اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

مقال عجبني


Mohammad Abouzied

Recommended Posts

"أفراح المهزومين والحساب العسير للمنتصرين"

الجمعة 15 أغسطس 2003 15:59

سامي البحيري

بكيت مرتان أيام هزيمة 1967، مرة عندما شاهدت الجنود المصريين يعودون من الجبهة وعلى وجوههم علامات الهزيمة والخيبة، وكان بكائى أشد عندما شاهدت على شاشات التليفزيون على الهواء مباشرة أعضاء مجلس الشعب المصرى صباح يوم 1. يونيو يهللون ويرقصون لتراجع عبد الناصر عن قرار الأستقالة "المزعوم"، وودت لو كنت أدفن نفسى بالحياه وأنا شاب صغير وقتها، وتسائلت كثيرا رغم حداثة سنى: ماالذى حدث؟ وكيف حدث؟ ومن المسئول؟ وأين ذهبت التصريحات العنترية والبروباجندا الأعلامية والتى شاهدنا عينة منها مؤخرا على يد "علوج الصحاف"، وقد كان كل الشعب العربى من المحيط "الهادر" الى الخليج "الثائر" ينتظر على أحر من الجمر تحرير فلسطين والقاء أسرائيل فى البحر، وكان بعض الضباط المصريين الذاهبين الى الجبهة وقتها منشغلين بتجهيز قائمة مشترياتهم عندما يدخلون "تل أبيب"، وكان الشعار والهتاف وقتها هو: "عبد الناصر ياحبيب ***بكرة حندخل تل أبيب" وبما أن شر البلية ما يضحك وعلى ذكر هذا الشعار لا بد أن أذكر النكتة التى أنتشرت وقتها فى عز أيام الهزيمة:

قطع صوت العرب أرساله العادى وتكلم "أحمد سعيد" بصوته الفخم الجهورى وقال: أيها العرب فى كل مكان يتحدث اليكم الزعيم الخالد جمال عبد الناصر من "تل أبيب"، وسمعنا صوت عبد الناصر بصوته الرخيم: أيها الأخوة المواطنون أتحدث اليكم من "تل أبيب"، والحمد لله هم هنا بيعاملونى كويس جدا حسب أتفاقيات جنيف!

......

تذكرت هذه الأيام المؤلمة وأنا أتابع هذه الأيام الحساب العسير الذى يلقاه "المنتصرون" (بوش) و (بلير) من قبل معارضيهم وبرلمانييهم وأعلامييهم، ليس على ادائتهم فى الحرب ولكن لأنهم بالغوا فى تبرير دخول الحرب، تلك الحرب التى أنتهت بأسرع من البرق وبخسائر بشرية لا تتجاوز خسائر أتوبيس أنحرف فى نهرالنيل بركابه.

ذلك الأنتصار الساحق كان من المفروض أن يبرر أى أخطاء قبل الحرب، وقبور صدام الجماعية وحدها كانت كفيلة بأغلاق ملف تبرير الدخول فى الحرب، ولكن المبدأ هو المبدأ، وما يقال الآن فى أمريكا، اذا كان بوش قد بالغ فى مسألة أسلحة الدمار الشامل للدخول فى حرب مع العراق، ما الذى يدرينا بأنه لن يتهور ويدخل فى حرب مع "الصين" مثلا بحجة أنها على وشك غزو (تايوان). وخرج (بوش) مؤخرا بكل شجاعة وقال أنه يتحمل مسئولية المعلومات المغلوطة التى ذكرها فى خطابه السنوى الى (الأمة الأمريكية) عن أعتزام العراق على شراء شحنات (يورانيوم) من أفريقيا لأستخدامها فى برنامجها النووى. ومسكين (بوش) لأنه لا يستطيع تعليق مشاكله على شماعة أمريكا مثل معظم الأخوة العرب.

........

أكتشفت أن معظم زعمائنا على مر التاريخ الحديث ( ما عندهمش دم)، فى أعقاب هزيمة 67 أنتظرت أن أسمع عن أنتحار أحد قادتنا العظام، فلم يحدث، حتى أنتحار (المشير عبد الحكيم عامر) كان (والله أعلم) مصطنعا حتى أن الشعب المصرى وقتها لم يصدق وأبتكر كلمة جديدة فى اللغة العربية وقال (إنتحروه)، وهى حل وسط مابين القتل والأنتحار!

بعد حرب48 وهزيمة سبعة جيوش عربية وضياع فلسطين على أيدى (العصابات الصهيونية وقتها)، لم نسمع عن تحقيق مع أى قائد أو زعيم، ولم نسمع عن أنتحار أى أحد، كل ما تمخضت عنه الصحافة وقتها هو أننا هزمنا بسبب "الأسلحة الفاسدة"، وطبعا هذه قصة مبالغ فيها جدا، وحتى مع أفتراض أننا مثل الذى أشترى الأهرامات، قد أشترينا أسلحة فاسدة، هذا عذر أقبح من ذنب، هل شحنا تلك الأسلحة مباشرة فى الصناديق من الميناء الى جبهة القتال، ألم يتدرب جنودنا على تلك الأسلحة بعد أستخراجها من الصناديق.

بعد حرب 56 تمت هزيمتنا هزيمة ساحقة على يد نفس (العصابات الصهيونية)، وكانت الحجة وقتها أن الجيش قد أنسحب من سيناء لحماية القناة والقاهرة من العدوان الثلاثى (أسرائيل – أنجلترا – فرنسا)، وكأن البلد كلها هى القاهرة، وأنه لا داعى للدفاع عن أى جزء آخر، ونزلت القوات الأنكليزية والفرنسية الى بورسعيد وأستولت على مبنى هيئة قناة السويس، ثم أنسحبت بسرعة بسبب أنذارالرئيس الأمريكى أيزنهاور وقتها والأنذار الروسى، وقد حدث الأنذارين نتيجة للتغييرات فى القوة الدولية فى العالم بعد الحرب العالمية الثانية. ولكن (على مين)، كانت مصر حتى 1973 تحتفل بعيد النصر!! يوم 23 ديسيمبر 1956، ومن فضلكم ماحدش يسألنى النصر على مين.!

وطبعا لم يحدث أى تحقيق مع أى مسؤول أو غير مسؤول فى سبب هزيمة الجيش فى سيناء. ويبدو أنه لايوجد أى شخص فى عالمنا العربى الجميل على أستعداد لتحمل أى مسؤولية، حتى أننى أتذكر بأنه كان يوجد فى أحد أحياء القاهرة محل صغير مشهور لبيع (الفول المدمس) اللذيذ، وكان يعلق على باب المحل لافتة تقول (ان خلص الفول أنا غير مسؤول)، تصوروا حتى بائع الفول لايريد أن يتحمل مسؤولية فشله فى توفير الفول لزبائنه!!

حتى حملة الجيش المصرى فى اليمن والتى ادت الى قيام حرب أهلية هناك وأطلقوا عليها حرب التحرير (لست أدرى تحرير من مين؟ اليمن لم يحتل فى تاريخه)!!، ولم نسمع عن أى تحقيق عن سبب تلك الحملة وما كانت نتائجها، وفى رقبة من؟ يقع ذنب آلاف الضحايا الذين ماتوا من الجنود المصريين ومن الشعب اليمنى، كل ما سمعناه من مؤرخى (نظرية المؤامرة) هو أن عبد الناصر قد تم توريطه فى حرب اليمن بهدف اضعافه تمهيدا لهزيمته فى 1967، وكأن زعمائنا الأفذاذ يتحركون بالتنويم التآمرى المغناطيسى، وكأن الشعوب تتبعهم مثل الأغنام المنومة مغناطيسيا أيضا! وما دمنا نتحدث عن حرب اليمن، لابد أن أذكر أن الشعب المصرى وقتها لم يكن مقتنعا بتلك الحرب وأطلق العديد من النكات عليها، وأذكر وقتها أن بعض اسماء القادة اليمنيين فى هذا الوقت كانت غريبة على الأذن المصرية، مثل: عبد الرحمن البيضانى وعبد الله السلال وعبد الله الأحمر وعبد الله الزبيرى، وتحكى النكتة بأن وفدا من القادة اليمنيين قام بزيارة عبد الناصر فى مكتبه بالقاهرة، وقام كل عضو من أعضاء الوفد على تقديم نفسه، حتى جاء الدور على أحد القادة الذى قدم نفسه قائلا: "قحطان الشعبى"، فرد عليه عبد الناصر قائلا: "وأنا شعبى قحطان"!!

أعذرونى على خلط الجد بالضحك، لأته يبدو أنه لا يوجد أمل الا الضحك والا مات الشخص هما وكمدا!!

حتى أنتصار حرب أكتوبر الذى لم يكتمل بسبب الثغرة التى حدثت بين الجيشين الثانى والثالث على جبهة قناة السويس، وهذه أمور تحدث ومتوقعة فى أى حرب، ولكن لم نقرأ عن أى تحقيقات رسمية عن موضوع الثغرة، من المسؤول؟ وهل كان يمكن تفادى تلك الثغرة؟ وهل كان هناك أى أهمال فى التخطيط أو التنفيذ لهذا الجزء من الحرب؟ وأسئلة كثيرة كان ولا بد أن تثار ويتم الأجابة عليها بصفة رسمية وشعبية، وليس بواسطة بعض القادة السابقين الذين يكتبون فى مذكراتهم بأنهم (أجدع ناس) وبأن الخطأ هو خطأ الآخرين.

ولكن لماذا (وجع الدماغ) بالتحقيقات التى لا لزوم لها والتى لن تؤدى سوى الى تشويه سمعة الوطن وقادته العظام!

وسلسة الهزائم طويلة، مثل مغامرة (صدام حسين) فى حربه مع أيران التى كلفت العرب والمسلمين مئات الألوف من الضحايا ومئات المليارات من الدولارات بلا طائل، ولكن مؤرخيننا العظام اختلفوا فى هذه الحرب منهم من قال بأن هذه هى قادسية (صدام) وبأنه يحمى البوابة الشرقية للعرب من غزو الفرس، والبعض الآخر قال بأن أمريكا كانت وراء تلك الحرب وأن المخابرات المركزية الأمريكية هى التى دفعت (صدام) الى تلك الحرب، وبالطبع صدام مثل غيره من زعمائنا كان منوما تنويما مغناطيسيا، وذهب الى الحرب وهو على تلك الحالة والتى لم يفق منها الا وقام بغزو الكويت وبالطبع التهمة جاهزة والمتهم معروف وهى أمريكا ممثلة فى سفيرتها فى بغداد فى هذا الوقت والذى أخبرت (صدام) على حد قول مؤرخى التآمر، بأن غزو الكويت أمر داخلى؟! ودخل صدام الكويت مثل أى أنسان آلى الى الفخ التآمرى. ثم كان رفضه الأنسحاب من الكويت، رغم الأجماع العالمى، لأنه كان يجهز (لأم المعارك)، وتم طرده من الكويت شر طردة، ومرة أخرى وبقدرة قادر تم تحويل الهزيمة الى نصر.

وحتى الآن رغم أن القوات الأمريكية قامت بأحتلال العراق بالكامل وتقوم على أدارة شئونه، الا أن كثيرا من العرب ما زالوا يعتقدون أن العراق لم ينهزم لأن أمريكا لم (تقفش) صدام، وكأننا نعيش فى زمن العصور الوسطى حيث كان أحيانا يتم هزيمة الجيش بمجرد مقتل القائد، وطالما ان القائد حيا يرزق يبقى كل شئ تمام يأفندم.

وعلى رأى الشاعر( أحمد فؤاد نجم) قائلا على لسان السادات فى أحدى هجائياته:

"...على الطلاق بالثلاثة ما فى أى حاجة

وقدّر كمان ان فيه أى حاجة...

ما فيش أى حاجة !!!"

وكما ترون (ما فيش أى حاجة) هزائم وتحقيقات وخلاف كل هذا شائعات تهدف النيل من عروبتنا ومن وحدة أمتنا ومن... الخ..الخ..

...............

وكل دعواتى الى المستر بوش والمستر بلير أن يخلصهم الله من محنتهم ومن الحساب العسير الذى يتعرضون له الآن، وأنصحهم بأنه يلزمهم الحضور الى بلادنا العربية السعيدة لكى يأخذوا (كورس) درسا فى كيفية تحويل الهزائم الى أنتصارات!

http://www.elaph.com:9090/elaph/arabic/fro...963088730198900

يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة

رابط هذا التعليق
شارك

وانا

كمان عجبنى هذا المقال الرائع والواقعى والصريح

وقد قرأته بالكامل بالرغم من طوله

حياك الله

مصر أكبر من نظام الحكم الفردى الديكتاتورى الإستبدادى

الذى فرضه علينا عسكر حركة يوليو فى الخمسينات

وصار نظاما لحكم مصر

برنامج الرئيس الإنتخابى لإسكان فقراء الشباب ..

سرقه مسؤولون وزارة الإسكان مع المقاولين ..!

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
  • الموضوعات المشابهه

    • 0
      فى صالة شقة بدور أرضى من بيت قديم فى منتصف شارع مدرسة التوفيقية الثانوية العريقة بحى شبرا تجمع ما لا يزيدعرض المقال كاملاً
    • 0
      تشابكت ثلاثة مفاهيم تتعلق بالتعليم فى ظل خفوت اهتمام «الماميز» هذه الأيام بالمنظومة، فارتأيت أنه وقت مناسب لمناقشتها. تساءلت قبل أشهر فى مقالات ولقاء تليفزيونى عن السبب الذى يدعونا أو لا يدعونا لنتعلم. بمعنى آخر، ما الذى يدفع الأب والأم لإرسال ابنتهما أو ابنهما إلى المدرسة أو يقرران بقاءه فى البيت، ثم العمل؟، وبدأ يومى أمس بحوار سريع مع سيدة محترفة تسول فى مدينة «الشروق»، حيث تتمركز تقريبًا فوق مطب يجبر السيارات على تهدئة سرعتها، واضعة يدها على خدها أو باكية كل يوم على مدار أيام العام وحولها عدد
    • 0
      كثير من اللغط والاختلاف يظهر دائما حينما تثار قضية ما.. أو حدث تاريخى معين ومن تلك القضايا التاريخية هو ما حعرض المقال كاملاً
    • 2
      جريمة «سعد الهلالى»     منذ بضعة أيام، ظهر الدكتور «سعد الدين الهلالى»، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، مع «عمرو أديب»، ليدلى بدلوه في مسألة «حجاب الأنثى»، وهل هو «فريضة» أم لا. حسب منهجه المعروف به، عرض «الهلالى»- مع حفظ الألقاب- مختلف الآراء الفقهية في المسألة، مع تأكيده أنه «لا يوجد نص يؤكد فرضية الحجاب». انتفضت المؤسسات الإسلامية وقادتها وأذرعها الإعلامية، وتوالت البيانات والتصريحات لتؤكد «فرضية» الحجاب. وكذلك ثار العديد من الناس وعبّروا عن غضبهم بكتاباتهم عبر وسائل التواصل
    • 0
      هى الصبيّةُ المتفوقة الجميلة التى كانت من أوائل الجمهورية فى شهادة الثانوية العامة، ثم اختارت أن تلتحق بكلية الحقوق جامعة القاهرة، لتتخرج فيها حقوقيةً نابهةً ذات عقل نيّر مشرق تعرف حقوق الإنسان وحقوق المجتمع وتمتهن المهنة الأشرف: «مهنة صناعة العدل». بعد تخرجها فى الجامعة امتهنت المحاماة ثلاثين عامًا لتدافع عن المظلومين وتعيد الحقوق إلى أصحابها. نظرًا لفرادتها وتميّزها، كانت أول امرأة مصرية تعتلى كرسى القضاء، لتغدو «قاضية»، بعدما ظلَّ ذلك المنصب الرفيع حكرًا على الرجال وحسب. وشكرًا للرئيس عبد الف
×
×
  • أضف...