اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

الامن الخارجي


Mohammad Abouzied

Recommended Posts

الامن الخارجي

مدخل

إن العلائق بين البشر الاصل فيها السلم والامن، يكاد يتفق في ذلك المجتمع الدولي كله، ولاجل ذا أنشئت المنظمات والهيئات والمجالس الكفيلة بتحقيقه، ففي أعقاب الحرب الكونية الاولى، شكلت عصبة الامم لحفظ السلام العالمي، لكنها فشلت في مهمتها، وليس أدل على ذلك من الاندلاع الحرب الكونية الثانية، التي نشأت على أنقاضها واشلاء موتاها هيئة الامم المتحدة في عام 1945، بديلاً للعصبة، بسبب القرارات الجائرة التي تصدر عن مجلس الامن المتضمن ما يعرف بحق (الفيتو)، وهو المبرر لاطماع الاقوياء وطغيانهم.

واننا لنعيش اليوم عالماً مادياً بحتاً، الغاية فيه تبرر الوسيلة، بيد ان هذا العالم قد اضحى متصلاً اتصالاً وثيقاً، ولكل دولة من دوله مصلحة في دولة اخرى، ولا ضير في مفهوم المصالح هذا، من وجهة النظر الاسلامية، بل ان الاسلام ليحض على التواصل والتعارف بين الدول والشعوب وكلاهما من محفزات السلام والامن الدوليين: (يَا أيهَا الناسُ انَّا خلقناكُم مِن ذكر وأنثَى وجعلناكُم شعوباً وقبائلَ لتعارفُوا انَّ أكرمكُم عندَ اللهِ أتقاكُم)(100).

وبرغم اعتراف كثير من الدول الكبرى بمبدأ التعايش السلمي الا انها، سراً وعلانية، تخرق هذا المبدأ، باستلابها ولاء الشعوب، وبضغوطها الاعلامية والسياسية والاقتصادية على انظمتها.

ونحن نعايش اليوم تبلور نظام دولي جديد، اذ برزت على الساحة الولايات المتحدة الامريكية كقوة عظمى وحيدة، تناصرها حليفات من اوربا، كما تحالفها الصهيونية العالمية، وكل منهم «طلب صيد» فالولايات المتحدة تعتقد ان سقوط القوة السوفيتية المنافسة يعني خلو الساحة لها، ويبدو ذلك واضحاً في نزقها عند التعامل مع الاخرين، وسعيها للهيمنة على العالم، وهو ما سماه بعض كتابها «نهاية التاريخ»، على اعتبار ان ما بلغته القوة الامريكية يمثل الذروة في تاريخ النشاط البشري، ولكن: هيهات.

فما زال الشك قائما في ثبات النظام العالمي الجديد على حالة القطبية الواحدة بزعامة امريكا، ويذهب الكثيرون الى ان هناك قوى دولية معاصرة مثل (اليابان والصين واوروبا الموحدة والمانيا)، يسعى كل منها ليكون قطباً ثانياً أو ثالثاً. ولقد تأتي هذا المذهب من ان النظام الاحادي الذي تسعى امريكا لفرضه، بعيد كل البعد عن الاستقرار والامن والسلام، وانه لا يحقق الشرعية وسيادة القانون وفق الاعراف الدولية وميثاق هيئة الامم المتحدة. وسواء كان النظام الدولي الجديد أحادي القطب او متعدد الاقطاب، فهل ستتغير طريقة التفكير ازاء مفاهيم الامم المتحدة التي تعارف عليها المجتمع الدولي؟. وما هي الاعتبارات التي تشكل ضغطاً على القوى الفاعلة صاحبة القوة والمصلحة لاتخاذ مثل هذا الموقف؟ والى ان يحدث ذلك كله، فان امراً واقعاً يفرض نفسه، ولا محيد عن الاعتراف به، ومفاده: ان القوة العظمى الوحيدة، اليوم، هي الولايات المتحدة الامريكية، التي سعت الى بسط سلطانها، واستطاعت - حتى الان - تحقيق أهداف شتى، مثل:

* اخضاع الكثير من الدول، تارة بالترغيب، وبالترهيب تارة اخرى.

* استصدار قرارات تؤيد سلوكها، من المنظمة الدولية ومن دول اخرى، بيسر فاضح، ساق احد اعضاء الكونغرس الامريكي ليقول: انه يستغرب كيف ان الحكومة الامريكية تستطيع ان تتصدر قرارات من الدول الاجنبية اسهل مما تستطيعه مع الكونغرس!!!.

* استخدام قوة الاعلام الدولي لصالح مخططاتها ورؤاها.

* استخدام قوة المال العالمي لخدمة سياساتها وصمالحها.

* استخدام المنظمات غير الحكومية (ngos)، والمانحين: nours) (do- والشركات المتعددة الجنسية، لتحقيق مآربها.

* الدفاع الجائر عن المخططات الاسرائيلية لتبادل المنافع معها، وهو موقف له حذوره التاريخية ونتائجه الظاهرة للعيان.

وكل هذا مناقض لميثاق الامم المتحدة، كما انه خرق واضح لمبادئه. وعندما نقرأ ديباجة الميثاق وفصل الاول، يتضح لنا ذلك جليا.

الديباجة، والفصل الاول من ميثاق الامم المتحدة:

أ - تنصُّ ديباجة ميثاق الامم المتحدة على:

* انقاذ الاجيال المقبلة من ويلات الحرب.

* الايمان بالحقوق الاساسية للانسان وبكرامة الفرد وقدره، وبما للرجال والنساء - والامم كبيرها وصغيرها - من حقوق متساوية.

* المضى قدماً بالرقى الاجتماعي، ورفع مستوى الحياة في جو من الحرية أفسح.

وفي سبل هذا الغايات:

* أن نأخذ انفسنا بالتسامح، وان نعيش معاً في سلام وحسن جوار.

* ان نضم قوانا كي نحتفظ بالسلم والامن الدولي.

* ان نكفل - بقبولنا مبادىء معينة ورسم الخطط اللازمة لها - ألا نستخدم القوة المسلحة في غير المصلحة المشتركة.

* ان نستخدم الاداة الدولية في ترقية الشئون الاقتصادية والاجتماعية للشعوب جميعاً.

كما تنص المادة الاولى من الميثاق - والتي تتعلق بمقاصد الهيئة ومبادئها - على التالي:

* حفظ السلم والامن الدولي: وتحقيقاً لهذه الغاية، تتخذ الهيئة التدابير المشتركة الفعالة لمنع الاسباب التي تهدد السلم، والكفيلة بازالتها، وتقمع اعمال العدوان وغيرها من وجوه الاخلال بالسلم، وتتذرع بالوسائل السلمية، وفقاً لمبادىء العدل والقانون الدولي، لحل المنازعات الدولية التي قد تؤدي الى الاخلال بالسلم، او لتسويتها.

* انماء العلاقات الدولية بين الامم على اساس احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب، وبأن يكون لكل منها تقرير مصيرها، وكذلك اتخاذ التدابير الاخرى اللازمة والملائمة لتعزيز السلم العام.

* تحقيق التعاون الدولي في حل المسائل الدولية ذات الصبغة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والانسانية، وعلى تعزيز احترام الانسان والحريات الاساسية للناس جميعاً، والتشجيع على ذلك اطلاقاً، بلا تمييز بسبب الجنس او اللغة او الدين، ولا تفريق بين الرجال والنساء.

* جعل هذه الهيئة مرجعاً لتنسيق اعمال الامم المتحدة وتوجيهها نحو ادراك هذه الغايات المشتركة.

المادة الثانية:

تعمل الهيئة - وأعضاؤها - في سعيها وراء المقاصد المذكورة في المادة الاولى، وفقاً للمبادىء الاتية:

* تقوم الهيئة على مبدأ المساواة في السيادة بين جميع أعضائها.

* لكي يكفل لاعضاء الهيئة، جميعاً، الحقوق والمزايات المترتبة على صفة العضوية، يقومون في حسن نية بالالتزامات التي أخذوها على انفسهم بهذا الميثاق.

* يفضُّ جمع أعضاء الهيئة نزاعاتهم الدولية بالوسائل السلمية على وجه لا يجعل السلم والامن والعدل الدولي عرضة للخطر.

* يمتنع اعضاء الهيئة، جميعاً، في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الاراضي او الاستقلال السياسي لاية دولة، او على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد الامم المتحدة.

* يقدم جميع الاعضاء كل ما في وسعهم من عون الى «الامم المتحدة»، في اي عمل تتخذه وفق هذا الميثاق، كما يمتنعون عن مساعدة أية دولة، تتخذ الامم المتحدة ازاءها عملاً من اعمال المنع او القمع.

* تعمل الهيئة على ان تسير الدول غير الاعضاء فيها على هذا المبادىء بقدر ما تقتضيه ضرورة حفظ السلم والامن الدولي.

* ليس في هذا الميثاق ما يسوغ «للامم المتحدة» أن تتدخل في الشئون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لدولة ما، وليس فيه ما يقتضي الاعضاء ان يعرضوا مثل هذه المسائل لان تحل بحكم هذا الميثاق، على أن هذا المبدأ لا يخلُّ بتطبيق تدابير القمع الواردة في الفصل السابع.

واذا تمعنا في ميثاق الامم المتحدة، نجد ان نصوصه تركز على اهمية الامن والسلام وتجنب الحرب والصدام، وتنص على ضمانة العوامل التي تحقق غايات الامن والسلام، مثل حقوق الانسان، والحقوق المتساوية للامم كبيرها وصغيرها.

ولكننا نشاهد، اليوم، خرقاً مستمراً لحقوق الافراد والامم، وتمييزاً بشعاً بين الدول. وبينما ينصُّ الميثاق على عدم استخدام القوة المسلحة، فاننا نرى دولاً تستخدم القوة المسلحة كيفما تشاء لتحقيق رغباتها، ضاربة عرض الحائط بالفقرة الرابعة من المادة الثانية للميثاق، التي تنصُّ على الامتناع عن التهديد باستعمال القوة او استخدامها ضد سلامة الاراضي او الاستقلال السياسي للدول، كما نشاهد الدول ذات المقدرات العسكرية الهائلة تتدخل في الشئون التي هي من صميم السلطان الداخلي للدول الضعيفة، حيناً بتحريض المتمردين، وحيناً آخر ببث الفتن الداخلية!! انه اغتيالٌ مع سبق الاصرار والترصد لميثاق الامم المتحدة من ديباجته الى خاتمته.

ويحقُّ للعرب والمسلمين ان يتساءلوا: أين نحن من هذا العالم الجديد الاخذ في التشكيل بخصائصه الراهنة المتسمة بالتنافس غير الشريف، وانتفاء الالتزام بالعهود والمواثيق؟

وان سؤالاً منطقياً ينشأ من ذلك التساؤل: هل ينحاز المسلمون الى القوة العظمى الوحيدة؟ ام ينحازون الى منافسيها المحتملين ام يبقون معزولين عن الجميع: لا الى هؤلاء ولا الى هؤلاء؟

ان الانحياز الى القوة العظمى الوحيدة، حتماً لا يفيد، لان سلوكها ما فتىء، كل يوم، يُظهر طيشاً مخزياً وجنوحاً الى البطش وهجر العدل والعقل، فما السبيل؟

ان هذه التقدمة قصدت الى عرض خريطة العلاقات الدولية الراهنة عرضاً عاماً، من شأنه ان ييسر علينا النفاذ الى معطيات الامن الخارجي: متطلباته، ووسائله، ومراميه.

ففهم متطلبات الامن الخارجي، نصف الطريق الى النجاة.. ولا يكمل ما بقى منه الى بتطويع وسائله.. وانفاذ ادواته.. بعد التوكل على الله (وعلى الله فليتوكل المؤمنون).

يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة

رابط هذا التعليق
شارك

الفصل الاول

العوامل الخارجية التي تهدد الامن

يمكننا - كما سيرد - عرض العوامل الخارجية، التي تهدد الامن، وفقاً لاختلاف مجالاتها، رغم وحدة مبتغيات هذه العوامل، وهو تقسيم اقتضاه ما نسعى اليه من وضوح وايجاز، في موضوع لا يحتمل غير الوضوح والايجاز، ويشمل التقسيم: العوامل السياسية، والعوامل الاقتصادية، والعوامل العسكرية، وفيما يلي تبيان تفاصيلها.

العوامل السياسية:

وتتبدى في:

* محاولات الهيمنة السياسية، وفرض اطار سياسي وايديولوجي محدد، وتكثيف الدعاية ضد الفكرة والعقيدة.

* تفتيت الوحدة الوطنية، وتشجيع النعرات العرقية والفتن الداخلية.

* الدعاية السياسية المضادة، والترويج لمخالفات وجرائم لم تحدث، مثل الاتهام بالارهاب، واضاعة حقوق الانسان.

* التأثير السلبي على الروح المعنوي، بالتخذيل تارة، وبتضخيم الاحداث السلبية تارة، والنقد الهدام للسياسات وبث الشائعات تارة اخرى.

* محاولات استلاب الولاء، وخلع المجتمع من حذوره، وتشكيكه في حضارته وتراثه، ومحاولة الحاقه بنمط ثقافي وسلوكي مغاير.

* المقاطعة السياسية، والتأثير المضاد على آراء الحكومات والشعوب، ومواقفها وافكارها.

العوامل الاقتصادية:

وتكمن في:

* الحصار الاقتصادي، واستخدام الغذاء سلاحاً، وفرض عقوبات بُنيت على الاتهامات المغرضة والدعاية الكاذبة.

* استخدام الديون وفوائد خدمتها كوسيلة للترغيب والترهيب، فالدول التي تستجيب بالخضوع تخفف عنها الديون او تعفى، والدول التي تتأبى على الخضوع تلاحق ويضيق عليها الخناق.

* تقييد التجارة الدولية، والمساعدات والمعونات والمنح، بشروط سياسية.

* اتباع نهج جائر في العلاقات الاقتصادية الدولية، عبر سياسات الصادر والوارد.

* التأثير على نمط الحياة والسلوك الاستهلاكي، باستغلال الكوارث الطبيعية، والاضطرابات، وشح الغذاء، والحروب.

* السيطرة على السوق العالمي، وعرقلة مساعي الدول النامية للاكتفاء الذاتي، او اتباع سياسات التقشُّف ومحاربة العادات الاستهلاكية الضارة.

العوامل العسكرية:

وتتضح في:

* الغزو العسكري المسلح، ثم الاحتلال الدائم او المؤقت، اما لتأييد قوى موالية للاجنبي الغازي، او لازالة نظام سياسي معاد لتوجهات الغزاة.

* المناوشات المسلحة على الحدود، او اجراء المناورات قربها; بثاً للقلق والخوف.

* مساعدة العناصر المتمردة بالسلاح والغذاء، ومناصرتهم سياسياً واعلامياً.

* مساندة وتأييد الاضطرابات الامنية، ومدها بالدعم المادي والمعنوي.

* التآمر مع دول الجوار - التي لديها ما يدعوها للتآمر - بمنحها معلومات عسكرية مزورة عن تحركات عدوانية ضدها.

* التجسس، وتجنيد العملاء للقيام بأعمال التخريب وجمع المعلومات.

* ارتياد الحرب النفسية، بنشر الدعاية والشائعات، للتخذيل والارهاب.

* التطويق عبر الحصار العكسري، ومنع استيراد الاسلحة والذخائر وقطع الغيار.

يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة

رابط هذا التعليق
شارك

الفصل الثاني

تدابير حفظ الامن الخارجي

من البديهي ان الدول تبتعد عن مهددات الامن الخارجي، بقدر ما تتمتع به من ادراك تلك المهددات، ثم بما تنتهجه من تدابير لصون ذاتها من المكر الخارجي. وفي الاسطر التالية حديث عما يفترض الاعتداد به من تلك التدابير.

اولاً: تماسك الجبهة الداخلية:

ان قوة الجبهة الداخلية وتماسكها ووحدتها، من اهم العوامل التي تنهزم امامها التحديات الخارجية.

ولا يتحقق تماسك الجبهة الداخلية الا اذا تمتع المجتمع بالحرية، والعدالة الاجتماعية، واستشعر القدوة الحسنة في حكامه، منهجاً وسلوكاً وأداء. فالمجتمع الذي ينعم بالوحدة - وحدة الولاء لقيمه - يتملكه استعلاء على العقائد والقيم التي يحاول العدو ان ينشرها بتشويهه القيم الاصيلة في المجتمع، لذا تذهب محاولات العدو أدراج الرياح، فلا يجد في مجتمع كهذا، من يرضى بموالاته: عمالة أو اعجاباً أو رهبة، بل سيجد من يعتبر موالاة العدو خروجاً عن الدين وخسراناً مبيناً، يقول الله تعالى: (يأيُّهَا الذينَ آمنُوا إن تطيعُوا الذينَ كفرُوا يردوكُم علَى أعقابكُم فتنقلبُوا خاسرينَ)(101).

وقوة الجبهة الداخلية تقتضي معالجة الاخفاقات والمشاكل الاقتصادية والسياسية وغيرها من المنغصات التي ينفذ منها العدو. فالحرب النفسية التي يشنها الاعداء تجب مكافحتها بسياج من الثقافة الوطنية والدينية يحمي المواطنين، وباعلام صادق وفاعل يمدُّ المواطن بالمعلومة الصحيحة، بأسلوب علمي رصين، فالعدو - الذي يلاحقنا - مصمم على أهدافه ومزود بأكفأ الامكانات. (ولَن ترضَى عنكَ اليهودُ ولا النصارَى حتَّى تتبعَ ملتهُم قُل انَّ هدَى اللهِ هوَ الهدَى ولئنِ اتبعتَ أهواءهُم بعدَ الذِي جاءكَ منَ العلمِ مَا لكَ منَ اللهِ ولي ولا نصير)(102).

ومن العوامل التي تساعد على الصمود والاستقلال، بث روح العمل والانتاج، وتوفير وسائله - وهذا من مؤشرات التماسك الداخلي - لئلا تستدعي الحاجة المساومة والخضوع.

ثانياً: العلاقات الخارجية الرشيدة:

صار «النموذج الرشيد» احد اهم مناهج تحليل السياسة الخارجية في أيامنا هذه، بعد التراكم المعرفي الهائل الذي احدثته مناهج سابقة، مثل نموذج اتخاذ القرار، ونموذج التكامل، ونموذج المصلحة الوطنية، وسوى ذلك من المناهج.

ويقترب «النموذج الرشيد» في المنهجية الغربية، الى حد التطابق مع منهج المصلحة الوطنية، الذي يحدد «رشد» السياسة الخارجية بدرجة تمثيلها تلك المصلحة، دون ادنى اعتبار الى الوسائل المستخدمة في ذلك، حسنت أم أساءت.

ونحن هنا، مع تأكيدنا ان السياسة الخارجية يمكن ان تشتمل حقاً على نموذج «رشيد» في التخطيط والاداء والخارجي، فاننا لا نوافق المنهجية الغربية فيما تفترضه في هذا المنهج من وقوف عند حد المصلحة الوطنية الضيقة، او اتباع أساليب جائرة في سبيل اقرار تلك المصلحة. فالرؤية الاسلامية - بأبعادها العالمية - تعتمد «الغاية»، و«الوسيلة» كلتيهما، لتحقيق فحوى «الرشد» كما انها - اضافة الى ذلك - تعتمد على دعائم راسخة في هذا المسار، نعرضها، تفصلاً، كما يلي:

العدل:

ان السياسة الخارجية لدولة تدين بالاسلام، ينبغي أن تكون سياسة خارجية رشيدة تتسم بالعدل والاستقامة وعدم التدخل في شئون الاخرين، وان تتعامل معهم باحترام متبادل، وان تتعاون معهم لتحقيق كل القيم الخيرة من حرية وسلام وعدل وتنمية.

والاسلام يدعو الى احترام العهود والمواثيق مهما تعاظم الظلم السياسي والاقتصادي ومهما تطاول التعدي من الاخرين.

وحين يُشاهد المسلمون تفسيراً لنصوص الميثاق يحابى بعض الدول القوية الظالمة، فعليهم مناهضته لا مجاراته: (يَا أيهَا الذينَ آمنُوا كونُوا قوامينَ للهِ شهداءَ بالقسطِ ولا يجرمنكُم شنآنُ قوم علَى ألاَّ تعدلُوا اعدلُوا هوَ أقربُ للتقوَى واتقُوا اللهَ انَّ اللهَ خبيرٌ بمَا تعملُون)(103).

والعدل في سياسة الدولة الاسلامية يقضي بعدم التحيُّز للعصبيات الاقليمية او القطرية، بل يقضي بنصرة الحق والخير، والعمل على اصلاح الخلل، ورفع الظلم الناشب في النظام الدولي: (ولتكُن منكُم امةٌ يدعونَ الَى الخيرِ ويأمرونَ بالمعروفِ وينهونَ عنِ المنكرِ وأولئكَ همُ المفلحونَ)(104).

وليس من العقل في شيء، السعي الى نسف المؤسسات الدولية القائمة أو الغائها، بل الحقيق بالاعتبار هو العمل من خلالها، ودعمها، والاحتكام اليها، والاصرار على فعاليتها وبسط سلطانها، ورفض التحكم في قراراتها.

الاستقلال:

لا منجى للدولة المسلمة في علاقاتها الخارجية من ان تتمسك بخصائصها وقيمها، وان تحافظ على استقلالها وعزتها وكرامتها، وان ترفض باباء كل محاولات الاذلال، والضغوط التي تتعرض لها، مهما كانت الجهة التي تصدر عنها مثل تلك الممارسات، وان تتصدى السياسة الخارجية بقوة واقتدار لمحاولات انتهاك حرية أراضيها وامتهان سيادتها او الاضرار بمواطنيها.

ثالثاً: المشاركة والاهتمام بما يجري في العالم:

ان الاستقلال والاعتداد لا يعنيان العزلة، فعالم اليوم أصبح من التقارب والاتصال بحيث لا مجال للحديث عن حدود سياسية فاصلة. وليس للمسلمين سوى ان يتعايشوا تعايشاً سلميا مع الاخرين، دون تبعية أو خضوع. فالاسلام يهتم بأمر المسلمين عامة، ثم امر العالم كافة، والاسلام يقدر نصرة الحق ويدعو اليها، كما انه مهتم بمتابعة الصراع بين الخير والشر اينما كان (الم. غلبتِ الرومُ. في أدنَى الارضِ وهُم مِن بعدِ غلبهِم سيغلبونَ. في بضعِ سنينَ للهِ الامرُ مِن قبلُ ومِن بعدُ ويومئذ يفرحُ المؤمنونَ. بنصرِ اللهِ ينصرُ مَن يشاءُ وهوَ العزيزُ الرحيمُ)(105).

وقد كان الرسول ص مهتماً بما يجري حوله في العالم من وقائع واحداث، كما كان مهتماً بأن ينتشر امر الدعوة في كل البقاع، وليس أدل على ذلك من كثرة السفراء الذين بعث بهم يحملون رسائله الى الملوك والاباطرة عهد ذاك. فممن بعث بهم، الصحابى الجليل معاذ بن جبل، الذي أرسله بكتاب الى ملوك اليمن: الحارث، ومسروع، ونعيم بن عبد كلال، من حمير، يدعوهم الى الاسلام. كما بعث الرسول عليه السلام العلاء بن الحضرمي سفيراً الى البحرين، موفداً الى المنذر بن ساوى العبدي، يدعوه الى الاسلام، كما أرسل غيرهم من السفراء الى كسرى ملك الفرس، وهرقل الروم، ونجاشى الحبشة.

الحرية والمساواة:

ان من الاهمية بمكان، ان تحرص السياسة الخارجية على الاقرار بمبدأ المساواة والحرية المنصوص عليه في المواثيق الدولية، لانهما من اهم العوامل التي تحقق الامن والسلام محلياً ودولياً. وقد دعا الاسلام الى الحرية والمساواة، ما لم يتضمنا عدواناً وانتهاكاً لحرية الاخرين وحقوقهم، ومهما بلغ العسف والافتئات من القوى الغالبة على الدول التي تغالب في سبيل النهوض والتحرر، فان ذلك لا يجدر ان يكون مدعاةً لتخلى المسلمين عن مبادئهم الراسخة في توخي الحرية والمساواة حيال حقوق الاخرين في سياساتهم ورغباتهم.

التعاون الدولي:

من أجل تأسيس تعاون دولي جاد، يحسن أن تسعى السياسة الخارجية الى تصحيح الاوضاع الجائرة في مؤسسات التعاون الدولي القائمة، ورفض الخروج عليها بأية حجة، وتخليص هذه المنظمات من هيمنة أية قوة مهما كانت، وتبادل النصح في التقنيات الحديثة ووسائل الاتصال.

السلام العالمي:

ان السلام والامن الدوليين هما المبتغى الذي أُقيمت المنظمات الدولية لتحقيقه، وهما أيضاً اصل اسلامي قويم تستدعي اهميته ان تحرص عليه وترعاه السياسة الخارجية لاية دولة اسلامية.

فالاسلام دين السلام، واسمه مشتق من السلم، والسلام من اسماء الله المقدسة: (هوَ اللهُ الذي لا الهَ الاَّ هوَ الملكُ القدوسُ السلامُ المؤمنُ المهيمنُ)(106)، والمسلمون تبشرهم الايات ان: «تحيتهم فيها سلامٌ» وكل هذه السمات تنمُّ عما لمفهوم السلم من تقدير واجب بين المسلمين.

ويشهد عالمنا اليوم حروباً جائرة في مواضع كثيرة، ومما يؤسف له ان معظمها في ديار الاسلام: في البوسنة، وفلسطين، والصومال، وافغانستان، وغيرها من أوصان المسلمين. وفي سبيل تحقيق السلم العالمي ينبغي ان تُدعم مؤسسات الحوار الدولي، ومؤسسات فض المنازعات قضائياً، وقبول الاحتكام اليها بعد الاطمئنان الى جدواها وحيدتها في التعامل حيال القضايا الدولية والاقليمية. كما ينبغي المطالبة الحازمة بنزع اسلحة الدمار الشامل من الدول كافة، والزامها بالا تسعى الى امتلاكها.

وان كان للسياسة الخارجية دور كبير في تحقيق الامن والسلام في العلاقات الخارجية، فان هذا الدور يمتدُّ ليشمل الاهداف الوطنية، وذلك لان الدبلوماسية في مفهومها الاساسي تعني: «فن التفاوض من اجل مصلحة الوطن» اضافة الى أنها اداة لتنظيم العلاقات الدولية عن طريق التفاوض والحوار، والدبلوماسية والسياسة الخارجية أصبح - كلاهما - مصطلحين لمفهوم القومية والوطنية، وهما انعكاس وامتداد للسياسة الداخلية.

ومن كل ما تقدم فان على السياسة الخارجية للدولة السعي - سعياً متصلاً - لتحقيق الاهداف القومية التالية:

(أ) الامن القومي:

ويضطلع، لتحقيق هذا الهدف، بانجاز الاجراءات التي تحفظ وسلامة البلاد والعباد.

والسياسة الخارجية للدولة، بسفاراتها في الخارج هي نقاط الانذار المبكر، وخط الدفاع الاول في التعامل مع المجتمع الدولي، لذا ينبغي ان تقوم البعثات بالخارج بمواجهة الانشطة الهدامة; دحضاً للشائعات، وتوضيحاً للحقائق، وبناءً للعلاقات الحميمة مع الدول المضيفة ومواطنيها.

ومن وظائف السياسة الخارجية ان تجتهد في بسط علاقات دولية طيبة، مؤسسة على حسن الجوار والتعاون، وتجنب التوتر والصراع، وتوضيح أي سوء فهم في سياسات البلاد، ونزع الفتيل عن المواقف المتفجرة بالتفاوض والحوار، وعقد المؤتمرات واللجان المشتركة، والاتفاقيات والمعاهدات الامنية والدفاعية، والتنسيق بين الدول النامية، واقامة مشروعات نفع متبادل يفوت على الاعداء فرصة التآمر. اما في حالة الدول الصغيرة التي تصرُّ على التعامل مع الدول الكبرى ضد جيرانها، فلا مناص من أن تستخدم معها وسائل العنف والقوة، لتشعر بفداحة الثمن الذي سوف تدفعه في مقابل عدوانها ورضوخها لسيطرة دول اخرى للاضرار بأمن الجوار.

(ب) العلاقات الاقتصادية والاجتماعية:

ان التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة ضرورية لتحقيق الامن والسلام، كما السلام والامن ضروريان لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولا يتم احدهما الا بتوافر الاخر. وفي عالم اليوم - الذي تطور فيه العلم والتقانة، ووسائل النقل والمواصلات والتسويق - يتحتم السعي الجادُّ للتعاون في المجالات الدولية، خاصةً الدول المتشابهة في مواجهتها ظروفاً متقاربةً ومشاكل مشتركة، مثل: الديون الخارجية، وقضايا الجفاف والتصحر والزراعة البدائية، والحاجة الى التقنية، وهذا كله يتطلب التعاون في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية مع المؤسسات والوكالات الدولية المتخصصة ومع دول العالم اجمع، مع مجانية التعاون الذي يهدف الى الهيمنة على القرار، الوطني، عبر شروط استعمارية.

التدابير الامنية:

بما ان العوامل التي تهدد الامن تشمل عوامل داخلية وعوامل خارجية، فان التدابير يجدر ان تشمل أيضاً التدابير ببعديها: الدخلي والخارجي، على الوجه الآتي:

أولاً: التدابير الامنية الداخلية:

ويدخل ضمن التدابير الامنية الداخلية، كل ما اوردناه من مكافحة التجسس، وترسيخ الامن الايجابي، وتحصين الجبهة الداخلية. ونضيف - هنا - التدابير الداخلية المتعلقة بمكافحة الغزو الاجنبي المسلح، والاضطرابات المسلحة المدعومة من الخارج، ونقتصر في ذكر هذه التدابير على التالي:

(أ) التعبئة والاعداد:

لما كان الغزو الاجنبي المسلح، ودعم الاضطرابات المسلحة يردان ضمن ما يُحتمل ان يسلكه الاعداء، صار لزاماً على الدولة المسلمة ان تقدر موقفها وحاجتها من العدة والعتاد لمواجهة هذا الاحتمال، وان تعد قواتها المسلحة اعداد جيداً، تدريباً وتأهيلاً وتوعيةً.

وعلى الدولة ان تحفز الجماهير - بالتعبئة - لدعم الجهد الحربي مادياً وبالمشاركة الفعلية في القتال الى جنب القوات المسلحة; جهاداً في سبيل الله، فالفقهاء يقولون: ان العدو عندما يطأ ارض المسلمين فان الجهاد يصبح فرض عين على كل مسلم عاقل، بالغ، خال من الاعذار الشرعية. وينبغي على المجتمع ان يوفر الموارد الكافية للجهاد، وان يساند المجاهدين معنوياً كما يعضدهم مالياً، يقول تعالى: (وأنفقُوا في سبيلِ اللهِ ولا تلقُوا بأيديكُم الَى التهلكةِ وأحسنُوا انَّ اللهَ يحبُّ المحسنين)(107)، ويقول تعالى: (وأعدُّوا لهُم مَّا استطعتُم مِن قوة ومِن رباطِ الخيلِ ترهبونَ بهِ عدوَّ اللهِ وعدوكُم وآخرينَ مِن دونهِم لا تعلمونهمُ اللهُ يعلمهُم ومَا تنفقُوا مِن شيء في سبيلِ اللهِ يوفَّ اليكُم وأنتُم لا تظلمونَ)(108).

(ب) الجهاد:

اذا وقع غزو اجنبي مسلح، او اضطراب امن البلاد بدعم من اجنبي، فعندئذ يجب الجهاد والقتال لحفظ الامن والنظام وكف الخطر الخارجي. فالقتال هدفه اعلاء كلمة الله وحفظ الثغور والنحور والاموال. والجندية في الاسلام تكليف لاداء هذه الاهداف السامية، وليست مهنة لكسب القوت أو الارتزاق، وهي واجب يقوم به الجند كفاية عن المسلمين، ثم يشترك كل المسلمين في مدافعة العدو، الا من أسقط عنه الاسلام هذا الواجب الجهادي لاعذار محددة.

فالله تعالى يقول: (الذينَ أخرجُوا مِن ديارهِم بغيرِ حق الاَّ أن يقولُوا ربنَا اللهُ ولَو لا دفعُ اللهِ الناسَ بعضهُم ببعض لهدمَت صوامعُ وبيعٌ وصلواتٌ ومساجدُ يذكرُ فيهَا اسمُ اللهِ كثيراً ولينصرنَّ اللهُ مَن ينصرهُ انَّ اللهَ لقويٌ عزيزٌ)(109). ويقول تعالى: (انفرُوا خفافاً وثقالاً وجاهدُوا بأموالكُم وأنفسكُم في سبيلِ اللهِ ذلكُم خيرٌ لكُم ان كنتُم تعلمون)(110).

ومن الواجب على الدولة المسلمة ان تهيىء الشعب كله، وتعده اعداداً عسكرياً ومعنوياً، فيتدرب على فنون القتال، ويتحلى بالتربية الدينية التي تحرضه على الجهاد، وتحثه على القتال والتواصي بالحق والصبر، والثبات عند اللقاء، وطاعة اولي الامر، يقول تعالى: (يَا أيهَا الذينَ آمنُوا اذَا لقيتُم فئةً فاثبتُوا واذكرُوا اللهَ كثيراً لعلكُم تفلحونَ. وأطيعُوا اللهَ ورسولهُ ولا تنازعُوا فتفشلُوا وتذهبَ ريحكُم واصبرُوا انَّ اللهَ معَ الصابرينَ)(111).

والمسلمون يقاتلون دفاعاً عن قيم الحق، فان ترك العدو قتالهم ورجع عن ارضهم وكف عن أذاهم جانحاً الى السلم، فالسلم غاية كل مسلم يقول تعالى: (وإن جنحُوا للسلمِ فاجنَح لهَا وتوكَّل علَى اللهِ انهُ هوَ السميعُ العليمُ. وإن يريدُوا أن يخدعوكَ فانَّ حسبكَ اللهُ هوَ الذي أيدكَ بنصرهِ وبالمؤمنين)(112).

ثانياً: التدابير الامنية الفنية الخارجية:

ان من العهود ان تكون للدولة مؤسسات خارج الوطن، اهمها البعثات الدبلوماسية، ومنها مكاتب خطوط الطيران، والمكاتب التجارية والاقتصادية، والمكاتب الاستشارية المختلفة. كما ان فئةً من المواطنين اغتربت عن الوطن لدواعٍ شتى- يقيم بعضها في بلاد غير اسلامية او معاوية للاسلام، فيتحتم على الدولة ان تهتم بهم عبر بعثاتها المنتشرة ومؤسساتها المختصة بشئون المغتربين، لتبصيرهم بمكائد الاعداء، وبواجباتهم نحو انفسهم واهليهم، ونحو وطنهم، والبلد المضيف، ونحو امتهم المسلمة وقضاياها.

ولما كانت البعثات الدبلوماسية خط الدفاع الاول عن الدولة، ومنذرها المبكر بمخططات الاعداء، فسوف نفرد مرشداً خاصاً بتدابير امن البعثات الدبلوماسية، لتسترشد به كل بعثة في وضع مشروع الامن الخاص بها، وفقاً لظروفها المحلية السائدة والامكانات المتاحة لها.

يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة

رابط هذا التعليق
شارك

الفصل الثالث

تدابير امن البعثات

ان البعثات الدبلوماسية بالخارج تشكل المرحلة المتقدمة في الدفاع عن الوطن حيال اي استهداف خارجي، لهذا فان أعماله تتسم - عادة - بالسرية المطلقة، فهي تتداول اثناء تأدية مهامها اسراراً اذا تسربت الى ايدي اعداء الوطن هددت كيانه واضرت بمصالحه الحيوية، وربما أودت به.

وبهذا المنظور اضحى لزاماً علينا وضع الارشادات، والضوابط، والاجراءات التي تحقق حماية هذه البعثات وتأمين انشطتها.

ولتنفيذ تلك الغاية النبيلة نضع هذا المرشد الذي توخينا فيه ان يكون شاملاً ومرناً، يؤخذ منه ويترك، ويُضاف اليه ويحذف، تبعاً لظروف الزمان، والمكان، ومقتضى الاحوال، وطبيعة المخاطر والتهديدات المتوقعة في موقع كل بعثة من البعثات.

والمقصود بأمن البعثات الدبلوماسية في هذا المرشد: جميع الاجراءات التي تُتخذ لحماية البعثات بالخارج من اخطار التجسس والتخريب المادي والمعنوي، وتحصين افرادها من عمليات الاختطاف والاغتيال والابتزاز، وتحويل الولاء او التجنيد بواسطة أعداء الوطن. وتشمل تلك الاجراءات المحاور التالية:

امن منشآت البعثة الخارجية:

يُقصد به: مجموعة الاجراءات التي تتخذ لتأمين وحماية مباني البعثة وممتلكاتها ضد التخريب والسرقة، والحفاظ على سلامة المعدات والاليات والمركبات من التلف والضياع.

امن معلومات البعثة الخارجية:

ويقصد به: مجموعة الاجراءات التي تتبع لحفظ وتأمين الوثائق والمعلومات التي تحمل درجة من السرية، وتشمل كل التدابير اللازم اتخاذها لطباعة وحفظ وتداول هذه الوثائق حتى لا تقع في أيدي من لا يخول لهم الاطلاع عليها.

امن أفراد البعثة الخارجية:

والمعنيُّ به: الاجراءات التي تقي الافراد من خطر الوقوع في قبضة مخابرات الدول الاجنبية، وتحمي ارواحهم وأسرهم من القتل والارهاب والابتزاز، وتبصرهم وتنمي فيهم الحس الامني لئلا يبوحوا - عن قصد، او غير قصد - بمعلومات يضرُّ كشفها بمصالح البلاد.

أمن منشآت البعثة:

اجراءات أمن مبني البعثة:

ويُراعى فيها:

* ان تشغل البعثة مبني منفصلاً، في منطقة آمنة، ويُستحسن ان يكون في المنطقة التي تقطنها البعثات الدبلوماسية المثيلة، ولا يحبذ ايجار جزء في مبني كمقر للبعثة، الا في حالات الضرورة القصوى، وفي هذه الحالة، يحسن اختيار اعلى جزء من المبني المشترك، والتحري عن الشركاء فيه.

* ان يُحاط المبني الرئيسي بسور قوي ومرتفع محصن بالسلك الشائك، اذا كان ذلك ممكناً، مع طلاء جدران السور الخارجي طلاء لا يسهل معه تسلق السور، وان تقلل المداخل والمخارج - ما أمكن - ويُضاء السور الخارجيُّ والساحات الداخلية اضاءة كافية تساعد الحراس على المراقبة.

* ان يُخصص مدخل للسيارات ومدخل للافراد، وافراد مكتب للاستقبال، على ألا تُفتح الابواب الا بعد التأكد من اسماء الداخلين، وسبب الزيارة.

* أن تُزود البعثة بكاميرات مراقبة تلفزيونية لحصر التحركات والتأكد من هوية القادمين. كما ان من الاهمية بمكان تفتيش المبني - امنياً - خشية أن تكون هناك اجهزة تصنت او تخريب، كما يلزم التأكد من قفل ثغرات مجاري المياه بأسلاك قوية لمنع التسلل من خلالها.

* ان توضع حراسة دائمة ومسلحة في مدخل البعثة، بالتنسيق مع السلطات المحلية، وان يُطلب تكثيف الحراسة - متى اقتضى الحال - والاستعانة بعناصر مؤتمنة ومدربة، للحراسة من الداخل.

* أن تكون مباني المكاتب بحالة جيدة، وتكون الابواب والنوافذ متينة، وذات تأمين كاف من الحديد الصلب.

* ان يجري تغيير الاقفال على فترات، لضمان جودتها، ولكيلا تُقلد مفاتيحها، وعندما يشتبه في محاولة كسر او فتح، فان من الواجب متابعة الحالة بدقة لمعرفة حقيقة المحاولة.

* ان تخصص اكثر غرف المبني اماناً لحفظ الوثائق السرية، على ان يبذل فيها جهد اضافي لتصبح غرفة حصينة (strong room) .

* تُخصص المباني الارضية للعمل القنصلي والاعمال المتصلة بالجمهور، اما المباني الحصينة فتخصص العليا لمكتب رئيس البعثة والكاتب السري ومكتب اللاسلكي والشفرة.

* يُعين ضابط امن من العاملين في البعثة يكون مسئولاً عن حرق المسودات والكربون وحفظ المفاتيح بمكان امين، وحفظ نسخة واحدة من المفاتيح بالخزينة، ومنع تداول المفاتيح للحيلولة دون استخراج نسخ منها.

* توفر للمبني معدات اطفاء الحريق، والتأكد - حيناً بعد آخر - من صلاحيتها، وتدريب العاملين على استعمالها وكيفية اجراء الانذار في حالة الاشتعال، ووضع هواتف الحريق في أمكنة بارزة لتيسير الاتصال، وتعيين من يتصلون بمكافحة الحرائق - حال حدوثه - ومن يؤمنون مفاتيح الكهرباء وفحص التأمينات والوصلات الكهربائية.

* افراد غرفة لاجراء المقابلات تفادياً لاجراء المقابلات بمكاتب بها معلومات سرية.

* الاشتراك مع الشركات التي تختص بتأمين المباني وحمايتها، متى ما توفر ذلك، والاشتراك في التأمين ضد الاخطار.

* تزويد باب البعثة «بعين سحرية» ويكثف تأمين الباب الرئيسي الخارجي في حالة سكن البعثة في شقة ضمن المبني.

* تحديد موقف لسيارات البعثة يكون تحت حراسة دائمة، لتفادي التخريب والتفجير او دس وسائل التصنت.

* مراجعة اجراءات امن المنشأة من حين لاخر، بطريقة دورية لتحسين اجراءات الامن.

* تنمية الحسن بأمن المنشآت لدى العاملين بالبعثة وتكليفهم بالتبليغ عن أية ملاحظات في هذا الصدد.

* التأكد من وجود الاضاءة الكافية بالممرات داخل المبني، ليلا، لمساعدة الحراس على المراقبة.

* عند ضياع المفاتيح، او حدوث حادث امني، يُشكل مجلس تحقيق، وتخطر الرئاسة، ويجري - دون ابطاء - تغيير الاقفال، وان وجد المفتاح بعد ذلك.

* التأكد من تأمين اجهزة التهوية والتبريد ومفاتيح الكهرباء، قبل اغلاق المكاتب بنهاية الدوام الرسمي.

* ملاحظة خلو ساحات المبني والمكاتب وما حول السور من الاشياء الغريبة التي يحتمل ان تكون متفجرات، مثلاً، وكذا ملاحظة السُّكان الجدد والمباني والاكشاك التي تقام بالقرب من المبني، وفحص المباني للكشف عن وجود أجهزة تصنت مخبأة في الجدران، او اجهزة الهاتف، بمواقع العمل والسكن والمركبات.

امن معلومات البعثة:

* الطباعة:

* يجدر ان يخصص كاتب طابع في كل بعثة لطباعة الوثائق التي تحمل قدراً من السرية، يُفرد مكتب لطباعة الوثائق السرية، وتقام خزائن مؤمنة لحفظها.

* تُحدد درجة سرية الوثيقة بواسطة كاتبها - على المسودة - وتوضع درجة السرية عند الطباعة باللون الاحمر، في أعلى وأسفل كل صفحة بوسط السطر.

* تحدد في الوثيقة السرية درجة السرية، وعدد الصفحات والاصل، وعدد الصور المطبوعة وتوزيعها، ولا يجوز استنساخ صور اضافية منها، ويرقم كل اصل وصورة بما يسهل المتابعة في حالة التسرب.

* يغلق المكتب المخصص اثناء طباعة الوثائق السرية، ولا يسمح بدخول الاشخاص غير المصرح لهم بالاطلاع عليها.

* يراعي عدم المبالغة في اعطاء درجات السرية، فالوثيقة التي تستحق درجة «سري» لا تعطى درجة «سري للغاية»، لان ذلك يضخم من عدد الوثائق ذات السرية القصوى، ويجعل اجراءات الامن عسيرة وحفظ الوثائق صعباً، ويقتضي ذلك مراجعة الوثائق التي تحمل درجة سرية عالية لتخفيض درجتها، كلما زالت الدواعي، فتوقيتات تحركات الرئيس - مثلاً - تنتهي سريتها بانتهاء الزيارة، وبذات القدر يُراعي عدم التهاون في اعطاء درج سرية اقل لوثيقة ذات اهمية قصوى.

* تُباد المسودات، بالحرق أو التمزيق الدقيق، وتعامل أوراق الكربون وأشرطة ماكينة الكتابة التيى كتبت بها الوثائق السرية معاملة الوثيقة نفسها، لاحتمال معرفة المعلومات السرية من خلال أوراق الكربون، وأشرطة ماكينة الكتابة، واظافة الى هذا تحرر شهادة بذلك.

* تُسجل كل الموضوعات السرية الواردة للطباعة في سجل خاص بها، وتسلم النسخ المطلوبة مع المسودة لكاتب الوثيقة، ولا يحتفظ كاتب الوثيقة بصورة منها أو بمسودته التي كتبها.

* عند وضع وثيقة تحمل درجة السرية القصوى داخل ظرف، توضع في ظرفين: يكتب على الظرف الداّخلي «سري للغاية»، وعلى الظرف الخارجي «سري»، لئلا تلتفت الانظار للوثيقة ذات السرية القصوى، وعندما يفضُ موظف الحقيبة الظرف الاول فان عليه تسليم الظرف الثاني (الوثيقة ذات السرية القصوى» للموظف المخول له بفضها.

* تُختم كل الوثائق السرية بالشمع الاحمر، ويكتب عليها درجة سريتها بشكل واضح.

* يحسن الاتفاق - مسبقاً - على من لهم سلطة وضع درجات السرية في الوثيقة، فعلى سبيل المثال، لا يضع درجة «سري للغاية» الا السفير، أما درجة «سري» فيضعها المستشار ومن هم أعلى منه، ويمضي الامر تباعاً على هذه المنوالية. ويحسن أيضاً تحديد الاشخاص المخول لهم فضُ الوثائق السرية، بدرجاتها المختلفة.

* يُراعي توحيد أرشيف الملفات السرية مع أرشيف الرئاسة - ما أمكن ذلك - وبما ييسر اجراءات المراجعة والحفظ والتداول.

* التداول:

* لا يسمح في تداول الوثائق السرية بنقلها لقراءتها بالمنزل أو طباعتها، أو لاى غرض آخر، بل تكون الوثائق السرية كلها مؤمنة بالمكان المعين الخصص لها.

* تُعاد الوثائق السرية لمكان حفظها في أقل وقت ممكن بعد الفراغ منها.

* يكون لكل وثيقة سرية سجل تاريخي يوضح تداولها بالتاريخ والزمن، ويوقع عليه ممن اطلع عليها، وممن هو مسئول عن حفظها.

* لا تُقرأ الوثيقة السرية قراءةً جهرية، لاحتمال وجود أجهزة تصنُف.

* لا تترك المكاتب التي بها وثائق سرية مفتوحة في حالة خروج الموظف من مكتبه، بل تؤمن الوثيقة الى حين عوته، وفي نهاية الدوام تُعاد الوثائق للارشيف السري.

* لا يجوز تداول الوثائق السرية بواسطة السعادة وصغار العمال.

* الحفظ:

* يُخصص مكتب في كل بعثة لحفظ الوثائق السرية (تقارير، خرائط، كروكيات، أفلام، أشرطة تسجيل، شفرة) ويكون المكتب مومناً التأمين الوافي، ويُختار أكثر المكاتب تحصيناً لهذا الغرض، وتتخذ اجراءات تأمين اضافية بتحسين الدواليب والابواب والمنافذ فيه، وتوضع أحسن خزن البعثة به، عل يأن يخضع هذا المكتب لاشراف موظف يعينيه رئيس البعثة، ويُشترط في هذا الموظف الامانة والالتزام والحس الامني، وادراك جسامة مسئو لية أمن المعلومات.

* لا يُجهز بالارقام السرية أثناء فتح الخزائن المتميزة بهذه الارقام، خشية من أجهزة تصنت مخبأة.

* تُحفظ الاوراق ذات الديباجات الثابتة فيى مكان واحد مؤمن، لتفادي سوء استخدامها.

* تؤمن أختام البعثة بمثل تأمين الوثائق السرية، وتحدد أسماء الموظفين المسموح لهم باستخدامها وحفظها، ومن الواجب أن تُجدد الاختام من قبل الرئاسة، لدى جهة مؤتمنة، ولا يُسمح باستخراج نسخ اضافية منها كيلا تقلد، وتُباد الاختام القديمة عبر لجنة تقرُ ابادتها،

وتحرر شهادة بذلك، واذا فُقد الختم - ولو لفترة وجيزة - يجرى التبليغ فوراً، ويُشكل مجلس تحقيق لذلك، وتُخطر الرئاسة بالنتائج.

* عند وصول وفد رسمي الى دولة، فان على البعثة الدبلوماسية فيها أن تنصح أعضاء الوفد بتسليم وثائقهم السرية لحفظها وتأمينها بدار البعثة، بدلاً من تركها بالفنادق ومقار السكن أو دور الضيافة، لان ذلك يعرضها للفقدان أو الكشف.

* في الظروف الطارئة، مثل اغلاق البعثة أو اعلان الحرب، أو طرد البعثة، أو الاضطرابات العامة، تكون لجنة لابادة الوثائق السرية، وتُكتب شهادة بذلك.

* تعامل دفاتر الصادر والوارد التي تدون فيها الوثائق السرية، بذات معاملة الوثائق السرية في الحفظ والتداول.

* بنهاية الدوام الرسمي اليومي يُشترط التأكد من أن كل الوثائق السرية قد أعيدت الى أماكنها وجرى تأمينها، وأحرقت الاوراق المهملة والاوراق السرية، باشراف الموظف المعين لهذا الواجب.

أمن الافراد:

من الجدير بالاعتبار في أمن الافراد ما يلي:

* أن ينال كل من يرسل للعمل بالبعثات، خارج البلاد، تدريباً أمنياً يمكنه من الالمام بارشادات الامن، مع التركيز على المخاطر والتهديدات الامنية الخاصة بالمنطقة التي سوف يعمل فيها، على أن يشمل التدريب اجادة الرماية.

* أن يجري التعرف على من سيعملون بالخراج، من حيث نقاط الضعف التي قد تجعلهم فريسة سهلة للمخابرات الاجنبية، خاصة جانب الاخلاق والسلوك العالم، اذ أن الاستقامة تعتبر صمام أمان ضد محاولات المخابرات الاجنبية.

*اختيار سكن مناسب من حيث توُفر وسائل الاتصال ونقاط الشرُطة، والابتعاد عن السكن في المناطق النائية والمعزولة.

* تجنب ارتياد الاماكن المشبوهة، مثل الحانات وأندية السُكر والميسر، وتوخي الحذر والكتمان وعدم البوح بالاسرار في كل مكان يُرتاد.

* تجنب الذهاب الى رحلات في أماكن لا تتوفر فيها الحراسة أو النجدة.

* الابتعاد عن أماكن التجمعات التي يُحتمل حدوث شغب فيها.

* التأكد من هوية المتعامل معهم، والاحتراس من الصداقات العشوائية، خاصة أولئك الذين يسعون الى التقرب ويحرصون عليه.

* الابلاغ، فوراً، عن أي حدث يُشبه في أنه خطر على أفراد البعثة، وتلزم الاستعانة بسلطات الامن المحلية في حالات الخشية مما يهدد أمن البعثة، وتبلغ الرئاسة بذلك.

* التأكيد من احكام اغلاق وتأمين المداخل والمنافذ، وتوعية أفراد الاسرة بالابلاغ عن أي حدثٍ غريب يُشتم منه ما يمكن أن يروع أمن البعثة وأفرادها.

* على البعثة طلب مساعدة السُلطات ال محلية - عاجلاً - اذا غاب فردٌ أو مجموعة من أعضاء البعثة بصورة تدعو الى القلق، وتُمدُ السلطات المحلية بتفاصيل كاملة تساعدها في التحري.

* يُعين المؤتمنون من المواطنين المحلليين، عند الاضطرار، وحينئذ يقتضي الامر فحصهم فحصاً دقيقاً، والتخير بين الجنسيات والاستعانة بالسلطات المحلية في فحص البصمات، والخلو من السوابق، ويجدر الحذر - بعد كل ذلك - في التعامل معهم، وعدم تمكينهم من الوثائق السرية، والمعلومات الهامة.

* الاحتراس عند التعامل مع الاجانب الذين تستعين بهم البعثة في الصيانة والاحتفالات العامة، كطباخين أو عمال.

* التّثبت من هويّة السكان الذين يجاورون موقع السّكن والعمل، وأولئك الذين تعقد معهم الاسرة صدقات عائلية.

* التأكد من تأمين السيارات عند تركها بالمواقف العامة - أو حتى عند وضعها بمرآب البعثة أو السكن - لتجنب السرقة أو التخريب، أو زرع أجهزة التنصت بداخلها.

* تراعي اجراءات اطفاء الحريق بموقع السكن، تماماً مثلما تُراعي في موقع العمل.

* المحاذرة في التحركات عند الشعور بتهديد أمني، وكسر النمطية المتبعة في أزمنة التحرك، وترك المعهود من الطرق، ومن الخير العودة البمكرة مساءً لمقر السّكن والابلاغ الفوري عن الاحداث الغريبة، بعد مراقبة المتابعين لكشف هوياتهم.

* عند الاشتباه في رسالة ما بأنها رسالة ملغومة تُستدعى السُلطات المحلية قبل فتحها.

* الاهتمام بالتعاون والانسجام بين جميع العاملين في البعثة، واعتبار أمن البعثة مسئولية كل فرد فيها.

* في حالات التهديد والاضطربات تُحاط التحركات وخطوط السير ونوايا السفر بالسريه القصوى.

* عند انفراط عقد الامن بمنطقة التمثيل، واشتراك قوى الامن المحلية في النهب والسلب، يُستحسن طلب جنود من الرئاسة، بالتنسيق مع الدولة المضيفة، أو طلب تسليم أعضاء البعثة للحماية الشخصية.

* تجنب استفزاز الآخرين، أو انتقادهم، خاصة رعايا الدولة المضيفة.

* انتهاج التعامل باحترام ونبل في المرافق المختلفة، وتقدير قوانين الدولة المضيفة، والتعامل مع سلطاتها بانضباط تام، وحمل الاوراق الثوبتية ورخضة القيادة في كل التحركات.

* عند التحرك خارج المدينة يجب اخطار البعثة، واعطاؤها رقم الهاتف ووقت العودة المحتمل.

* عند اتصال شخص يدعى أن لديه معلومات أمنية تهم البعثة، أو البلاد، يتحتم التثبت من هويته ودوافعه في الابلاغ بالمعلومات، ووسيلة حصوله عليها، والاصرار على معرفة أوراقه الثبوتية، وتدوين كافة المعلومات والتفاصيل عنه، وابلاغ الرئاسة بتفاصيل ما حدث.

* عند حدوث تهديد عبر الهاتف أو البريد تخطر السُلطات المحلية فوراً.

* في مناطق الجاليات المعارضة، وفي حالة تجمع بعضهم لتسليم عريضة، مثلاً، فالاسلم اقناعهم باختيار ممثل عنهم، أو اثنين، لتقديم العريضة، وينبغي معاملتهم معاملةً حسنة، وفق الاعراف والخلق الاسلامي.

* في حالة الاضطرابات، والاضطرار لاخلاء الجالية، توضع خُطة مفصلة لاجراءات التحرك، تشمل: قوائم بأسماء أفراد الجالية وعناوينهم، وحصر أعداد النساء والاطفال والمرضى، وتحديد وسائل السفر والطرق، ومعرفة مناطق التجمع والتحرك والوثائق الثوبتية المطلوبة من كُل، والتنيسيق مع السُلطات المحلية وسلطات البلد الذي سيتوجه اليه، والتنسيق مع الرئاسة في كل ذلك.

أمن وسائل الاتصال:

والمقصود به: الاجراءات التي تتخذ لحرمان العدو من الحصول على المعلومات السرية التي تبث عبر وسائل الاتصال، وهي: الحقيبة الُدُبلوماسية، الشّفرة، اللاسلكي، الهاتف، الفاكس، ونتناول كلا منها فيما يلي:

الحقيبة الدبلوماسية:

* يُعين رئيس البعثة أحد الموظفين الاكفاء، ليكون مسئولاً عن استلام وتسليم وتجهيز الحقائب الدُبلوماسية يُسمى «ضابط الاعتماد» ويُصدر تكليفاً مكتوباً بذلك.

* ترسل الحقائب الدبلوماسية دائماً بالخطوط الجوية الوطنية، واذا لم تتوفر الخطوط الوطنية ينتقى أضمن وسائل الطيران: من حيث قرب خط الطيران، وكفاءة الشركة الناقلة، والعلاقات السياسية مع الدولة التي تنتمي اليها الشركة.

* تُسلم الحقائب الدُبلوماسية وتُستلم، دون ابطاء، وعلى وجه أخصّ في حالة الحقائب الصادرة، كيلا تتعرض للعبث والفتح.

* عند استلام الحقائب الواردة من الرئاسة يجب التأكد من أن وزنها مطابق، وأن ختمها، والشمع المختومة به والرصاص، بحالة جيدة، ثم تفتح بمكتب رئيس البعثة، وتقارن المحتويات بكشف الحقيبة، وتبلغ الرئاسة - برقياً; - عن أي خلل، ويشكل مجلس تحقيق في كل حالة يُشبه أن تسرب قد حدث فيها.

* اذا لم تصل الحقيبة في وقتها تبلغ الرئاسة فوراً، ويتحقق عن أسباب تأوخير الوصول.

* لا تفتح الخطابات السرية الا على أيدي المخول لهم بذلك.

* في حالة الحقائب الصادرة، تُخطر الرئاسة بارسالها ويتثبت من الرد باستلامها. وقبل الارسال يتثبت من توضيح محتوياتها بالنموذج المعد لذلك. واذا تأخر ارسال الحقيبة تُخطر الرئاسة - برقياً - وتُحفظ الحقيبة المعدة في خزينة مؤمنة لحين ارسالها.

* اذا كانت الحقيبة لا تصل مباشرة الى الرئاسة - بل يجري تسليمها لخط طيران آخر، أو لطائرة أخرى - يفضل أن ترسل الحقيبة للبعثة الدّبلوماسية الوطنية في تلك الدولة، لتتسلمها ثم ترسلها للرسائلة، حتى لا تبقى بالمطار فترة تعرضها لكشف محتوياتها.

* لا يسمح بارسال الرسائل والطرود الخاصة، الا بعد معرفة محتوياته ومرافقة رئيس البعثة وتوقيعه عليها.

* في حالة الحقائب «فوق العادة» التي ترسل في غير الموايعد المعتادة، أو لاهميتها الخاصة، تُخطر الرئاسة - برقيا - بتاريخ الشحن وموعد اقلاع ووصول الطائرة، والشركة الناقلة، ورقم السفرية.

* يلزم التقيد بقوانين البلد المضيف من حيث وزن الحقائب وشكلها، وهناك دول تحدد وزناً معيناً للحقيبة «عشرين كيلو جراماً» مثلاً، فاذا زاد الوزن تُحجز الحقيبة، وتعامل معاملة العفش (cargo) ، ما يجعل محتوياتها عرضة للكشف.

الشفرة:

* تُحفظ ماكينة الشفرة وكتبها ومفتاحها داخل خزينة مؤمنة، ولا تُخرج الا للاستخدام.

* تُحل الشفرات وترسل من مكتب مؤمن بواسطة موظف الشفرة المختص، دون أية قراءة جهرية للرموز، خشية ما قدمنا الحديث عنه.

* تُتلف أوراق المسودات ومحاولات الحل، عبر الموظف المختص، وتوضع درجة السرية المناسبة، وتعامل - تأميناً - وفقاً لدرجة سريتها.

* لا يُشار الى معلومات وردت بالشفرة في البرقيات والرسائل غير السرية.

* تُباد مفاتيح الشفرة بعد استلام المفاتيح الجديدة، وتحرر شهادة بذلك ترسل للرئاسة.

* لا يجوز اصلاح ماكينة الشفرة بالبلد المضيف، بل تُرسا الى الرئاسة في حالة العطبِ.

* يبلغ - فوراً - في حالة ضياع كتاب الشفرة، أو فقدانه لفترة، ويشكل مجلس تحقيق لتقصى ما حدث وأسبابه، وتُخطر الرئاسة بنتائج التحقيق.

* في حالة تعذُّر حل جزء من الرسائل الرمزية، لا يجوز ارسال ذلك الجزء بوضوح، بل تُعاد معاملته بالشفرة من جديد ولا يشار الى حل الشفرة بالهاتف.

اللاسلكي (التلغراف):

* يُوضح مكتب (اللاسلكي) في أعلن غرفة بالبعثة لتيسير الاداء وضمان سريته، ولا يُسمح بدخول المكتب الا لمن يُسمح لهم بذلك.

* على ضابط اللاسلكي أن يتحلى بالحس الامني في أداء واجباته، ويُستحسن تدريبه على أمن المعلومات، وخاصة أمن وسائل الاتصال.

* يجدر اتباع لالطريقة الصحيحة عند فتح الواصلات، وتجنب الاطالة في النداءات ونداء لئلا يتنبّه من يريد الاستماع والتنصت.

* يراعي استخدام الاصطلاحات ابلرسمية المتفق عليها، والتثبت من أن المتحدث معه هو المقصود بالحديث.

* يحسن أن يجري الارسال في أقل مدة ممكنة، كي ينتفي أي ترصد للرسالة.

* أن يُكتفي في الاتصال بالرسالة الرسمية، والبعد عن الثرثرة، وتجنب نقل الرسائل الشخصية، أو نقل أخبار البلد المضيف الى الطرف الاخر.

* لا ترسل البرقيات الشخصية الا بموافقة رئيس البعثة.

الهاتف:

* يستدعي التعامل مع الهاتف التدقيق في أنه غير مراقب.

* لا يستخدم الهاتف فيى تداول المعلومات السرية.

* اذا أبلغ شخص عن معلومة هامة أو حادث، فليسأل عن اسمه، وهويته، والمكان الذي يتحدث منه.

* يجب تنبيه الاسر لمراعاة خطورة الهاتف، وعدم تزويد الغرباء بأيى معلومات حال السؤال عنها.

* من الضروري عند عقد الاجتماعات السرية بالمكاتب، فصل الهاتف وتشغيل جهاز راديو لتفادي التسجيل والتصنت.

* توضع الهواتف في أماكن مؤمنة، بعياً عن المنافذ المطلة على الطرقات، لتجنب نيران القناصة في الحالات المضطربة، أو حالات التهديد الشخصي.

الفاكس:

* ان جهاز التليفاكس من الاجهزة غير المؤمنة - أصلا - ويمكن التقاط رسائله، لذا يتوجب ألا ترسل المعلومات السرية عبره الا اذا كانت للسرعة أولويةٌ على السرية، وهذه مسألة تقديرية.

* يمكن اضافة جهاز خاص يمنح جهاز الفاكس ميزة الشفرة ويصعّب عملية التقاطه، ومن الخير، اذا توفرت الامكانات المالية، اضافة جهاز شفرة لجهاز التلفاكس.

* عند ارسال برقية بالفاكس يُذكر تدوين التاريخ والرقم، ودرجة السرية، ان وجدت.

* يحتفظ بدليل الفاكس الصادر عن الجهات المختصة بالبلد المضيف، لتسهيل الاتصال بالجهات التي يرغب في الاتصال بها، ولمعرفة الجهات التي اتصلت في حالة وصول معلومة أمنية أو هامة، لان برقية الفاكس تحمل رقم الجهاز المرسل.

* يحفظ جهاز الفاكس في مكتب مؤمن، لاحتمال وصول برقيات في أثناء غياب الموظف المختص، وحتى لا يُعبث به.

ارشادات عامة:

* ان امن البعثة مسئولية كل فرد من العاملين فيها، وعلى رئيس البعثة وموظف الامن المختص تأكيد ذلك في كل المناسبات، والاشراف على التقيد بتنفيذ اجراءات الامن.

* على رئيس البعثة وموظف الامن المختص العمل على تنمية الحس الامني لدى أعضاء البعثة، بالتذكير تارة، والتوجيه تارة أخرى، وبالتدريب المتصل، ووضع الملصقات واللافتات المنبهة.

* من الاهمية بمكان، ارسال تقارير الامن الدورية التي تحددها الرئاسة، موضحةً فيها سلامة اجراءات الامن والاختراقات التي حدثت والاجراءات التي اتُّبعت لسد الثغرات الامنية.

* ضرورة الاهتمام بوضع ميزانية مالية لامن البعثة ضمن الميزانية السنوية.

* بُصدر رئيس البعثة، أو الموظف المختص، نشرات وتوجيهات أمنية لاعضاء البعثة لمواكبة الظروف المستجدة، كي يُستهدف بتلك التوجيهات في تجويد مشروع أمن البعثة.

* يستعان بالرئاسة لاجراء التفتيش الامني والاستنارة برأيها في الحالات المستعصية.

يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
  • الموضوعات المشابهه

    • 2
      من تويتر اليوم    ارقام الأمن الوطني أهي اي حد تشك فيه او تعرف انه بيهدد امن البلد تليفون صغير وهما هيتصرفوا ومحدش يخاف البلاغات في سريه تامه ✋??? «22647000 – 22646000 - 22645000».
    • 36
      http://www.youtube.com/watch?v=Mw3sXGg_sN4 خطوة تأخرت كثيرا ... خذلكم الله
    • 3
      السلام عليكم و رحمة الله و بركاته http://www.youtube.com/watch?v=mkOSACJyZDE مظاهرات الامن المركزي تقطع طريق الاسماعيلية افراد الامن المركزي يقطعون طريق الاسماعيلية في مظاهرات غاضبة السبت 5/5/5012 الساعه 11:30 مساءا و ذلك بعد قتل ضابط لاحد زملائهم و في رواية ثلاثة مفيش لا حس و لا خبر في اي وسيلة إعلام هحاول اعرف اكثر
    • 11
      فى المدرسه تعلمنا ان عدد الدول العربيه هى 22 دوله بالتمام و الكمال و مع استبعاد الدول ذات الحضور المحدود على الساحه السياسيه فى المنطقه كجيبوتى و موريتانيا و جزر القمر و الصومال سنجد ان العدد الاهم تقلص الى 18 دوله و لكن باستعراض تواريخ ميلاد معظم القاده العرب سنجد الاتى الملك عبد الله بن عبدالعزيز - السعودية – ولد عام 1921م الشيخ صباح الأحمد الصباح – الكويت – ولد عام 1929م السلطان قابوس بن سعيد – عُمان – ولد عام 1940م الرئيس علي عبدالله صالح – اليمن – ولد عام 1942م الرئيس جلال طالباني – ا
    • 7
      النقد ياجماعة مش إني أطلع القطط الفاطسة في اللي بأنقده لأ أبداً فالنقد مثلما يُبرز المساويء أو العيوب .. يجب عليه أيضاً أن يُبرز بل وبشكل أكبر المزايا ... لكي يكون نقداً بناءً ومثلما ننتقد المجلس العسكري في بعض القرارات أو التصرفات ... فيجب أيضاً أن نُثني عليه في القرارات المصيرية المحترمة التي يتخذها ومنها أخر قرار برفض الميزانية العامة للدولة لعمي 2011-2012 والتي سلك فيها وزير المالية الطريق لاشهل والمفروش بالورود - بالنسبة له - وذلك بسد العجز في الموازنة عن طريق الإقتراض الخارجي ..
×
×
  • أضف...