واصطف إلى جانب وزارة الداخلية التى دأبت على انكار وجود أى انتهاكات لحقوق الإنسان فى مصر. (3) حسب البيانات الرسمية فان فى مصر نحو 47 ألف جمعية ومنظمة تمارس نشاطها فى المجال الأهلى، وإذا حذفنا الجمعيات المجمدة والعائلية فسوف نجد أن 22 ألف جمعية فقط هى التى تمارس عملا على الارض. وهذه الأرقام لا تسبب قلقا للسلطات، وإنما مصدر القلق يتمثل فى الجمعيات الحقوقية التى يتراوح عددها بين 300 و400 منظمة، لكننا إذا دققنا فى قائمة الجمعيات الأخيرة جيدا فسنجد أن المنظمات الحقوقية المستقلة التى تمارس نشاطها حقيقيا فى رصد الانتهاكات ومكافحتها فى حدود 20 منظمة فقط، لها صوتها المسموع فى داخل مصر وخارجها. وهذه المنظمات هى التى تخوض الاشتباك الراهن وهى التى تسبب الصداع. ثمة لغط تقليدى مثار حول التمويل الخارجى للجمعيات الحقوقية والخيرية، الذى تتشكك الدولة فى مصادره ومقاصده، وتحرص على ان يخضع لرقابتها. وهذا حق مشروع معترف به فى العديد من بلدان العالم. وفى أبحاث وكتب الدكتورة أمانى قنديل المختصة بالموضوع عرض للأساليب المتبعة مع التمويل الخارجى الذى تحظره كلية دول الخليج، أما الهند فتسمح به شريطة أن يودع التمويل فى حساب خاص وتخطر به الحكومة، التى لها ان تراقب أوجه انفاقه ووصوله إلى مستحقيه. وفى مصر فان القانون يلزم اى منظمة بأن تخطر السلطات بما تتلقاه من تمويل خارجى وتراقب التصرف فى المبالغ قبل تشغيلها. وبالمناسبة فإن الدكتورة أمانى قنديل تقدر حجم التمويل الخارجى الذى تلقته المنظمات والجمعيات الأهلية منذ قامت الثورة فى عام 2011 وحتى العام الحالى (2014) بمبلغ 750 مليون دولار، أغلبها جاء إلى مصر من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى. حين ناقشت الأمر مع اثنين من قيادات المنظمات المستقلة ــ الأستاذين نجاد البرعى وجمال عيد ــ قالا ان حق الدولة فى مراقبة التمويل الخارجى لا اعتراض عليه ولا جدال فيه، وان وسائل المراقبة معروفة ومعمول بها فى أغلب دول العالم. ولكن المشكلة تكمن فى إقحام التسجيل فى الموضوع واعتباره وسيلة للضغط على المنظمات الأهلية وابتزازها، خلال إملاء الشروط عليها، وهو ما يخالف نص المادة 75 من الدستور المصرى الذى يقضى بأن تلك المنظمات تنشأ بمجرد إخطار الجهات المعنية بذلك. وان يقر الجميع بأن التمويل الداخلى هو الحل الأمثل، إلا أن ذلك قد لا يتوافر فى كل الأحوال فضلا عن أن التمويل الخارجى نظام معمول به فى مختلف أنحاء العالم، وله من الضمانات ما يكفل تجنب إساءة استخدامه. يضيفون ان المشكلة فى مصر ظاهرها يكمن فى عملية التمويل الخارجى الذى أبدت بعض المنظمات استعدادا للاستغناء عنه، لكنها تكمن فى مسألة تحكم الأجهزة الأمنية التى تسعى إلى تأميم تلك المنظمات، واستخدام سلاح التسجيل وسيلة لتحقيق ذلك. (4) ليس عندى أى دفاع عن التمويل الأجنبى الذى يمكن اعتباره أبغض الحلال فى الوقت الراهن. لكن المشكلة والمعركة التى نحن بصددها أبعد وأكبر منها. إذ المطلوب إسكات أصوات رصد الانتهاكات وكشفها. ولعلى لا أبالغ إذا قلت إننا بصدد حرب بالوكالة. فظاهر الأمر أن التجاذب حاصل بين وزارة التضامن الاجتماعى وبين المنظمات الحقوقية، إلا أنهما ليستا الطرفين الحقيقيين فى الصراع. لان طرفيه الأصليين يقبعان فى الخلف. فأحدهما يتمثل فى المؤسسة الأمنية التى تعد اللاعب الرئيسى فى الفضاء السياسى، وباتت ترى أن المنظمات الحقوقية تلاحق ممارساتها ومن ثم تسبب لها حرجا فى الداخل والخارج. أما الطرف الثانى فهو المجتمع المدنى الذى لن تقوم له قائمة ما لم يتخلص من وصاية السلطة وقبضة مؤسستها الأمنية. وإذا صح ذلك التحليل فهو يعنى أن وزارة التضامن واجهة للمؤسسة الأمنية، كما أن المنظمات الحقوقية واجهة للتواقين للحرية الحالمين بإقامة مجتمع مدنى ثابت الأركان. اننا إذا ألقينا نظرة على المشهد من زاوية أوسع فسوف نلاحظ ان موت السياسة فى مصر استصحب تعاظما لدور المؤسسة الأمنية. سنلاحظ أيضا أن ضعف المجتمع المدنى المتمثل فى المؤسسات المعبرة عن جموع الناس والمدافعة عن مصالحهم، هو أحد العاهات التى أصيبت بها مصر فى ظل عهود الاستبداد التى خلت. وذلك الضعف شديد الوضوح الآن فى هزال التحالفات التى يجرى تشكيلها الآن تحضيرا للانتخابات التشريعية، التى تدعو أبواق المؤسسة الأمنية إلى تأجيلها استنادا إلى ذريعة عدم الجاهزية. فى هذه الأجواء تبرز المنظمات الحقوقية المستقلة باعتبارها منبرا مهما ينتقد الانتهاكات التى ما عاد أمرها سرا (فى ظل الاستخدام الواسع لشبكات التواصل الاجتماعى)، فضلا عن أن ضحاياها يتزايدون يوما بعد يوم. وقد لا أبالغ إذا قلت إنها باتت تشكل المساحة الوحيدة فى مجالات العمل العام التى بقيت مكرسة للدفاع عن كرامة الإنسان المصرى بغض النظر عن أى انتماء له، ومن ثم نجت من الاستقطاب البائس الذى شق الصف الوطنى فى مصر، وأغرق أغلب عناصر النخبة فى مستنقعه. إن هدف المعركة الدائرة الآن هو إسكات صوت أحد أهم منابر الدفاع عن المجتمع المدنى والدستور ذاته. والاصطفاف حول مقولة «الأهرام» التى ادعت ان حقوق الإنسان محفوظة فى الداخلية، ومن ثم فبدلا من الدعوة إلى إعادة هيكلة الداخلية انتصارا للعدالة ولحقوق الإنسان، فإننا صرنا مدعوين لأن نسلمها ملف الدفاع عن حقوق الإنسان، اقتداء بالنموذج الذى ضربته حين تم تصوير حفلة الضرب التى تعرض لها مواطن فى أحد الأقسام، فعالجت الداخلية الأمر وحسمته بقرار حظر إدخال الهواتف المحمولة إلى أقسام الشرطة. ان ظهور منظمات حقوق الإنسان يمثل أحد إفرازات الممارسة الديمقراطية، وإحدى مشكلات العالم الثالث. ان بعض دوله باتت تحرص على ان تتجمل بلافتة حقوق الإنسان لتستر بها تكبيلها للحريات وتعطيلها لأى تقدم باتجاه الديمقراطية. ومن ثم تقويضها لمحاولات إقامة المجتمع المدنى الذى بات طوق النجاة من الاستبداد الذى باتت الآمال معقودة عليه وصار أحد أهم عناوين الربيع العربى. وأرجو ألا تكون مصر بين تلك الدول. نحن فى حالة حرب لم يخض جيشنا مثلها من قبل فى الحروب السابقة كانت الجبهة الداخلية مصطفة تساند جيشها الآن الجيش يحارب الإرهاب وهناك من يطعنه فى ظهره فى الحروب لا توجد معارضة .. يوجد خونةتحيا مصر*********************************إقرأ فى غير خضـوعوفكر فى غير غـرورواقتنع فى غير تعصبوحين تكون لك كلمة ، واجه الدنيا بكلمتك رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد
يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق
انشئ حساب جديد
سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .
سجل حساب جديدتسجيل دخول
هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.
سجل دخولك الان