اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

إنحدار فلسطيني غير مسبوق


Recommended Posts

إنحدار فلسطيني غير مسبوق

عبد الباري عطوان

14/10/2009

من يتابع تفاصيل المشهد الفلسطيني الراهن يصب بحالة من الاحباط، فطرفا المعادلة السياسية الفلسطينية، اي حركة 'حماس' والسلطة الفلسطينية ورئيسها في رام الله وبعض المحسوبين عليه، انحدرا الى مستويات متدنية من الاسفاف السياسي، والردح الاعلامي.

الرئيس الفلسطيني محمود عباس يتحمل القسط الاكبر من اللوم، لانه لم يتصرف كرئيس مسؤول تحتم عليه مكانته التعفف في القول، والابتعاد عن المسائل الشخصية، والتجريح، والهبوط بمستويات الخلاف والحوار السياسي، بالتالي، الى المعدلات التي نتابعها الآن على شاشات التلفزة.

كنا نتوقع ان يرتقي الرئيس عباس الى مستوى المسؤولية، وان يعترف علنا بخطيئته التي ارتكبها باتخاذ قرار تأجيل التصويت على تقرير غولدستون امام المجلس العالمي لحقوق الانسان، والتنكر بالتالي لدماء شهداء المجازر وجرائم الحرب الاسرائيلية في قطاع غزة، ولكنه لم يفعل للأسف الشديد، وكرّس خطاباته للهجوم بشكل شرس على خصومه في حركة 'حماس'، لتحويل الانظار عن هذه الخطيئة، وبمثل هذه الطريقة الساذجة المكشوفة.

الرئيس عباس اتهم حركة 'حماس' باستخدام سحب التصويت على قرار غولدستون من اجل التهرب من استحقاقات المصالحة الفلسطينية واتفاقها الذي كان من المفترض ان يُوقَّع في الثلث الاخير من هذا الشهر، وهو اتهام في محله، لا يمكن الجدل فيه، ولكن من الذي اعطى 'حماس' هذه الهدية التي لم تخطر على بالها ابدا، وهي التي كانت ذاهبة الى طاولة التوقيع مرغمة بسبب الضغوط والتهديدات المصرية، وانسداد الافق امام مشروعها المقاوم في الوقت الراهن، نظرا للمتغيرات الدولية والاقليمية، واشتداد الحصار عليها في قطاع غزة.

كان امرا مؤسفا ان يصل الامر بالرئيس عباس الى القول، عبر منبر الجامعة الامريكية في جنين، بان قيادات 'حماس' هربت من قطاع غزة الى سيناء، وتركت اهل القطاع يواجهون العدوان الاسرائيلي وحدهم، فالرئيس عباس يعرف اكثر من غيره ان مئات من قيادات وكوادر حركة 'حماس' استشهدوا اثناء العدوان مثل الشيخ سعيد صيام وزير الداخلية السابق، والدكتور نزار ريان الذي رفض مغادرة دارته في مخيم جباليا واستشهد وجميع اطفاله وافراد اسرته.

وربما يفيد التذكير بأن الرئيس السابق جورج بوش الذي يتزعم القوة الأعظم في العالم اختبأ في خندق سري اثناء هجمات الحادي عشر من ايلول (سبتمبر) التي نظمتها القاعدة.

اننا لا نبرئ حركة 'حماس' في الوقت نفسه، فقد خرج بعض المسؤولين فيها عن ادب المخاطبة، التي تفرضها التقاليد الاسلامية، في الرد على الرئيس الفلسطيني، ولكن ذنب الرئيس عباس كان كبيرا وصادما، ومن الصعب التعامل معه بلغة العقل وضبط الاعصاب وانتقاء الكلمات والعبارات.

' ' '

المصالحة مطلوبة، والوحدة الوطنية الفلسطينية ايضا، ولكن من الصعب تحقيق اي منهما في ظل الانحدار الراهن في المشهد الفلسطيني، و'حرب الشتائم' التي نعيش فصولها حاليا.

الطريقة الارتجالية التي تعامل فيها الرئيس عباس مع تقرير غولدستون، ومحاولة تصحيح هذه الخطيئة بأخرى، ربما تكونان اخطر، من خلال عرض التقرير مرة اخرى يوم غد الخميس على المجلس العالمي لحقوق الانسان، ودون إعداد جيد، وتنسيق مكثّف مع الاشقاء العرب والمسلمين والاصدقاء في دول العالم. فمن الواضح ان الرئيس عباس يريد 'شلفقة' مسألة التصويت حتى تأتي النتائج بما يؤكد 'صوابية' وجهة نظره في تأجيل التصويت، اي سقوط التقرير لعدم توفر الاغلبية المطلوبة.

الهجوم على 'حماس' لن يخفي حقيقة جوهرية وهي اتباع الرئيس عباس والمجموعة الصغيرة المحيطة به، نهجا سياسيا يتعمد احتقار الشعب الفلسطيني، والدوس على مشاعره وكرامته ودماء شهدائه، بطريقة مهينة تنطوي على الكثير من الاستهتار بذكائه وتاريخه النضالي العريق.

الشعب الفلسطيني يضم مستودعا ضخما للعقول في مختلف التخصصات، القانونية منها على وجه الخصوص، ولم نسمع مطلقا ان سلطة الرئيس عباس استعانت بأي خبير قانوني فلسطيني او عربي او مسلم، وهم يعدون بالمئات، وموجودون في اوروبا وامريكا يدرسون في اعرق جامعاتها، من اجل التعاطي مع كيفية مناقشة تقرير غولدستون امام مجلس حقوق الانسان، في المرة الاولى او في المرة الثانية.

لا يضير حركة 'حماس' ان يعايرها الرئيس عباس بأنها رفضت تقرير غولدستون في بداية الامر، لانه اتهمها بممارسة جرائم حرب، ولن تسعفها محاولة نكران هذه الحقيقة في الوقت نفسه، وكان عليها ان تعترف بهجومها على القاضي اليهودي الجنوب افريقي وفريقه، فهي ليست دولة، كما ان مسؤوليها لن يتضرروا من اي ادانة او ملاحقة دولية امام جرائم الحرب، فهم قادة حركة مقاومة، ومحاصرون حاليا وممنوع عليهم مغادرة القطاع، وفوق هذا وذاك لا نعتقد ان السيدين محمود الزهار او اسماعيل هنية هما من المترددين على جادة الشانزليزيه في باريس، او اكسفورد ستريت في لندن، او فيافينتو في ايطاليا، من اجل التبضع وشراء احدث ما انتجته دور الموضة العالمية لهم ولاطفالهم وزوجاتهم.

' ' '

الفلسطينيون يعيشون ازمة حقيقية من جراء الانقسامات الحالية، والحرب الكلامية التي ترافقها. ولا نبالغ اذا قلنا انها المرحلة الاسوأ في تاريخهم، فقد نسي الطرفان، فتح وحماس، الاحتلال الاسرائيلي وعمليات الاستيطان المستمرة، ومحاولات تقويض المسجد الاقصى واقامة كنيس يهودي على انقاضه، في غمرة هذه الحرب الاهلية الكلامية.

المصالحة الفلسطينية باتت من المستحيلات في الوقت الراهن، وان كنا نعتقد انها لم تكن ممكنة قبل انفجار ازمة تقرير غولدستون، فقد ارادتها حركة 'حماس' من اجل كسب الوقت والتهرب من الضغوط، وارادتها سلطة عباس، ولا نقول حركة 'فتح' البريئة من فضيحة التقرير المذكور، لتجنب إغضاب الاشقاء المصريين، وتحمّل مسؤولية فشل المصالحة بالتالي.

المصالحة في شكلها السابق كانت مثل عملية زواج بالاكراه، او خلط الزيت بالماء، وباتت الآن اكثر صعوبة، والشعب الفلسطيني يدرك هذه الحقيقة.

انفجار الانتفاضة الثالثة، سلمية كانت او غير سلمية، ربما يكون المخرج المشرّف من الازمة الحالية الخانقة، فحماس لم تعد تمارس المقاومة بشكلها المعهود، والصواريخ لم تعد تهطل كالمطر على المستوطنات الاسرائيلية، اي انها تعيش على الماضي القريب (عمليات استشهادية ومقاومة) وحركة فتح تعيش على الماضي البعيد (اي اطلاق الرصاصة الاولى)، اما رهان السلطة على عملية سلمية عقيمة فقد تأكد فشله. الرئيس عباس لا يجب ان يستخدم ورقة الدعوة الى انتخابات تشريعية ورئاسية في الضفة مطلع العام المقبل كتهديد لحركة 'حماس'، لان مثل هذه الخطوة لن تبرئه من خطيئة تقرير غولدستون، ولن تعطيه الشرعية التي يتطلع اليها. عليه ان يواجه استحقاق هذا التقرير اولا، ويقدم نفسه للمحاسبة والمحاكمة ثانياً.

الانتخابات هي نتيجة توافق سياسي، ومشاركة جميع الوان الطيف السياسي فيها، ومن اجل خدمة مشروع وطني، ولهذا فإن الدعوة لها في ظل الاحتلال والانقسامات الحالية ستعطي نتائج عكسية تماما، خاصة بعد ان ثبت ان السلطة المنبثقة عن هذه الانتخابات جاءت من اجل التعايش مع الاحتلال وليس مقاومته، وعلى حساب مشروع التحرر الوطني الفلسطيني.

تعقيب:

لأول مرة أجد نفسي أمام مقال يغنيني عن التعقيب عليه ..

فمتابعتي للخطابات المتبادلة بين رموز الجانبين الفلسطينيين وضعتني في حالة من الذهول الشديد ..

لا أعتب على عباس المحتاس .. فهذا هو يخرج للعلن على حقيقته وبدون ميكياج ..

عتبي على رموز "حماس" الذين لم يكن عليهم الانجرار وراء هذا الإمعة ..

فهذا جل ما كان يبغي ليخرج من الزاوية التي حشر فيها نفسه بتعاطيه مع تقرير جولدستون ..

كنا نقول منذ البدء باستحالة تحقيق أية مصالحة بين النقيضين ..

فلا زمرة أوسلو ستتخلى عن مخازيها في العمالة العلنية ..

ولا حماس سوف تتخلى عن ثوابتها التي هي ثوابت الشعب الفلسطيني ..

وهاهي امريكا قد أنهت ذلك الجهد الحثيث والحميم للوساطة المصرية برفضها جملة وتفصيلا ..

ما أسخم من بوش إلا أوباما .. (أسخم من السخام = السناج = الهباب)..

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

دعاه إلى التصالح مع "فتح" أولاً

عطوان: "عباس" يصبُّ جام غصبه على "حماس" بدل الاحتلال الصهيوني

[ 13/10/2009 - 08:57 م ]

غزة - المركز الفلسطيني للإعلام

قال عبد الباري عطوان رئيس تحرير جريدة "القدس" اللندنية: "إن رئيس السلطة المنتهية ولايته محمود عباس يصبُّ جام غصبه على حركة المقاومة الإسلامية "حماس"؛ بدلاً من أن يوجِّهها للاحتلال الصهيوني الذي يهوِّد القدس، ويهدم البيوت ويعتقل الفلسطينيين ويغتال المجاهدين في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة".

وأضاف في تصريح لفضائية "الجزيرة" الثلاثاء (13-10) أنه كان يتوقع من "عباس" تحمُّل المسؤولية عما جرى في جنيف بعد سحب "تقرير غولدستون"، وأن يعتزل ويبتعد عن الساحة السياسية ومناصبه القيادية؛ لأنه احتقر الشعب الفلسطيني ودماء شهدائه وأنين جرحاه.

وأشار إلى أن عباس مستمرٌّ في قيادة الشعب الفلسطيني نحو الحرية والاستقلال؛ كأنه الرئيس الشرعي للسلطة الفلسطينية.

وأكد عطوان أن رئيس سلطة رام الله محمود عباس بحاجة إلى المصالحة مع حركة "فتح" أولاً، ثم الذهاب للمصالحة مع "حماس" بعد ذلك.

وأوضح أن كلاًّ من "اللجنة المركزية" و"اللجنة التنفيذية" لحركة "فتح" لم تكن تعرف بقرار عباس بتأجيل "تقرير غولدستون" وكذلك مستشاره السياسي ياسر عبد ربه.

وتساءل عطوان ساخرًا: إذا كان هذا حال محمود عباس مع قادة حركته وأقرب المستشارين إليه، فكيف نتصور أن يتصالح مع "حماس"؟!

واستنكر عطوان حديث البعض عن المصالحة، في حين أن عباس رفض مقابلة خالد مشعل عند زيارته دمشق مرتين في الوقت الذي لم يمانع الالتقاء بالعدو الصهيوني في نيويورك قائلاً: "وكأن مشعل أخطر على فلسطين من ليبرمان ونتنياهو وباراك!!".

تم تعديل بواسطة أسامة الكباريتي

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
  • الموضوعات المشابهه

    • 0
      قال المستشار حسين أبوالعطا رئيس حزب المصريين: إن الدولة المصرية مستمرة فى جهودها لتعزيز وصون حقوق الإنسانعرض الصفحة
    • 0
      كثيرة هى أمنيات وأحلام ورغبات العام الجديد أى عام جديد. العام الجديد يأتى بعد عامين هما الأقسى والأغرب على العرض الصفحة
    • 30
      دزدار أثناء أدائها اليمين القانونية بعد تعيينها وزيرة أمام رئيس النمسا هاينز فيشر فيينا – رويترز قال وزير خارجية النمسا، سباستيان كورتس، الجمعة، إنه يريد منع الموظفات في المؤسسات المدنية، بمن في ذلك المدرسات من ارتداء الحجاب. ويعمل كورتس – الذي ينتمي لحزب الشعب النمساوي المسيحي المحافظ – على إعداد مشروع قانون بهذا الشأن مع منى دزدار وهي وزيرة دولة من الحزب الديمقراطي الاجتماعي النمساوي شريك حزب كورتس في الائتلاف، وهي مسلمة ذات أصول فلسطينية. وفي حالة موافقة البرلمان على هذا القانون سي
    • 0
      قصة الشاب سعيد، وهو من أصول فلسطينية. سافر قبل أشهر في رحلة سياحية إلى مصر، وتعرض إلى ضرب مبرح، من دون أن يعرف كيف يسأل ضاربيه، بلغة عربية لا يجيدها، عن سبب الاعتداء عليه. كلّ ما فعله يومها أنّه قال لمجموعة من العمال إنّه ولد في أوروبا ومن جنسية أوروبية لكنّ أصله فلسطيني. قطع رحلته وأخبر شركة السياحة بما حدث على أمل التحرك. لكن، لم يحدث شيء في القضية سوى مساعدته على المغادرة وتلقي العلاج في البلد الذي يحمل جنسيته. أما بخصوص الشرطة المصرية فيقول لـ"العربي الجديد": "هؤلاء فاسدون ولست معتاداً على ذ
    • 1
      منذ أسبوع ورومانيا تعيش ثورة شعبية في شوارع وساحات مدنها وبلداتها، وبدأت بسب احتجاج عبر الهاتف قام به الرئيس الروماني، ترايان باسيسكو، ضد طبيب فلسطيني الأصل كان يتحدث في مقابلة تليفزيونية عن قانون صحي جديد تقدم به الرئيس، فغضب الطبيب الذي تحدثت اليه "العربية.نت" ليل اليوم الاثنين بسبب المداخلة واستقال، وعلى أثرها اشتعل فتيل الغضب الشعبي بمظاهرات على طراز "الربيع العربي" بامتياز. مظاهرات في شوارع بوخارست كانت المقابلة ليلة 9 الشهر الجاري على شاشة محطة "رياليتاتيا" المحلية مع وكيل وزارة الصحة
×
×
  • أضف...