اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

قرن من الجهاد - ثورات شعب فلسطين - ونكباته


Recommended Posts

هنا نجد لزاما أن نتوقف قليلا امام الدور المباشر والمؤثر للعمل المقاوم للمجاهدين الفلسطينيين والذي تلاحم بشكل فوري مع تدفقات المجاهدين من المتطوعين العرب الذين هبوا من مختلف البلدان بأعداد متفاوتة ..

وقد ذكر لي والدي رحمه الله أنه كان يلازمه مجاهد حجازي طوال العام 1947 وحتى مغادرة معظم سكان يافا قبيل انسحاب الانكليز منها أوائل أيار/مايو 1948 ..

وأن قواته التي كانت ترابط في منطقة تل الريش المتاخمة لحدود مستوطنة يهودية تلقت بعضا من الدعم في العتاد من جيش الإنقاذ العربي، وإن كانت الأسلحة المستلمة قديمة وكثير منها قد علاه الصدأ .. وأن كثير من الذخائر المستلمة لم تكن مناسبة لتلك الأسلحة والبعض منها كان تالفا ..

وخير مثال لإيجابية الدعم العسكري المباشر للمتطوعين العرب هو ما أورده الدكتور حسان حتحوت رحمه الله في مذكراته عن الفترة التي أمضاها متطوعا في الهلال الأحمر المصري الذي كان له دور بارز ومؤثر في تقديم الخدمات الطبية الميدانية في مختلف مواقع القتال بين المجاهدين الفلسطينيين وعصابات اليهود التي كانت تهاجم كافة المدن والقرى بشكل منتظم ..

وقد أمضى د. حتحوت فترة عصيبة في مدينة اللد القريبة من يافا حيث تعرضت لعشرات الهجمات العنيفة من قوات الهاجاناة والأرجون تسفاي ليؤمي ..

وقد سرد د.حتحوت وصفا مؤثرا للخدمات التي كان يقدمها المشفى الذي كان يديره -رغم حداثة تخرجه-

وذكر في مذكراته الدور المباشر للنجدات التي كان يهِبّث خلالها فرسان بلدة الكرك الأردنية على خيولها لتقديم العون العسكري المباشر للمقاومين المدافعين عن المدينة وتأثير تلك النجدات على دحر قوات العصابات الصهيونية وكسر هجومها وتراجعها عن المدينة ..

وهنا يحضرني تدفق رجال كنانة العرب الأشاوس على جنوب ووسط فلسطين وسيطرتهم المطلقة على مساحات شاسعة من المناطق التي اجتاحوها بالتنسيق مع المجاهدين الفلسطينيين أولا ومع قوات الجيشين المصري والأردني بعد دخولهما إلى فلسطين بعد 15 أيار/مايو 1948 ..

وكان للضباط المصريين الذين قادوا عمليات المتطوعين البواسل الدور المبرز في تقديم نمطا غير طبيعي لما يمكن للشعوب أن تفعل عندما يجد الجد ..

الشهيد البطل أحمد عبد العزيز وقبره في بيت لحم القريبة من القدس ومافعله الجيش الصهيوني بشاهده يوم دخولهم بيت لحم خير مثال على القدرات الحقيقية للمجاهدين العرب .. وما يمكن لهم أن يصنعوه عندما تتاح لهم الظروف المناسبة ..

Batal_ahmad_abdel_aziz.jpg

وقد عرضت قناة الجزيرة مؤخرا فيلما تسجيليا عن البطل أحمد عبد العزيز قائد الفدائيين في حرب فلسطين 48 ، تحت عنوان "الطريق إلى القدس"

الفيلم موجود على يوتيوب في 13 جزء

وهذا رابط الجزء الأول

http://www.youtube.com/watch?v=g3c_Pbq_wKU

أحمد عبد العزيز

قائد فرقة الكوماندوس المصري في حرب 1948

الرابط : فضاءات عربية

من اعداد : حسين حسنين - مصر

قبل الهدنة الأولى، وخلال أسابيع معدودة، كتائب الفدائيين (المتطوعين) المصريين، والقوات النظامية اللجيش المصري كانت :

- تطهر قضاء غزة من العصابات الصهيونية

- تسيطر على بئر السبع ومحيطها فتقطع خطوت اتصال شمال فلسطين بجنوبها.

- بعد معركة استمرت 13 يوما تمكنوا من السيطرة على القدس القديمة بالكامل.

- تحاصر القدس الغربية.

- صباح الخميس 4 يونيو 1948 وصلت القوات النظامية المصرية الى" بيت لحم " قادمة من " بيت جبرين " بعد انتصار ساحق على القوات اليهودية.

- القوات النظامية تصل إلى المجدل واسدود.

- عند تنفيذالهدنة كانت القوات المصرية تشطر فلسطين الى شطرين من جنوب القدس مباشرة الى الساحل بشمال أشدود.

· أين ذهبت كل هذه الانتصارات المذهلة ؟

· المذهل أن ما كان يحرره الفدائيون ويسلمونه للجيش الأردني، يقوم بإعادته ثانية لليهود !!

· بامر عسكري مباشر على جهاز اللاسلكي وبشهادة (حسن التهامي) .. قام الجيش الأردني بتسليم مدينتي اللد والرملة (قرب يافا) لليهود.

· هنا ياتي تطبيق اتفاقية (فيصل – وايزمن)..

· من الذي كان وراء اغتيال أحمد عبد العزيز.

ولد أحمد محمد عبد العزيز فى 29 يوليو عام 1907 بمدينة الخرطوم حيث كان والده الأميرالاى (عميد) محمد عبد العزيز قائد الكتيبة الثامنة مشاه فى مهمة عسكرية مصرية بالسودان.

قضى أحمد عبد العزيز مراحل تعليمه الأولى بالسودان وعاد مع أسرته الى القاهرة فى عام 1919 وهو فى المرحلة الثانوية . يذكر أنه شارك فى مظاهرات ثورة 1919 وعمره لم يتعد بعد الثانية عشره .

فى عام 1923 دخل أحمد عبد العزيز السجن بتهمة قتل أحد الضباط الإنجليز وأفرج عنه وتم إبعاده من القاهرة الى المنصورة . وعندما حصل على شهادة البكالوريا التحق بالمدرسة الحربية ، وتخرج منها ضابطا بسلاح الفرسان ، ثم التحق بسلاح الطيران .

بعد ذلك طلب إحالته إلى الاستيداع ليقوم بتشكيل فرقة من المتطوعين الفدائيين لإنقاذ فلسطين من أيدى اليهود . ومع فرقته من الفدائيين اقتحم العريش ومنها الى خان يونس التى وقع بها قتال ضار مع اليهود ، وفى هذه الواقعة رفض المسئولون المصريون إمداده بالأسلحة المتطورة ، ثم جاءت أحداث الأسلحة الفاسدة التى أثرت كثيرا على فرقته من الفدائيين .

عندما قررت الحكومة المصرية دخول حرب 1948 عارض أحمد عبد العزيزذلك القرار بشدة ، وشرح موقفه للقيادة المصرية بأن الحرب مع اليهود لا تتطلب سوى كتائب خاصة لأنها تقوم على أساس حرب عصابات ومن ثم فهى لا تتطلب جيشا نظاميا لأن الغلبة سوف تكون فى أيدي من ينفذ حرب العصابات على الأرض . وعلى الرغم من رفضه دخول الجيش المصرى النظامى الى ساحة حرب العصابات، قام أحمد عبد العزيز وفرقته من الفدائيين بعمليات تطهير لمدخل غزة لتأمين دخول القوات المصرية النظامية ، وقداستعان فى عمليات التطهير تلك بسلاح المدفعية الذى ساعده فى السيطرة على قطاع غزة والمسالك المؤدية إليها.

وقد واصل أحمد عبد العزيز زحفه وسيطرته على الأرض حتى مستعمرة " بيرون اسحاق " التى استولى عليها فى 15 مايو 1948. فى الوقت نفسه كانت الطائرات المصرية تقوم بضرب مواقع العصابات الصهيونية فى ( بيت حانون ) ، فى الوقت الذى كانت تتقدم فيه المشاه المصرية .

فى ليلة 18 مايو 1948 ذهب أحمد عبد العزيزالى قيادة القوات المصرية التى كانت ترابط فى غزة وطلب منهم الحصول على مدفعين فقط كى يقوم بالاستيلاء على بئر السبع الذى يعد موقعا إستراتيجيا هاما وعقدة المواصلات فى فلسطين والمفتاح الى النقب ، لكن القيادة المصرية رفضت تزويده بالمدافع بسبب نقص فى العتاد وربما لأسباب أخرى . ومع ذلك ذهب احمد عبد العزيز ورفاقه من الفدائيين الى بئر السبع معتمدا على عنصر المفاجأة، ولما وصل إلى بئر السبع أستقبله الأهالي هناك بحفاوة بالغة .

وفى هذا الخصوص يقول الصاغ صلاح سالم فى مجلة التحرير: كان القتال بيننا وبين الاعداء شديدا ، وكثيرا ما كانت قوافل اليهود تقع فى كمائن القوات المصرية. ( يذكر أن صلاح سالم أصبح فيما بعد من أعضاء مجلس قيادة ثورة 23 يوليو 1952) .

فى نفس السياق قال اليوزباشى حسن التهامى (أصبح فيما بعد عضو قيادة ثورة 1952) : بعد أن عقد القائد أحمد عبد العزيز اجتماعا لوضع خطة السيطرة على بئر السبع واتفق على أن يتم البدء بالسيطرة على مستعمرة ( بيت ايشل ) وهى أقرب المستعمرات الى بئر السبع. وبالفعل تمت الإغارة على المستعمرة، وإستشهد فى تلك الإغارة أنور الصبحى . وبعد صراع دام ثلاثة أيام تمت السيطرة على المستعمرة ، لكن حدث ما لم يكن متوقعا ، فقد كان من المفترض أن يتم التنسيق بين أحمد عبد العزيز والقائد الأردنى "حكمت مهيار" ، لكن بعد معركة المستعمرة اتجه القائد حكمت مهيار وجنوده الى السلب والنهب وانتزاع الغنائم دون الاهتمام بتعقب العدو وتطهير أرض المعركة من ذيول وأثار العدو ، فى الوقت نفسه صدرت أوامرالقيادة الأردنية العليا لأحمد عبد العزيز بترك المستعمرة تحت تصرف حكمت مهيار (يذكرأن قيادة الأردن كانت مسئولة عن ذلك القطاع وكان أحمد عبد العزيز يخضع لأوامرها)، وتقدم أحمد عبد العزيز وجنوده للإقامة فى معسكر بمدرسة " صور باهر " . لكن فى مساء نفس اليوم صدرت أوامر القيادة العامة الأردنية إلى حكمت مهيار بالانسحاب من المستعمرة ، وهو ما أثار العديد من التساؤلات خاصة وأن ذلك أدى الى عودة اليهود الى المستعمرة ثانية وأحكموا قبضتهم عليها؟!!!!!!!! .

أما أحمد عبد العزيز فقد تقدم الى منطقة الخليل ومنها الى الأراضى المقدسة . وفى 29 مايو 1948 صرح أحمد عبد العزيز للصحفى محمد حسنين هيكل الذى كان يعمل لجريدة لإيجبسيان جازيت الإنجليزية بالقاهرة ، فقال : إننا الآن على أبواب القدس ، والجيش المصرى يدك حصون مستعمرتي " راماتن راحيل " و " تل بيوت " وسوف نقتحم الطريق الجنوبى الى القدس .

فى هذا الخصوص يقول حسن التهامى: " لقد نفذنا بقيادة أحمد عبد العزيز هجمات عنيفة على العصابات اليهودية وأستمر ذلك الصراع نحو 13 يوما بعدها سقطت القدس القديمة فى أيدى المصريين" .

فى الوقت نفسه كانت القوات المصرية النظامية قد انطلقت من شمال غزة الى دير سنيد ثم الى المجدل وأسدود، واتجهت شرقا فاحتلت الفالوجا و" بيت جبرين" ، ثم " نجية " ، و" أسرمد" ، وفى طريقها الى تل أبيب كانت الطائرات المصرية تضرب " تل أبيب " و" بتاح " و " راخابوت ". فى الوقت نفسه اتخذت القوات المصرية النظامية طريقها الى القدس ، كما أخذ أحمد عبد العزيز طريقه الى مركز قيادة الجيش العربى فى القدس وكان معظمه مع الأردنيين ، لكن التفاهم معهم كان صعبا للغاية (السبب وراء تلك العرقلة الأردنية غير مفهوم!!!) ، فقد رفضوا إعطاء المصريين المعلومات الكافية عن سير المعركة أو حتى خرائط الوضع الميدانى أو إعطاء أية تسهيلات ميدانية .

وفى صباح الخميس 4 يونيو 1948 وصلت القوات النظامية المصرية الى" بيت لحم " قادمة من " بيت جبرين " بعد انتصار ساحق على القوات اليهودية ، وأقيم لذلك النصر الميدانى حفل كبير وتم رفع العلمين المصرى والفلسطيني على بيت لحم فى احتفال عسكرى مهيب .

فى الوقت نفسه قام أحمد عبد العزيز بتشديد حصاره على اليهود الموجودين فى القدس الجديدة (القدس الغربية ) . لكن ما حدث بعد ذلك كان غير متوقع، فقد أعلنت الهدنة الأولى لمدة أربعة أسابيع ، وبدأ تنفيذها فى 11 يونيو عام 1948، وتلك كانت مفاجأة مذهلة للقوات المصرية لأنها كانت نقطة التحول الكبرى فى تاريخ الصراع العربى الاسرائيلى .

فى هذا الصدد قال احمد عبد العزيز: لم نكن نريد الهدنة على الإطلاق ، وكان هدفنا إحكام السيطرة الكاملة على كافة الأراضى الفلسطينية وطرد اليهود منها ، وكنا قاب قوسين أو أدنى من عودة فلسطين للعرب ، لكن التدخل البريطاني كان واضحا وسافرا وكان هدفهم واضح للعيان وهو عدم سيطرة العرب على فلسطين.

وطبقا لرواية المراسل الحربى لجريدة الأساس ومجلة المصور جميل عارف الذى قال: عند تنفيذ الهدنة كانت القوات المصرية تشطر فلسطين الى شطرين من جنوب القدس مباشرة الى الساحل بشمال أشدود ، وكان اليهود فى جزع شديد على مصير نحو ثلاثين مستعمرة يهودية فى جنوب فلسطين قد عزلتها القوات المصرية تماما . وحاولت قوات اليهود أن تكسرالحلقة المصرية لكن دون جدوى . لذلك أخذ اليهود فى تموين المستعمرات تارة بواسطة الطائرات البريطانية وأخرى بتهريب القوافل ليلا لكن كثيرا ما كانت هذه القوافل تقع فى كمائن القوات المصرية التى كان يصنعها أحمد عبد العزيز ومن معه من الفدائيين وعلى رأسهم كمال الدين حسين قائد المدفعية .

المؤسف هنا أن اليهود استفادوا كثيرا من تلك الهدنة . وفى هذا الصدد يقول حسن التهامى: " عندما انتهت الهدنة الأولى فى 9 يوليو 1948 كان معي قائد الوحدة الأردنية اليوزباشى قاسم الناصر فى منطقة ( عطوف ) وهى أقرب المناطق الى القدس، وسمعته بأذني وهو يتحدث عبر جهازه اللاسلكي مع القيادة العامة الأردنية ، وكانت القيادة تأمره بالانسحاب من مناطق ( اللد والرملة ) وهما أقرب المناطق الى القدس من جهة الغرب ، وقد رفض القائد الاردنى الانسحاب ، وعندما أصر قاسم على الاستمرار مع القوات المصرية، هددته القيادة العامة الأردنية بأنه سوف يتحمل وحده نتيجة عصيانه تنفيذ الأوامر العسكرية ، ولن يتم إرسال عتاد وذخيرة له بعد اليوم .

ويضيف التهامى: وفى اليوم التالى فوجئت بإنسحاب الجيش الاردنى من اللد والرملة ، وتم تركها لليهود .

تلك كانت نقطة تحول فارقة فى تاريخ المعركة أيضا . فقد قامت القوات اليهودية بإنشاء طريق جديد الى القدس الغربية بعد أن قام أحمد عبدالعزيز وقواته بإغلاق الطريق الأصلى المؤدى الى القدس . وهنا حضر اللواء أركان حرب محمد نجيب ليستطلع الأمر بنفسه ".

فى الوقت الذى كان يقوم فيه حسن التهامى بمطاردة اليهود فى طريق ( جرعة ) عبر الجبال ، جاء زكريا محيى الدين الى منطقة عطوف التى انسحب منها الأردنيون ومكث بها حتى عودة حسن التهامى وقواته وطلب منهم زكريا الانسحاب الفورى من عطوف بناء على تعليمات القيادة العسكرية المصرية ، وعندما رفضت قوات الفدائيين الانسحاب هددها زكريا محيى الدين بأنه لن يتم إمدادهم بالذخائر وأن رفضهم سوف يعرضهم للمحاكمة العسكرية . وبالفعل انسحبت قوات حسن التهامى الى ( بيت جبرين ) التى كانت آخر معاقل الخط المصرى فى هذا الاتجاه .

لقد تبين بعد ذلك أن سبب انسحاب القوات المصرية والأردنية راجع الى الضغوط الشديدة التى فرضتها القيادة البريطانية على النظامين المصرى والأردنى وطالبتهما بانسحاب قواتهما والا ستتدخل بريطانيا عسكريا لحسم الموقف على الأرض لصالح اليهود .

كان الهدف واضحا، وهو انسحاب القوات العربية لتمكين القوات اليهودية من الاستيلاء على الأرض دون أدنى خسائر فى القوات اليهودية التى فقدت الكثير فى المعارك الأولى . فى ذلك الوقت كان أحمد عبد العزيز قد أقام نقاطا دفاعية حصينة مع قواته من الفدائيين فى منطقة (صور باهر) واستطاع بذلك أن يسيطر على المستعمرات المحيطة بالقدس الغربية التى كانت تهدد الطريق المؤدى الى القدس من الجنوب .

فى منتصف أغسطس 1948 انتهت القوات المصرية من وضع تخطيط لخطوط الهدنة وتحديد القطاعات على طول الجبهة تحت إشراف مراقبي الهدنة . لكن بعد ذلك مباشرة توالت اعتداءات اليهود .

ففى 19 أغسطس 1948 شن اليهود هجوما عنيفا على قوات أحمد عبد العزيز وتصدى لهم بقوة وأوقف تحركهم ، واستمرت اعتداءاتهم مما أدى الى تحويل خرق الهدنة على مجلس الأمن . وبالفعل أصدر مجلس الأمن قرارا بوقف الاعتداء لكن إسرائيل لم تنفذه وتعللت بأن القوات المصرية احتلت جبل المكبر وأن اليهود لن يتركوا المناطق التى احتلوها إلا إذا انسحبت القوات المصرية من ذلك الموقع الحيوي.

وفى النهاية تمت الموافقة على عقد مؤتمر تحضره الأطراف المتنازعة للعمل على إيجاد منطقة محايدة تمس جبل المكبر بحيث تؤدى الى انسحاب قوات الفدائيين بقيادة القائد السنغالي الشجاع عبد الله الافريقى الذى كان يرفض تماما الانسحاب من منطقة جبل المكبر الاستراتيجية .

إغتيال أحمد عبد العزيز:

فى 20 أغسطس 1948 تسلم أحمد عبدالعزيز مذكرة من مندوب الهدنة الامريكى تشير الى عقد اجتماع مع القائد اليهودي ورئيس المراقبين الدوليين ومندوب الصليب الأحمر للنظر فى المشاكل التى نتجت عن احتلال اليهود للمنطقة المحرمة الخاضعة للصليب الأحمر، وعندما حان موعد الاجتماع قصد أحمد عبد العزيز تجاه القدس لكن خلال الطريق تعرض لإطلاق الرصاص على سيارته من قبل اليهود ، فأضطر احمد عبد العزيز الى العودة، وبعث احتجاجا لمندوب الهدنة الامريكى الجنرال زايلى. وفى يوم الأحد 23 أغسطس دعي احمد عبد العزيز لحضور المؤتمر مرة أخرى بعد تقديم الاعتذار له . وفى المؤتمر أصر احمد على تسجيل العدوان اليهودي على أموال وأرواح العرب ، وكان يمثل اليهود فى ذلك المؤتمر موشى ديان .

وبعد مباحثات مطولة انتهى الاجتماع بقرارات تقضى بسحب القوات اليهودية خلال 24 ساعة من المناطق التى احتلتها ووقف اطلاق النار على طول الجبهة فورا ومطالبة حكومات الدول بالنظر فى موضوع خلق منطقة حرام .

وبعد الاجتماع عاد أحمد عبد العزيز الى موقعه وتناول غداءه ، وأصر على التوجه مباشرة الى مقر القيادة العامة فى غزة لإبلاغهم بما حدث بالمؤتمر وذلك على الرغم من مناشدة رجال أحمد عبد العزيز بعدم السفر ليلا وتأجيل ذلك للصباح الباكر إلا أنه أصر على ذلك واصطحب معه الصاغ صلاح سالم الذى قاد سيارته بدلا من السائق الذى جلس فى الخلف وكان معهما الضابط الوردانى أحد رجال احمد عبد العزيز المقربين . وكان صلاح سالم يعرف كلمة السر التى كانت فى تلك الليلة (غزة) . ويقول صلاح سالم : عندما اقتربت السيارة من بلدة ( عراق المنشية ) التى تبعد عن الفالوجا نحو 2 كيلومتر سمع صوت طلق نارى خارجا من أحد خنادق البلدة وسمع فى الوقت نفسه أنين أحمد عبد العزيز الذى ارتمى على صلاح سالم ممسكا بذراعه (حسب رواية صلاح سالم فيما بعد) . وحاول صلاح سالم ومن معه بالسيارة حمله الى مستشفى ميدانى بالفالوجا لكن قبل وصوله الى المستشفى كان أحمد عبد العزيز قد فارق الحياة فى ليلة 23 أغسطس 1948 عن عمر لا يزيد عن 41 عاما .

وتتعدد الروايات حول مقتله أو إغتياله : فقد نشر بجريدة الأهرام رواية صلاح سالم وهى الرواية الرسمية السابق الإشارة إليها . وهناك رواية أخرى تقول أن الذى اغتاله مجموعة فلسطينية مقاتلة كانت تقوم بعمليات عشوائية واشتبهت فى السيارة التى كان يركبها .

أما الرواية الثالثة فتشير إلى دور قيادة الجيش المصرى الغاضبة من أحمد عبدالعزيز وحماسه وعدم التزامه التام بأوامر قادة الجيش .

والرواية الرابعة توجه أصابع الإتهام إلى الحكومة المصرية التى كانت تخشى من تصاعد نجم أحمد عبدالعزيز بعد أن بدأت الصحافة المصرية تصفه بـ«البطل» خاصة بعد أن نشر محمد حسنين هيكل يومياته وصوره فى الجبهة فى جريدة الإيجيبيان جازيت ، ثم فى أخبار اليوم ، وبدأت الناس تنتظر أخباره من فلسطين . والرواية الخامسة كانت من جانب الإخوان المسلمين الذين لمحوا إلى ما قاله حسن التهامى من أن كتيبة «عراق المنشية» كانت فى ذلك الوقت تحت قيادة جمال عبدالناصر.

تم تعديل بواسطة أسامة الكباريتي

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

abedalazez3.jpg

رصاصة صهيونية أصابت شاهد القبر بعد احتلال الضفة في العام 1967

المحتلون يحاصرون البطل أحمد عبد العزيز بعد 58 عاما من انتهاء الحرب

بيت لحم ـ مؤسسة فلسطين للثقافة

أدت أعمال استيطانية متواصلة في ضريح قبة راحيل الإسلامي، شمال بيت لحم، الذي حولته سلطات الاحتلال الإسرائيلية إلى كنيس يهودي، إلى محاصرة نصب تذكاري في المقبرة الإسلامية التابعة للضريح، يعود لقائد المتطوعين المصريين في حرب فلسطين عام 1948.

واحيط النصب الذي يخلد ذكرى الضابط الشهير أحمد عبد العزيز، بأسلاك شائكة بينما ارتفعت بجانبه الأسوار العالية وفتحات المراقبة التي يشهر منها الجنود أسلحتهم، حيث يشكل الكنيس اليهودي جيب استيطاني وسط محيط عربي.

abedalazez1.jpg

الجدران والاسلاك الشائكة تحيط بنصب احمدعبدالعزيز

وتعمل الجرافات بداب لتوسيع الكنيس الذي لم تتوقف أعمال التوسع فيه منذ حزيران (يونيو) 1967، وتسعى سلطات الاحتلال إلى ضم المنطقة إلى حدود بلدية القدس الإسرائيلية ونزعها من حدود بلدية بيت لحم.

وحسب حارس المقبرة فان للإسرائيليين "ثأر قديم مع البطل أحمد عبد العزيز" يعود إلى تلك الحرب التي انهزمت فيها الجيوش العربية، وكان من نتائجها إقامة دولة إسرائيل وتشريد الشعب الفلسطيني.

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

نكبة فلسطين الكبرى

1948

د. كمال إبراهيم علاونه

أستاذ العلوم السياسية

فلسطين العربية المسلمة

1. مجريات حرب فلسطين 1948

عند إعلان قرار تقسيم فلسطين عن الجمعية العامة للأمم المتحدة اندلعت نيران الثورة في فلسطين بصورة عفوية دون إعداد عربي مسبق لها ، بينما كان الجانب اليهودي يعد العدة لذلك في شتى مجالات التسليح والتدريب والخطط العسكرية والتهيئة النفسية والحربية الشاملة .

ثم أنشأت الهيئة العربية العليا قيادة عامة للعمليات فقسمت فلسطين سبع مناطق يتولى كل منها قائد عسكري : القدس ، بيت لحم ، رام الله ، المنطقة الغربية ( يافا والرملة واللد ووادي الصرار والمجدل ) ، والجنوب ، ومنطقة طولكرم وجنين ، والمنطقة الشمالية [1] .

وقد زودت الهيئة العربية العليا عرب فلسطين ببعض التجهيزات والعتاد العسكري التالي : 5396 بندقية ، و499 مدفعا رشاشا ، و364 بندقية تومي ، و309 مسدسات ، و124 مدفعا مضادا للمصفحات ، و66 مدفعا مضادا للدبابات ، و23 مدفعهاون ، و1609 صندوق متفجرات ، و46،740 قنبلة ، و3867 لغما جاهزا ، وبعض كميات الذخيرة والتجهيزات الأخرى ، بينما قدمت اللجنة العسكرية العربية للفلسطينيين 1600بندقية فقط . [2]

وكانت الحركة الصهيونية أعدت العدة لاحتلال كامل أجزاء فلسطين بعد جلاء قوات الاحتلال البريطاني عنها . تمثلت بوضع خطط استراتيجية منذ عام 1942 وهوعام إنشاء الجيش اليهودي في مؤتمر بلتيمور في نيويورك . وكذلك بناء المستعمرات اليهودية ورفدها بالمهاجرين اليهود الجدد ، والعمل على التواصل الجغرافي بين هذه المستعمرات . وفي السياق ذاته ، وضعت خطة عسكرية يهودية للإستيلاء على فلسطين ( خطة د ) خطط لها وأعدتها الهاغاناة اليهودية بهدف السيطرة على السلطة على جميع البلاد ، وفي البداية السيطرة على السلطة ضمن حدود قرار التقسيم وحماية المستعمرات اليهودية وتدمير القرى العربية قرب المستعمرات اليهودية وتهجير السكان الأصليين ، وحصارالمدن العربية لتفريغها من أهلها العرب [3] .

وقدرت القوات العربية التي جاءت لإنقاذ فلسطين بنحو 20 ألف جندي : منهم 10 آلاف جندي مصري من ضمنهم سرايا من الجيشين السوداني والسعودي ومتطوعين ليبيين وتونسيين وجزائريين ، و4500 جندي أردني، و3000 جندي عراقي ، و3000 جندي سوري ، و1000 جندي لبناني .

في حين كان عدد قوات المنظمات اليهودية - الصهيونية الإرهابية حسبما تبين من دار الوكالة اليهودية : 20ألف جندي مدربين ومزودين بالسلاح كاملا ، و10 آلاف جندي مدربين كاملا لم يتم تزويدهم بالسلاح كاملا ، و30 ألف جندي دربوا جزئيا ولم يزودوا بالسلاح ، و60 ألف جندي ينتمون لمنظمة الهاغاناة ، و6000 آلاف جندي ينتمون لمنظمة الارغون وكان بعضهم مسلحا ، و1000 جندي ينتمون لمنظمة شتيرن وكان بعضهم مسلحا[4].

وهنا مصادر تاريخية تقول ، إن الهاغاناة تكونت فعليا من الأقسام التالية : 40 ألف قوة ثابتة ، و16 ألف قوة ميدانية ، و6 آلاف قوة دائمة التعبئة ، إضافة إلى 5 آلاف قوات الأرغون و3 آلف قوات شتيرن أي نحو سبعين ألف جندي[5]مدرب ومنظم جيدا بعتاد جديد وكميات أسلحة متنوعة وهائلة.

ودخلت وحدات الجيوش العربية فلسطين صباح يوم 15أيار 1948 ، وكانت معظم أراضي فلسطين تحت سيطرة المنظمات الصهيونية فاندفعت القوات العربية مسيطرة على مساحة كبيرة من فلسطين خلال أيام قليلة وحتى الأشهر الأربعة الأولى كان الموقف العسكري حليفا للعرب فسيطرت الجيوش العربية السبعة إضافة إلى قوات الجهاد المقدس بقيادة عبد القادر الحسيني وقوات فوزي القاوقجي من المتطوعين على مناطق واسعة من فلسطين وحاصرت قوات المنظمات اليهودية – الصهيونية .

واستخدم العرب طريقة تفجير السيارات المليئة بالمتفجرات في الأحياء اليهودية مما أدى إلى إلحاق عشرات القتلى في صفوف اليهود .

كما عزلت المستعمرات اليهودية عن بعضها البعض وكان عدد المستعمرات اليهودية في فلسطين آنذاك نحو 300 مستعمرة ، مما أدى إلى خنق الإمدادات والتموين .

ودمرت قوافل يهودية أثناء تنقلها بين المستعمرات ، وألقيت الصخور في طرق القوافل اليهودية .

فطلب اليهود عبر دافيد بن غوريون وقف إطلاق النارلإنقاذ القدس المحاصرة فاتصل بن غوريون بالوسيط الدولي ( الكونت برنادوت ) داعيا لتنفيذ الهدنة بينما رفض الهدنة الحاج أمين الحسيني تحسبا لفقدان حماسة الجنود العرب والانقسام العربي الرسمي .

فجمعت الهاغاناة قواها وشنت هجوما معاكسا على قوات الجيوش العربية فأوقف الزحف المصري تجاه تل أبيب وقد لوحظ أن كميات من بنادق الجنود العرب كانت تتوقف عن إطلاق النيران فجأة ، وأحيانا انفجرت القنابل اليدوية في أيديهم ، كما كانت القوات العربية تعاني من نقص الذخائر والأسلحة الثقيلة وشبه انعدام للأدوية والأطعمة والمياه والوقود بينما وصلت شحنات أسلحة من أوروبا لليهود .

وقد عانت القوات العربية من ضعف التنظيم وقلة الإمداد والتموين وغياب الخطة العسكرية الموحدة . وفي الهدنة الثانية من الحرب أعطى الوسيط الدولي النقب للعرب ،وقد قتل يهود الكونت برنادوت الوسيط الدولي في 17 أيلول 1948 ، لأنه كان يخطط لمنح القدس إلى العرب .

ثم تجددت المرحلة الثانية من الحرب بعد زيادة عدد جيش الهاغاناة اليهودية واستقدام شحن أسلحة تشيكوسلوفاكية . وقد أعلن عن تشكيل الجيش اليهودي (جيش الدفاع الإسرائيلي – تساهل ) فخصص له زي موحد برتب عسكرية فاستوعب الجيش جميع أفراد المنظمات العسكرية اليهودية – الصهيونية ، وزود الجيش الإسرائيلي بالطائرات الحربية .

وعلى الجانب العربي برزت الخلافات والانقسامات بين قيادات الجيوش العربية والأنظمة الحاكمة . وفي المرحلة الرابعة والأخيرة في الحرب العربية – الصهيونية عام 1948 تحول الموقف العسكري لصالح الجيش الإسرائيلي في الفترة ما بين 18 حزيران - 19تموز 1948 حيث استولت قوات الجيش الإسرائيلي على معظم أرجاء فلسطين .

وفيما بعد وقعت إتفاقات الهدنة فكانت مصر أول من وقع الهدنة في رودس في 24 شباط/فبراير 1949 ، ثملبنان في 23 آذار/مارس 1949 ، فالأردن في نيسان/ابريل 1949 ، تبعتها سوريا في 20 تموز/يوليو1949 بينما لم يوقع العراق على أي إتفاق للهدنة مع الكيان الصهيوني .

وانسحبت قوات الجيشالعراقي وأخذ مكانها الجيش الأردني [6].

فكانت الهدن السابقة تتم بين كل دولة عربية على حدة مع الكيان الصهيوني الجديد ، وقد وضعت هذه الهدن المتعددة نهاية لحرب فلسطين دون أن تحدد حدودا سياسية للكيان اليهودي باستثناء نص الاتفاقيات الأربع للهدنة على الحفاظ على خطوط الهدنة التي لا تمس الحق في التسوية النهائية لقضية فلسطين .

المراجع:

[1] محمدالشاعر ، الحرب الفدائية في فلسطين ، ط. 3 ( بيروت : 1969 ) ، ص 245 – 260 .

[2]ناجيعلوش ، المقاومة العربية في فلسطين 1917 – 1948 ( عكا : مكتبة الأسوار ن 1979 ) ، ص 162 .

[3] هنري كتن ، قضية فلسطين ، ترجمة : د. رشدي الأشهب ( رام الله : وزارة الثقافة الفلسطينية ، 1999 ) .

[4] عبد الستار قاسم ، وغازي ربابعة ، الحروب العربية – الإسرائيلية ، في جواد الحمد وآخرون ، المدخل للقضية الفلسطينية ( عمان : مركز دراسات الشرق الأوسط ، 1998 ) ، ص 261 .

[5] وليد الخالدي ، " بناء الدولة اليهودية 1897 – 1948 – الأداة العسكرية " مجلة الدراسات الفلسطينية ، بيروت ، العدد 39 ، صيف 1999 ص 87

[6] عبد الستار قاسم ، وغازي ربابعة ، مرجع السابق ، ص 262 – 274 .

يتبع ...

تم تعديل بواسطة أسامة الكباريتي

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

2.مجازر صهيونية ضد شعب فلسطين

من أبرز مظاهر الحرب اليهودية – الصهيونية ضد أبناء شعب فلسطين ، هي عملية ارتكاب المنظمات والعصابات الصهيونية نحو خمس وثلاثين مجزرة جماعية ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني فوق أرض وطنهم وخاصة في الجليل والمثلث والنقب والساحل ، لم ولن تنسى من الذاكرة الجماعية الوطنية للشعب الفلسطيني ، عبر الأجيال السابقة ، ويبدو أنها لن تنسى أيضا على مدى الأجيال القادمة كذلك . فقد تعددت المذابح الجماعية التي ارتكبتها عصابات الهاجاناة والبالماخ اليهودية ، وعصابات الارغون وشتيرن ، أو جنود الاحتلال الإسرائيلي فيما بعد ، في أوقات الحرب وفي غير أوقات الحرب .

وكانت تلك المجازر أو المذابح الجماعية المنظمة رسميا من قبل عصابات المنظمات اليهودية - الصهيونية تهدف إلى زعزعة الأمن الفلسطيني وتهجير وترحيل المواطنين الفلسطينيين من أراضيهم وفقا لسياسة التفريغ والملئ الصهيونية القاضية بطرد أهل البلاد الأصليين لإحلال المستوطنين المستعمرين بدلا منهم في هذه البلاد . وقد تعددت أشكال وصور هذه المذابح أو المجازر الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في مختلف المدن والقرى الفلسطينية التي أبدى سكانها دفاعا مشروعا عن أنفسهم ، أو حتى الذين لم يقاتلوا بتاتا ، فكانت عملية التقتيل والذبح للمواطنين العرب الفلسطينيين تتم بالجملة ، بتخطيط من قادة عصابات المنظمات اليهودية الصهيونية وتنفيذ فعلي على أرض الواقع .

وقد صاحب هذه المجازر البشعة عملية دعاية مغرضة هدفت إلى انتزاع الفلسطيني من أرضه بشتى الطرق والوسائل الصهيونية المتاحة من الترويج بصورة فظة أن جنود الاحتلال يغتصبون النساء ويقتلون الرجال بغض النظر عن مشاركتهم في عمليات الجهاد والكفاح ضد المحتلين أم لا، وبهذا فان سياسة بث الرعب في نفوس الفلسطينيين نجحت إلى حد ما من الجانبين العربي الرسمي والاحتلالي الصهيوني . فكان الفلسطينيون عرضة للنهب والسلب والاعتداء الجسدي والمالي الذي تمارسه قوات الاحتلال الصهيوني على تعدد عصاباته العسكرية والسياسية . يؤكد فايز صايغ أن الدولة اليهودية لجأت إلى تفريغ الأرض من أصحابها بارتكاب المجازر ضد العرب الفلسطينيين ، أهل البلاد الأصليين ، بقوله :

" فقد لجأت دولةالمستوطنين الصهيونيين منذ لحظة ولادتها عام 1948 إلى اعتماد العنف كأداتهاالمختارة لإرهاب العرب وإجلائهم ، ولم تكن المجازر التي ارتكبها الصهاينة في دير ياسين وعين الزيتون وصلاح الدين ( في نيسان/ابريل 1948 ) سوى إجراءات مدروسة ، ومقررة كجزء من برنامج رسمي لإجلاء العرب عن طريق إرهابهم " [7].

وعلى كل الأحوال ، فإن المذابح الجماعية التي ارتكبتها العصابات الصهيونية عام 1948 ، بصورة خاصة ، أدت إلى هجرة عربية فلسطينية مكثفة إلى خارج البلاد على شكل جماعات وأفواج متتابعة، شملت نحو مليون مهجر فلسطيني تركوا أموالهم وممتلكاتهم ، وفروا من جحيم الاعتداءات الصهيونية الوحشية .

فمثلا ، نزح نحو 430 ألف فلسطيني إلى الضفة الغربية، ونحو مئة ألف لاجئ إلى الأردن ، والى لبنان لجأ نحو مئة وعشرة آلاف لاجئ ، والى سوريا حوالي مئة ألف لاجئ ، والى غزة ما يقارب مائتين وعشرة آلاف نازح ، والى مصر حوالي خمسة آلاف لاجئ ، والى العراق نحو خمسة آلاف لاجئ ، وعشرات الآلاف لجأت إلى دول أخرى وبقي نحو مئة وستين ألف فلسطيني في وطنهم بالمدن والقرى رغم الأوضاع الصعبة [8].

وقد نتج هذا التدفق الترحيلي الهائل من المهجرين من مواطني فلسطين لعدة أسباب منها : ضعف الإمكانات العربية الفلسطينية العسكرية في الدفاع عن البلاد ، والفقر المنتشر بين السكان في تلك الفترة ، والحرب النفسية التي شنتها عصابات الهاجاناة ضد المواطنين العرب والتي صورت لهم أن من يبقى سيقتل أو يمس شرفه وعرضه . ومن بين سياسة التخويف المخططة أن : " بعض نماذج الحرب النفسية التي استخدمها الإسرائيليون ، عندما أشاع الإسرائيليون أن من يبقى من الفلسطينيين سيقتل وستغتصب زوجته وبناته ، لقد اقترف الجنود الإسرائيليون وحشيات كثيرة تضمنت المجازر الجماعية والقتل والاغتصاب والتخريب " [9].

وفيما يلي بعض النماذج على المجازر الجماعية التي ارتكبها الصهاينة ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني سواء قبل إعلان قيام الدولة ( دولة إسرائيل ) بأيام أو شهور قليلة أوبعدها ، والتي خلفت الدماء الحمراء الكثيرة التي غسلت بعض شوارع البلاد ، والدموع الساخنة الغزيرة التي سالت على وجنات الأمهات والنساء المترملات الثكالى ، والأطفال الصغار على السواء ، منذ حقبة طويلة وما زالت جراحها تدمي ولم تندمل ، لأن جذورها ما زالت باقية في مسرح الحياة اليومية .

وكانت ابرز هذه المجازر وأكثرها شهرة تلك التي ارتكبها المحتلون الصهيونيون في دير ياسين قرب القدس الشريف ، ومجزرة الطنطورة قرب مدينة حيفا ، ومجزرة ناصر الدين قرب طبرية والمجزرة البشعة في قرية كفر قاسم في المثلث ، ومجزرة يوم الأرض في الجليل فيما بعد وغيرها من المجازر الجماعية .

وعدا عن هذه المجازر الجماعية اليهودية ضد الفلسطينيين في أرضهم ، هناك العديد من المجازر الجماعية التي ارتكبتها الأيدي اليهودية العنصرية المتطرفة ، وقد وصل عددها على مدار العقود الستة الماضية ما يزيد عن خمس ثلاثين مذبحة جماعية ضد الفلسطينيين المرابطين في أرض الإسراء والمعراج ، في الأرض المقدسة ، ولكننا ذكرنا بعض هذه المجازر كنماذج على الغطرسة اليهودية – الصهيونية ضد المواطنين العرب الفلسطينيين ، مسلمين ومسيحيين ، أهل البلاد الأصليين .

3.حكومة عموم فلسطين

قرر مجلس الجامعة العربية إنشاء إدارة مدنية في فلسطين ولكن الحكومة الأردنية عارضت هذا الإعلان ساعية لدمج الأراضي الفلسطينية المتبقية لها . وفي 1 تشرين الأول 1948 عقد مؤتمر وطني فلسطيني في مدينة غزة اقر دستورا جديدا لفلسطين حدد فيه النظام السياسي الفلسطيني الناشئ على النحو التالي [10]:

1.المجلس الوطني : يضم ممثلي فلسطين . ترأسه الحاج أمين الحسيني رئيس الهيئة العربية العليا . وأعلن قرارا باستقلال فلسطين جميعها بحدودها الطبيعية ( استقلالا تاما ، وإقامة دولة حرة ديموقراطية ذات سيادة ، يتمتع فيها المواطنون بحرياتهم وحقوقهم ، وتسير هي وشقيقاتها الدول العربية متآخية في بناء المجد العربي ، وخدمة الحضارة الإنسانية مستلهمين في ذلك روح الأمة ، وتاريخها المجيد ، ومصممين على صيانة استقلالنا والذود عنه " [11].

2.المجلس الأعلى : يتألف من رئيس المجلس الوطني ورئيس المحكمة العليا ورئيس الحكومة ،يتولى رئاسته رئيس المجلس الوطني . يقوم هذا المجلس بمهام رئيس الجمهورية ويدعولعقد المجلس الوطني ، ويختار رئيس الدولة ، كما يصادق على تأليف الوزارة .

3.الحكومة : تتكون من رئيس الحكومة والوزراء . ترأسها أحمد حلمي عبد الباقي، وضمت عدة وزراء من بينهم : جمال الحسيني وزير الخارجية ، ورجائي الحسيني وزيرالدفاع ، وعوني عبد الهادي وزير الشؤون الاجتماعية ، ود. حسين الخالدي وزير الصحة ، وعلي حسنا وزير العدل ، وأنور نسيبة سكرتير الحكومة .

4.مجلس الدفاع : يتألف من رئيس المجلس الوطني رئيسا وعضوية رئيس الحكومة ووزيرالدفاع.

وبعد إعلان هذا التشكيل القيادي الفلسطيني الجديد ، أعلم رئيس الحكومة الفلسطينية الحكومات العربية ومجلس جامعة الدول العربية بهذا الأمر ، فاعترفت بها جميع دول الجامعة العربية ما عدا الأردن ، إلا أن حكومة عموم فلسطين لم تستطع الحياة لفترة طويلة . فالدول العربية المجاورة لم تدعمها ، فقد عقد مؤتمر في عمان ( في 1 / 10 / 1948 ) في ذات يوم مؤتمر غزة برئاسة سليمان التاجي الفاروقي ومشاركة عجاج نويهض وغيرهم استنكروا فيه مؤتمر غزة وبايعوا الملك عبد الله ملكا على ما بقي من فلسطين ، بعد ضمها لشرق الأردن . وتبع ذلك (مؤتمر عمان) المنادي بوحدة الأردن وفلسطين ( الضفتين الشرقية والغربية ) في 1 كانون الأول 1948، و( مؤتمر أريحا ) في 1 كانون الأول 1948 برئاسة الشيخ محمد علي الجعبري تمت فيه مبايعة الملك عبد الله ملكا على الأردن وما تبقى من ارض فلسطين لم يسيطر عليها اليهود الصهاينة .

كما عقد ( مؤتمر رام الله ) في 31 كانون الأول 1948 بايع المشاركون فيه الملك عبد الله ملكا على فلسطين كلها وطالبوا بالوحدة الفلسطينيةالأردنية .

من جهة أخرى ، استدعت الحكومة المصرية الحاج أمين الحسيني رئيس المجلس الأعلى إلى القاهرة في 6 تشرين الأول 1948 لبعثرة نشاط الحكومة الفلسطينية .

وفي بداية عام 1950 أعلن رئيس الوزراء الأردني رفع الحواجز بين الضفتين الغربية والشرقية باعتبارهما وحدة واحدة تلاه مصادقة مجلس النواب الأردني في 24 نيسان 1950 على قرار الوحدة الأردنية – الفلسطينية فنال سكان الضفة الغربية إثر ذلك الجنسية الأردنية ، بينما وضع قطاع غزة تحت إشراف الإدارة المصرية فلم يعد هناك كيان فلسطيني مستقل .

.

تابع المراجع:

[7] فايز صايغ ، الاستعمار الصهيوني في فلسطين ، ترجمة : عبد الوهاب كيالي ( بيروت : مركز الأبحاث – منظمة التحرير الفلسطينية ، 1965 ) ، ص 41 .

[8] أكرم زعيتر ، القضية الفلسطينية ( القاهرة: دار المعارف بمصر ، 1955 ) ، ص 255 .

[9] يوسي مليمان ، الإسرائيليون الجدد – مشهد تفصيلي لمجتمع متغير ، ترجمة : مالك فاضل البديري ( عمان : الأهلية للنشر والتوزيع ، 1993 ) ، ص 77

[10] ناجي علوش ، المرجع السابق ، ص 165 .

يتبع......

فلم يعد هناك كيان فلسطيني مستقل .

فشة خُلق:

ممكن ألاقي تفسير .. تعليل .. تبرير .. لما حصل منذ أن دخلت جيوش عربية تمثل 7 دول وبالزغاريد لاقيناهم ..

واجتاحوا أجزاء واسعة من فلسطين .. وخلال أيام معدودات بعثروا جهود الصهاينة تماما ..

ثم فجأة .. انكفأت الجيوش العربية .. في حالات كثيرة بدون قتال .. وتركت لليهود 77.7% من فلسطين !!!!!!

وبعدين

دولة الكيان الصهيوني أعلنت ونالت الاعتراف الدولي في دقائق بموجب قرار التقسيم ..

وقتل العرب (الأردن ومصر) الدولة الفلسطينية المعلنة في المهد ..

ماذا جرى ياعرب ؟

مين اللي باع؟

مين اللي أقام دولته على حسابنا ؟

مين اللي ............

ألا لا برأتكم من دمائنا فلسطين

ستبقى لعنة تطال من ضيعوا فلسطين ..

تم تعديل بواسطة أسامة الكباريتي

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

4.نتائج حرب 1948

Map.jpg

نجم عن الحرب العربية – اليهودية عام 1948 عدة نتائج عسكرية وسياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية مخلفة آثارا خطيرة على الوضع الفلسطيني العام من أهمها :

1 - إعلان الكيان الصهيوني ( دولة إسرائيل ) وتدعيمه بالأسلحة البرية والبحرية والجوية .

2- هزيمة نكراء للعرب والفلسطينيين واستيلاء اليهود على 4 ر77 % منمساحة فلسطين التاريخية بواقع 770 ر20 كم2 ، بزيادة كبيرة عما خصصه لها قرار تقسيمفلسطين الذي حدد للدولة اليهودية 47 ر 56 % تقريبا من مساحة فلسطين الكبرى . وقد نجم عن الحرب العربية – الصهيونية عام 1948 تدمير نحو 45 % من قرى ومدن فلسطين بواقع 374 قرية فلسطينية تم تدميرها كليا فاختفت عن الخارطة الجغرافية والسياسية للبلاد ، فسلمت حكومة الاحتلال أراضي هذه القرى الفلسطينية للمستعمرين اليهود .

3 - عددالشهداء في فلسطين ( فلسطينيين وعرب ) :

استشهاد 050 ،13 فلسطيني ،

و161 ، 1 مصري ( منهم 971 ضابط وجندي والباقي متطوعون ) ،

و562 أردني ( منهم 362 ضابط وجندي والباقيمتطوعون ) ،

و511 سوريا ، و399 عراقي ،

و161 لبناني ،

و173 سعودي ،

وبلغ عدد الشهداء من جيش الإنقاذ 512 مجاهدا عربيا ،

إضافة إلى 21 يمنيا و15 ليبيا و12تونسيا وجزائريا ومغربيا [12]

. وإصابة الآلاف بجراح .

4- تهجير حوالي مليون فلسطيني على شكل حركات نزوح داخل البلاد ، من الجليل والساحل والمثلث والنقب ، إلى مناطق عرفت فيما بعد بالضفة الغربية وقطاع غزة وترك المدن والقرى إلى مناطق أخرى ، وعلى شكل هجرة لاجئين إلى خارج فلسطين للأردن ولبنان وسوريا ومصر والعراق والكويت وغيرها . وقد سكن معظم هؤلاء المهجرين في مخيمات لاجئين في خيم . وقد تمثلت أسباب هجرة الفلسطينيين كنازحين داخل أرض فلسطين الكبرى ، ولاجئين خارج أرض فلسطين بعدة أسباب هي :

أولا : ملاحقة المنظمات الصهيونية الإرهابية لهم عبر المجازر والاعتداء الاجتماعي على النساء .

ثانيا : إنهيار الأمن العام بعد خروج قوات الاحتلال البريطاني من فلسطين ، فأصبح المواطن الفلسطيني غير آمن في البيت والشارع والمسجد ومكان العمل .

ثالثا : إنتهاء الحكم السياسي وفقدان القانون والنظام والاستقرار في البلاد .

5 - اعتراف الدول الكبرى كالولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي بالكيان الصهيوني كدولة .

6 - مقتل نحو ستة آلاف يهودي في فلسطين أثناء حرب عام 1948 .

7- تقسيم فلسطين بين ثلاثة أنظمة سياسية هي : النظام الإسرائيلي على الجليل والمثلث والنقب والساحل الفلسطيني ، ومساحتها20،770 كم2بما يعادل 77.4%من مساحة فلسطين احتلها اليهود ، وإلحاق الضفة الغربية بالأردن ( مساحتها5،878 كم2 بما يعادل 20.3% من مساحة فلسطين ) ، وإلحاق قطاع غزة بمصر ( مساحته 363 كم2 أو ما يعادل

2.3 % من مساحة فلسطين ).

8- عدم الاعتراف الدولي بحكومة عموم فلسطين التي أنشأت في غزة 1948 . وملاحقتها عربيا ودوليا .

5.أسباب هزيمة العرب في الحرب

اشتركت سبعة جيوش عربية رمزيا إضافة لقوات الجهاد المقدس وقوات المتطوعين العرب الأخرى ، في الدفاع عن فلسطين ، ومحاولة إنقاذها من سيطرة المنظمات اليهودية – الصهيونية إلا أنها فشلت في حماية فلسطين من الاحتلال الصهيوني لعدة أسباب من أهمها :

1 - القيادة السياسية : كانت الهيئة العربية العليا غير متجذرة جماهيريا بين أبناء شعب فلسطين ، وأرسلت أفواجها العسكرية قليلة العدد وضعيفة التدريب في وقت متأخر .

2- غياب القيادة العسكرية العربية الرسمية الموحدة وبالتالي فقدان الخطة العسكرية الواحدة . وفي المقابل كانت هناك خطة يهودية دعيت باسم خطة د ( دالت ) تقضي بشن هجوم صهيوني كبير على المدن والقرى العربية وتدميرها وتهجير أكبر عدد ممكن من العرب من أراضيهم ، وارتكاب مجازر متعددة ضد العرب ، والاستيلاء على معظم أرض فلسطين .

3-عدم وجود منظمات فلسطينية مسلحة تعمل على تعبئة الشباب الفلسطيني وتدريبهم ، كما هو الحال لدى اليهود . وتكونت قوات العرب في فلسطين من القوى المنظمة ضمت نحو 10 آلاف شخص قدمت لهم الهيئة العتاد والسلاح . وقوى تضم 15 ألف شخص سلحوا أنفسهم بأنفسهم .

4- الحصار البريطاني على فلسطين منذ عام 1917حتى 14 أيار 1948 . فلم يتمكن شعب فلسطين من إدخال السلاح أو التدرب عليه أو إدخال جيوش أو متطوعين عرب إلا بعد انسحاب الاحتلال البريطاني .

5- الإعداد الصهيوني الجيد من العدد والعدة والدعاية الشاملة . فقد بلغ عدد جنود الهاغاناة أكثر من 70 ألف مقاتل مدربين تدريبا جيدا ومزودين بأحدث أنواع الأسلحة ، فقد ورثوا كميات كبيرة من الأسلحة من قوات الاحتلال البريطاني قبل انسحابها من فلسطين . كما أستخدمت الصهيونية دعاية مؤثرة بعد مجزرة دير ياسين وغيرها أدت إلى تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين من مواطنهم الأصلية.

6- سيطرة المنظمات اليهودية على أجزاء كبيرة من فلسطين قبل انتهاء الانتداب البريطاني تنفيذا لخطة ( د ) التي بدأ تطبيقها في 1 نيسان 1948 القاضية باحتلال المدن والقرى العربية وترحيل سكانها عنها باستخدام أي طريقة لذلك . فقد أحتلت مدن عديدة قبل نهاية الانتداب مثل احتلال طبريا في 19 نيسان/ابريل وحيفا في 22 نيسان/ابريل ويافا في 28 نيسان/ابريل والأحياء العربية في القدس الجديدة في 30 نيسان/ابريل ، وبيسان في 8 أيار/مايو وصفد في 10 أيار/مايو وعكا في 14 أيار/مايو 1948 . بمعنى أن شمال فلسطين بأكمله كان تحت سيطرة اليهود فعليا .

7- دخول عدد قليل من أفراد الجيوش العربية لإنقاذ فلسطين ، والتفرد الرسمي العربي بخوض الحرب غير المتكافئة مع المنظمات اليهودية - الصهيونية . وكذلك فإن أسلحة الجنود العرب كانت قديمة عفا عليها الزمن ، والإمدادات بين القواطع العسكرية العربية كانت مبتورة . إضافة لتصاعد الخلافات في صفوف القيادة السياسية العربية حول من يقود المعركة العسكرية .

8 - انسحاب قوات عربية من عدة مدن ومناطق فلسطينية واسعة قبل وصول قوات الهاغاناة إليها لأسباب سياسية وعسكرية .

9- تقاعس معظم عرب فلسطين في الدفاع عن أرضهم بصورة فعلية . فالقسم الأعظم من الفلسطينيين لم يشترك في الحرب ولجأ إلى الهجرة القسرية بسبب ملاحقة المنظمات اليهودية الإرهابية لهم . فالدعوات لخوض الجهاد في سبيل الله للدفاع عن حياض الوطن لم تلق أذانا صاغية لدى أهل فلسطين لأسباب نفسية وسياسية واقتصادية واجتماعية . من أهمها حالة اليأس والإحباط من التصرفات التي مارستها الأحزاب والقيادات الفلسطينية السابقة من خلاف وتناحر على الكراسي وفرض الأوامر القبلية والعشائرية وغيرها .

10 - قصر أمد الحرب ، والموافقة على الهدن بين العرب واليهود مما ساعد اليهود على التقاط أنفاسهم واستيلائهم على مناطق جديدة أثناء فترات الهدن وجلب السلاح بكميات هائلة وخاصة الأسلحة التشيكية ( بدعم من روسيا ). فقوات الهاغاناة لم تكن تقوى على خوض حرب استنزاف طويلة الأمد .

11- التدخل الأجنبي ودعمه غير المحدود لقوات الهاغاناة اليهودية وقد وقع العرب في أحابيل الحيل والمؤامرات الأجنبية الأوروبية والأمريكية والسوفيتية .

ويمكن إجمال أسباب هزيمة العرب والفلسطينيين في حرب عام 1948 وانتصار اليهود وإنشاء دولة يهودية خاصة بهم بعدة عوامل دولية وإقليمية ومحلية . فعلى الصعيد الدولي كان هناك صراع نفوذ بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي ، فسعت الولايات المتحدة للسيطرة على الوطن العربي لتحل محل الإمبراطوريتين البريطانية والفرنسية فانتصر التحالف الاستعماري الأميركي – الصهيوني في هذه المعركة المصيرية . وعلى الصعيد الإقليمي تمثل في وقوع البلاد العربية تحت الهيمنة الأجنبية مباشرة أو بشكل غير مباشر وبالتالي عدم تمكنها من الدفاع بصورة حقيقية عن فلسطين . وعلى الصعيد الفلسطيني سادت حالة الانقسام والتمزق بين قيادة الهيئة العربية العليا ، والأحزاب السياسية الفلسطينية وعدم تجذرها في أوساط الشعب الفلسطيني كونها عبارة عن قيادات وزعامات ووجاهات قبلية عشائرية متصارعة ، كما برزت الخلافات بين الهيئة العربية العليا والحكام العرب [13] .

لقد طبق قرار تقسيم فلسطين من جانب قوات الهاجاناة الصهيونية وتم إنشاء الدولة اليهودية ( دولة إسرائيل ) على مساحة أكثر مما خصصه لها قرار التقسيم الظالم ، فأصبح ظلما مزدوجا لشعب فلسطين ، ظلم استعماري دولي وظلم يهودي – صهيوني ، حيث استولت المنظمات الإرهابية اليهودية على مساحة نحو 20،770 كم2 من ارض فلسطين الإجمالية أي ما يعادل 4 ر77 % من مساحة فلسطين التاريخية بزيادة أكثر من المساحة المحددة بنحو 5 ر21 % عما كان محددا ( بالتبرع ) لها أصلا في قرار التقسيم البالغ 5ر56 % أو ما يعادل14.5 ألف كم2.

ورغم مرور الذكرى الحادية والستون على نكبة فلسطين الكبرى ( 15 أيار 1948-2009) فلا زالت عيون النكبة دامعة وحزينة بكل معنى الكلمة من إكتئاب سياسي ومصيري على مستقبل فلسطين وشعبها ، فالحكومة الصهيونية منذ دافيد بن غوريون الذي أعلن عن قيام الكيان الصهيوني أواسط أيار/مايو 1948 حتى الحكومة الصهيونية الحالية أواسط أيار/مايو 2009 بزعامة اليهودي الليكودي المتطرف بنيامين نتانياهو الذي لا يرفض فكرة تقسيم فلسطين وحسب بل يرفض الاعتراف بوجود دولتين في فلسطين ( فلسطينية وإسرائيلية ) . ويبقى العرب يجترون ويبلعون ريقهم من هول النكبة الحزينة التي شرد فيها قرابة مليون فلسطيني أصبح عددهم الآن أكثر من خمسة ملايين في المنافي والشتات، والجزء الأصلي من الشعب الفلسطيني الذي يعيش في وطنه لا زال ملاحقا ومحروما من تقرير مصيره وإقامة دولة فلسطين المستقلة أسوة ببقية شعوب العالم ، بالاحتلال الإمبريالي الصهيوني بدعم العم سام الأمريكي لا زال يتحكم بمصير البلاد والشعب في الأرض المقدسة . فصبر جميل والله المستعان . إنا لله وإنا إليه راجعون .

المراجع:

[11] محمد عزة دروزة ، القضية الفلسطينية في مختلف مراحلها ، الجزء الثاني ، ط . 2 ، 1960 ، ص 190 – 194 ، ص 210 – 213 .

[12] محمد بويصر ، جهاد شعب فلسطين خلال نصف قرن ( القدس – رام الله ، منشورات وزارة الثقافة الفلسطينية ) ، ص 438 – 439 .

[13] ناجي علوش ، ص 169 – 174 .

خرائط النكبة (نظرا لكبر حجم الخرائط فإنني أضع الروابط تحت تصرفكم):

http://www.palestineinarabic.com/Maps/Nakba/Nakba.jpg

http://www.palestineinarabic.com/Maps/Nakba/North.jpg

http://www.palestineinarabic.com/Maps/Nakba/Middle.jpg

http://www.palestineinarabic.com/Maps/Nakba/South.jpg

تم تعديل بواسطة أسامة الكباريتي

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

اتفاقية فيصل – وايزمن

إن صاحب السمو الملكي الأمير فيصل ممثل المملكة العربية الحجازية والقائم بالعمل نيابة عنها والدكتور حاييم وايزمن ممثل المنطقة الصهيونية والقائم بالعمل نيابة عنها يدركان القرابة الجنسية والصلات القديمة القائمة بين العرب والشعب اليهودي ويتحققان أن اضمن الوسائل لبلوغ غاية أهدافهما الوطنية هو في اتخاذ أقصى ما يمكن من التعاون في سبيل تقدم الدولة العربية وفلسطين ولكونهما يرغبان في زيادة توطيد حسن التفاهم الذي يقوم بينهما فقد اتفقا على المواد التالية:

1- يجب أن يسود جميع علاقات والتزامات الدولة العربية وفلسطين أقصى النوايا الحسنة والتفاهم المخلص وللوصول إلى هذه الغاية تؤسس ويحتفظ بوكالات عربية ويهودية معتمدة حسب الأصول في بلد كل منهما.

2- تحدد بعد إتمام مشاورات مؤتمر السلام مباشرة الحدود النهائية بين الدولة العربية وفلسطين من قبل لجنة يتفق على تعيينها من قبل الطرفين المتعاقدين.

3- عند إنشاء دستور إدارة فلسطين تتخذ جميع الإجراءات التي من شأنها تقديم أوفى الضمانات لتنفيذ وعد الحكومة البريطانية المؤرخ في اليوم الثاني من شهر نوفمبر سنة 1917.

4- يجب أن تتخذ جميع الإجراءات لتشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين على مدى واسع والحث عليها وبأقصى ما يمكن من السرعة لاستقرار المهاجرين في الأرض عن طريق الإسكان الواسع والزراعة الكثيفة. ولدى اتخاذ مثل هذه الإجراءات يجب أن تحفظ حقوق الفلاحين والمزارعين المستأجرين العرب ويجب أن يساعدوا في سيرهم نحو التقدم الإقتصادي.

5- يجب أن لا يسن نظام أو قانون يمنع أو يتدخل بأي طريقة ما في ممارسة الحرية الدينية ويجب أن يسمح على الدوام أيضا بحرية ممارسة العقيدة الدينية والقيام بالعبادات دون تمييز أو تفصيل ويجب أن لا يطالب قط بشروط دينية لممارسة الحقوق المدنية أو السياسية.

6- إن الأماكن الإسلامية المقدسة يجب أن توضع تحت رقابة المسلمين.

7- تقترح المنظمة الصهيونية أن ترسل إلى فلسطين لجنة من الخبراء لتقوم بدراسة الإمكانيات الإقتصادية في البلاد وأن تقدم تقريراً عن أحسن الوسائل للنهوض بها وستضع المنظمة الصهيونية اللجنة المذكورة تحت تصرف الدولة العربية بقصد دراسة الإمكانيات الإقتصادية في الدولة العربية وأن تقدم تقريراً عن أحسن الوسائل للنهوض بها وستستخدم المنظمة الصهيونية أقصى جهودها لمساعدة الدولة العربية بتزويدها بالوسائل لاستثمار الموارد الطبيعية والإمكانيات الإقتصادية في البلاد.

8- يوافق الفريقان المالإنكليزية:عملا بالاتفاق والتفاهم التامين في جميع الأمور التي شملتها هذه الإتفاقية لدى مؤتمر الصلح.

9- كل نزاع قد يثار بين الفريقين المتنازعين يجب أن يحال إلى الحكومة البريطانية للتحكيم.

وقع في لندن، انجلترا في اليوم الثالث من شهر يناير سنة 1919.

ترجمة تحفظات فيصل عن الإنكليزية :

يجب على أن أوافق على المواد المذكورة أعلاه. بشرط أن يحصل العرب على استقلالهم كما طلبت بمذكرتي المؤرخة في الرابع من شهر يناير سنة 1919 المرسلة إلى وزارة خارجية حكومة بريطانيا العظمى.

ولكن إذا وقع أقل تعديل أو تحويل (يقصد بما يتعلق بالمطالب الواردة بالمذكرة) فيجب أن لا أكون عندها مقيداً بأي كلمة وردت في هذه الإتفاقية التي يجب اعتبارها ملغاة لا شأن ولا قيمة قانونية لها ويجب أن لا أكون مسئولا بأية طريقة مهما كانت.

تم تعديل بواسطة أسامة الكباريتي

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

مقتطفات ذات علاقة بالنكبة:

بلاغ من القيادة العامة للثورة العربية في فلسطين إلى عموم المجاهدين حول وقف أعمال العنف

تلبية لنداء الملوك والأمراء العرب

ونزولاً على طلب اللجنة العربية العليا في القدس

تاريخ الصدور: 12/11/1936

إلى عموم المجاهدين في المناطق والميادين في سوريا الجنوبية "فلسطين".

تلبية لنداءات ملوكنا وأمرائنا العرب ونزولاً على طلب اللجنة العربية في القدس نطلب توقيف أعمال العنف تماماً وعدم التحرش بأي شيء يفسد جو المفاوضات التي تأمل فيها الأمة العربية الخير ونيل حقوق البلاد كاملة. وأن تتجنب أي عمل من شأنه أن يعد حجة علينا في قطع المفاوضات كما أنني أطلب من إخواني كافة المحافظة على أسلحتهم ومناطقهم مع الحيطة والحذر التام وأن يكونوا على استعداد لتلبية النداء عند الضرورة فيما إذا لم تنجح المفاوضات. وكل من يخالف تعليماتنا هذه يعد خارجاً على الجماعة ويستحق العقاب وغضب الله.

وإنني أمجد أرواح الشهداء وأحيي البطولة والشجاعة النادرة التي أظهرتموها في جميع ميادين الشرف والتي كانت موضع إعجاب العالم أجمع في الدفاع عن الحق المقدس في البلد المقدس.

إننا نرحب بالسلم الشريف ولن نعتدي عليه ولكنا – عند اللزوم – ندافع عنه ولن نرمي السلاح.

القائد العام للثورة العربية في سوريا الجنوبية "فلسطين"

فوز الدين القاوقجي

----------------------

ما كتبه هرتزل في مذكراته حول الدين التركي

ومساعدة اليهود المالية للسلطان 20/1/1902

إنها مسألة عملية مالية كثيراً ما تكتب الصحف عنها، مثل حية البحر رؤيت آخر مرة في المياه الفرنسية. ويقال أن وزير المال السابق، روفيير اصطادها أو يصطادها. تعرف العملية باسم تصفية الدين التركي.

سنجد طياً جدولاً بالدين كما كان في آذار 1901. وقد حصلت تعديلات مختلفة، منذ ذلك الحين في نسبة التحويل. لن نخوض هذا الموضوع، شأن سائر التفاصيل. إلا بعد القبول مبدئياً.

يرغب كوهين (يقصد السلطان) كثيراً في وضع الدين تحت سيطرته فإن "إدارة الدين" هي مصدر أعظم أحزانه وتعاساته. إن مصاريفها عالية بشكل جنوني، ومع هذا فهو ليس سيد بيته. وقد وعدني بكل ما أريد إذا حررته منها.

تبلغ قيمة الدين الاسمية حوالي خمسة وثمانين مليون جنيه إسترليني ولنفرض أن قيمة التحويل تبلغ اثنين وعشرين مليون جنيه إسترليني. تصلح هذه الأرقام لأن تكون أستوضحها:، مع أنها تتبدل بالفعل بين يوم وآخر وأرجو أن تلاحظوا أن خبيراً سيضع لنا حسابات المفصلة – السيد بنوريتلنجر من باريس، وهو يملك عدة ملايين الفرنكات، وصهيوني جيد متفان لي.

سأقسم الخطة إلى ثلاثة أقسام لتوضيحها: الحصول على الدين والحصول على الميثاق، والتعويض للجماعة.

أولاً: الحصول على الدين: يتطلب ذلك تكوين جماعة مالية قوية تبلغ حساباتها لما بين 22 – 25 مليون جنيه إسترليني، دون أن تحتاج لوضع كل هذا المبلغ... يضع المرء مبلغاً صغيراً من المال على الطاولة ولا يحتاج لدفع المبالغ الكبيرة. يكفيه أن يحولها فقط. إنما عليه بالطبع أن يملكها – أن يكون قادراً عليها.

يستطيع ريتلنجر أن يدبر الأمر دون أن يحرك إصبعا ولا أن يدفع قرشاً إنه يملك قسماً من الدين من خلال البيوت المشتركة معه. أما القسم الثاني وهو بيد جماعة منظمة فيستطيع ريتلنجر الحصول عليه بواسطة الخيار ويستطيع شراء القسم الثالث في البورصة سراً. ورجال سيسل يستطيعون أن يفعلوا ذلك أيضاً. إنما بصعوبة – أي بأكثر مصاريف وأكثر انفضاحاً، وأبطأ.

لكن أقصى الصعوبات ستكون أمام جماعة مثل تلك التي تفكرون بتأسيسها ستكون الصعوبة، في الدرجة الأولى، هي أنه كلما كبرت الجماعة (أي كلما نقص حجم حصة الفرد) ازدادت قيمة النقد. ثم أن خطر إذاعة السر وإفساد الأمور يزداد بازدياد المساهمين.

حسب تقديرات الخبير لدي، أقدر أن يكون الاستثمار النقدي للجماعة حوالي عشرة في المائة، أي ما بين مليونين ومائتي ألف ومليونين ونصف المليون من الجنيهات الإسترلينية. ما أن توجد هذه الكمية حتى يبدأ الشراء.. وسوف يؤيد كوهين هذه العملية بكل طريقة. بل أني أظن أنه سيأخذ حصة. فمن المعروف أنه يملك ثروة ضخمة وإذا تذكرنا قوة صلاتي معه قد أستطيع أن أقنعه على الاشتراك معنا، بعد أن نبدأ العمل.. وبعد أن تسير العجلة يصبح الدين في حوزة الجماعة. عندها ندخل المرحلة الثانية.

ثانياً: الحصول على الميثاق: سوف نتسلم الميثاق بمجرد إعلان الجماعة عن تملكها للدين. ولا أبني كلامي على وعد كوهين لوحده (لست ساذجاً لهذه الدرجة) ولكن على مصالحه الحيوية. سيضطر أن يمنحنا الميثاق إذا لم يشأ أن يظل في وضعه الحاضر، أي على طريق الإفلاس.

سيعين أصحاب الدين الموظفين الإداريين. إن كوهين يريدهم أن يخضعوا له، ويعملوا بدون نفقات باهظة، ويراقبوا إدارة موارده كلها لكن يجب ألا يكونوا أعداء له ولا أجانب بل من شعبه. لذلك سوف نسلمه الإدارة (لمدة معينة) مقابل تسليمنا الميثاق.

كيف يتم استثمار الميثاق الذي سيمنح إلى الصندوق الاستعماري اليهودي ؟ يؤسس الصندوق شركة أراض رأسمالها خمسة ملايين جنيه إسترليني وهي تكمل العملية التي تشرع الجماعة بها. فهي تأخذ الدين من الجماعة.

ثالثاً: التعويض للجماعة: كما ترى لا تشتري الجماعة الدين للاحتفاظ به بل لتبيعه ثانية ويربح. لكن يجب تجديد هذا الربح مسبقاً في خيار للصندوق الاستعماري اليهودي لتأخذ السندات بسعر معين زائد عن سعر الشراء. وهكذا تدبر الجماعة أمر المشتري.

السؤال هو الآن ما إذا كانت شركة الأراضي التي لم تنشأ بعد ستريح الجماعة بالفعل من الدين. نعم. لا بد لشركة الأراضي من الحصول على الدين. تحتاجها لدرجة أنها تدفع أي سعر ثمناً لها. وهكذا ستتحدد أرباح الجماعة مسبقاً. ستكون الشركة قوية كفاية لأن تأخذ الدين من الجماعة ما دام رأسمالها خمسة ملايين جنيه إسترليني وتملك الميثاق (الذي يضم أراضي الدولة) وكعميل في فلسطين وسوريا اللتين ستزدادان قيمة بفضل السكنى الجماعية فيهما.

لكن ماذا يحصل لو أن شركة الأراضي لم تتحقق ؟ آنذاك إما تصفي الجماعة نفسها أو أنها تعرض السندات على دولة كبيرة للبيع : انجلترا وفرنسا وألمانيا وروسيا. ولذلك من غير المحتمل أن يضيع قرش واحد. وعلى العكس ستجني الجماعة أرباحاً حتى في هذه الحالة.

هذه أيها الأصدقاء هي الخطة بخطوطها العريضة. وأظن أن على زانجويل أن يبدأ بإعطاء الخطة مفصلة إلى اللورد سفيلد وأن يسعى بواسطته لكسب روتشيلد. ولعل سفيلد أو مطران ربون يقنع الملك لإقناع روتشيلد لأنه ما من شك أن من مصلحة انجلترا أن تكسب منطقة النفوذ المهمة هذه بالطريقة المذكورة بدون حرب ولا مصاريف. على روتشيلد أن يساعد لا كيهودي ولكن كإنجليزي.

وأترك لكم تقرير مدى وضع النفوذ على سيسل بواسطة جيمس وليس بواسطة مكسيم. سؤال آخر هو إلى أي مدى يجب إدخال كسلر (المهندس الجنوب أفريقي عضو لجنة العمل من ترانسفال) بالموضوع وقد عرض كسلر أن يستميل كبار ماليي جنوب أفريقيا والسير فرانسيس مونتفيوري.

في هذه الحالة كما في إنشاء جماعة تضم لبتون وغيره يجب الحذر الشديد. يجب تناول الخطة وكأنها لوحة فوتوغرافية. يجب تظهيرها في الضوء الأحمر فقط. والضوء الأحمر هو فطنة أصحاب الشرف. كل من يطلع على السر ثم لا يتعاون معنا يصبح خطراً لأنه خلال العملية يستطيع أن يقامر ضد الجماعة في البورصة أو يحمل الآخرين على ذلك.

--------------------

رسالة هرتزل إلى السلطان عبد الحميد الثاني

تاريخ الصدور: 17/6/1901

اتباعاً للخط الذي رأى جلالتكم من المناسب اقتراحه علي اعتقدت أن من الواجب الحصول على مليون ونصف المليون جنيه تركي حالاً لتأخذ محل مهمة تصفية الدين وهي المهمة الصعبة إن لم نقل المستحيلة والتدبير الذي عملته وأصدقائي هو حسبما يلي: يمكن جمع المليون ونصف المليون جنيه تركي بإنشاء مصدر جديد للدخل حالاً، لكنه يجب أن يكون من نوع يجعل اليهود يدركون المشاعر الكريمة جداً التي يكنها صاحب الجلالة تجاههم في قلبه الحنون. بهذه الطريقة سوف نعد الطريق للإجراءات العتيدة.

من أجل هذه الغاية أصدقائي مستعدون لتأسيس شركة مشتركة الأسهم يبلغ رأسمالها خمسة ملايين جنيه تركي هدفها تنمية الزراعة والصناعة والتجارة وباختصار الحياة الاقتصادية في آسيا الصغرى وفلسطين وسورية. ومقابل الامتيازات الضرورية التي تمنحها جلالتكم سوف تدفع الشركة اشتراكاً سنوياً بستين ألف جنيه تركي لحكومة جلالتكم وعلى أساس هذا الاشتراك المضمون برأسمال الشركة يمكن الشروع بقرش يستهلك في واحدة وثمانين سنة لن يكلف هذا القرض شيئاً لأن الشركة ستمتص الفائدة والاستهلاك وهي التي ستأخذ السندات ثم تستبدلها. وما على الحكومة إلا أن تسحب مليوناً ونصف المليون جنيه تركي. ومفهوم بالطبع أن الشركة ستسجل في تركيا وأن المهاجرين اليهود الذين سوف تستقدمهم سيصبحون رأساً رعايا أتراكاً خاضعين للخدمة العسكرية تحت راية جلالتكم المجيدة.

سيتاح الوقت بهذا المليون ونصف المليون جنيه لدرس الموارد الأخرى للدخل ولاستثمارها. وقد تفضلتم جلالتكم بذكر الكبريت. إن بين أصدقائي من يقدر أن يتولى المشروع. وبينهم من يستعد لبذل كل جهد لتقديم أفضل الشروط لجلالتكم لتستعمل مداخيل الكبريت كأساس لقروض أخرى بدون إرهاق دافع الضريبة كثيراً. الأسلوب نفسه يستعمل في استغلال مصادر النفط والمناجم والقوى الكهربائية.

سوف توضع عروض هذه المشاريع الأخرى بالتفصيل وتقدر حالما تأمرون جلالتكم، أما مسألة الكبريت فيمكن الاتفاق عليها الآن بينما المسائل الأخرى تحتاج إلى مزيد من الدروس. وأسمح لنفسي أن أضيف إلى ذلك أن خدماتي الخالية من أية مصلحة في هذه المشاريع هي تحت تصرف جلالتكم حتى وإن كنتم لا تعتقدون أن من المناسب البدء الآن وهنا في مشروع الشركة العثمانية – اليهودية الكبيرة في آسيا الصغرى. وفوق كل شيء علي أن أبرهن لجلالتكم أنني خادم غيور ومخلص. لا أسأل في عملي لجلالتكم إلا شرف استعادة ثقة جلالتكم فيَّ لأني مقتنع أنه في وقت غير بعيد ستدركون أنه من مصلحة الإمبراطورية العثمانية أن تجتذبوا الموارد الاقتصادية اليهودية لحماية شعبنا المسكين. ثم أنه لمن مصلحة اليهود أن يجدوا تركيا دولة قوية ومزدهرة. إنها فكرة حياتي.

سيكون لمشروع الشركة العثمانية – اليهودية ولإعطاء الإشارة للشعب اليهودي بأسره فائدة أخرى وهي أن دافعي الضرائب بشراً وممتلكات سيزدادون في كل المناطق التي ستعمل الشركة فيها. وستدفع الشركة المزيد من الضرائب بنمو عملها وسيتدفق رأس المال اليهودي من كل زاوية ليوطد نفسه هناك وليبقى في الإمبراطورية. وفي الوقت نفسه سيسير هذا العمل الهادئ الذي سمي "سحب شوكة الأسد" بدون معرفة أولئك الذين يريدون خراب الإمبراطورية.

تبقى كلمة واحدة. إذا شئتم جلالتكم أن يدبر المليون ونصف المليون جنيه قبل تشرين الأول فإن الوقت يمر بسرعة. ويجب ألا ننسى أن رجال المال والأعمال يطلبون اتفاقات ليدفعوا المبالغ اللازمة. يجب أن نتوقع ثلاثة أشهر قبل تسلم المبالغ كلها. فإذا ارتأت حكمة جلالتكم العظيمة الدخول في هذه المفاوضات لتسلم المليون ونصف المليون جنيه قبل شهر تشرين الأول يجب تحديد الامتيازات للشركة الكبيرة في أوائل تموز. وإني لآتي إلى القسطنطينية بدون تأخير إذا أمرتم بذلك.

لست أعلم إذا كان يحق لي أن أذكر موضوعاً أخيراً، وأنا أذكره بتردد راغباً في عدم إزعاج جلالتكم بأي طريقة كانت. جاء أحدهم ليخبرني أنه يوجد كاتب في باريس اسمه أحمد رضا عرف بهجماته على الحكومة الإمبراطورية. وقد علمت بوجود سبيل لتوقف هذه الحملات. وقد أخذت علماً بهذا الأمر دون أن ألزم نفسي بأي شكل لأن ليس من عملي أن أخوض أموراً كهذه أنا الحريص على خدمة جلالتكم المعظمة في كل فرصة لن أفعل شيئاً بدون أمر. بل أني لن أرى الرجل بدون تفويض. لكن إذا ارتأت جلالتكم سأقوم بالأمر. وطبيعي أني لن أطلب مقابل إيقاف هذه الحملات تعويضاً إلا كلمة ثناء من جلالتكم وهي عندي أعظم تعويض.

-----------------------------

اقتراح هرتزل للسلطان بإنشاء جامعة يهودية في القدس

تاريخ الصدور: 3/5/1902

لي الشرف أن أقدم لحكمة جلالتكم المتناهية الاقتراح التالي: إني أدرك الصعوبة التي تواجه حكومتكم بسبب ذهاب شبان تركيا لتلقي العلم في الخارج وما يتعرض له هؤلاء الشبان من ضياع خاصةً في تأثيرهم بالأفكار الثورية مما يجعل الحكومة أمام أحد أمرين. أما أن تحرم هؤلاء من التدريب العلمي أو أن تعرضهم إلى مخاطر الغوايات السياسية. على أن هناك حلاً للمشكلة. وأنا أسمح لنفسي بكل اتضاع أن أقدم لحكمة جلالتكم هذا الحل.

إننا معشر اليهود نلعب دوراً هاماً في الحياة الجامعية في جميع أنحاء العالم والأساتذة اليهود يملأون جامعات البلدان، كما أن هناك عدداً كبيراً من العلماء والمتخصصين في جميع الحقول التعليمية لهذا فإننا نستطيع أن نقيم جامعة يهودية في إمبراطوريتكم، ولتكن في القدس مثلاً عندها لن يضطر الطلاب العثمانيون إلى الذهاب إلى الخارج بل يبقون في بلادهم ويتلقون فيها أفضل التدريب وهم ضمن أحكام بلدهم. والجامعة اليهودية تقوم بتقديم أفضل ما تقدمه أحسن الجامعات ومدارس التدريب رسالة هرتزل إلى السلطان عبد الحميد الثاني

17/6/1901

اتباعاً للخط الذي رأى جلالتكم من المناسب اقتراحه علي اعتقدت أن من الواجب الحصول لى مليون نصف المليون جنيه تركي حالاً لتأخذ محل مهمة تصفية الدين وهي المهمة الصعبة إن لم نقل المستحيلة والتدبير لذي عملته وأصدقائي هو حسبما يلي: يمكن جمع المليون ونصف المليون جنيه تركي بإنشاء مصدر جديد للدخل حالاً، لكنه يجب أن يكون من نوع يجعل اليهود يدركون المشاعر الكريمة جداً التي يكنها صاحب الجلالة تجاههم في قلبه الحنون. بهذه الطريقة سوف نعد الطريق للإجراءات العتيدة.

من أجل هذه الغاية أصدقائي مستعدون لتأسيس شركة مشتركة الأسهم يبلغ رأسمالها خمسة ملايين جنيه تركي هدفها تنمية الزراعة والصناعة والتجارة وباختصار الحياة الاقتصادية في آسيا الصغرى وفلسطين وسورية. ومقابل الامتيازات الضرورية التي تمنحها جلالتكم سوف تدفع الشركة اشتراكاً سنوياً بستين ألف جنيه تركي لحكومة جلالتكم وعلى أساس هذا الاشتراك المضمون برأسمال الشركة يمكن الشروع بقرش يستهلك في واحدة وثمانين سنة لن يكلف هذا القرض شيئاً لأن الشركة ستمتص الفائدة والاستهلاك وهي التي ستأخذ السندات ثم تستبدلها. وما على الحكومة إالموانئ ولدراسة المساحات وتقسيمها.

لكن الهجرة لن تبدأ سريعاً يجب أن تنظم أولاً فعندنا آلاف من المؤسسات الصهيونية في أنحاء العالم وهي مقسمة إلى اتحادات في كل بلد فمثلاً هناك الاتحاد الإنجليزي (ورئيسه سيرف. مونتفيوري في لندن) واتحاد في جنوبي إفريقيا (ورئيسه مستر جولدرانج في جوهانسبرج) واتحاد كندي (ورئيسه مستركلارنس دي سولا في مونتريال) وطبعاً عدد اتحادات شرقي أوروبا أكثر بكثير.إن المكان الرئيسي لهذه الاتحادات جميعها في فيينا. وعن طريقها نستيع أن ننظم وبصورة يتكل عليها أمور الهجرة تقدم إلينا الفئات المحلية المهاجرين وتكون هذه الفئات هي المسؤولة عن كفاءة الأشخاص الذين يختارونهم. والغاية من هذا أن نتأكد من صلاحية وكفاءة الرواد وسيكون التوطين حسب أحدث مبادئ العلم والخبرة.

وسيكون رأس مال الشركة وجهود أوائل النازحين المختارين نواة المستعمرة ولكن هذا لن يكفي لأنه إن اقتصر الأمر على هذا فسيبقى تافهاً وسطحياً كغيره من محاولات الاستعمار اليهودي يجب أن يسند العمل ويقوى بمنح حقوق استعمارية حتى يقبل عليه اليهود المنبوذون والضعفاء والبؤساء.

ولن تقتصر الهجرة على يهود شرقي أوروبا الجائعين الذين سيذهبون من أجل العمل إنما سيذهب أيضاً بعض أصحاب رؤوس الأموال لأنهم سيجدون مجالات لمشاريع أعمال يستفيدون منها. وحتى بعض أغنياء روسيا سيذهبون أيضاً. هذه جميعها حقائق أنا متأكد منها وعندي عليها براهين أبقيها سرية وفي غضون سنين قليلة ستصبح الإمبراطورية أكبر بفضل مستعمرة غنية.

صحيح أن البلاد الآن فارغة لا شيء فيها إنما هذا لن يؤثر فيما أنا متأكد منه أن جميع المدن القائمة اليوم قامت على فراغ. وهناك البندقية التي قامت على المياه وفي وقت أقل تقدماً من وقتنا الحاضر.

إن الطاقة البشرية هي ثروة البلاد وتستطيع إنجلترا أن تضم إليها هذه الطاقة البشرية ليس فقط مئات الآلاف الذين سيهاجرون في بضع سنين ليخصبوا الأراضي البور برؤوس أموالهم وأتعابعهم وسيقيمون وطناً سلمياً بل هناك جميع يهود العالم الذين سينضمون تحت كنف إنجلترا إن لم يكن لأسباب سياسية فعلى الأقل لأسباب معنوية.

هناك حوالي عشرة ملايين يهودي في العالم لا يستطيعون في جميع البلدان أن ينتموا إلى إنجلترا علماً أنهم سينتمون إليها بقلوبهم إذا هي قامت بعمل مثل هذا فأصبحت حامية للشعب اليهودي. وفي لحظة تستطيع أن تعتمد على عشرة ملايين موال مخلص لها في جميع أنحاء العالم وإن كان ذلك في السر. بعضهم مجرد بائعي أبر وخيطان في قرى الشرق الصغيرة، ولكن البعض الآخر تجار كبار وأصحاب مصانع ومديرو بنوك وفنانون وصحفيون وأصحاب أعمال أخرى. جميع هؤلاء سيكونون رهن إشارة الأمة العظيمة التي ستمهد لهم المساعدة المطلوبة.

سيكون لإنجلترا عشرة ملايين عميل من أجل عظمتها وسيطرتها وهذا الولاء لا بد أن يكون على الصعيدين السياسي والاقتصادي. فمن الطبيعي أن يقبل اليهودي على شراء وتجميع منتوجات بلد يقدم لليهود مساعدة ويفضلها على منتوجات بلد اليهود فيه مضطهدون. لقد سبقت إنجلترا غيرها من البلدان في إيجاد وسائل المواصلات لتوسيع وتقوية مستعمراتها. وكذلك فإن الفوائد تعود على من يقوم بأعمال لا يفطن إليها غيره.

أملنا أن تفطن الحكومة الإنجليزية إلى فوائد كسب الشعب اليهودي.

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

من كتاب "المحاولة والخطأ"

لحاييم وايزمان

لا أستطيع أن أفي خدمات سايكس حقها من القول، فهو الذي أرشدنا في عملنا إلى مداخل ومخارج أبعد في صبغتها الرسمية، لقد كان يتبع سكرتارية وزارة الحرب التي ضمت بين رجالها ليوبولد أمري، أورمسبي غور رونالد استورس، ولولا المشورة التي كان يقدمها لنا رجال من أمثال سايكس ولورد روبرت سيسيل في وقت لم تكن لنا خبرة في المفاوضات الدبلوماسية الدقيقة لارتكبنا دون شك أخطاء خطرة كثيرة. وإن الحاجة لمثل هذه المشورة ستبدو واضحة عندما أتناول بالبحث التعقيدات التي أحاطت بالموقف في الشرق الأدنى في ذلك الوقت. لقد أبدى سير رونالد جراهام الذي كان كبير الموظفين في وزارة الخارجية اهتماماً عظيماً في عملنا وكان راغباً في أن يرى شيئاً يعمل للشعب اليهودي، لكنه كان أهدأ طبعاً وأقل خيالاً من سايكس ولم يكن له حماسه ومزاجه الحاد ولا أعرف مدى العمق الذي لازم عطفه، لكن كان لمساعدته شأن كبير في إصدار وعد بلفور.. أما ليوبولد أمري فهو ذو كفايات عالية وكان أخيراً وزيراً للمستعمرات وقد أخذ مبادئه الاستعمارية التوسعية المستنيرة عن ملنر وكان هو الأوسع أفقاً في هذه الجماعة. لقد تحققت أهمية فلسطين اليهودية في تنسيق شؤون بريطانيا الاستعمارية أكثر من أي واحد آخر وكان بعيد النظر جداً في الأمور الجوهرية الدقيقة من الحركة الصهيونية وقد وهبنا شجاعة غير مشوبة وتأييداً.

لقد أخذت أعتقد تدريجياً حتى قبل أن أقيم في لندن – أي قبل أن توجد هذه الشبكة من العلاقات وتكتمل – إن فترة حاسمة كانت تقترب ففي ربيع سنة 1916 زرت صهيوني مانشستر مجتمعين في غرفة صغيرة في شتام هل، وبسطت الموقف بين أيديهم، وأنبأتهم عن أحاديثي مع ادموند – دي روتشيلد، وأحدهما عام وهربرت صموئيل، وفي الدرجة الأولى مع الساسة البريطانيين، ثم ذهبت إلى لندن مؤيداً من صهيوني مانشستر وهناك حادثت رئيس الإتحاد الصهيوني الإنكليزي وقررنا كخطوة أولى أن ننشر كتاباً صغيراً عن الصهيونية لأنه لم يكن هناك عدا النشرات القديمة وبعض تقارير عن المؤتمر وما يمكن وضعه بين أيدي الساسة من الإنكليز.

إن العقبة التي كانت تقف في سبيل الخطوة الأولى هي المال فقد كان صندوقنا خاوياً تماماً وكان علي أن أسافر إلى باريس وأسأل البارون ادموند مالاً. لقد عطف على الفكرة وأعطاني مائتين وخمسين جنيهاً سلمتها إلى ليون سيمون الذي عهد إليه بإخراج الكتاب. وقد ظهر الكتاب فعلاً بعنوان "الصهيونية والمستقبل اليهودي" واشترك في تحريره عدد كبير من الرجال وأنا كتبت المقدمة. لقد كان كتاباً صغيراً ولكنه عصري في أسلوبه وقد احتوى بعض التقارير المتزنة والمعلومات الواقعية عن فلسطين. ومما يدعو إلى الاستغراب أنه نفذ بسرعة وكان علينا أن نعيد طبعه ولم يشتر الكتاب اليهود فحسب، فقد كان الاهتمام عظيماً في الموضوع ويعزى قسم من نجاح الكتاب إلى التقريظ الذي وضعه اللورد كرومر، وقد نشر في صحيفة "اسبكتاتور" قال اللورد كرومر في جملة ما قال: "سيكون للشعب البريطاني ما يشغله في هذا الموضوع أكثر جداً مما هو ظاهر الآن وأن هذا الحلم المستغرب الذي هو موضوع هذا الكتاب المنبعث عن بضعة من الخياليين لن يستطيع السياسيون محوه بعد مضي فترة ليست بالبعيدة".

لقد ظهر سوكولوف في لندن في وقت ما خلال سنة 1916 واتخذ له مكتباً في اوتيل قصر ريجنت، وكان نافعاً على الخصوص بسبب اتصالاته برجال الدين في العالم، لقد اتصل بعدد من المطارنة الإنجليكان ومن بينهم على ما أعتقد كبير أساقفة كنتربري، وسوكولوف محب لهذا النوع من العمل لأنه هو نفسه يحمل طابع رجال الدين من قريب أو بعيد. وأخيراً قام بإجراء مفاوضات مع السلطات الفرنسية والإيطالية والفاتيكان، وكان يخشى في بداية الحرب أن تخرج ألمانيا ظافرة ولكنه غير آراءه فيما بعد ولاح له عهد التحرر والأمل المتوقع من انتصار الحلفاء.

لقد تألفت أول لجنة لنا في يناير سنة 1916 وضمت عدا سوكولوف وشخصي يوسف كون، دكتور غاستر، هربرت بنتويتش، كممثلين لاتحاد الصهيونيين الانكليز وقد عملت اللجنة بالتشاور التام مع روتشيلد وهربرت صموئيل وآحاد هاعام وكان لسوكولوف شأن كبير في إعداد أول مذكرة قدمناها إلى سير ماركس – سايكس وقد ساعدنا هربرت سايدبوتام الذي يعمل في صحيفة مانشستر غارديان خلال سنة 1916 في تأسيس اللجنة الفلسطينية الانكليزية التي قامت بدور هام في إيجاد رأي عام يعطف علينا، وأخرج سايدبوتام نشرة أسبوعية حوت معلومات إخبارية خطيرة هدفها القراء ذوو الفكر الثاقب، وقد اقتبست الصحافة العامة أحياناً معلومات عن هذه النشرة التي أخذت على عاتقها القيام بدعاية في المدن الكبيرة على أسلوب يقرب مما اتبع في جمعيات الصداقة الهلينية.

لقد كان سايدبوتام من ابرز المشتغلين في المسائل العامة من الانكليز الذين أدركوا أهمية اتفاق المصالح بين بريطانيا العظمى وفلسطين اليهودية وقد وضع هذا الرأي أمام الشعب البريطاني على الدوام وفي خلال سنة 1918 وبعد صدور وعد بلفور نشر كتابه "انكلترا وفلسطين" وقد فهم بنفس هذه الروح.

وهكذا فإن العمل تقدم بثبات خلال جميع الفترة من سنة 914 – 917 وفي الأقاليم تعاون الصهيونيين بلفت نظر أعضاء البرلمان لقضيتنا. إن الجيل الجديد كان يعمل على مساعدتنا وقد أعد المسرح للنضال الأخير.

إن الصهيونية كانت تمر بسرعة من طور الدعاية الأولية والبحث النظري إلى الحقائق العملية. لقد توثقت عرى اتصالاتنا وتهيأ الرأي العام للتحول وقطعنا شوطاً بعيداً في الدور المبني على التجسس والعطف الفردي المبعثر كما كان الحال في سنة 1914، لقد وضح موقف القوى التي تعمل لنا وتقاومنا، وعرفنا من كان معنا ومن كان ضدنا في العالم اليهودي واكتشفنا في عالم السياسة الانكليزية ارجحية في الرأي لصالحنا. ومنذ سنة 1916 كان الموضوع بين أخذ ورد في وزارات أوروبا. لقد أعطى السير ادوارد غراي بتعليماته للسير ادوارد بوكانان السفير البريطاني في روسيا لجس نبض الحكومة الروسية في مسألة الاستعمار اليهودي في فلسطين والحكومة الفرنسية أو على الأصح وزير الخارجية م. بيشون، أرسل البروفسور فيكتور كيلاؤم باخ إلى أمريكا ليؤكد ليهودها أنه في حالة انسلاخ أقاليم تركيا الآسيوية بعد الحرب ستحمي فرنسا وبريطانيا مصالح المستعمرات اليهودية في فلسطين، وربما كان من أهم الأدلة على خطورة موقف الحركة الصهيونية هو المسعى الذي قامت به الإمبراطورية الألمانية لاستغلاله لأغراضها الخاصة. فقد جرى اتصال بالزعماء الصهيونيين الألمان وطلب إليهم تقديم خدماتهم كوسطاء لمفاوضات سلمية، وكان جوابهم بأنهم سيقومون بجهد في هذا السبيل بشرط أن يصلهم تعهد كتابي من الحكومة الألمانية ينص على عقد صلح على أساس أن لا إلحاق ولا تعويضات (حدث هذا في وقت كان الجيش الألماني متفوقاً) وقد نقلت أخبار هذه الخطوة سراً إلى سير رونالد جراهام وبعد أحاديث غامضة أسقط الألمان عرضهم.

لقد آن الأوان إذاً لاتخاذ إجراء مؤثر للضغط للحصول على وعد سياسي بشأن فلسطين من قبل الحكومة البريطانية، وحوالي آخر شهر يناير سنة 1917 قدمت مذكرة لسير ماركس سايكس أعدتها لجنتنا وعقدت معه عدة مؤتمرات. وكانت أول مذكرة قدمناها بصورة غير رسمية للحكومة البريطانية، إلا أنها في الحقيقة ذات أهمية خاصة بين المذكرات الأخرى، إنها تمثل جماعة من هواة بناء الدول جماعة من الشعب أقصوا منذ قرون عن هذا النوع من النشاط، ولم يكن لأي منا خبرة في شؤون الحكومة والاستعمار، ولم يكن لدينا خبراء موظفين نعتمد عليهم ولا تقاليد في الإدارة والخدمة العامة، ولا وسائل لتحصيل الضرائب ولا هيئة للعمال الذين يعملون في الأرض، لقد كنا صحفيين وعلماء وقانونيين وتجاراً وفلاسفة، انتقلنا منذ جيل أو جيلين من الغيتو – إن صح ذلك – ولكن بالرغم من كل هذه الأمور ومع إلقاء نظرة على الماضي فقد توقعنا من تقديم المذكرة على ما يظهر تطوراً سيقع.

لقد سميت المذكرة "خلاصة برنامج لإعادة الاستعمار اليهودي لفلسطين يتفق وأماني الحركة الصهيونية، ومادة البرنامج الأولى تناولت بالبحث الاعتراف بالكيان الوطني:

"يجب أن يعترف رسمياً بالسكان اليهود في فلسطين (يعتبر النص أنه يعني كل السكان اليهود في الحاضر والمستقبل) من قبل الحكومة ذات الشأن كأمة يهودية ويجب أن يتمتعوا في البلاد بكامل الحقوق المدنية والوطنية والسياسية وتعترف الحكومة ذات الشأن بالرغبة والضرورة لإعادة الاستعمار اليهودي إلى فلسطين".

والمادة الثانية وضعت مبدأ لا يقل بجوهره من الناحية العملية عن مبدأ الاعتراف من الناحية النظرية، وإن إنكار هذا المبدأ – وقد أنكر بالفعل – هو إنكار لجميع البرنامج.

"إن الحكومة ذات الشأن يجب أن تمنح يهود البلدان الأخرى كامل الحق في الهجرة إلى فلسطين ويجب أن تمنح يهود فلسطين كل تسهيل للحصول على الجنسية فوراً وكذلك شراء الأراضي".

وإن قسماً من تاريخ جهودنا لبناء فلسطين منذ وعد بلفور هو تاريخ النضال للحصول على تطبيق المادتين السابقتين.

والمادة الثالثة بحثت في الوسائل والوسائط.

إن الحكومة ذات الشأن يجب أن تقر تشكيل شركة يهودية لاستعمار فلسطين من قبل اليهود. والشركة المذكورة توضع تحت حماية الحكومة ذات الشأن المباشر وأغراضها كما يأتي:

(أ)- أن تؤيد وتغذي الاستعمار اليهودي القائم في فلسطين بكل وسيلة ممكنة.

(ب)- أن تساعد وتؤيد وتشجع اليهود من كل البلاد الذين هم أهل لبناء فلسطين بتنظيم الهجرة وتزويدهم بالمعلومات وبأي شكا آخر من المساعدة المادية والمعنوية ويجب أن تعطى للشركة سلطات تمكنها من النهوض بفلسطين في كل ناحية زراعياً وثقافياً وتجارياً وصناعياً ويشمل ذلك السلطة الكاملة لشراء الأرض وتحسينها وعلى الخصوص إجراء تسهيلات لحيازة أراضي الحكومة، وحق بناء الطرق والسكك الحديدية والموانئ وسلطات لإنشاء شركات بواخر لنقل البضائع والركاب من وإلى فلسطين وكل سلطة أخرى ترى ضرورية لإعمار البلاد.

وفي حالة ما إذا تطلب الأمر تعيين حاكم وهيئة موظفين لإدارة فلسطين فإن مثل هذا التعيين يجب أن يتم مع الرعاية اللائقة لحاجات السكان اليهود الخاصة.

والمادة الرابعة والخامسة تبحثان في تطور الحكم الذاتي وفي تقدم المؤسسات التي أوجدناها في فلسطين.

ويمكن النظر إلى محتويات المذكرة من ناحيتين. الأولى خارجية تنبئ عن آمالنا وحاجاتنا تجاه حكومة فلسطين والأخرى داخلية تنبئ عن الواجبات وتعهدات الشعب اليهودي الصريحة.

وبعد أن أوجز مقاومة الجبهة الداخلية العتيدة للاعتراف بقومية يهودية عاد إلى استكمال بحثه فقال:

كيفما كان الأمر فإن هذا المستند كما تمت صياغته هو المشروع الأول لميثاقنا والخطوة الأولى لإدماج الصهيونية في تيار الحقائق الواقعية.

والآن فإن محادثاتنا قد اتخذت صبغة جديدة وأصبحت الصهيونية ضمن الحلبة العالمية، واتجهنا نحو الانهماك في السياسة الدولية ووجدنا أنفسنا وسط تيارات متلاطمة من الأهداف الوطنية والحقوق المكتسبة والقوى المتعارضة داخل كل دولة على حدة، ومع أن فرنسا أومأت بعض إيماءات بصداقتها للحركة الصهيونية مثل لجنة باسك الموفدة إلى أمريكا فإن لها برامج تختص بها تتعلق بالشرق الأدنى، وايطاليا والفاتيكان لهما مصالح أيضاً ونحن بالطبع لم نكن من السذاجة بحيث نتصور أننا لم نكن في حاجة إلى أكثر من رضاء انكلترا.

ثم وصف أول اجتماع أدى إلى صدور وعد بلفور حضره سير سايكس بصفته الشخصية وترأسه الدكتور غاستر وضم كلاً من لورد روتشيلد، هربرت صموئيل، جيمس دوروتشيلد، سوكولوف، جوزف كيون، هربرت بنتويتش، هاري ساكر، حاييم وايزمن حيث تناولوا بالبحث عدة نقاط وهي التي قدر لها أن تكون صميم المشكلة في الشهور القادمة ثم قال: لقد قررنا أن لا يكون هناك اشتراك دولي أو تدويل في فلسطين لما يعقب ذلك من تعقيدات ومنافسات وعدم كفاية وتسويات ومكائد للإضرار، وربما إحداث شلل تام في عملنا وأن ما يطلبه الصهيونيون هو حماية بريطانية مع حقوق كاملة وفقاً للمذكرة وأن هذه الحجج لا تنطبق على الأماكن المقدسة التي أردنا تدويلها وأن عبارة "الأمة" التي تنطبق على الوطن اليهودي الطارئ في فلسطين تشير إلى الوطن اليهودي وحده ولا تمت قط بأي علاقة إلى اليهود في البلاد التي يعيشون فيها. وقد تولى سير هربرت صموئيل إيضاح كثير من الأمور وأضفت إليه أن اليهود الذين ذهبوا إلى فلسطين يذهبون ليؤلفوا أمة يهودية لا ليصبحوا عرباً أو دروزاً أو انكليزاً.

ثم تكلم سير ماركس في هذا الموضوع مطولاً وكان قوله عن الصعوبات التي ستواجهنا في منتهى الصراحة وبإمكاني القول بأنه وضع فعلاً كل مهارته تحت تصرفنا، ولولاها لشق علينا السير على الوجه الذي انتهت إليه الأمور، وإني لا اشك في أن سايكس كان مقيداً من قبل حكومته بالسرية في موضوع معاهدة سايكس بيكو مثل جورج بيكو. وقد أماط سير مارك اللثام في مستهل حديثه بأنه تبصر طويلاً في مسألة فلسطين واليهود وإن فكرة فلسطين اليهودية قد حازت على كل عطفه، وفوق ذلك فإنه فهم تماماً ماذا قصد بالقومية وإنه لم يشب تفكيره أي تشويش بشأن هذه النقطة وإن معظم اهتمامه يدور الآن حول موقف الدول. وإنه كان في روسيا وتكلم مع وزير الخارجية سازونوف، وتوقع قليلاً من الصعوبات من ذلك المعسكر وقال عن ايطاليا أنها سارت على مبدأ أن تطالب بما تطالب به فرنسا وإن فرنسا هي العقبة الكأداء، ولم يفهم سياسة فرنسا وهي تطالب بكلمة عليا في فلسطين، وكان يجب علينا نحن الصهيونيين أن نبحث المسألة مع فرنسا بصراحة تامة ثم استطرد إلى الكلام عن المشكلة العربية وعن قيام حركة قومية عربية وقال أن هذه الحركة ستؤتي أكلها في خلال جيل واحد لأن العرب يملكون الذكاء والحيوية والوحدة اللغوية لكنه اعتقد أن العرب سيتفقون معنا خصوصاً إذا قبلوا مساعدتنا في نواح أخرى، وقد استشعر سلفاً موقف عظيم العرب الأمير فيصل.

هذا باختصار فحوى ما دار في مؤتمرنا الأول "الرسمي" وقد تبعه نشاط ينبض بالحيوية، فقد عهد إلى سوكولوف بمهمة تعديل موقف فرنسا وكسب موقف ايطاليا والفاتيكان فقام بمنتهى المهارة.

أما جورج بيكو الموظف الفرنسي الذي فاوض في عقد الاتفاقية السرية فلم يكن مناصراً لنا بصورة خاصة وأول اقتراح له كان يقضي بأن يقنع يهود شرقي أوروبا بحقوق متساوية فوراً ويجب أن يستخدموا في عمران البلاد والاقتراح الثاني يقول أنه إذا رؤي إيجاد حكومة يهودية في فلسطين فالحماية يجب أن تمنح لفرنسا. فأما عن اقتراحه الأول الذي لا يرتكز على أساس من المعرفة فقد أنكر جوهر المشكلة اليهودية نفسها وعلة وجود الحركة الصهيونية وأما الاقتراح الثاني فلا يتفق وخطتنا لأننا كنا مقتنعين بأن البريطانيين كمستعمرين وحكام إداريين للمستعمرات أعلى كعباً من الفرنسيين لكن هذا الأمر لم يكن بالاستطاعة إبداؤه بهذه الدقة.

.. ومنذ الآن فصاعداً لم يكن شغلنا الشاغل الحصول على اعتراف بالمبادئ الصهيونية بل بتنسيق تطبيقها ضمن إطار الحقائق الواقعية وبمنع فشلها بسبب مضاعفات أو مشاريع غير حكيمة، والخطر العظيم جاء على الدوام من ناحية الفرنسيين. ولقد كان لي حديث طويل مع بلفور في 22 مارس سنة 1917 بعد أن أصبح وزيراً للخارجية خلفاً للسير ادوارد غراي – وقد لاح الموقف خطيراً لدرجة أن بلفور تقدم باقتراح كاد يكون مفزعاً. إذا لم يكن بالإمكان الوصول إلى اتفاق بين انكلترا وفرنسا فعلينا أن نجرب إدخال أمريكا وأن نعمل من أجل فرض حماية – أنجلو – أمريكية – على فلسطين. لقد كانت الفكرة جذابة وإن تكن بعيدة المنال، وكما كتبت لمستر سكوت "إن الفكرة مشحونة بالخطر الكامن دوماً بوجود سيدين، ونحن لا نعرف بعد المدى الذي يوافق فيه الأمريكان على المبادئ العامة للإدارة.

ومرة أخرى قفز موقف فرنسا إلى مركز الصدارة خلال حديثي مع رئيس الوزراء مستر اسكويت بتاريخ 3 ابريل. فبالرغم من الملاحظات التي نشرت بعد سنوات عن عداء اسكويت الشخصي لمبادئ الصهيونية فإن موقفه الرسمي كان مساعداً، وعلى كل حال فلم يذكر هو ولا بلفور معاهدة سايكس بيكو وقد علمت بوجودها من مستر سكوت، وقد حصل على معلوماته عنها في باريس وكانت تحتوي على ما يأتي:

تحصل فرنسا بعد الحرب لا على شمال سوريا فحسب بل على فلسطين في الجنوب إلى خط يبدأ من عكا إلى بحيرة طبريا شاملاً حوران أما بقية فلسطين فتدول.

لقد كانت معلومات مفزعة حقاً، ويلوح أن الاقتراح كان خالياً من الاتزان والإدراك، لقد كان ظالماً بالنسبة لبريطانيا مهلكاً لنا وغير مجد للعرب. يمكن لي أن أدرك بيسر أن سايكس لم يكن كارهاً إلغاء المعاهدة وأن بيكو لم يكن قادراً على الدفاع عنها بقوة ملحوظة.

وفي الخامس والعشرين من شهر ابريل درست الموضوع بدقة مع لورد روبرت سيسيل مساعد وزير الخارجية وأحد القوى العظيمة في بريطانيا الحديثة والعامل الأول في إيجاد عصبة الأمم، وهو مثل بلفور وميلنر وسمطس وآخرين شديد الاهتمام بمبادئ الصهيونية وأعتقد أنه الوحيد الذي نظر إليها بعين الحقيقة والواقع كجزء لا ينفصل عن الاستقرار العالمي. إن إعادة إنشاء الوطن القومي اليهودي في فلسطين وتنظيم العالم ضمن اتحاد عظيم كل هذا مظاهر تمهيدية للخطوة التالية في تنسيق شؤون البشر.

ولم نتكلم عن معاهدة سايكس – بيكو بصراحة بل أشرت فقط إلى ترتيبات يظن بوجودها وترجع في تاريخها إلى الأيام الأولى من الحرب حيث قسمت فلسطين بمقتضى بنودها تقسيماً تعسفياً إلى نصفين أطلقت عليه "تقسيم سليمان الحكيم" تمحى بموجبه جهود اليهود الاستعمارية مدى ثلاثين عاماً، وإمعانا في الإساءة إليهم فإن القسم الجنوبي من فلسطين (جوديا) لن يحظى بحكم إدارة واحدة بل سيدول وهذا يعني الحكم الإنكليزي – الفرنسي المشترك – كما كتبت من عهد قريب إلى فيليب، لقد قلت للورد سيسيل أن الذي نريده هو الحماية البريطانية، واليهود في العالم كله يثفون ببريطانيا ويعلمون أن القانون والنظام سيسودان في ظل الحكم البريطاني، وفي ظله أيضاً لن يتدخل أحد في نشاط اليهود الاستعماري وتقدمهم الثقافي، ونستطيع بذلك أن نمد بصرنا إلى الأمام عندما يحين الوقت الذي نصبح فيه من القوة بحيث نطالب بنوع من الاستقلال الذاتي.

وقد وجه لي في حينه اللورد سيسيل سؤالاً عن أوجه اعتراضنا على الحكم الفرنسي الخالص فأجبته أننا نفضل بالطبع حكماً افرنسياً خالصاً على حكم مزدوج أو تدويل، غير أن الفرنسيين خلال أعمالهم الاستعمارية لم يتبعوا الأساليب الإنكليزية، فقد تدخلوا في شؤون الشعب وحاولوا أن يفرضوا عليه "الروح الفرنسي" زد على ذلك أني لا أعتقد بأن الإدارة الفرنسية لها ما للإنكليز من الكفاية وأني لأجرؤ على القول بأن المنظمة الصهيونية – في حالتها في ذلك الحين – قد قامت بأعمال إنشائية في فلسطين فاقت ما عمله الفرنسيون في تونس.

ثم انتقل إلى الكلام عن الحركة الصهيونية في أمريكا في الصفحة 243 وما بعدها قال:

إن مستر برانديز كان على رأس الحركة الصهيونية في ذلك الحين وكنت على اتصال دائم معه، وفي 8 ابريل سنة 1917، أرسلت إليه تقريراً عن الموقف العام واستطعت القول بأنه كان يتقدم بنجاح، وذكرت أن العقبة الرئيسية "كما يظهر هي مطالب الفرنسيين ونحن نأمل أن نقوي مركزنا هنا عن طريق الحكومة الأمريكية ويهود أمريكا وقد حادثت مستر نورمان ووجود عضو البرلمان في هذا الموضوع بحضور مستر هربرت صموئيل ومستر بريكوز ومستر بريمروز ومستر جيمس روشيتلد والكوماندور ووجود عضو البرلمان وسيكون لرأيكم الذي يعبر عن وجهة نظركم حول تأييد فكرة فلسطين اليهودية تحت الحماية البريطانية. وربما رأى السادة الآخرون ذوو العلاقة بالحكومة شأناً كبيراً في تقوية مركزنا.

وقبل مضي وقت طويل استطاع مستر براندز أن يلقي بعبء شخصيته الملحوظة في الموازين. فقد دخلت أمريكا الحرب في شهر مارس من تلك السنة وفي العشرين من شهر ابريل وصل بلفور إلى أمريكا في مهمة خاصة وفي الغالب قابل فوراً القاضي برانديز في اجتماع في البيت الأبيض وقد ذكرت مسز داغديل مترجمة حياة بلفور أن ملاحظات بلفور الاستهلالية في مخاطبة براتنديز كانت "أنك أحد الشخصيات الأمريكية الذين كنت أرغب في مقابلتهم. واستطردت قائلة "إن بلفور قال إلى اللورد أوستاس برسي العضو في بعثته "أن برانديز كان في بعض النواحي ابرز رجل اجتمع به في الولايات المتحدة". ويظهر من مثل هذه الأقوال أن بلفور أخذ العهد على نفسه شخصياً أن يؤيد الصهيونية وأعرب عن رأيه هذا للدكتور وايزمن قبل ذلك لكنه اليوم وزير خارجية بريطانيا ويظهر أن مستر برانديز ظل يكثر من تأكيده رغبة الصهيونيين الأمريكان في أن يروا في فلسطين إدارة بريطانية وذلك خلال زيارة البعثة الإنكليزية.

وأن كتابي المؤرخ في 8 ابريل لا بد وأن يكون قد وصل مستر برانديز حول الوقت الذي وصل فيه بلفور في العشرين من الشهر وكتبت له ثانية في 23 ابريل أقول "أن كلاً من روسيا وأمريكا تعلنان في الوقت الحاضر أنهما ضد المبادئ التوسعية ولا حاجة بي إلى بحث الحقيقة الواقعة وهي أن الديمقراطية اليهودية والمنظمة الصهيونية التي تمثل في جوهرها هذه الديمقراطية تثق دون ريب في الحكم البريطاني وترى في الحماية البريطانية الإمكانية الوحيدة للتقدم المطرد نحو جعل فلسطين اليهودية حكومة ديمقراطية، وحيث أن حكومة بريطانيا حسب اعتقادي لا توافق على مجرد ضم فلسطين ولا ترغب في التوسع الإقليمي فإنها ستؤيد وتحمي بالتأكيد فلسطين اليهودية ومن أجل ذلك فإن تأييد أمريكا للمشروع له مثل هذه الأهمية في الدور الحاضر.

يتبع........

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

لقد عمل مستر برانديز أكثر من الضغط لتأييد فكرة جعل فلسطين تحت الحماية البريطانية وقام بعمل عام لإزالة الصعوبات التي تعترضها لكن أعظم ميزات المساعدة الأمريكية في ذلك الوقت صدرت عن السياسة التي أعلنها الرئيس ويلسون برفضه المعاهدات السرية، ومع أن تسويات سايكس بيكو لم تكن معاهدة بالمعنى الكامل لكنها كانت تحمل الصيغة الرسمية التي تكفي لخلق الصعوبة الفذة في سبيل تقدمنا، وإن إعلان مبادئ ولسون بشأن المعاهدات العلنية المتفق عليها، اضطر الدول الكبرى لوضع أوراقها على المائدة وهكذا ذبلت تسويات سايكس – بيكو أو المعاهدة شبه الرسمية وانطوت.

ويستبين من كل ما مر أن أعمالنا كانت تنفذ بانسجام ونظام وكما قالت مسز داغديل بعبارة موجزة:

"أصبحت الدبلوماسية الوطنية اليهودية في دور التكوين" ثم يرجع إلى الحديث عن ضرورة إصدار تصريح من الحكومة البريطانية فيقول في الصفحة 255 وما بعدها ما يلي:

وفي شهر يناير سنة 1917 ذهبت بصحبة سير رونالد ولورد روتشيلد لمقابلة بلفور وعرضنا عليه بوصفه وزيراً للخارجية أن الوقت حان لكي تصدر الحكومة البريطانية تصريحاً نهائياً بالتأييد والتشجيع، وقد وعد بلفور أن يفعل هذا وطلب إلي أن أقدم تصريحاً نرضى عنه وسيحاول هو أن يقدمه لوزارة الحرب، وبينما كنت متغيباً في جبل طارق، أخذت اللجنة السياسية برئاسة سوكولوف على عاتقها وضع مسودة المشروع، وقد ابتكرت عدة صيغ له وبذلنا كل العناية في أن لا تخرج الصياغة عن وجهة النظر العامة التي سادت الأعضاء الرئيسيين في الحكومة حول هذا الموضوع مدركين أننا يجب أن لا نغفل عن الأمور ليكمل بذلك شموله لجميع أجزائه وأن الصيغة التي وافقنا عليها والتي سلمها لورد روتشيلد إلى بلفور باسمنا في 18 يوليو سنة 1917 تنص على ما يأتي:

"إن حكومة صاحب الجلالة بعد أن قدرت أهداف المنظمة الصهيونية تقبل مبدأ الاعتراف بفلسطين كوطن قومي للشعب اليهودي ويحق الشعب اليهودي في أن ينشىء حياته الوطنية في ظل حماية ستؤسس حالما يعقد صلح بعد النتيجة الناجحة في الحرب.

وتعتبر حكومة جلالته أن من الجوهري لتحقيق هذا المبدأ، منح حكم ذاتي داخلي للقومية اليهودية في فلسطين مع حرية الهجرة وتأسيس هيئة وطنية يهودية للاستعمار لإعادة الإنشاء والتقدم الاقتصادي في البلاد.

وإن شروط وأشكال الحكم الذاتي الداخلي والترخيص لليهودية الوطنية بالاستعمار، يجب أن توضع بدقة وتفصيل حسب رأي حكومة جلالته ويبت فيها مع ممثلين عن المنظمة الصهيونية".

وفي السابع عشر من شهر أغسطس كان في استطاعتي أن أكتب على فيلكس فرانكفورتر الموجود في الولايات المتحدة بما يلي:

"المشروع قدم إلى وزارة الخارجية ووفق عليه من قبلهم وقد سمعت البارحة أن رئيس الوزارة (لويد جورج) أقره".

لقد بقي بالطبع أن تصادق عليه وزارة الحرب.

وحوالي 18 سبتمبر علمت أن تصريحاً قد يحدث في اجتماع الوزارة وقد تغيب عن الاجتماع لويد جورج وبلفور وأن تدخل أدوين مونتاغ القوي قد أدى إلى سحب الموضوع من جدول الأعمال، وفي نفس اليوم تسلمت كتاباً من لورد روتشيلد قال فيه:

إني كتبت إلى بلفور وطلبت غليه تحديد مقابلة يوم الخميس أو الجمعة أولاً تذكر أني قلت لك في لندن حالما اطلعت في الصحف على نبأ تعيين مونتاغ أنني أخشى أن يحل بنا ما وقع ؟

إني لم أشعر باليأس كاللورد روتشيلد لكن الموقف كان نكداً، إننا قابلنا بلفور متفرقين، أنا في التاسع عشر من الشهر ولورد روتشيلد في الواحد والعشرين منه وقد شجعني بلفور لأبعد الحدود وقال لي أن عطفه لم يتغير بسبب موقف مونتاغ واستطعت أن أبعث بالبرقية التالية إلى برانديز في نفس اليوم.

"لقد تلا إقرار نص التصريح من وزارة الخارجية ورئيس الوزراء تقديمه إلى وزارة الحرب

(1) أن حكومة جلالته تقبل مبدأ أن فلسطين يجب بناؤها كوطن قومي للشعب اليهودي

(2) أن حكومة جلالته ستبذل أقصى جهودها لتأمين الوصول إلى هذه الغاية، وستبحث الطرق المناسبة مع المنظمة الصهيونية". وأضفت إلى البرقية أن معارضة (الاندماجيين) متوقعة وأنه إذا أمكن الحصول على تأييد الرئيس ولسون وبرانديز للنص فسيكون في ذلك العون الأكبر".

وقد أظهر بلفور نفس الصلابة في موقفه كما فعل معي، فقد كتب لي لورد روتشيلد بعد مقابلته لبلفور في 21 سبتمبر. "لقد قلت لله أن لدي بينة بأن أحد أعضاء الوزارة كان يعمل ضدنا وقد أجاب (بلفور) على الفور أنه ليس عضواً في الوزارة بل وفي الحكومة فقط وأعتقد أن آراءه كانت خاطئة تماماً".

وفي الواحد والعشرين من الشهر حادثت سمطس العضو في وزارة الحرب وحصلت منه على تأكيد لولائه وكنا نبذل في نفس الوقت أقصى جهدنا لوقف نشاط الاندماجيين الذين كانوا يهاجموننا في سلسلة من المقالات في الصحف وفي الثامن والعشرين تكلمت مع لويد جورج الذي أدخل مذكرتنا في جدول أبحاث وزارة الحرب في اجتماعها المحدد له الرابع من شهر أكتوبر وفي الثالث من الشهر كتب إلى وزارة الخارجية الكتاب التالي بقصد تحويله إلى وزارة الحرب.

"لا نستطيع أن نتجاهل الإشاعات التي تنبئ بأن موضوع المعارضين للصهيونيين سيثار في اجتماع وزارة الحرب من قبل شخصية يهودية بارزة لا تتبع وزارة الحرب وإننا في مركز لا يسمح لنا أن نتحقق من صحة هذه الإشاعات أو نفيها ومن هذا لا نستطيع نقد الوقائع حتى لو ثبت أن الإشاعات كانت صحيحة، وإنما الواجب يقضي علينا بأن ننوه بكل احترام إلى أننا بتقديم قرارنا هذا فإننا نودع لدى وزارة الخارجية ووزارة الحرب الإمبراطورية مصالح قومنا ومصير الصهيونية آملين أن المشكلة سيعنى بها على ضوء المصالح الإمبراطورية والمبادئ التي قام التحالف من أجلها، وإننا لنتردد في الاعتقاد بأن وزارة الحرب ستسمح للرأي المتشعب حول الصهيونية والقائم بين يهود العالم بأن يأخذ طريقه إليكم بأسلوب موحد بلفت الأنظار.

وحيثما كان هنالك جمهور من الناس يطالب بالاعتراف به كأمة فهناك تنشأ قضية كاملة لمثل هذا الاعتراف ونحن قدمنا نص التصريح بالنيابة عن المنظمة التي تمثل الرغبة الوطنية لشعب عظيم قديم ولو أنه مشتت وقد قدمناه بعد مفاوضات وأحاديث استمرت ثلاث سنوات مع البارزين من ممثلي الأمة البريطانية".

... وعندما عرض موضوع فلسطين على وزارة الحرب ألقى أدوبين مونتاغ خطاباً قوياً ضد الخطوة المقترحة ويمكن استخلاص الحجج التي أدلى بها من مجمل الدعاية التي نشرتها الحركة المعادية للصهيونية والتي أشرت إليها في الصفحات السابقة فلم يكن لديه شيء جديد يستطيع قوله، لكن الحماس الذي لازم تقديمه لآرائه وبلادة الحس التي كانت بادية في معارضته كل ذلك أذهل الوزارة وقد علمت بأنه كان يبكي وهو يتكلم ولما انتهى من أقواله اقترح لويد جورج وبلفور دعوتي للاجتماع بالوزارة.

.... لا شك في أن معارضة مونتاغ مقرونة بالهجوم المؤيد الذي كانت الجماعة الصغيرة المعادية للصهيونية تقوم به منذ عدة أشهر ورسائلهم إلى الصحافة ونشراتهم وبعضها كتبها لوسيان وولف باسم مستعار ومقابلاتهم الحماسية لموظفي الحكومة كل ذلك يجعلهم مسؤولين عن صيغة التسوية التي قدمتها وزارة الحرب بعد أيام قلائل.

.. وفي التاسع من شهر أكتوبر أبرقت للقاضي برانديز بما يأتي:

لقد اقترحت الوزارة بعد بحث تمهيدي تعديل الصيغة على الشكل التالي:

"إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين الرعاية إلى إنشاء وطن قومي للعنصر اليهودي وستبذل أقصى جهودها لتسهيل الوصول إلى هذه الغاية على أن يفهم بجلاء بأن لا يعمل شيء يجحف بالحقوق المدنية والدينية للطوائف غير اليهودية الموجودة حالياً في فلسطين أو الحقوق والمركز السياسي اللذين يتمتع بهما هذا النوع من اليهود الذين اطمأنوا تماماً لقوميتهم وجنسيتهم الحالية في أي بلد آخر". ومن المحتمل جداً أن يطلب منا المثول أمام الوزارة عندما تنتهي المفاوضات في خلال أسبوع ومن الجوهري لنا أن لا نحصل على مصادقة الرئيس على النص فحسب بل على توصية منه لمنح هذا التصريح دون تأخير زد على ذلك أن أقصى رغبتنا في الحصول على تأييد منكم وعلى رسالة تفيض بالحماس من صهيوني أمريكا ومن البارزين من غير الصهيونيين نحن في حاجة ملحة إلى تأييدكم".

وبمقارنة النصين أحدهما الذي أقرته وزارة الخارجية ورئيس الوزارة والآخر الذي وضع في 4 أكتوبر بعد هجوم مونتاغ – يظهر التراجع المؤلم حيال ما كانت الحكومة نفسها مستعدة أن تقدمه فالأول ينص على أن "فلسطين يجب أن يعاد إنشاؤها كوطن قومي للشعب اليهودي" والآخر يتكلم عن "تأسيس وطن قومي في فلسطين للعنصر اليهودي" والأول ينص فقط على أن الحكومة ستبذل أقصى جهودها لتأمين الوصول إلى هذه الغاية وإنها ستبحث الوسائل الضرورية مع المنظمة الصهيونية والثاني يبرز موضوع "الحقوق المدنية والدينية للطوائف غير اليهودية الموجودة حالياً" على وجه من الممكن معه أن ينسب لليهود المقاصد السيئة كما أن بالإمكان تفسيرها بأنها تعني تقييد عملها أو تعطيله بالمرة.

وهكذا فإن المعارضين للصهيونيين هم وحدهم الذين وصلت أقوالهم لوزارة الحرب في جلسة 4 أكتوبر ولم تعط لنا فرصة لتقديم وجهة نظرنا ولم تعرف الوزارة في واقع الأمر ماذا تفعل بهؤلاء المعرقلين من اليهود. إن سايكس وايمري وأورمسبي غور احتاروا في أمرهم وفي النهاية تقرر أن يرسل النص إلى ثمانية من اليهود أربعة من معارضي الصهيونية وأربعة من الصهيونيين لإبداء آرائهم ومقترحاتهم وأرسل مع النص كتاب جاء فيه:

"نظراً لتشعب الآراء التي وضحت في موضوع اليهود أنفسهم فإن الحكومة ترغب في أن تصلها آراء الزعماء الممثلين لليهود كتابة سواء منهم الصهيونيون وغير الصهيونيين".

فنحن من جانبنا درسنا الصيغة وأعدنا بحثها مقارنين النص القديم بالجديد فوجدنا الاختلاف واضحاً تماماً ولكنا لم نجرؤ على التسبب في التأخير زيادة على ما حصل بأن نتمسك بالصيغة الأصلية التي لا تمثل رغبتنا فحسب بل وجهة نظر أعضاء الحكومة أيضاً وقد أجبت على كتاب الحكومة قائلاً:

"ألا يكون من الأنسب تبديل عبارة تأسيس الوطن القومي اليهودي بعبارة "إعادة تأسيس" وبذلك يلقى الضوء الحقيقي على المسألة برمتها ويشار إلى العلاقة التاريخية والتقاليد القديمة وقلت أيضاً هل لي أن اقترح عبارة "الشعب اليهودي" بدلاً من "العنصر اليهودي".

"والاقتراح الأخير أشار به بالفعل برانديز".

ثم يستطرد قائلاً: "إن الرئيس ولسون الذي كان معنا من كل قلبه اعتبر أن نشر التصريح سابق لأوانه لأنه لا توجد حالة حرب قائمة بين أمريكا وتركيا وكان برانديز يسعى للحصول على تأييد علني من الرئيس ويلسون بالعطف والمشاركة بالإحساس إلا أنه لم يوفق في مسعاه هذا إلا أن الكولونيل هاوس وكيل الرئيس ويلسون أبرق في 16 أكتوبر إلى الحكومة البريطانية بتأييد أمريكا لمضمون التصريح وكان هذا من أهم العوامل الفردية في تخطي الجمود الذي أوجده اليهود الإنجليز من غير الصهيونيين.

وفي 2 نوفمبر وبعد إجراء مباحثات نهائية في وزارة الحرب أصدر بلفور كتابه الشهير المعروف بتصريح بلفور.

وبينما كانت الوزارة مجتمعة لتصادق على النص النهائي كنت أنتظر خارج مكاتبها وكنت في هذه المرة مدعواً فأحضر لي سايكس الوثيقة هاتفاً "أنه غلام يا دكتور وايزمان".

حسن – إني لم أحب هذا الغلام في بادئ الأمر فلم يكن الغلام الذي انتظرته إلا أني كنت على علم بأن الأمر كان حدثاً عظيماً فاتصلت بزوجتي تليفونياً ثم ذهبت لرؤية آحاد هاعام.

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

شكر واجب وخاص لموقع "المقاتل"

فمنه تعرفت على جوانب كثيرة في القضية الفلسطينية كانت غامضة لدي ..

ومنه استقيت الرواية العربية الرسمية الموثقة لأحداث حرب النكبة الفلسطينية ..

ومنه تعلمت الكثير في التوثيق والدعم بالخرائط وأمور أخرى تلمس ويصعب وصفها ..

لكل مهتم بالقضية .. أنصح باعتماد الموقع "كأحد أهم المصادر وأكثرها ثراءا"

http://www.moqatel.com/openshare/Behoth/Si...arb48/index.htm

وحتى لا اطيل عليكم -واظنني قد أطلت فعلا- ارتأيت الانتقال إلى سرد مختصر لأحداث حرب 1948 من رواية مصدر أكاديمي موثق أيضا ..

فلمزيد من التفاصيل أنصح بمراجعة موقع المقاتل بدءا من "المبحث الرابع عشر":

http://www.moqatel.com/openshare/Behoth/Si...c15.doc_cvt.htm

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

أسمح لنفسي في إضافة تفسيرا أو تفسيرات أخرى ..

1. أن دخول الجيوش العربية إلى فلسطين كان اشبه ما يكون بأداء الواجب أمام شعوب متحفزة ..

2. أن دخول تلك الجيوش لم يتم الإعداد له البتة ..

3. ان دخول تلك الجيوش قد جرى رغم الاعتراضات الجوهرية التي أبداها بعض العالمين والممارسين للنضال على الأرض واكتسبوا في زمن قياسي خبرات لا يمكن تجاهلها ..

وكان الاعتراض جوهريا :

أ- أن العمل الجهادي باتباع حرب العصابات هو السبيل لمواجهة عصابات الصهاينة لو أحسن الإعداد له وتزويده بما يناسبه من عتاد ودعم مالي.

ب- أن تثوير الشعب الفلسطيني وتوحيد قيادته السياسية كان سيزيد من فاعلية مقاومته ويرفع من تعداد مقاتليها .. وأهل مكة ادرى بشعابها ..

ت- ان تهميش دور الجماهير الفلسطينية .. بل والمساعدة على تهجيرها .. قد أسهم في استلاب الأرض بسرعة فائقة ..

فبعض الجيوش العربية تولت نزع السلاح من المواطنين .. وفي حوادث موثقة تخلت الجيوش عن دورها في تأمين المواطنين وانسحبت من مدن وقرى سبق وأن استلمتها من المقاومين المحليين أو من كتائب المتطوعين العرب ..

ث- أن النية كانت مبيتة .. بل ومتفق عليها مع العدو الصهيوني على اقتسام الأراضي الفلسطينية معه لتعزيز كيان دويلة مصطنعة أقيمت في الأصل على جزء من الكيان الفلسطيني ..

فإمارة شرق الأردن أقيمت على الصحراء الأردنية التي كانت وحتى العام 1922 تتبع للواء نابلس ويديرها قائممقام نابلس من خلال ممثلين تابعين له يقيمون في بلدة السلط ..

ومعروف قصة مكافأة الأمير عبد الله على ما قام به وشقيقه فيصل في خدمة أغراض الغرب بالثورة على الخلافة العثمانية واتفاقية فيصل -وايزمن ..

واخيرا فإنني أعجز عن فهم تخلي الجيش المصري -بأوامر سياسية من القاهرة- عن كل المساحات التي سبق وأن سيطر عليها في فلسطين وتسليم معظمها بالإخلاء المسبق قبل وصول قوات الهاجاناة (نواة الجيش الصهيوني) ..

فقد كان الجيش النظامي المصري على مشارف القدس .. بل ودخلها ..

وجل جنوب القدس من بيت لحم وحتى بئر السبع كان تحت سيطرة الجيش المصري حتى بدء الهدنة الأولى ..

رحم الله الشهيد البطل أحمد عبد العزيز ..

تم تعديل بواسطة أسامة الكباريتي

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...