اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

ذكريات من يوم استشهاد أبي مصعب"سعيد صيام"


Recommended Posts

ذكريات من يوم استشهاد أبي مصعب"سعيد صيام"

تامر الشريف

ها هي الأيام قد مرت سريعا وانطوت الأحداث كلمح البصر....

وما أشبه اليوم بالأمس..

جاءت الذكرى الأولى لاستشهاد المربي الشهيد النائب سعيد صيام، بعد أسابيع من بداية الحرب الشاملة على غزة برا وبحرا وجوا.

في اللحظة الأولى لضرب غزة تمترس أبا مصعب في بيته ..

رفض مغادرته و أصر أن يواصل عمله ويتحمل مسئوليته الوطنية..

كان يرفض الخروج منه فيقال أنه تقاعس عن أداء مهامه وأمانته....

كان يقول :" إن الناس بأمس الحاجة لنا في ظل هذه الظروف العصيبة ...وأي وقت أفضل من هذا الوقت لنحفظ امنهم ونقوم على حاجاتهم..

كان يدرك أن حجم المسئولية تحتم عليه أن يشارك جنوده المعركة ولو برسالة يخطها إلى الدفاع المدني يثني عليهم ويدعوهم للصبر ومساعدة المواطنين..

كان يغبط الشهداء ويتحرق شوقا لهم..

كان يعرف أن الموعد معهم قد اقترب...

فذيّل بآخر رسالة بعثها لرئيس الوزارء قبل استشهاده بيومين:" وأتمنى أن أنال الشهادة،،،

وعندما تأخر عن تقديم واجب العزاء لزوجة اللواء توفيق جبر..

أرسل لها..

ولكني أعدك أن ألحق به..

غرفة العمليات التي تواجد بها طيلة أيام الحرب _ ان جاز لنا أن نسميها هكذا_

كانت متواضعة جدا...

بعض من الأجهزة....

من الأوراق..

راديو صغير

مصحف..

مكان للنوم ان توفر الوقت له ...

وسجادة للصلاة...

غرفة عملياته كانت متواضعة لا تليق بمقام وزير وقائد كبير...

ولكنها تصلح لقيادة المعركة..بصمت وهدوء...

كان يجلس فيها يتابع كل تفاصيل الحرب...

كان يصدر من داخلها التعليمات الخاصة والعاجلة جدا..

غرفته لم تكن في الإسماعيلية، أو رفح المصرية أو في دمشق أو طهران،،

غرفته لم تكن في باطن الأرض..

لم تكن محصنة تمنع صواريخ الاف 16 أو الاباتشي من اختراقها،

غرفته تواضعت ...لتواضع ساكنها،،

كانت وسط حي شعبي..

عاش فيه الطفوقة والشباب والرجولة...

الجندية والقيادة،،

عاش أكثر من أسبوعين لا يعرف النوم طريقا إلى جفنيه...

يتابع مهامه ..ويشرف على أحوال جنوده ورعيته ...

لم يمل من كثرة العمل .. وطول السهر ..

وما تهاون عن دقائق الأمور ..

يكتب بخط جميل..كما اعتاد دوما....

وبهدوئه المعهود ..

يرسل الأوامر للتنفيذ

يبعث بها لذوي الشأن...

وقد يجتمع بهم ..في نفس الغرفة إن لزم الأمر

ورغم أن عدد طائرات الاستطلاع حينها لم يكن يحصى.....

وحجم العيون المتربصة به والباحثة عنه تزداد..

إلا أن استشعاره بالمسئولية الوطنية كان يغلب على احتياطاته الأمنية وسعيه للتواري عن الأنظار...

وفي آخر أيامه أرسل إلى مصعب ابنه الأكبر..

أريد سلاح كلاشنكوف بجانبي..

لم يعرف مصعب لم!!

لكنه شعر أن شيئا ما... سيحدث!!!

لم يختبئ أبا مصعب كما حاول مرجفو المدينة بثه ..

لم يهرب ...

لم ينزل الأرض خوفا..

لم يتمارض...

لم يصعد الأبراج أملا..

لم يعتذر....

لم يدخل السفارة احتماء..

لم يتنكر .... لم يتراجع...

لم يدخل رفح أو يصل الإسماعيلية....

لم يساوم .. لم ينافق.. لم يجبن..لم يدّعي...

لم يغلق هاتفه..

لم يتخذ له مرافقا إلا ابنه...

لم ينزل في بيت غريب أو يتحصن في بيت جار ...

كان كما هو.....

ظل كما هو.....

كما كان دوما.... رجل المرحلة..

كثيرا ما ردد:

"وكم رجل يعد بألف رجل

وكم رجل يمر بلا عداد!!!!

فكان خير الرجال بلا منازع في زمن كثر فيه أشباه الرجال وأنصافهم،،،

الإعلان عن استشهاد أبي مصعب في ذلك اليوم كان بمثابة زلزال أصاب فلسطين..

فالصدمة من استشهاد الدكتور نزار ريان في الأيام الأولى من الحرب لم تزل حاضرة ..

الناس غير مهيئين لاستيعاب أي خبر يفيد برحيل قائد كبير بحجم ابي مصعب سعيد صيام..

وشراسة العدوان واستشهاد المئات كاف .. ولا مجال لمزيد من الوجع والألم.

في ذلك اليوم .. كانت طائرات الاستطلاع تحلق فوق المنطقة التي يتواجد فيها معالي الوزير...

عشرات منها في دائرة واحدة...

فجأة!!!

ودون سابق إنذار..

بعد صلاة العصر..

الساعة الثالثة وأربعين دقيقة..

قطع صاروخان الصمت الذي خيم على حي اليرموك..

لحظات ..

وأصبح بيت يقطنه مستأجر من آل صيام أثرا بعد عين...

لم يفهم أحد ما الذي يجري.. من يسكن المنزل؟.. من المستهدف؟ لم وكيف؟

أسئلة وأجوبة وأحاديث كثيرة...

صافرات وصراخ وضجيج

صحافة ومراسلون

أشلاء ودماء ومصابون وشهداء ودمار ...

لحظة عصيبة جمعت فيها شيئا من مفردات الحرب الآثمة

ولا أحد يدري ما الخبر...

عج المكان بالآلاف...أتوا من كل حدب وصوب..

غبار الصاروخ الذي أطاح بالبيت لم ينجل بعد...

المحبون يذرفون الدموع خوفا ..

والعارفون صامتون..حيرى ..لا يجيبون ..

ولا يدرون ماذا يقولون ...

وهل يجرؤون؟

كانت الأنباء تتواتر وتحمل الكثير من الغموض.. والفوضى ..

قيل يومها ..أن المستهدف هو الأستاذ سعيد صيام..

لم يصدق الناس الخبر ..

تمنوا أن يكون نبأ استهداف أبي مصعب إشاعة ضمن ما كان يبث من إشاعات وأخبار لا رصيد لها من الواقع....

تمنوا أن يكون حديثا معتادا من المنافقين... ومن دار في فلكهم

وسائل الإعلام ظلت مرتبكة بين التأكيد والنفي وروايات كثيرة.....

حتى نعت حركة حماس شهيدها..

وكتبت فضائية الأقصى ...عاجل:

"استشهاد وزير الداخلية الفلسطيني وعدد من أفراد أسرته في قصف لمنزل في حي اليرموك"..

أصبح الخبر يقينا ..

لم يعد هناك مجال للتأويل...والأماني..

وتحول الدعاء من أمنية أن يكون الخبر كاذبا ... إلى دعوة لابي مصعب بالقبول واللحاق به.

أذرفت الدموع..

ساد الصمت دون وعي لما حدث

تاهت العقول لحظات ..

تفطرت القلوب وجعا...

أخرست أصوات المنافقين والمشككين....

عندها فقط،،

غادرت الطائرات أجواء غزة..

عادت الآليات إلى مهجعها..والطائرات إلى مربضها..

وبدأ الحديث بقوة وجرأة عن وقف إطلاق النار..

دم صيام أوقف سعار يهود..

فلتتوقف الحرب إذن.. حديث أغضب المنافقين الذين استعدوا للمرحلة الجديدة..

لم يرق لهم وقف لإطلاق النار وحكومة هنية ما زالت تدير شؤون الناس...

وما زالت فرحتهم باغتيال أبي مصعب في ذروتها.

غادر الأسد عرينه مبتسما..

واثقا ..

مطمئنا على جنده وأبنائه

ولسان حاله ...رحلت مطمئنا وسيكمل المشوار من بعدي ..أبنائي.

غادر السعيد صائما..

قارئا لكتاب الله ...

وآخر ما كان ينطق به.. " من المؤمنين رجال صدقوا ...

كانت يمناه التي وجدوا جزء منها ..ممسكة بكتاب الله ..

صفحات لم تحترق..

ستشهد له أمام ربه يوم القيامة.

نال السعيد أمنيته..

كم كان يتمناها..

كان يتمنى أن يلحق بالركب ليطمئن على صدق انتمائه لدعوته وحركته..

كان يرى في بذل الروح أقل ما يمكن دفعه لدين صنعه وجعل منه قائدا ...

كان يشعر أن قطار الشهادة قد يتجاوزه ..فكثر بكاؤه ونحيبه

كان يخشى الموت على الفراش... فسعى جاهدا للشهادة

كان يبكي متلهفا للقاء الأحبة ..

كان صواما قواما في أحلك لحظات الحرب وأكثرها حرجا..

كان يدرك أن ساعات من غبار المعركة لا ترد فيها دعوة ..

وأي دعوة أعظم من أن يشرّفه الله بالشهادة..

رقص الشامتون كعادتهم على الدماء والجراح..

شربوا نخب الدماء..والأشلاء

حتى الثمالة

وكانت الآيات تتلى " وإذا مروا بهم يتغامزون" ..

لم يعلموا أنها ميتة الأبطال وأمنية الأحرار ...

لم يعلموا أن الدماء الطاهرة صك القبول ...

وأن لحظة ارتقاء الروح في طاعة...

وعبادة... ورباط

خير من دنياهم الفانية..

قد يعلمون ذلك متأخرا ...

قد يدركون يوما أن "سعيد صيام" قد فاز فوزا عظيما ..

وأنهم هم الخاسرون.

تم تعديل بواسطة أسامة الكباريتي

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

وكأني بالفارس وقد رفض أن تمضي كواكب الشهداء ولا يكون بدرها المنير ..

نحسبه من الأخيار الكرام البررة ..

من تربة صالحة نبت .. وعلى أرض الرباط نما وترعرع .. وفي مساجدها كان الإمام المفوه .. وفي ميادينها صال وجال في إقبال رجال الله لا يخشى في الحق لومة لائم ..

يعجز القلم عن التبليغ بما أعطى .. فقد كان له العطاء العبقري في زمن السلب والنهب ..

مرفوع الهامة دوما وكيف لا وقد حملت تلك الهامة كتاب الله عاليا ..

رفعه الله إلى عليين بين الشهداء والصديقين والأنبياء ..

ولا نزكي على الله أحدا ..

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...