أسامة الكباريتي بتاريخ: 20 يناير 2004 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 20 يناير 2004 المؤسسات الصحية الأهلية إبداع فلسطيني يعزز صمود شعبنا أمام الاحتلال في ظل غياب المؤسسة الصحية الرسمية نابلس ـ خاص مع تواصل الحصار وصعوبة التواصل بين المدن الفلسطينية وقراها المفتقرة للعيادات والمراكز الصحية والمؤسسات الطبية وتزايد عدد الوفيات بين المواطنين وموت الاجنّة في عمليات الولادة على حواجز الاحتلال، برز إلى سطح المشهد البديل الفلسطيني عبر الدور الكبير الذي تلعبه المؤسسات الصحية غير الحكومية – الاهلية - في التخفيف من الآثار المترتبة على ممارسات الاحتلال وإنقاذ حياة المواطن والتقليل من الأعباء الاقتصادية التي أصبحت تثقل كاهله. منظمات العمل الصحي الأهلي، نشأتها وأهدافها ودوافعها للقيام بدورها وجوانب التنافس والتعاون فيما بينهما وعلاقتها بالقطاع الصحي الرسمي ووزارة الصحة الفلسطينية جوانب مهمة تمس حياة المواطن اليومية . تأسيس المجتمع المدني يجمع العاملون في المنظمات الصحية الأهلية المختلفة على الدور الكبير الذي تضطلع به هذه المؤسسات في إقامة المجتمع المدني الفلسطيني المعتمد على تنوع المؤسسات الخدمية كبديل يقدم الحل للمواطنين في الأرياف والمناطق النائية عن خدمات دائرة الصحة المهملة في عهد الاحتلال حيث يقول غسان حمدان رئيس اتحاد لجان الإغاثة الطبية في محافظة نابلس إن اللجان هي مؤسسة غير حكومية تحولت إلى حركة اجتماعية صحية بعد إنشائها في العام 1979 بهدف تعزيز البنية التحتية للمجتمع الفلسطيني والتقليل من اعتماد القطاع الصحي فيه على سلطات الاحتلال التي تعمدت إضعاف تقديم الخدمات الطبية، ويلتقي الدكتور حسام خريم رئيس الجمعية العلمية الطبية في نابلس مع د. حمدان في تلاقي العمق الوطني بالعمق المهني في دور هذه المؤسسات حيث يعرف جمعيته التي تأسست في العام 1992 بأنها جمعية تمارس نشاطات علمية وطبية وثقافية وخيرية وتستهدف الفئات المجتمعية ذات الدخل المنخفض والمحتاجة لتلك الخدمات حتى لا تصبح حكرا على الأغنياء وسكان المدن وهو ما يراه الدكتور نهاد الأخرس مدير الرعاية الصحية في نابلس والتي تأسست في العام 1985 حيث يقول:" انطلقت فكرة عمل الرعاية الصحية كغيرها من المؤسسات الصحية الأهلية من الواقع الوطني الاجتماعي للتركيز على الفئات الأقل حظا في المجتمع الفلسطيني وهي لذلك اهتمت بقطاعات المرأة والطفل وطلبة المدارس والجامعات وذوي الاحتياجات الخاصة. ويرى ممثلو هذه المؤسسات أن عملهم هو جزء من البرنامج النضالي ضد الاحتلال على قاعدة تمتين المجتمع وسد حاجاته الصحية حيث يقول د. حمدان إن هذا هو السبب فيما تعرضت له تلك المؤسسات من محاولات إجهاض وتثبيط وما لاقاه عاملوها من مضايقات تمثلت بمنع طواقمها من الحركة وإغلاق مراكزها والاعتداء على سياراتها وعياداتها المتنقلة. ورغم الإجماع على الصورة الوطنية والعمق النضالي لعمل تلك المؤسسات فان المشرفين عليها يؤكدون غياب النظرة الحزبية عنها في التعاطي مع الواقع الفلسطيني حيث يقول د. خريم :" الجمعية تقوم بعمل طبي وثقافي وخيري وهذا يحمل السمة الوطنية لكنه ليس حزبيا ، فنحن ننظر لعلاقة تكاملية تعاونية مع غيرنا من المؤسسات لتحقيق الواقع الأفضل للمواطن ، فيما يؤكد الأخرس أن هذه الجمعيات تتحرك ضمن الأطر السياسية التي تضطلع بدور كبير في تقديم الخدمات للمجتمع المدني الفلسطيني وهي بذلك ليست عن الحالة السياسية الفلسطينية ببعيد. ويشير د. الأخرس إلى أهمية الاستراتيجية التي تتبعها هذه المؤسسات والمعتمدة على التكامل وعدم الازدواجية لمصلحة الجميع وهو ما يشدد عليه الدكتور خريم الذي يقول :" على سبيل المثال نحن نتواجد في المناطق التي لا يغطيها غيرنا ونغيب عن المناطق المغطاة من قبل مؤسسات أخرى لضمان تجنب الازدواجية، وإتخام هذه المناطق بالعاملين فيما تترك مناطق من حاجتها للخدمات. تعزيز الطواقم الصحية ويرى د. غسان حمدان في عمل هذه المؤسسات جانبا خدميا آخر يستفيد منه العاملون فيها والمتطوعون تحت لوائها عبر رفع مستواهم في مجالات تقديم الإسعافات الأولية وتنفيذ عمليات الإخلاء في حالات الطوارئ مضيفا أن الكادر المؤهل للعمل في هذا المجال من المتطوعين قد بلغ 26 ألف شخص في محافظات الضفة منهم 360 متطوع فاعل –كادر- موزعين على فرق مجهزة بالمعدات في مواقع مختلفة بمدينة نابلس إضافة إلى (6500) مسعف تلقوا تدريباتهم على مهارات الإسعاف في محافظة نابلس وحدها. أما الدكتور حسام خريم فقد تحدث عن تنمية جانب المبادرة وصقل الشخصية المهيأة لتقديم الخدمات للمواطنين من خلال القيام بأعمال التطوع مشيرا إلى قيام لجان العطاء من المتطوعين في الجمعية العملية الطبية بتقديم الخدمات الاغاثية للمواطنين خلال العمليات العسكرية لقوات الاحتلال في نابلس ومستشهدا بدور متطوعي الجمعية في جمع حاجيات المواطنين من تحت الركام وبين أنقاض المنازل والمحال التي يدمرها الاحتلال خلال عملياته. إنجازات هامة ويتحدث ممثلو المؤسسات الصحية كذلك عن إنجازات وطنية واجتماعية وصحية هامة تركت آثارها الملموسة على الواقع الحياتي الفلسطيني حيث يقول د. نهاد الأخرس إن وحي تجربة اللجان والخبرة التي اكتسبها العاملون في عياداتها في مرحلة الانتفاضة الأولى قد دفعت للعمل على إقامة مركز متخصص في شمال الضفة الغربية لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة مع تزايد أعداد الجرحى والمعاقين وشدة الضغط على المركز الوحيد لرعايتهم في " بيت لحم " وصعوبة وصولهم إلى هذا المركز بسبب الحواجز وحالاتهم الخاصة وهو ما دفع بالرعاية لافتتاح مركز الأمل في نابلس وهو مركز ومعلم طبي هام وصرح جديد ذو أهمية خاصة لانفراده باستقبال الجرحى والمصابين من الشمال ولكنه مجهز بأسلوب شمولي بما يضمن الرعاية الكاملة للجريح حيث يضم العيادات الوظيفية وعيادات الأشعة وقسم التأهيل المهني المكون من 3 ورش إضافة للقسم الداخلي الذي يحتوي على 38 سريرا وتطبيقه لبرامج مرتبطة بالدعم النفسي والدمج المجتمعي وتزويده بمصنع لتجهيز الأطراف الصناعية. وليست الرعاية وحدها من يفتخر بإنجازاته، فمن يعمل لا بد أن يجد نتيجة وثمرة لجهده وهذا ما حققته الجمعية العلمية الطبية التي وقع اختيار مدير الصليب الأحمر الدولي على مستوصف قبلان التابع لها كنموذج متميز للمستوصفات الطبية ومجهز بشكل كامل بكافة متطلبات العلاج والرعاية الصحية، في حين توج اتحاد لجان الإغاثة الطبية إنجازاته في مجال بناء وتعزيز النماذج الصحية الاجتماعية بحصوله على جائزة منظمة الصحية العالمية للعام 2000 لنموذج بناء الرعاية الصحية الأولية. استراتيجية خدمية ويجمع العاملون والمشرفون على قطاع الخدمات الصحية الأهلية على تواصل العمل في إقامة البرامج التثقيفية والتعزيزية للمنتسبين لها وللمواطنين من الفئات المختلفة على السواء بل إن هذه الجمعيات والمؤسسات قد وسعت من دوائر عملها ليتجاوز تقديم الرعاية والعون الطبي للمواطنين إلى توفير مقومات الحياة الأساسية عن طريق تقديم كافة أشكال الإغاثة في فترات منع التجول والاحتياجات المتكررة التي أصبحت سمة تلاحق اسم نابلس وأخذ الناس ينظرون لتلك المؤسسات على أنها مصدر غوثهم وإمدادهم بالمواد الغذائية والدواء وحليب الأطفال ومستلزمات المسنين واصبح العاملون فيها مثال الفدائي الذي يعرض نفسه للأخطار والمهالك لإنقاذ حياة المهددين بفقدان الحياة. وليس من الغريب أن تكون هذه المؤسسات بذلك قطاعا مستهدفا من قبل الاحتلال، فكثيرا ما سقط الشهداء من المسعفين والجرحى وأصحاب الإعاقات خاصة في أحداث البلدة القديمة من نابلس وكثيرا ما تعرضت سيارات الإسعاف التابعة لها لإطلاق النار وتهشيم النوافذ وإتلاف التجهيزات والاعتداء بالضرب والتنكيل على طواقمها واعتقالهم أحيانا لثنيهم عن ممارسة دورهم الحيوي في إغاثة الملهوفين والقابعين تحت سيف العناء من ممارسات الاحتلال التي لا تشكل المعين الوحيد أمام ممارسة تلك المؤسسات لدورها بل إن المشاكل العامة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني شكلت كذلك مصدر أرق لهذه المؤسسات، يقول الدكتور نهاد الأخرس " نعتقد أن ارتفاع نسبة الفقر إحدى أهم مشاكلنا وليس من المبالغة القول أن 60% من المواطنين عاجزين عن شراء الخدمة الطبية والصحية وهذه حالة اجتماعية كبيرة تتولى المؤسسات الأهلية خدمتها ، يضاف أليها الجرحى ومعاقي الانتفاضة الذين يحصلون على الخدمات مجانا وهذا ما جعل 70% من عمل المؤسسات الصحية الاهلية تقريبا عمل مجاني مما أضفى عبئا اقتصاديا كبيرا على كاهلها وعلى موازناتها واخذ يتهددها بضعف القدرة على مواصلة تقديم تلك الخدمات حيث أن هذه المؤسسات تشغل موظفين يحتاجون للرواتب وإذا استمر الوضع على هذا الحال سيصبح أولئك الموظفون جزءا من هذه الحالة الاجتماعية. معوق آخر من معوقات عمل المؤسسات الأهلية الصحية يتحدث عنه الدكتور الأخرس يتمثل بتقطيع أوصال الوطن وعدم كفاية سيارات الإسعاف لتغطية البرامج الخدمية في مختلف المحافظات وهذه مشكلة يشير إليها كل من د. خريم ود. حمدان في حديثهم عن عدم كفاية الإمكانات لتغطية البرامج الصحية المترابطة في شتى المحافظات وهو ما قاد للتوجه لتنفيذ تلك البرامج من قبل الجمعيات بصورة لا مركزية مثل برامج الإسعاف الأولي وتغطية حاجات مراكز الطوارئ الميدانية نقل طعام الإفطار والماء للصائمين المحتجزين على الحواجز العسكرية والأيام الطبية وبرامج التدريب القيادي والمجتمعي وتأهيل جرحى الانتفاضة ومكافحة التدخين والسمّيات ودورات القابلات وفحص المقعدين والمسنين وتعزيز دور اليتامى بالمتطلبات الإنسانية وتقديم الفوط الصحية للمقعدين وغيرها من برامج تمكين المجتمع الفلسطيني. التمويل .. ورفض الاحتواء وخلال مسيرة عطائها الطويلة حافظت المؤسسات الطبية على استقلاليتها عبر رفض التمويل المشروط واعتمادها أساليب بسيطة ونموذجية لتمويل نشاطها حيث يقول الدكتور حسام خريم أن الجمعية العلمية الطبية تحصل على تمويلها من اشتراكات أعضاء الهيئة العامة وتبرعات المؤسسات الصحية الأخرى في الداخل والخارج بعد اطلاع تلك المؤسسات على نشاطات الجمعية ومصداقيتها، فيما يقول الدكتور غسان حمدان أن تمويل الإغاثة متعدد المصادر وأهمها المحلي وعبر شركات الأدوية وتبرعات المجهود من قبل الأطباء، غير أن الاجتياحات أصبحت أكبر من الإمكانيات وهو ما دفع الإغاثة للحصول على مساعدات المنظمات والشخصيات غير الحكومية في أوروبا قائلا "لقد نجحنا بتكوين قناعات لدى الأوروبيين بحقوق الشعب الفلسطيني وهو ما دفع الهيئات والشخصيات الأوروبية المستقلة لتوفير مصادر دعم لنا ونحن على قناعة تامة أن هذه المساعدات ليست منّة ولا هبة فالمجتمع الدولي مسؤول عن مآسينا وشريك بها عبر عدم قيامه باتخاذ إجراءات تردع دولة الاحتلال وحين يقدم المساعدة فانه يقدم جزءا من مسؤولياته، ويضيف قائلا "إن من جوانب التمويل الهامة لدينا دخل العيادات المراكز وان كان رمزيا فانه يساهم بتغطية ما يقارب 20% من احتياجاتنا لكننا على قناعة تامة أن تمويلنا يجب أن يكون مستقلا وغير مرتبط بأي شروط أو ضغوط داخلية أو خارجية ونحن نرى اهتماما محليا كبيرا بدعم وإسناد بعض المؤسسات الأهلية لنا ونسعى لتعزيز هذا الجانب لاعتباره شكلا تكافليا فلسطينيا يضمن تمويلا وطنيا صرفا وغير مشروط ولا يفرض أي أجندة لا نقتنع بها. يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا حسبنا الله ونعم الوكيل رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد
يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق
انشئ حساب جديد
سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .
سجل حساب جديدتسجيل دخول
هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.
سجل دخولك الان